|
خط التماس ما بين الديني و السياسي.
المهدي المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 19:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يكفي أن نستعرض عضلات الإيمان الغليض بشكل عام كطقوس و شعارات في الساحة السياسية كي نقول او نعتقد أن هنا انتهت بغض النظر عن هذا فمن حق أي واحد ان يوظف الدين حسب فهمه لتسليط الضوء او كدعاية لأهداف معينة قد تكون دفاعية ذاتية او بشكل عام لأجل تصفية حسابات فكرية او سياسية معينة من داخل الجماعات بكل الوان دياناتها و مذاهبها . و كل هذه الأشياء و الأشكال في واقعنا المعاش متداولة حسب الأهداف و المواقع منها المسالم و منها العنيف و هي حسب لعنة العصر منتشرة بكثرة.
و لكن ثم لكن عندما يكون موضوعنا الأساسي هو قضية سياسية فالأمر يختلف سواء القضية تعلقت بالنضال الديموقراطي الشعبي ضد نظام مستبد او تعلقت بموضوع تصفية الاستعمار الصهيوني و ذلك منذ ستة و سبعون سنة على اعتبار أن الصهيونية هذه هي عن جد حركة اجرامية و لا تعترف بأي دين، دينها الأساسي هو التوسع و القتل و الاستغلال و الربح و الفاشية و ليس الدين بالنسبة لها فقط مجرد خلاف عقائدي من داخل المنضومة كدائرة مغلقة تتصارع فيها وجهات النظر المذهبية و الفكرية.
و بأسلوب منطق العقلاء النقاد ان الصهيونية تاريخيا قد استغلت "اليهودية" التي تصهينت داخل الارض المحتلة اكثر فيما بعد. قلت يستغل الدين كاسم يوضع على بطاقة تعريف كي يسهل على الوكالات الصهيونية استغلال الناس الطامعين في حق الغير من كل القوميات المنتشرة في العالم و التي تشكل المنتظم الدولي المحكوم من قوى الغرب الامبريالية الرأسمالية الشريرة.
كان دور وكالات الموساد في كل الدول و التي تدعي انها تتكلم باسم "الدولة العبرية" هو تجميعهم و تعبئة سداجتهم بناء على مصالحهم السياسية الاستعمارية بالشعارات الصهيونية التي تدعي افتراء أن فلسطين "أرض بلا شعب و شعب بلا ارض" و الهدف من هذا الاجراء المبيت هو كي يتحولون إلى أداة استعمار و غزو على أرض فلسطين في أفق طرد العربي الفلسطيني صاحب الأرض من بيته.
و كما تؤكد الوقائع هناك طبعا اليهود الذين رفضوا الانصياع إلى شعارات وكالات الموساد من على ارض بلدانهم الاصلية و اعتبروها ذريعة سياسية و مشروع صهيوني سياسي لاجل اقحامهم في لعبة قذرة لا إنسانية و ان الدين براء منها.
و هم مازالوا مواطنات و مواطنين في أوطانهم الاصلية منهم من يقوم بشعائره الدينية اليهودية بكل حرية و هناك من تركها جانبا و طبعا كل إنسان حر في اختياراته المذهبية تحت شعار لا إكراه في الدين.
إشارة لابد التطرق إليها و هي ان كل يهودي خرج من بلده الاصلي هاجر و حمل السلاح و دخل فلسطين على ظهر دبابة يقتل و يطرد أصحاب الأرض هو بالضرورة لم تعد تربطه بجنسية بلده الأول شي فبتحوله إلى الة استعمارية تسقط جنسيته و يصبح صهيوني مجرم و لا أرى في دينه مبرر لعقلية و سياسة التوسع التي سلك على أرض الغير.
انه ليس بالضرورة ان يكون الدين اليهودي كدين الله السماوي و كعبادة من منظور الفكر الصهيوني هو الهدف من اقحامه في لعبتها القذرة بل في حقيقة الامر الدين كدين لا يقول لهم شيء غير الاستغلال نصوصا و ممارسة.
