أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - الهويات المغلقة - الهويات المفتوحة















المزيد.....

الهويات المغلقة - الهويات المفتوحة


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1765 - 2006 / 12 / 15 - 11:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الانغلاق والانفتاح نقيضان يحملان قيما ومصادر معرفة وسلوك مختلفين من حيث ان الاول اي الانغلاق يوجد من خلال او بواسطة الهويات التي تملك الثبات واليقين ضمن مصادر معرفة جاهزة لا يمكنه ان يتجاوزها او يوجه اليها سهام النقد والشك والتساؤل لذلك تبدو جميع آثار الجديد والمختلف معرضة الى النبذ والاطلاق القيمي المسبق حولها ، وذلك الثبات الهوياتي لا يتم او يوجد من تلقاء ذاته بل هنالك عوامل محركة له تشمل جميع الفاعلين الاجتماعين الذين يملكون سلطة سياسية واجتماعية وثقافية يرسخون ذلك الثبات والانغلاق . اما الانفتاح فأنه من المؤكد له هوياته الحاضرة والسائدة في مصادر معرفية مؤسسة على المرونة والتسامح والتقبل للجديد المختلف عنها ، وهذه الهويات تحمل بدورها ايضا فاعليها الاجتماعيين والثقافيين . ولكن لماذا تكون الهويات المغلقة اجتماعيا وثقافيا مصدرة للعنف واقصاء الاخرين ؟ هل تملك في داخلها برامج الاقصاء والعنف ونفي الاخرين ام ان الفاعلين الاجتماعيين يعملون على جعل هذه الهويات في دائرة الاقصاء ونفي الانسان المختلف ؟ وهل هنالك هويات مغلقة غير مصدرة لاقصاء الاخر ؟ كل ذلك سوف نحاول ان نوضحه في هذا المقال مع تبينة اثر الهويات المنفتحة وايجابياتها وكيفية ممارستها العقل النقدي المتسائل الذي يخدم الكل الاجتماعي بطريقة جدلية مستمرة مع الاخذ بنظر الاعتبار امكانية ترسيخ هذه الهويات المنفتحة كتعبير واثر ثقافي داخلي عبر جدلية المؤثر والمؤثر عليه . ان الهويات المغلقة مجال حيوي متحرك موجود في ثقافتنا الداخلية الجاهزة والكامنة في سلوكنا وطرائق تفكيرنا حول الطبيعة والمجتمع والخلق والسلوك العام والمرأة .. الخ كل ذلك مبثوث بواسطة هذه الهويات المغلقة التي تمارسها ذاتنا الداخلية ، إذ تحمل هذه الهويات في نشأتها الاولى عوامل انتصارها على الزمن وكيفية محاربتها لامراض وهلاك المجتمعات القديمة والتي حاولت ان تطرح برامجا راديكالية مغيرة لجميع آثار ذلك الماضي اي ماضي المجتمعات القديمة وهنا تدخل هذه الهويات التي نعيش في كنفها الصراع والمقاومة من قبل المؤسسين الاوائل وهنا لنعط مثالنا الاول حول الاسلام . كيف وجد الاسلام بيئة الجاهلية ؟ لقد وجدها قائمة على العصبية والقبيلية وانعدام الدولة وانتشار القيم التي تتيح الغزو والفرهود وتفضيل قيم الغلبة والصراع والقوة وعدم الرأفة بالضعيف والفقير والمرأة .. الخ كل ذلك كان موجودا قبل الاسلام وان المجتمعات الجاهلية كانت تعيش حالة الحرب الدائمة والقبائل المختلفة والمتصارعة في ما بينها مع الاخذ بنظر الاعتبار امكانيات التحالف في عهود ووثائق تحرم القتل وسفك الدماء وتبيح التجارة والعمل وغيرها من الامور ضمن فترات زمنية معينة . لقد احدث الاسلام تغييرا في بنية المجتمع الجاهلي وعمل على تجاوز الانغلاق الهوياتي لذلك المجتمع ، ولكن كل ذلك لم يساعد في احداث قطيعة نهائية مع القيم الجاهلية التي ظلت عالقة لدى مجتمعاتنا مادامت البيئة ذاتها لم تتحول بشكل تام يساعد على تجاوز البداوة او العودة المتكررة للبداوة ذاتها في فترات لاحقة من تكوين الدولة العربية الاسلامية بعد ان تحولت الى ملك عضوض . ان الاسلام تكوّن على هوية منفتحة في نشأته الاولى من حيث تعددية المعرفة والتأويل حول مجمل الامور المتعلقة بالسياسة والحكم والمجتمع ، و كانت هنالك امكانيات للتجاوز او لتأسيس المختلف والمتغير لكن السياسي دائما ما يحول