أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - الدولة الأموية مابين الإسلام و النصرانية















المزيد.....

الدولة الأموية مابين الإسلام و النصرانية


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6489 - 2020 / 2 / 11 - 00:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


شهد القرن السابع الميلادي ظهور دولة جديدة على مسرح التاريخ بمنطقة الشرق الأوسط و هي الدولة الإسلامية التي ارتبط نشوئها بظهور الدين الإسلامي في مكة و انتشاره الى خارج جزيرة العرب لاحقا في ما سمي بالفتوحات الاسلامية حسب السير و كتب التراث الإسلامي . المرحلة الأولى من هذه الدولة تخبرنا كتب التراث الإسلامي بأنها ارتبطت بمنطقة الحجاز و مدينتي يثرب و مكة اللتين كانتا مسرح الأحداث و شكلت يثرب العاصمة الادارية للدولة بعهد النبي محمد و خلفائه الأربعة الأوائل الذين يوصفون بالراشدين . أما مكة فكانت و استمرت بكونها العاصمة الدينية للدولة الإسلامية . لا نملك أدلة أركيولوجية تعود للفترة الأولى في الحجاز و ذلك أمر غريب بالنسبة لمنطقة تعتبر مركزية في نشوء ديانة عالمية و انتشارها . و كل ما نملكه هو ما نقلته كتب التراث التي دونت بعد أكثر من قرنين من الزمن من موت أبطالها . بعد الفترة الراشدة نصل للفترة الموصوفة بالأموية و التي كان أول حكامها معاوية بن أبي سفيان المنتمي لبني أمية من قريش كما تروي سلاسل النسب الواردة بكتب التراث . هذه الفترة استمرت لقرن من الزمن و تركت خلفها أثارا مادية نستطيع من خلالها توثيقها على مسرح التاريخ و معرفة هويتها بعيدا عن كتب التراث الإسلامي المدونة بفترة متأخرة عن الأحداث .
أطرح هنا ثلاثة أدلة أركيولوجية على وجود معاوية بن أبي سفيان كشخصية تاريخية موثقة و هو أول حاكم من الحكام المذكورين لدى المؤرخين المسلمين و يثبت وجوده بأدلة أركيولوجية ... الدليل الأول هو نقش سد معاوية و هو نقش يوثق لترميم معاوية لسد في منطقة الطائف و نص النقش ( هذا السد لعبد الله معاوية أمير المؤمنين بناه عبد الله بن صخر باذن الله لسنة ثمان و خمسين اللهم اغفر لعبد الله معاوية امير المؤمنين و ثبته و انصره و متع المؤمنين به كتب عمرو بن حباب ) النص يؤرخ للترميم و يذكر اسم البناء و يذيله باسم الكاتب .... الدليل الثاني هو ختم من ديوان الرسائل لمعاوية يتعلق بعزل معاوية لعامله على البصرة عبد الله بن عامر و يتطابق الختم مع ما ذكره الطبري في تاريخه عن قيام معاوية بهذا الاجراء ..... الدليل الثالث لنقش معاوية باليونانية على حمامات جدارا (أم قيس الحالية في الأردن ) و نص النقش ( في أيام عبد الله معاوية أمير المؤمنين الحمامات الساخنة تم حفظها و تجديدها عن طريق الحاكم عبد الله أبو هاشم في الخامس من ديسمبر من العام السادس لتقلد ابمنصب في العام ٧٢٦للمستعمرة . وفقا لتقويم العرب ٤٢)
النقوش تدل على امتداد نفوذ حكم معاوية للعراق و الحجاز بالإضافة للشام و هو متوافق مع ما يرد في الرواية الإسلامية . النقوش الثلاثة صورهم متوافرة الكترونيا و المقارنة بين النقشين العربيين (نقش السد و خاتم الرسائل ) من خلال طريقة رسم الأحرف تشير لتشابهها كما في حرف العين مثلا و هو ما يشير لأنهما يعودان للفترة نفسها . الملاحظ في النقش الأول غياب أي إشارة للإسلام كدين فيه. حيث يشير النص لرعايا الحاكم بالمؤمنين و ليس بالمسلمين و هو لا يفتتح بالبسملة على عادة النصوص الإسلامية .غياب أي ذكر للنبي محمد في النقش كالصلاة و التسليم عليه مثلا ... الحاكم يشار له بأنه أمير المؤمنين و هو لقب عام و ليس خاص بالمسلمين فقط .... النقش الثاني يؤكد النقش الاول و يشير لمعاوية بأمير المؤمنين و ليس المسلمين .... طبعا هذا اللقب يتوافق مع الرواية الاسلامية التي تصف خلفاء النبي بأنهم امراء للمؤمنين ... نأتي للنقش الثالث و الذي يحمل إشكالية هنا إذ أن هذا النقش لا يفتتح بالبسملة أيضا و لا نرى به أي ذكر للنبي محمد بل نرى إشارة الصليب واضحة في بداية التدوين مع غياب أي ذكر للنبي محمد أو لآيات قرآنية .... هذا النص يبدو بأنه نص مسيحي لا أكثر و أي شخص غير مسلم و غير مطلع على كتب التراث الإسلامية عندما يقرأ النص الأول لن يتبادر لذهنه أن معاوية شخص مسلم بل هو حاكم في المنطقة لمجموعة بشرية يدعوها المؤمنين .
من هنا تطرح الاسئلة حول التوجهات الدينية للدولة الأموية الأولى ( السفيانية ) و مدى تغلغل و انتشار الإسلام بها و ارتباطها به و برموزه أو كون حكامها من معاوية و أبناؤه من النصارى السوريين ....النقوش التي عثر عليها تختلف مع الرواية الإسلامية بدلالاتها الدينية و هي تبدو أكثر توافقا مع الحوليات المارونية التي تتحدث عن تتويج معاوية ملكا على العرب في الجلجلة بأورشليم مكان صلب المسيح و صلاته بكنيسة القيامة و القصة عن قيامه باسترداد كفن المسيح من اليهود الذين اخفوه و اعادته لاصحابه( الحوليات المارونية تشير إلى مقتل علي بالحيرة و تشير إلى محمد بكونه ملكا و برفض معاوية الذهاب إلى عرشه) .... هناك دلائل كثيرة تشير إلى نصرانية الدولة الأموية الأولى في مواجهة الرواية الإسلامية التي تصرح بأن معاوية كان صحابيا لمحمد رغم غياب ذكر محمد عن ما تركه معاوية من آثار (افتراض نصرانية معاوية بإمكانه أن يفسر وقوف سكان الشام ...الذين كان معظمهم من المسيحيين.... إلى صفه بحروبه مع علي الذي كان حاكما في العراق كما تشير إلى ذلك الحوليات المارونية).
يستمر هذا الأمر لغاية ظهور عبد الملك بالدولة الاموية الثانية ( المروانية ) و هزيمته لابن الزبير عندها نلاحظ تغيرا في نمط الدلائل التي تصلنا من تلك الفترة .
بالإطلاع على الأدلة الأركيولوجية بعد عهد عبد الملك بعد وصوله للسلطة و هزمه ابن الزبير طرأ تغير واضح على نمط الدلائل الأركيولوجية التي وصلتنا من هذا العهد حيث بدأ يشاهد التأثير الاسلامي بشكل أوضح من العهد السفياني. سواء كان من الناحية المعمارية في بناء قبة الصخرة و النقوش عليها التي تذكر اسم محمد فيها و تصفه بانه عبد الله و رسوله أو بالبناء الديني الإسلامي كمساجد بني أمية . العملات التي وصلتنا من العهد الأموي تشير لهذا التغيير حيث نجد ظهور اسم محمد على المسكوكات النقدية كما في العملة الأموية المسكوكة في بيشابور من العام ٦٨٨ ميلادية و تظهر فيها عبارة محمد رسول الله واضحة عليها مع عبارة بسم الله . الصور الأخرى لعملات أموية تعود لعصر سليمان و عمر بن عبد العزيز و تظهر عبارة محمد رسول الله واضحة فيها إضافة لشهادة التوحيد و آية الصمد و استمرار ظهور لقب أمير المؤمنين . هنا يمكن الحديث عن نمط إسلامي واضح و صريح بهذا العصر .يضاف إلى ذلك البرديات التي وصلتنا من الفترة الأموية و منها بردية لرسالة موجهة من سهل بن عبد العزيز( أخ عمر بن عبد العزيز) إلى عقبة بن مسلم يدعوه لمرافقته للحج و نصها ( بسم الله الرحمن الرحيم من سهل بن عبد العزيز إلى عقبة بن مسلم ...سلم عليك ...فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ... أما بعد فاني ذكرت الحج و قد أذن به أمير المؤمنين للناس و حض عليه ... فان استطعت أن تخرج معي فافعل فانك إن تفعل (جزء مفقود) .... ذلك إن شاء الله اخرج إلي مع رواحل و لا تكلفن شيئا غير كرا راحلة ) و الرسالة تعود للعام ٧٠٥ ميلادية و هي محفوظة في جامعة شيكاغو تحت اسم oriental institute 17653...... في الرسالة هذه نرى افتتاحها بالبسملة و هو ما لم ير في نقوش تعود لمعاوية و هي تحوي أقدم ذكر للحج يصلنا من بردية قديمة ( مصدر تاريخي معاصر عائد لتلك الحقبة) و لكنها لا تحدد مكانه و إن كانت توضح انها كانت بحاجة لسفر و راحلة ( الرسالة كتبت بمصر ) .... نرى ظهور ركيزتين للإسلام فيها( شهادة التوحيد و الحج) و الرسالة تظهر انتشار المفهوم الاسلامي على المستوى الشعبي و في المخاطبات الخاصة للأفراد و ليس فقط على المستوى الرسمي للدولة . مع ملاحظة استمرار استعمال عبارة أمير المؤمنين و ليس خليفة كما تنقل الأشعار الأموية مثلا .
أما على المستوى الرسمي فهناك رسائل قرة بن شريك (عامل الخليفة الوليد بن عبد الملك ) إلى بسيل صاحب ( وظيفة تقابل محافظ ) أشقوة(بلدة بمصر) ....و فيها يفتتح رسائله بالبسملة و يذكر الله فيها و يوحده بصيغة إسلامية ( لا إله إلا هو) . دليل آخر على التأثير الإسلامي و ظهور ملامحمه بشكل واضح بالدولة حينها. و البردية محفوظة في جامعة هايدلبرغ بالمانيا تحت رقم psr 3-7 ( تحدث عن رسائل قرة بن شريك د.يوسف زيدان بكتابه متاهات الوهم ).
هناك ملاحظة بالنسبة للقصور الخاصة لحكام بني أمية تتمثل بوجود التماثيل البشرية و الرسوم فيه بما يخالف التقليد الاسلامي المعروف بتحريم الرسوم و المنحوتات البشرية ( الذي ربما تطور لاحقا بالفترة العباسية ). أو ببساطة التزام الامويين على الصعيد الشخصي بالإسلام لم يكن كاملا .
على المستوى الرسمي للدولة الأموية كما في العملات و النقوش الرسمية نلاحظ اختلاف واضح ما بين الفترة الأولى التي تسبق عبد الملك بن مروان و الفترة التي تليه. في الفترة الأولى التي سيطر فيها معاوية و أبناؤه نرى الهوية الدينية للدولة غير واضحة بشكل حاسم و تحتمل التأويل كما تشير لذلك النقوش العائدة لتلك الفترة و الروايات المعاصرة من مصادر غير إسلامية التي تلمح لهوية مسيحية أو نصرانية لحكام تلك الفترة . بينما الفترة الثانية التي تبدأ بعهد عبد الملك بن مروان فنرى الهوية الدينية لللدولة واضحة بشكل حاسم و تشير للإسلام قولا واحدا كما يظهر من النقوش و المسكوكات و البرديات التي وصلت من تلك الفترة.



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البشارة
- التشابه بين المرويات الدينية في الابراهيميات
- هل الشيطان خالق العالم
- طقوس الموت و الدفن و تطورها
- بعل و نظراؤه في الثقافات العالمية
- الحمير الناطقة في التراث الديني
- زواج الأرض و السماء
- العرب في النقوش و السجلات التاريخية قبل الإسلام
- ميزان العدالة الفرعوني
- حور العين ما بين العربية و السريانية
- game of thrones و أساطير الشرق الأدنى
- أبناء الآلهة و المعراج للسماء
- تيس عزازيل ..... و طقوس الفداء و الأضاحي
- النسيج المقدس..... ما بين العذراء النساجة و انجلينا جولي
- من تدمر و البتراء .... إلى مكة
- طقس الاستسرار initiation ...(موت و حياة)
- العماد و استعمال الماء في طقوس الطهارة الشرقية
- الاشجار المقدسة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - الدولة الأموية مابين الإسلام و النصرانية