أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستقبل














المزيد.....

منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستقبل


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8184 - 2024 / 12 / 7 - 10:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت سوريا أواخر عام 2016، تحوّلاً مفصلياً مع تحرير مدينة حلب، ثاني أكبر مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، وتبع ذلك تحرير مناطق واسعة من بلدات الغوطة وأحياء دمشق عام 2018.
خلال تلك الفترة، اعتمدت الحكومة السورية وحلفاؤها استراتيجية أثارت جدلاً واسعاً، تمثلت في ترحيل المسلحين إلى إدلب وتجميعهم فيها.
هذه الخطوة طرحت تساؤلات عميقة: هل كانت ضرورية لتقليل الخسائر البشرية وحماية المناطق الحضرية من الدمار؟ أم أنها مثّلت ترحيلاً للأزمة وتعقيداً لها من خلال خلق بؤرة جديدة للصراع؟

إدلب.. بين خفض التصعيد وتصاعد الصراع
كان الهدف المعلن من تجميع الفصائل المسلحة في إدلب هو تقليل الخسائر المدنية والدمار. رُوّج لهذه الخطوة كاستراتيجية ستدفع المسلحين إلى خيارين: الانخراط في العملية السياسية أو مواجهة الموت المحتّم كونهم محصورين في منطقة ضيقة. لكن الواقع أثبت عكس ذلك، إدلب، التي عُدّت منطقة "خفض تصعيد"، تحولت سريعاً إلى بؤرة للصراع والتطرف.
فقد بدأت تركيا وقطر والسعودية وبعض الدول الأخرى المنخرطة في الأزمة السورية، بتشكيل مجموعة من الفصائل العسكرية في إدلب وفي أرياف حلب، مثل: (هيئة تحرير الشام، والجيش الوطني السوري، وحركة أحرار الشام، والجبهة الوطنية للتحرير، وجند الأقصى، وجيش العزة، وفيلق الشام، وكتائب نور الدين الزنكي.. وغيرها) والتي ينتمي معظمها إلى تيارات إسلامية متشددة.
في المقابل، اعتمدت الحكومة السورية على تشكيل فصائل موالية لها، أبرزها (قوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية والعراقية).

الفوضى تتغذى على الفصائلية
لم تهدأ الساحة السورية خلال السنوات الماضية، من الصراعات الدامية بين الفصائل الإسلامية في مناطق متعددة بين الحين والآخر، أبرزها حلب وإدلب، حيث تنافست تلك الفصائل على النفوذ والموارد. ومن أبرز تلك الصراعات: الاشتباكات بين "جند الأقصى" و"أحرار الشام" (2016)، والصراع بين "أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام" (2017). وخلال هذه المعارك، تعرضت العديد من الفصائل الصغيرة، مثل "جيش المجاهدين" و"صقور الشام"، لضغوط هائلة دفعتها؛ إما إلى الاندماج مع فصائل أكبر أو الانسحاب من المشهد العسكري.
مع مرور الوقت، تمكنت "هيئة تحرير الشام" من تصفية منافسيها أو إخضاعهم، لتصبح القوة الأكثر هيمنة في إدلب وما حولها، وعززت سيطرتها من خلال إحكام قبضتها على الموارد الاقتصادية، مثل المعابر الحدودية والأسواق المحلية، ما مكّنها من الاستمرار في التوسع وفرض سياساتها. وجنّدت الكثير ممن تم تهجيرهم قسراً إلى إدلب، وغالبيتهم كانوا أطفالاً أو مراهقين عند تهجيرهم، ومع بلوغهم سن الشباب في ظل ظروف معيشية خانقة وغياب أي بدائل اقتصادية أو اجتماعية، وجدوا أنفسهم مجبرين على الانخراط في صفوف المجموعات المسلحة. هذا الوضع الكارثي يعكس بوضوح العواقب الوخيمة لغياب الحل السياسي الشامل للأزمة السورية.

الاستراتيجية بين الواقع والطموح
وعلى الرغم من الترويج لنقل الفصائل إلى إدلب كحلّ يهدف إلى تقليص الصراع، فإن النتائج جاءت معاكسة. حيث أتاح هذا التجميع للفصائل المسلحة فرصة لإعادة ترتيب صفوفها واستئناف القتال، بدعم واضح من أطراف إقليمية ودولية مثل تركيا وأمريكا و"إسرائيل"، فشنت "هيئة تحرير الشام" في 27/11/2024 هجوماً واسع النطاق أدى إلى سيطرتها على مساحات واسعة، شملت كلاً من حلب وإدلب وحماة، مع ما يحمله ذلك من احتمالات مزيد من الخسائر والمعاناة ونزيف الدم السوري، ومن مخاطر متجددة على وحدة البلاد ووجودها، في ظل تراجع قدرة قوات حكومة دمشق على الصمود أمام الزحف المتواصل للمسلحين، وتلكّؤ الدول المساندة لنظام الحكم في دمشق في تقديم الدعم.
كل ما سبق ذكره، يعكس فشل نقل الفصائل المسلحة إلى إدلب كحلّ مستدام، إذ تحوّل الأمر إلى تأجيل للأزمة بدلاً من معالجتها، ما أتاح للجماعات المسلحة فرصة لإعادة ترتيب صفوفها واستئناف القتال.

أخطاء غياب الحل السياسي
مع تحرير مناطق استراتيجية مثل حلب والغوطة قبل سنوات من الآن، برزت فرصة ثمينة للدفع نحو تسوية سياسية شاملة استناداً للقرار الأممي (2254). لكن هذه الفرصة ضاعت لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها تعنّت وتشدد طرفّي الصراع وخاصة النظام السوري، الذي لم يقدّم تنازلاً واحداً يلبّي فيه مطالب الشعب طيلة سنوات الأزمة.
ختاماً نقول: لا يمكن تحقيق الاستقرار من خلال المقاربة العسكرية وحدها. المطلوب هو عملية سياسية شاملة تستند إلى الحوار والمصالحة. ولا يمكن بناء سلام مستدام دون معالجة الجروح الاجتماعية والاقتصادية التي خلّفتها الحرب. والمستقبل يتطلب رؤية متجددة ومرونة سياسية تعيد الأمل للسوريين وتضع حداً لمعاناتهم المستمرة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا المنهكة.. هل يشكل الحوار طوق النجاة؟
- سوريا، بل المنطقة عموماً إلى أين؟
- وجهة نظر في وقف إطلاق النار بين حزب الله و-إسرائيل-
- هل ما شهدناه أمس، بداية الغيث؟
- ما له وما عليه؟
- بالنقاط أم بالضربة القاضية؟
- عواقب عدم تفعيل وحدة الساحات
- لم يتصدّع جسدي بعدُ
- متلازمة ستوكهولم والمفقّرون الموالون لأنظمة القمع
- بانتظار اللا شيئ!
- إلى متى؟!
- ضجر
- ماذا يعني استبدال شعار (وحدة الساحات) بشعار (الصبر الاستراتي ...
- عدم تبلور عالم متعدد الأقطاب.. تحصد غزة نتائجه
- مرسوم للأسد يجيز التعامل بالدولار
- وهْمُ حلّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بإقامة دولتين
- تعدّدت مراسيم العفو.. وكالعادة تم تجاهل المعتقلين السياسيين
- مثول أردوغان وزمرته أمام محكمة الجنايات الدولية.. بين الضرور ...
- عندما يكون جميع المتحاربين في مأزق!
- السماء معتمة الآن. لقد أفل نجمٌ عظيم. وداعاً خالد خليفة


المزيد.....




- ترامب مشيرًا إلى وجود شار محتمل لـ-تيك توك-: مجموعة من الأثر ...
- شابة تتعرض لهجوم مفاجئ في مياه عكرة نسبيًا على شاطئ بأمريكا. ...
- هذا المطوّر ابتكر تطبيقًا لمكافحة ممارسات ضباط الهجرة والجما ...
- قطاع المتاحف في السودان: خسائر فادحة جراء السرقات والتدمير ا ...
- تكنو
- قادر على رصد الصواريخ فرط صوتية وبالونات التجسس: ما هو رادار ...
- إيران: أكثر من 900 قتيل خلال الحرب وطهران تندد بالسلوك -الهد ...
- إيران تكشف عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية خلال حرب الـ12 يوما ...
- مسح شامل للبشرة لرصد المشاكل وتقديم الحلول
- -لمحاسبة إسرائيل وأمريكا-.. إيران تُطالب بضمانات للعودة إلى ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستقبل