أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية














المزيد.....

مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 16:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو كان بشار الأسد يمتلك ذرة من الوطنية أو حسّاً بالمسؤولية الأخلاقية تجاه شعبه، لما أصرّ على تجاهل مطالب السوريين طوال سنوات الأزمة التي أنهكت البلاد. فرص عديدة ومبادرات مهمة كانت كفيلة بتغيير مسار سوريا نحو برّ الأمان، لكنه اختار طريق العناد على الإصغاء، والإنكار على التحاور.
وعندما نشير إلى مسؤوليته، لا يعني ذلك أنه الوحيد الذي يتحمّل وزر ما آلت إليه البلاد، فإلى جانبه كانت هناك دائرة واسعة من المسؤولين في الجيش والأجهزة الأمنية، والشبيحة، وكبار رموز الفساد الذين لعبوا أدواراً كارثية. إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتقه، بحكم موقعه الدستوري وصلاحياته المطلقة كصاحب القرار الأول والأخير في النظام، الذي كان بإمكانه اتخاذ خطوات حاسمة لإنقاذ سوريا، لكنه اختار خلاف ذلك.

منذ بداية الأزمة عام 2011، مرّت بسوريا محطات حاسمة ومبادرات عربية ودولية كان يمكن أن تكون نقاط تحوّل. بدءاً من اللقاء التشاوري في تموز 2011، مروراً ببيانات فيينا وجنيف، وصولاً إلى القرار الأممي (2254) في كانون الأول 2015. هذا القرار، الذي كان خريطة طريق نحو حلّ سياسي شامل، لم يُترجم على أرض الواقع بسبب عراقيل النظام.
أضف إلى ذلك اقتراحات المبعوثين الدوليين، من كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، إلى ستيفان دي ميستورا، وأخيراً غير بيدرسون، جميعهم حاولوا عبثاً دفع عجلة التفاوض. حتى اجتماعات أستانا بجولاتها الـ 22، لم تحقق أي تقدّم ملموس على صعيد الحل السياسي، وكانت شاهدة على استهتار النظام بمستقبل البلاد.

أما اللجنة الدستورية، التي عُلّقت عليها الآمال، فلم تسلم من التعطيل المتعمد، وبدلاً من التعاون لإنجاز مهامها، وُضعت العقبات في طريقها لإجهاض أي فرصة للإصلاح. والأكثر غرابة هو رفض الأسد، حتى لحظة فراره من البلاد، الجلوس مع أي رمز من رموز المعارضة، سواء من الداخل أو الخارج. هل يوجد في العالم رئيس يواجه أزمة بهذا الحجم مع شعبه، ويرفض الحوار مع ممثليه؟ هذا التعنّت لم يكن إلا إشارة واضحة لافتقاره لأي نية صادقة لإيجاد حل.
ولعل الفرصة الأخيرة التي أضاعها بشار الأسد كانت رفضه القاطع للوساطة الروسية لإجراء مصالحة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. لو تم اللقاء بينهما وتمكّن الطرفان من التوصل إلى تفاهمات بشأن القضايا الخلافية، لربما تغيّر مسار الأحداث بشكل جذري. لكن، وكعادته، غلّب الطغيان والعناد على الحكمة والتعقل، وأصرّ على موقفه دون اكتراث بالنتائج المأساوية التي ترتبت على ذلك.

نتيجة لهذه السياسات الكارثية، دخلت سوريا دوامة عنف لا نهاية لها. الملايين تهجّروا بين لاجئ ونازح، وانهارت البنية التحتية، وخوت الخزينة العامة، وعمّ الفقر وازداد انتشار الفساد تغولاً، ما فاقم آلام الناس وأثقل كاهلهم. أصبحت الفوضى سيدة الموقف في كل جانب من جوانب الحياة، وأزمات لا حصر لها طالت كل بيت وركن في سوريا، تاركةً وراءها جراحاً عميقة يصعب التئامها.

اليوم، علينا أن نعترف بأن الماضي بما حمله من أخطاء جسيمة لا يمكن تغييره، فما حصل قد حصل، لكنه يمكن أن يكون درساً. نحن أمام استحقاق جديد يتطلب منا شجاعة ووضوح رؤية. يجب أن نضع مصلحة سوريا فوق كل اعتبار، وأن نتحلى بالحكمة للجلوس إلى طاولة الحوار والمفاوضات مع كل القوى السياسية دون استثناء. لا مجال للإقصاء أو العناد؛ فسوريا تزخر بالكفاءات والعقول النيّرة المشهود بوطنيتها وإخلاصها، وهي القادرة على انتشال البلاد من أزماتها وبناء مستقبل يليق بتضحيات شعبها.

سوريا ليست مجرّد أرض، بل هي أمانة في أعناقنا. إن أردنا للأجيال القادمة أن تذكرنا بخير، فعلينا أن نعمل الآن لإعادة بناء وطن يليق بهم، وإلا، فإن التاريخ لن يرحمنا، وستنهال علينا لعنات الكون إن بقينا مكتوفي الأيدي.
فهل نحن على قدر المسؤولية؟



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟
- صبيحة سقوط الأسد
- «صام صام وفطر على بصلة».. هل هذا قدرنا؟
- تصاعد الـ -ممارسات الفردية- تهدد السلم الأهلي في سوريا
- عندما تمنحك الأجهزة الأمنية صفة المواطنة
- التفاؤل الحذر في مواجهة التحديات السورية
- مقابلة حصرية خصّني بها الرئيس السابق بشار الأسد
- جيهان.. وعدُ العدسة وخلودُ القضية
- نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا
- عبء القُربى في زمن القمع
- المال المسروق.. من قنوات الفساد إلى قنوات التعويض
- سوريا بين الكنز المفقود والرصاص الصامت
- الغرفة التي لم تكن سرية
- بين المزايدات والفرص المهدورة: قراءة في حال -محور المقاومة-
- «التكويع» تحت المجهر: لماذا يغيّر الإنسان مواقفه؟
- المصالحة والاعتدال.. نحو استراتيجية واعدة
- أخيراً.. صفحة الاستبداد والقهر تُطوى ليبزغ فجر الحرية
- حين أدار الأسد ظهره للأمل.. سوريا والقرار 2254
- منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستق ...
- سوريا المنهكة.. هل يشكل الحوار طوق النجاة؟


المزيد.....




- كيف أصبحت جميلة بوحيرد أسطورة الثورات التحررية؟
- محللون: تعدد الجبهات ينهك العمق الإسرائيلي ويبدد أمل النصر ا ...
- البيت الأبيض يكشف ملابسات تغيير ترامب لمروحيته خلال العودة م ...
- للمرة السادسة.. واشنطن تستخدم -الفيتو- ضد مشروع قرار بشأن حر ...
- الدويري: المقاومة تتحدى بعملية رفح والمسيرات تتفوق على الراد ...
- الحرب على غزة مباشر.. تصاعد القصف الإسرائيلي على غزة والقسام ...
- سياسة ماكرون تقود فرنسا إلى الهاوية
- الاستعراض العسكري الصيني يدشن مرحلة جديدة من الصراع الامبريا ...
- مجلس الأمن يصوّت الجمعة على إعادة العقوبات على إيران.. ماكرو ...
- الجيش الإسرائيلي يشن ضربات مكثفة على جنوب لبنان.. وبيروت تنا ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية