أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا














المزيد.....

نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 16:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد سنوات من الحروب والصراعات، أصبح السوريون بحاجة ماسّة إلى عقد اجتماعي جديد، عقدٌ يعترف بأن الهويات ليست سبباً للصراع، بل مصدراً للتنوع الثقافي والفكري. عقدٌ يُبنى على مبادئ المساواة والعدالة، بعيداً عن التصنيفات الوراثية التي لم يخترها أحد.
إن محاسبة الإنسان بناءً على انتمائه إجحافٌ يتنافى مع مبادئ العدالة، خاصةً في مجتمع لم يُتح لأفراده حرية اختيار هوياتهم. وفي سوريا الجديدة، يجب أن تتكامل الجهود لإعادة بناء الإنسان جنباً إلى جنب مع بناء الدولة، مع التركيز على تصحيح المفاهيم المجتمعية التي ترسّخ القيم السلبية، فالإنسان الواعي هو الأساس لدولة عادلة، والانتماء ينبغي أن يتحوّل إلى قيمة تُحتفى بها، لا عبئاً يُثقل كاهل الأفراد أو مبرراً لإقصائهم.

التحذير من فخ المحاصصة الطائفية
من الخطير للغاية أن يُؤسَّس الدستور السوري على المحاصصة الطائفية، كما حدث في تجارب أخرى مثل لبنان والعراق، حيث أسهمت هذه المحاصصة في تفتيت المجتمع وتعميق الانقسامات. هذا التوجه، الذي تسعى بعض القوى المتربصة بمستقبل سوريا إلى فرضه، يشكّل تهديداً مباشراً لوحدة البلاد وازدهارها. هذه القوى تخفي نواياها الخبيثة تحت عباءة التصريحات الوردية، منتظرة اللحظة المناسبة للانقضاض وإثارة الفوضى والتخريب.
من هنا، نؤكد على أهمية اعتماد دستور علماني في سوريا، بعيداً عن التصنيفات الطائفية والعرقية، كسبيل رئيس لبناء دولة حديثة ومتقدمة. ويجب الإشارة إلى أن الدستور الحالي، كما الدساتير السابقة، يحتوي على الكثير من البنود الإيجابية، لكن المشكلة تكمن دائماً في التطبيق. فقد أدّى غياب الديمقراطية والمساءلة إلى تحويل النصوص إلى مجرد حبر على ورق، مما فتح المجال لانتهاك القوانين دون أي رادع.

مسؤولية النخب السورية
اليوم، وليس غداً، تقع مسؤولية كبرى على عاتق النخب السورية، من سياسيين ومثقفين وحقوقيين وأدباء، وكل من يحمل همّ مستقبل البلاد. يجب أن تُضاعف هذه الأطراف جهودها لبلورة مشروع وطني جامع ينقذ الأجيال القادمة من دوامة الانقسامات. وما نشهده في هذه الأيام من دعوات، من مختلف أنحاء البلاد، لعقد اجتماعات وحوارات حول الشأن السوري ومستقبله، يشكل عصفاً ذهنياً قد يكون نواة يمكن أن تبني عليها اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها في قادم الأيام.
إن الحل الحقيقي يتمثّل في تبنّي دستور علماني يُرسّخ المساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، دون تمييز قائم على العرق أو الدين أو الطائفة.
إذ ليس أصعب من العودة إلى الجدل حول بديهيات الأمور. فمن منّا اختار قوميته أو قبيلته؟ من قرر مذهبه أو طائفته؟ هل أُجري استفتاء لاختيار الانتماءات؟ بالطبع لا. جميعنا وُلدنا في سياقات اجتماعية وثقافية محددة، ورثناها مثلما ورثنا الملامح الجسدية.