المعرفة الى يقينيات ثابتة وانه لاتوجد امكانيات التغيير والاصلاح وذلك تم في فترات لاحقة يحددها البعض بعد إبان الحكم الاموي الذي جرت فيه عمليات خلق مدارس فكرية ومذاهب تلك المؤسسة على الجبر والمرجئة وغيرها من العلوم المتعلقة بالثبات المعرفي والديني لنموذج معين ، واستمر ذلك الى ان اصبحت المصادر المعرفية المشكلة حول الاصل المعرفي الاول لايمكن المساس بها او محاولة التساؤل حول طبيعتها واصلها . وهكذا يمكننا ان نقول ان الهويات المغلقة قد لا تحمل في داخلها مبررات العنف ولكن يتم استدعائها من جديد حول امكانية فعل العنف ضمن زمن الحاضر وذلك الامر نجده لدى القوى التكفيرية والارهابية التي تبرر قتل الاخر المختلف بواسطة ايات القرآن متناسية علوم مختلفة يقرها العلماء المسلمون انفسهم كعلوم اسباب النزول والناسخ والمنسوخ وغيرها من العلوم ، متناسية الكثير من الايات التي تحث على الايمان بالاخر المختلف وتلك التي تحدد من يقتل الانسان بغير ذنب كأنما قتل البشرية جميعا وغيرها من السور والايات التي تدل على الانفتاح والحوار والتآخي والمحبة والتواصل بين البشر انفسهم . ان الهويات المعرفية تصاب بالانغلاق نتيجة الركود الثقافي والاجتماعي ونتيجة عدم تواصلها ومحاورتها مع الاخرين من خلال تفعيل اثرها المتبادل الذي يحمل طاقة كبيرة من المعرفة والثقافة ، وهكذا نقول ان هذه الهويات وجدت لتغير الانسان وتضفي عليه قيمة انسانية سامية ضمن فترات زمنية معينة ولكن كما اسلفنا ان السياسي يعمل على تعطيلها وجمودها لانها مصدرا كبيرا لامكانيات وسلطات وفرص ونفوذ معين ، وذلك الامر لاينسحب على الهويات المغلقة ذات الطبيعة الدينية فحسب بل يندرج ضمن ذلك جميع الهويات المعرفية من دينية وغير دينية ، فخطاب القومية ضمن نموذج البعث على سبيل المثال لم يكن سوى خطابا انغلاقيا لا يمجد العنف واقصاء الاخر فحسب بل يملك القدرة على تعطيل الزمان والمكان لقدرات بشرية معينة تملك الطاقة والعمل والابداع ، وذلك الامر وجد طيلة سنوات السلطة الاستبدادية التي قادها في العراق من خطاب ارهابي عنفي ادى الى هجرة العقول الثقافية والعلمية والادبية والنتيجة طغيان الهويات المغلقة من جديد وخصوصا تلك التي ترى خطاب البعث خطابا هوياتي وحيد مؤصل في داخله الالغاء لاية هويات خرى بل نقول انها تملك جاهزها التجريمي والتخويني للاخرين الذين لا يقفون موقف المختلف فحسب بل يقفون موقف الحياد لا غير ، اي استخدام ذلك المنطق الذي خنق العراقيين تاريخيا " معي او ضدي " .
ان الهويات المفتوحة نتاج المجتمعات المتمدنة التي عرفت كيف تهذب النظرة الى الحاضر والمستقبل على حد سواء لانها من المؤكد تملك تراكما يجعلها في قائمة التطور والتحضر ومعرفة ان الانسان محاط بأنظمة فكر ومعارف وسلوك معينة لايمكن من خلالها استخدام القوة والفرض في جذبها او تغييرها ، وذلك الامر لا يتعلق بالذات وما تحوي من قوى تحاول الفرض والاقصاء للاخرين فحسب بل يشمل الاخر" الغربي " فذلك الاخير يملك الكثير من مقومات النبذ للاخرين بحكم جاهزية سلطته وقوته وما محاولة تأسيس عالم واحد او شرق اوسط واحد ضمن رؤية معينة هل يبعد المجتمعات الحديثة من صفة او دائرة التمدن والانفتاح مادامت السياسة الاميركية على سبيل المثال مشكلة بشكل انتخابي او ديمقراطي ، بالرغم من ادراكنا لطبيعة الخداع والتمويه التي تقوم بها الكثير من قوى الاعلام والمؤسسات في خلق هذه السياسة التي تتصف بالتموية والتضليل وتغييب الاخر ومحاولة وصفه بنعوت واوصاف شتى تلك التي تقف الى جانب التخلف والارهاب والبربرية متناسية الظروف والاسباب التي ادت الى وجود مجتمعاتنا ضمن طبيعة استبدادية اقصائية تلك المتعلقة بوجود انظمة الاستبداد العربي والاسلامي في كثير من الدول والمجتمعات .
