أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - ضيا اسكندر - عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟














المزيد.....

عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8206 - 2024 / 12 / 29 - 10:10
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


مع انكشاف فساد النظام السوري بعد سقوط الطاغية بشار الأسد، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، تضج بمقاطع فيديو ومنشورات تُظهر الحجم المهول للفساد الذي تفشّى خلال حكم (الأسدين).
أصوات غاضبة تعلو، مطالِبة بإعدام الفاسدين بلا رحمة، وأخرى تدعو لسحلهم والتمثيل بجثثهم في الشوارع والساحات العامة.
ولم يقتصر هذا الغضب على فساد الحيتان المدنيين، بل امتدّ ليشمل العسكريين والأمنيين و(العواينية والشبّيحة) الذين اقترفوا جرائم مروعة، في خرق لجميع معايير حقوق الإنسان، بطرقٍ أقل ما يُقال عنها إنها وحشية، ما عمّق الجراح الوطنية وزاد الشعور بالظلم والقهر.

أتفهّم تماماً هذا الغضب العارم؛ فهو نتيجة حتمية لعقود من التفقير الممنهج، والقمع المتواصل، والانتهاكات الجسيمة التي تعرّض لها الشعب على أيدي حيتان الفساد وحُماتهم من الأجهزة الأمنية وضباط الجيش الكبار. ومع ذلك، أجد نفسي في صف الرافضين لعقوبة الإعدام كحلٍّ لهذه الآفة، والسبب أنني أؤمن بأن العقوبات البديلة قد تحقق عدالة أكثر تأثيراً واستدامة، بعيداً عن دوامة الانتقام التي لا تُنتج سوى مزيد من الأحقاد.

لماذا ترفض كثير من الدول عقوبة الإعدام؟
هناك أسباب منطقية وأخلاقية دفعت العديد من الدول إلى إلغاء عقوبة الإعدام من قوانينها، أبرزها:
1. تعزيز حقوق الإنسان: الإعدام يُعدّ عقوبة قاسية وغير إنسانية، تتعارض مع القيم التي تصون الكرامة البشرية.
2. عدم فعاليته في ردع الجرائم: تُشير الدراسات إلى أن الإعدام لا يؤدي بالضرورة إلى خفض معدلات الجرائم، مما يضع فعاليته تحت المجهر.
3. الخوف من الأخطاء القضائية: أخطاء المحاكم قد تُفضي إلى إعدام أبرياء، وهو ثمن لا يمكن التراجع عنه.

بدائل تحقق العدالة بلا انتقام
بدلاً من الإعدام، يمكن اقتراح مجموعة من العقوبات التي لا تقلّ حزماً، لكنها تُسهم في تحقيق العدالة مع الحفاظ على الجانب الأخلاقي:

1. السجن مدى الحياة: دون إفراج مشروط، مع ضمان منع منظومة القمع والفساد من التمتع بأي امتيازات خاصة داخل السجن.
2. مصادرة الممتلكات: تحويل الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وفرض غرامات مضاعفة كتعويض عن الأضرار.
3. العمل الإجباري: إشراكهم في مشاريع تنموية وإعادة إعمار البلاد، ليُسهموا عملياً في إصلاح ما أفسدوه.
4. المنع من المناصب العامة: حرمانهم نهائياً من أي دور حكومي أو سياسي، مع تقييد تحركاتهم الاجتماعية بعد الإفراج عنهم.
5. التأريخ لفسادهم: توثيق ممارساتهم في المناهج الدراسية أو الوثائق الوطنية، وحتى المسلسلات التلفزيونية (وعرضها في شهر رمضان)، لضمان عدم نسيان التضحيات وترسيخ العبرة للأجيال القادمة.

بهذه العقوبات، يمكن بناء نظام عدالة يُداوي الجراح الوطنية ويُرسّخ قيم المحاسبة، دون الانزلاق في دوامة الانتقام أو التشفي.

خطوة نحو مجتمع عادل
الشعب السوري، الذي عانى لعقود من استبداد الطغاة وفسادهم، يستحق عدالةً تُداوي جراحه وتضمن له مستقبلاً أكثر إنصافاً وكرامة. ولكن يبقى السؤال: هل ستتخذ الحكومة المؤقتة الحالية، أو الحكومة الانتقالية المرتقبة، خطوات ملموسة نحو تحقيق هذه العدالة؟ أم ستبقى العدالة المؤجلة ضحيةً للمصالح السياسية والتجاذبات؟

العدالة الحقيقية ليست في الانتقام، بل في بناء مجتمع يؤمن بسيادة القانون وكرامة الإنسان، حيث تُحاسب كل يد أفسدت وأجرمت، ولكن بأخلاقيات تليق بطموحات الشعب في مستقبل أكثر عدلاً وكرامة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صبيحة سقوط الأسد
- «صام صام وفطر على بصلة».. هل هذا قدرنا؟
- تصاعد الـ -ممارسات الفردية- تهدد السلم الأهلي في سوريا
- عندما تمنحك الأجهزة الأمنية صفة المواطنة
- التفاؤل الحذر في مواجهة التحديات السورية
- مقابلة حصرية خصّني بها الرئيس السابق بشار الأسد
- جيهان.. وعدُ العدسة وخلودُ القضية
- نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا
- عبء القُربى في زمن القمع
- المال المسروق.. من قنوات الفساد إلى قنوات التعويض
- سوريا بين الكنز المفقود والرصاص الصامت
- الغرفة التي لم تكن سرية
- بين المزايدات والفرص المهدورة: قراءة في حال -محور المقاومة-
- «التكويع» تحت المجهر: لماذا يغيّر الإنسان مواقفه؟
- المصالحة والاعتدال.. نحو استراتيجية واعدة
- أخيراً.. صفحة الاستبداد والقهر تُطوى ليبزغ فجر الحرية
- حين أدار الأسد ظهره للأمل.. سوريا والقرار 2254
- منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستق ...
- سوريا المنهكة.. هل يشكل الحوار طوق النجاة؟
- سوريا، بل المنطقة عموماً إلى أين؟


المزيد.....




- -اليونيسف-: يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المو ...
- بوتين: العلاقات المثلية ليست محظورة في روسيا بل فقط الترويج ...
- إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد
- أُصارع العجز والألم بيد واحدة
- ردود جديدة بشأن أماكن احتجاز 203 معتقلين من غزة في سجون الاح ...
- الاستخبارات الإيرانية تعلن اعتقال شخصين يعملان لصالح الموساد ...
- الأمن الداخلي الإيراني يعلن اعتقال عنصرين -تابعين للموساد-
- وصول دفعة جديدة من الأسرى العسكريين الروس إلى مقاطعة موسكو
- سلطات الاحتلال تؤجل محاكمات الأسرى الفلسطينيين إلى الأربعاء ...
- إدارة سجون الاحتلال تلغي جميع زيارات الأسرى التي كانت مقررة ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - ضيا اسكندر - عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