ان دين الصهيونية مجرد ورقة انتهازية تستخدم بشكل انتهازي لقضاء الحاجة لا غير. و كما قلت و عبرت في صيغة اخرى في حديث مع الكاتب و المفكر ايلان بابي:
"ان اليهودية و الصهيونية هما مثلما زواج كاتوليكي فاشل عز فيه الطلاق".
و فيما يخص سجال الفكر اللاهوتي في منظوري ليست الساحة السياسية هي الحقل الذي يجب أن نتناول فيه مثل هذه القضايا الدينية المعقدة مضمونا و منهجا التي يعود اشكال الخصام فيها إلى ما قبل خمسة آلاف سنة. ان القضية بالدرجة الأولى قضية سياسية بدأت باحتلال الأرض التي هي من النهر الى البحر و طرد اهلها و قتلهم منذ 1948 هذا هو مصدر العنف الحقيقي لانه بدا عنفا استعماريا سياسيا و ما على الفلسطينيين الا الدفاع عن أرضهم و ذاك حق مشروع.
و فيما يخص تحديد المجال للتداول الفكري فالمتعارف عليه هو انه في مجال المناظرات الفكرية اللاهوتية يجوز الكلام في الدين و كل يدلي بدلوه حتى يرتوي النقاش و تعم الاستفادة ما بين أطراف الديانات المتصارعة مرة و المتناحرة مرة اخرى. و المتوافقة في حالات نادرة.
و كما هو معلوم و المعروف كذلك تاريخيا ان في البدا ما بين الديانات كان التناحر بالرغم من شعارات المسالمة في بعض نصوصها. و هناك عدة وقائع تاريخية في الأزمنة الغابرة تؤكد و تشير الى ذلك.
عندما نتفاهم على ان الدين مسألة شخصية تهم الذات و متطلباتها الروحانية ان هذا هو عين العقل و هذا لا يضر في شيء و لا يقلل من قيمة أحد الطرفين و يضع منضومة الدين كعبادة في مكانة خاصة محترمة.
لأن علاقة العابد مع معبوده هي الدائرة الحميمية المقدسة التي لا دخل للدولة او الحزب او الجماعة او اي كان في موضوعها الداخلي فالتأثير في جوهرها الحميمي خاضع دياليكتيكيا لتفاعل ثنائية العابد و المعبود. و ان صعود و هبوط زئبق الإيمان مسألة شخصية تعود إلى المحاسب الاعلى وحده لا شريك له.
بالإضافة إلى أن الإنسان و اعتقاده سواء اكان فيه ميثاليا او معتدلا او منعدما فقط هو من يعلم ذلك و ليس بالضرورة ان يظهر للاخر مدى نزاهة إيمانه فمهما يقول و يتمظهر بلباسه الديني و كلماته او اكسوسواراته من باب العادة و التباهي لن يجيب على حقيقة إيمانه الذاتي الخالص. و في حقيقة الامر لا داعي اصلا لهذا الشبه تمثيل لأن فعله الحقيقي و ممارسته اليومية في الواقع مع الناس تكمن اصلا في فعل الواجب الإنساني كإنسان و ليس كملاك افتراضي و ان يقوم بالدور السياسي الواضح لصالح قضية سياسية واضحة بعيدة عن الخلافات العقائدية العقيمة ذاك هو المهم. إن هذا هو الموقف الصحيح من المسألة الدينية لما نقابلها منهجيا بالقضية السياسية.
و خلاصة القول أن هذه القضية التي نحن بصددها تجتمع فيها عدة ديانات مذاهب منها المعروفة الظاهرة على السطح و منها كذلك غير المعروفة و ليست هي قضية ديانة واحدة و خط مستقيم تابث و ابدي لا تغير فيه إرادة الإنسان شيء.