ان الهويات المفتوحة تعمل في ازمنتنا الراهنة في ظروف عصيبة لانها تواجه سوء التأويل والمراقبة الدائمة سواء من قبل سلطة الدولة الاستبدادية او من خلال سلطة المجتمع المثقل بفاعلين اجتماعيين سلبيين ومعطلين لقيمة التجديد والتطور ، وذلك الاخير يكاد يكون منعدما في مجال الفكر والمعرفة ليغدو تجديدنا كاريكتريا او هامشيا من خلال استخدام الادوات الحديثة لكن من دون البدء بعملية تكوين ادوات فكر جديدة او مختلفة عن البنى والقواعد السائدة ، ولان الهويات المفتوحة تخاف سوء الفهم والتأويل لذلك فأنها نظهر بشكل ضبابي ومعتم في كثير من الاحيان وربما تظهر بشكل سلبي من خلال ما تقدمه المؤسسات من هامش ثقافي ومن معرفة زائفة حول كل ما يمت بصلة للانفتاح والتجديد وربما يتم التركيز على الانفتاح الاقتصادي والتجاري من دون وجود الثقافي والمعرفي ، وذلك الاخير مهم في تغيير الانسان وتبدل النظرة القائمة لديه تلك التي تحمل في داخلها النظرة الى الاخر او الجديد بأنه عدو او اقصائي يحاول ان يلغي ذاتي او يدمر جميع ما املك من قواعد فكر وسلوك وذلك ان وجد فأنه يدل على ذات عاطلة وخائفة من الاخر والجديد ذاته وهذه الذات كما اسلفنا مقادة من قبل السياسي والثقافي الذي لا يرى العالم إلا من زاويته الخاصة وكأنه المستقبل كله باق على حالته وشكله وطبيعته ضمن هذا العالم المغلق او ضمن الهوية المغلقة .
ان فائدة الانفتاح تظهر لدى المجتمعات المتمدنة في قدرتها على تكوين المسارات المختلفة والمغايرة بشكل دائم عن الهويات السابقة ، وذلك الامر قد يحمل الصعوبات ولكن في النهاية كل ادوات الصراع غير ثابتة ضمن منطق العنف او الاقصاء فالسياسة والسلطة والمعرفة تتبدل وهكذا نحو وقائع وآفاق مختلفة بشكل دائم ضمن الهويات المفتوحة التي تملك وسائل معرفة غير نهائية وغير يقينية من الممكن ان نحدد بعض سماتها الاساسية
1- القدرة على التسامح : اي انها هويات ذات مناخ مرن متسامح وقابل الى الاخذ والعطاء بشكل انساني لاتوجد هناك نظريات مؤامرة واحتواء والغاء ، تعمل على اشاعة الجو العام والسلوك البشري بالحركة والبهجة والاهتمام بسعادتة الانسان .
2- القدرة على التراكم : اي انها هويات تنتج الجديد والتراكمي من خلال ذواتها الباحثة عن الغريب والجديد في كل ما يتعلق بالانسان والطبيعة والعالم اي انها ذات عقل بحثي دؤوب تساؤلي لا ينتج الكسل والعجزية والنظرة السلبية والتشاؤمية حول مستقبل الانسان ووجوده
3- القدرة على التجاوز والبناء : اي انها هويات لا توجد لديها قوالب معينة من شأنها ان تعطل الجهود والابحاث الانسانية وهذه القدرة متأتية من طبيعة التراكم ذاته ووجود العقل النقدي الذي يؤمن بالانسان كقيمة عليا وانه لاتوجد اي مصادر معرفة لا تتصل بذلك الاخير مصدر الابداع والخلق .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد سلطة المعرفة .. الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
- هل يمكننا تجاوز تاريخ الانغلاق في المجتمعات العربية الاسلامي ...
- التعليم وصناعة الخوف لدى الطلبة .. نحو تعليم عراقي جديد
- نحو تكوين فلسفة شعبية عراقية
- لحظة إعدام صدام .. نهاية الاستبداد في العالم العربي ؟
- خصائص تربية الابداع في المؤسسة التربوية العراقية
- جماليات الاحتلال
- الثابت والمتحول في انماط الاستبداد(الطريق الى مقاربة وطنية ت ...
- المعرفة العامة نسق ثقافي سلطوي
- المجتمع بين العقل والغريزة
- كتابة السلطة – سلطة الكتابة
- تاريخية العنف في المجتمعات العربية الاسلامية
- سلطة الايديولوجيا
- المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة
- نحو رسم خارطة جديدة للمواجهة مع القوى الكبرى
- العلمانية المنفتحة - خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية ...
- جاهزية الخطاب الفضائي محاولة لبناء مجتمع عراقي تواصلي
- الحداثة المسلّحة بأشكالها الثلاث
- العنف المنزلي .. سلطة ذكورية أم خضوع نسائي
- صورة أميركا في العراق


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - الهويات المغلقة - الهويات المفتوحة