ملامح مبشّرة
يبدو أن ما أظهرته هيئة تحرير الشام حتى الآن يحمل بوادر إيجابية نأمل استمرارها، مما يستدعي أن تُوجّه جهود القوى المؤثرة في المشهد السوري، بما في ذلك الهيئة والجهات السياسية والعسكرية الأخرى، نحو تعزيز الوحدة الوطنية بدلًا من تعميق الانقسامات القائمة.
ورغم الترويج لبعض الممارسات الفردية والحوادث المؤسفة المنسوبة إلى الهيئة، والتي تُظهرها وكأنها تصنِّف مَن لا يندمج تحت رايتها خصماً يجب محاسبته، يبقى الأمل معقودًا على ترسيخ قيم التسامح والتعاضد بين فئات الشعب. فبالتعاون مع القوى الخيّرة، يمكن رسم عالمٍ جديد تُبنى فيه جسور للتواصل بين الطوائف والأعراق، لتجنّب مأساة جديدة على أنقاض القديمة.
لقد عانت سوريا تاريخياً، من غياب العدالة الاجتماعية، وافتقار الديمقراطية السياسية، وتقييد حرية الرأي والمعتقد. هذه العوامل كانت من الأسباب الجوهرية للأزمة التي عصفت بالبلاد خلال العقد الأخير.
الآن، هذا هو الوقت المناسب لتصحيح هذا المسار، والعمل على بناء وطن يتسع للجميع، حيث يكون الانتماء مصدراً للفخر والإلهام، لا عبئاً أو مبرراً للصراع، وطنٌ يجد فيه كل فرد مكانه دون خوف، ويشعر فيه كل مواطن أن كرامته وحقوقه مُصانة، في الحاضر والمستقبل، وطنٌ تُكتب فيه فصول العدالة من جديد وبلا استثناء.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبء القُربى في زمن القمع
- المال المسروق.. من قنوات الفساد إلى قنوات التعويض
- سوريا بين الكنز المفقود والرصاص الصامت
- الغرفة التي لم تكن سرية
- بين المزايدات والفرص المهدورة: قراءة في حال -محور المقاومة-
- «التكويع» تحت المجهر: لماذا يغيّر الإنسان مواقفه؟
- المصالحة والاعتدال.. نحو استراتيجية واعدة
- أخيراً.. صفحة الاستبداد والقهر تُطوى ليبزغ فجر الحرية
- حين أدار الأسد ظهره للأمل.. سوريا والقرار 2254
- منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستق ...
- سوريا المنهكة.. هل يشكل الحوار طوق النجاة؟
- سوريا، بل المنطقة عموماً إلى أين؟
- وجهة نظر في وقف إطلاق النار بين حزب الله و-إسرائيل-
- هل ما شهدناه أمس، بداية الغيث؟
- ما له وما عليه؟
- بالنقاط أم بالضربة القاضية؟
- عواقب عدم تفعيل وحدة الساحات
- لم يتصدّع جسدي بعدُ
- متلازمة ستوكهولم والمفقّرون الموالون لأنظمة القمع
- بانتظار اللا شيئ!


المزيد.....




- -تساقطت أبنية أثناء سيرنا-.. سيدة تروي لـCNN مشاهد في تل أبي ...
- الجيش الإسرائيلي: استهدفنا مقرات قيادة لـ-فيلق القدس- والجيش ...
- فيديوهات متداولة: منظومات الدفاع الإسرائيلية تقصف نفسها!
- شركات تطالب الاتحاد الأوروبي بسياسة مناخية مستدامة وأكثر وضو ...
- انخفاض الرصاص يحسن ضغط الدم وعمل عضلة القلب
- ‌‏هيئة -أمبري- البريطانية: إيران هاجمت البنية التحتية لميناء ...
- Ynet: أحد الصواريخ سقط قرب مكتب السفارة الأمريكية في تل أبيب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات جوية على مقرات لفيلق القدس في ...
- البيت الأبيض: ترامب سيلتقي زيلينسكي على هامش قمة مجموعة السب ...
- بزشكيان: الولايات المتحدة تمارس البلطجة وتخالف القوانين الدو ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا