أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - ٦٣٢ م ... ام ٦٣٤م















المزيد.....

٦٣٢ م ... ام ٦٣٤م


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 7082 - 2021 / 11 / 20 - 16:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يشكل عام 632 م عاما مفصليا في السردية الإسلامية التقليدية . فهو العام الذي شهد وفاة الرسول محمد و بدء مرحلة الخلافة الراشدة و ما تبعها من أحداث متتالية أهمها حادثة السقيفة و التي تركت أثرها ليومنا الحالي . سأحاول هنا تتبع تاريخ وفاة الرسول اعتمادا على ما ورد في الروايات الإسلامية و مقارنتها بمصادر من خارج الرواية الإسلامية التقليدية لنرى إن كان بإمكاننا الوصول للنتيجة ذاتها . و لا يخفى على القارئ أن أي تغيير في تاريخ الوفاة سينسحب على سلسلة الأحداث التي تلته و يطرح مجموعة من التساؤلات حول واقعية حدوثها من عدمه .
نبدأ من زواج الرسول محمد من ماريا القبطية و الذي يحمل إشكالية تاريخية . فهذا الزواج حسب السيرة الإسلامية تم في سنة (7 هجرية 629 م ) بعد رسالة النبي محمد إلى المقوقس و التي أهداه المقوقس على أثرها ماريا و جارية اخرى . تزوج الرسول من ماريا و أنجب منها ابنه ابراهيم (ولد عام 8 هجرية ) . عاش إبراهيم 18 شهرا و توفي عام( 10 هجرية) و دفنه الرسول أثناء حياته . و بالتالي تكون المدة ما بين ارسال الرسالة للمقوقس و وفاة ابراهيم تعادل 3 سنوات هجرية ( 3 سنوات الا شهر ميلادية ) و الرسول توفي بعد موت ابنه إبراهيم ببضع اشهرعام 11 هجرية (632 م) . أي أننا أمام ثلاث سنوات ميلادية كاملة تفصل بين زواج الرسول من ماريا و بين وفاته على الأقل .
لنقف عند هذه النتيجة و ننتقل للشخصية المحورية الأخرى في هذه الرواية و هي المقوقس حاكم مصر البيزنطي ( المقوقز .... أي القوقازي ... اصله من القوقاز شمال البحر الأسود ) . المشكلة أن المقوقس وصل ليحكم مصر كوالي بيزنطي عام 631 م أي بعد التاريخ المفترض للرسالة النبوية بسنتين و هو أمر مثبت تاريخيا من المراجع القبطية ‏ ( ‏المخطوطات‏ ‏القبطية‏ ‏التي‏ ‏تم‏ ‏العثور‏ ‏عليها‏ ‏في‏ ‏عصور‏ ‏حديثة‏ ‏نسبيا‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏الأديرة‏ ‏وقام‏ ‏علماء‏ ‏تاريخ‏ ‏أوربيون‏ ‏بتدقيقها‏ ‏وترجمتها‏. ‏ومنها‏ ‏تاريخ‏ ‏حياة‏ ‏الأنبا‏ ‏شنودة‏ ‏الذي‏ ‏نشره‏ ‏العالم‏ ‏أملينو‏ ‏وهو‏ ‏عن‏ ‏أصل‏ ‏قبطي‏ ‏كتب‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏السابع‏ ‏الميلادي‏ ‏ومخطوطة‏ ‏عن‏ ‏حياة‏ ‏الأنبا‏ ‏صموئيل‏ ‏المعترف‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏راهبا‏ ‏بدير‏ ‏القلمون‏ ‏ومعاصرا‏ ‏للمقوقس‏). و هذا امر يتناقض تماما مع الرواية الإسلامية التي تتحدث عن رسالة النبي للمقوقس عام 629م .... فما هو حل هذه الإشكالية .
اذا اعتبرنا المؤرخ المسلم أخطا بتاريخ وصول ماريا وأنه كان بعام 631 م بما يتوافق مع وصول المقوقس الفعلي لمصر . فإن ذلك يطرح إشكالية أخرى بالنسبة للرواية الاسلامية بدفع وفاة الرسول 3 أعوام للامام للتوافق مع رواية زواجه من ماريا و انجابه لابراهيم و من ثم وفاته التي استغرقت ثلاث سنوات كما اشرت سابقا . و تكون وفاة الرسول حينها 631 +3 =634 م على الاقل لتتوافق مع سنة وصول المقوقس و صحة موضوع إرسال الرسالة له . بينما الرواية الاسلامية تؤكد أن الوفاة كانت 632م.
المقارنة السابقة تضع القارئ أمام خيارين الأول الإقرار بصحة الرواية الإسلامية و أحداثها التي دونت من أشخاص لم يعاصروها بل دونوها بعد قرنين من الزمن و مع ما فيها من خلط تاريخي و هو ما يضعفها و يجعل موضوع الرسالة للمقوقس غير صحيح و بالتالي الزواج أيضا من ماريا و انجابه ابراهيم. الخيار الثاني التصديق بواقعة الرسالة و بالتالي الزواج من ماريا و الانجاب و اعتبار السيرة الإسلامية قد اخطأت بتسجيل الاعوام و تدقيقها و إذا اعتمدنا حينها على التدقيق اعتمادا على مصادر معاصرة غير إسلامية سنصل إلى نتيجة أن الرسول عاش لعام 634م على الأقل اعتمادا على المقوقس .