و طبعا كل ديانة لها نفق المتاهة الخاص بها. و ان نتبع كل واحدة إلى نهايتها سنتيه في تحديد الحقيقة الميثالية لمن تعود. فكل المخطوطات تقدس نفسها و تنسب لنفسها الطهرانية المطلقة. و ما يطرح الموضوع في سلة الإشكال المثقوبة هو انه لماذا هي الديانات السماوية ليست موحدة في ديانة واحدة على اعتبار حسب المنطق أن الله واحد أحد ؟
و هنا تكمن المعضلة الإشكالية التي تفرض نفسها و تفرض الأسئلة التالية:
هل الديانة في الاصل على شاكلة ملأ الفراغ الروحي و كبح جماح الخوف و تكييف زفرة المعذب، تخص الفرد في عبادته و طقوسه الخاصة و أيا تكون ؟ ام هي حسب القوم المتعدد على الارض كقاسم مشترك مصدره هو الاختلاف؟ ام حسب الله الواحد في الكون الذي من المفروض أن يختزل كل هذه الديانات السماوية في قول واحد و في كتاب وأحد. و لما لا؟ لانه بكل بساطة باعتباره هو واحد و غير متعدد؟؟؟
أين تكمن الحكمة و كل دين يقول ضمنيا للاخر انا هو الافضل منك و الغريب في الامر و المحير انهم جميعا من مصدر سماوي واحد الا و هو الله عبر كل الأزمنة ؟؟؟ صراحة هنا يحير العقل.
اظن ان ما يمكن أن نتفق عليه نحن هنا جميعا بهذا الصدد من خلال تصور عقلاني منطقي هو ان تسييس الإيمان يفسد عليه قدسيته و يجعله يفتح على نفسه رياح افكار برانية سياسية نقدية خارج النسق الروحاني تشوش عليه و تخدش طهرانيته و هذا المزج لا يليق.
و يظل باب الاجتهاد مفتوحا في أفق سيادة التفكير التنويري العقلاني و توفير الشروط المناسبة كي تناقش الناس قضايها الفكرية بكل إنسانية و احترام و حرية في خدمة صيانة كرامة الإنسان و جعل كل حقل يظبط منهجيا اختصاصه المعقول كي ندع مجال التواصل أوسع و أرحب.
و لكن رفيقاتي و لكم رفاقي واسع النظر!!.
يتبع في الموضوع.... مع اصدق التحيات
#المهدي_المغربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهوية على محك النضال.
-
في صلب الموضوع.
-
في موضوع البؤرة الثورية.
-
الإيمان الديني في السياق المعقول.
-
يد في يد.
-
الصفة و التحول.
-
ردا على الموقف الرسمي
-
في الشكل و المضمون.
-
نداء المرحلة.
-
ذكرى السابع من اكتوبر
-
انتفاضة 1981 كشريط
-
السرعة و الضوء هما عقارب ساعة الزمن!!!
-
الثقافي و السياسي في الإطار و باقي الأبعاد.
-
نعم لخيار المقاومة
-
حول فيلم ماريو و المهدي بن بركة.
-
افلام التلفزة المغربية على أشكالها تقع.
-
الحرب الامبريالية.
-
نظرة إلى المشهد العام
-
من أوجاع المرحلة.
-
السؤال الوجودي المفقود!!
المزيد.....
-
مصر.. أول تعليق لقناة السويس على سماحها بعبور السفن الحربية
...
-
الجزائر تحيي ذكرى الثورة التحريرية
-
صربيا: انهيار سقف محطة قطار في نوفي ساد يخلّف 13 قتيلا
-
بيان أميركي بشأن محاولات التأثير الروسية على الانتخابات الرئ
...
-
ما هي رسائل الجزائر من الاستعراض العسكري الضخم؟
-
حماس: نقبل ما يوقف الإبادة بغزة نهائيا وإسرائيل تقدم أفكارا
...
-
هل شلت إسرائيل قدرات إيران الدفاعية وحزب الله الصاروخية؟
-
بسبب كوريا الشمالية.. بريطانيا تحسم أمرها بشأن إرسال قواتها
...
-
هل هناك جنودٌ من كوريا الشمالية تم نشرهم في أراضي روسيا؟
-
لأول مرة.. بنك حكومي مصري يعتزم فتح أبوابه في الصومال قريبا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|