سأورد الآن نصا من مؤرخ خوزستان يتحدث عن أحداث سقوط الامبراطورية الفارسية يورده كتاب(The Great Leap-Fraud Volume 1 .By A. J. Deus) "وتوج يزدجرد ، الذي كان من النسب الملكي، ملكا في مدينة إصطخر (16يونيو 632 م)وتحت قيادته إنتهت ألإمبراطويه الفارسيه ورحل (يزدجرد) معها عندما وصل للعاصمه المدائن بعد تنصيبه عين رستم قائدا للجيش.ولكن الرب بعث ضدهم ابناء إسماعيل وكانوا كما الرمال على الشاطئ لا تحصى.قائدهم كان محمد . ولا جدران ولا أبواب ولا الدروع ولا المدرعين صمدت أمامهم. وتمكنوا من السيطرة على كامل أرض الفرس, يزدجرد أرسل ضدهم قوات لا تعد ولا تحصى ولكن العرب تغلبوا عليهم وقتلوا رستم , يزدجرد أغلق على نفسه أبواب المدائن حتى إستطاع الهرب اخيرا ثم إنه ارتحل من بُست و سار الى نيسابور، و سار من نيسابور نحو طوس حيث إنتهت حياته 651 م." النص يذكر صراحة أن الرسول محمد كان قائدا للعرب أثناء حروبهم ضد الفرس و هو من قاد القوات المهاجمة . هذه المعارك تمت بين عامي 633 و 634 م أي أنه كان حيا بتلك الأعوام . بينما الرواية الاسلامية تؤكد أن الرسول توفي 632م . لننتقل الآن لنقاش خبر إسلامي يتعلق بفارس و كسرى و سقوط امبراطوريته و هو أحد الأحاديث النبوية و يورده مسلم في صحيحه تحت رقم 2918 قال النبي(قد مات كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ) إذا قمنا بتحليل نص الحديث نجد الرسول هنا يتحدث عن موت كسرى بصيغة الماضي و العارف بالشيء و المتأكد منه (قد مات كسرى ) أما عند حديثه عن قيصر فيستعمل اذا الشرطية و يتحدث بأسلوب غير العارف بحصول الشيء و المتوقع لحدوثه (و اذا هلك قيصر ) . تحليل النص هنا يشير ببساطة لأن قائله كان قد عرف بهزيمة الفرس و زوال دولتهم لذلك جاء النص بصيغة اليقين . بينما لم يكن الوضع نفسه بالنسبة للبيزنطيين لذلك جاء النص بصيغة توقعية عند الحديث عن هرقل . تحليل النص يحمل تلميحا خفيا لأن الرسول محمد كان حيا خلال فتح الحروب مع فارس و شهد زوال امبراطوريتهم وهي الأحداث التي تمت بين عامي 633م و 634 م . التفسير الفقهي للحديث يذهب إلى أن المقصود هو أنه لا يبقى كسرى و لا قيصر بسياق المعنى( كما أورده الحافظ في شرحه نقلا عن الشافعي ). و لكن يبقى السؤال لماذا اللجوء لصيغتين مختلفتين بالحديث عن الدولتين ( الحديث بصيغة اليقين عن كسرى بينما بصيغة التوقع عن هرقل ) . إذا كان الحديث توقعا للمستقبل بالإمكان إيراده بصيغة واحدة دون التمييز بينهما . و هو أمر اخر نضيفه الى جانب ما ورد بنص خوزستان الذي يشير لبقاء الرسول حيا لعام 634 م .
أوردت أعلاه حادثتين مرتبطيتين بالرسول احداهما مدنية متعلقة بزواجه من ماريا القبطية و الأخرى عسكرية مرتبطة بسقوط الإمبراطورية الفارسية على يد العرب . و قارنت بين الحادثة و ورودها بالمصادر الإسلامية و غير الإسلامية . و التناقض بينهما واضح للقارئ . المقوقس موثق وجوده التاريخي بشكل معاصر . و اضطهاده للكنيسة القبطية معروف و هو ما سهل مهمة عمرو بن العاص بالسيطرة على مصر . من هنا اعتمدت على تاريخ وصوله لقياس زمن حصول باقي الاحداث . نص مؤرخ خوزستان يحمل اشارة لوجود النبي حيا بعام 634 م و أنه شهد هزيمة الفرس أثناء حياته . و ذلك يوافق نسبيا مع ما نستنتجه من مسلم في صحيحه في الحديث الذي أوردته سابقا من الكلام بيقين العارف عن سقوط كسرى . وجود نقاط الاختلاف هذه بين الرواية الإسلامية و بين المصادر غير الإسلامية تطرح نقاط استفهام حول مدى دقتها و تتطلب اجراء عملية تدقيق و تحليل لما تورده السردية الإسلامية من أخبار لمعرفة الصحيح من غير الدقيق و المنتحل و هو أمر سيكون له تاثير بكل حال من الأحوال على المجتمعات الإسلامية التي تعتبر السردية الإسلامية جزءا من الدين و تبرمج حياتها حوله .



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الافعى و قبلة الحياة
- يسوع ...... حقيقة تاريخية أم شخصية وهمية
- حيلة كانط .... أخلاق الفطرة
- عقوبات سادية
- السير الإسلامية .... هل يجوز نقدها أم هي حقائق مطلقة
- كوثر ... كوشر بين العربية و السريانية
- أكانت تفاحة آدم ..... أم تفاحة أفروديت
- الدولة الأموية مابين الإسلام و النصرانية
- البشارة
- التشابه بين المرويات الدينية في الابراهيميات
- هل الشيطان خالق العالم
- طقوس الموت و الدفن و تطورها
- بعل و نظراؤه في الثقافات العالمية
- الحمير الناطقة في التراث الديني
- زواج الأرض و السماء
- العرب في النقوش و السجلات التاريخية قبل الإسلام
- ميزان العدالة الفرعوني
- حور العين ما بين العربية و السريانية
- game of thrones و أساطير الشرق الأدنى
- أبناء الآلهة و المعراج للسماء


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - ٦٣٢ م ... ام ٦٣٤م