أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وليد المسعودي - جماليات الاحتلال















المزيد.....

جماليات الاحتلال


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 10:06
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يظهر الاحتلال في العراق من خلال الكثير من الصور والواجهات السياسية والثقافية سواء تلك المدعومة من قبله او تلك المنبثقة من خلال صور و اشكال التحالف والاندماج مع مشروع الاحتلال في العراق ، بأنه داعما لاستقرار البلاد ، وحاملا لاشكال التغيير والتبدل الاجتماعي والثقافي ، ومن ثم إخفاء الجانب المتعلق بالانتهاك والارهاب والعنف الذي يمارسه بحق الكثير من ابناء البلد ، وذلك ضمن طبيعة إخفائية تقودها اكثر المؤسسات السياسية والثقافية ، إذ لم يظهر لدينا الى وقتنا هذا مؤسسات تعني بكشف الانتهاكات التي يمارسها المحتل من قبل مؤسسات مرتبطة بالدولة او مستقلة عنها ، فكل ما يجري هو إبراز الصراع الطائفي في العراق على انه محصلة نهائية لعدم الاستقرار المجتمعي ، ومن ثم ما يفعله المحتل من دعم خفي ومعلن للاحتقانات في العراق لايتم كشفه ، ومن ثم يغدو الاحتلال جميلا لدى الكثير من المؤسسات .
فهذه مؤسسة كبيرة في العراق ثقافية تمارس الرقابة على المواد والنصوص التي تصلها ومن ثم تمنع نقد جرائم الاحتلال وعدها بالامر الهين مقارنة بجرائم الدكتاتورية لدى الكثير من مثقفيها ، إذ يتم رمي من يكشف هذه الجرائم والانتهاكات بعدة اتهامات منها ، بأنه موال للنظام السابق او مؤيد للدكتاتورية وغيرها من التهم الزائفة ، ومن ثم ضياع الامكانية في كشف اللعبة الحقيقية في العراق ، تلك التي تؤكد ان اكثر الاطراف السياسية المشتركة في العملية السياسية فضلا عن دور المحتل يساهم بشكل كبير في تخريب العلاقة الاجتماعية داخل البلد بشكل مستمر ، وذلك من خلال فرض الصراعات الاثنية والطائفية والمحاصصية على انها جاهز قيمي مؤبد على مستقبل العراق ، ومن ثم هنالك عدم الاكتمال الحقيقي للدولة والنتيجة ان الاحتلال جميلا وناجيا ومخلصا من خلال دعمه للفوضى والتمزق المستمر في العراق .
ان جماليات الاحتلال تكمن في طبيعة اكثر المؤسسات التي تحاول ان تجمل الوجود الاميركي ومن ثم تعلن برائته من تمزق المجتمع العراقي ووصوله الى ذلك المستوى الذي نشهده من غياب كامل لاثر الدولة واغترابها عن انجاز الوعود التي جاءت بها من خلال صناديق الانتخابات والنتيجة ان الارهاب الخارجي اصبح شريكا مع الارهاب الداخلي في تمزيق وحدة العراق وتفضيل بقاء الصورة اكثر تلاشيا مع قيم المنع والحضر والاكتشاف الدائم لقدرة الذات العراقية على ابتكار العنف والفساد وممارسة الهيمنة على حساب الاخرين من المجتمع ، فذلك المحتل يتم نسيان عنفه وجرائمه لانه اتى من اجل دمقرطة العراق وتحرير المجتمع من الدكتاتورية وجاهزها العنفي ، إلا ان الذي حدث يكمن في عدم الالتزام بذلك المشروع الايديولوجي لانه يؤدي الى زيادة قوة الدولة ومن ثم فرض ارادة المجتمع عليها وبالتالي ضعف مراكز الهيمنة الاميركية في العراق والتي تريدها اميركا ضمن فترات طويلة من القرن الواحد والعشرين ، كل ذلك تساهم في تأصيلة الكثير من الواجهات الثقافية التي تدعم صورة الهامش الفكري والثقافي ، ومن ثم بقاء المجتمع مغيبا من اثر مفاهيم الحرية والديمقراطية ذاتها ، فهذه الاخيرة معطلة ومغيبة من حيث الانتشار وسيادة المفهوم الذي يقوم على الاعتراف بالذات البشرية خيارا وسلوكا مستقلا مجتمعيا وفرديا ، إذ ماتزال مجتمعاتنا اكثر إمعانا في جاهزية الاقصاء ونبذ الفرد وحرياته المتعددة ، وذلك يعود الى طبيعة التشكيل الدولتي في العراق في المرحلة الراهنة من خلال الانتصار للمحاصصة وتوزع الانسان العراقي ضمن مجالات دائمة من الاغتراب وهيمنة مراكز العصب من الكيانات السياسية على مقدرات الاخرين ، فضلا عن وجود مراكز الارث الاستبدادي التاريخي قديما وحديثا .
فالادب العراقي الذي يصور جرائم الاحتلال وما يقوم به من انتهاكات على مقدرات الذات البشرية في العراق يدرج ضمن خانة الدعوة الى العنف والارهاب ومن ثم ممارسة الاثر السلبي في البناء وذلك تماهيا مع بقايا النظام البائد التي تفضل الانزواء ضمن خياراتها الجاهزة من ممارسة العنف ليس ضد القوات الاميريكية المحتلة بل ضد المواطنين العراقيين من خلال دعمها للكثير من المجاميع الارهابية في العراق ، ونحن هنا لا ننكر دور الكثير من الواجهات الاخرى التي تتبنى خيارات النبذ للجديد والغريب بحجة انه جاء مع عربة المحتل ، هذه الواجهات تتبنى المظاهر السلبية ضمن ادبياتها في العراق ، وذلك بشكل مغرض وغير موضوعي وهادف والنتيجة عدم طرح البديل العراقي الذي يتيح تكوين ديمقراطية عراقية ناهظة بعيدا عن مقررات المحتل وجاهزية قيمه ، فذلك الاخير لم يكن وفيا حتى لما يسمى بقيم العالم الجديد لكونه عمل تكوين الديمقراطية التي تتلائم مع الفوضى المصدرة من قبله الى الشعوب الاخرى ، من خلال دعمه لبؤر ومراكز المحاصصات وتوزع الاكثرية الاجتماعية ضمن هوامش بشرية كثيرة تعيش الاغتراب وعدم الانجاز الحقيقي لكرامتها البشرية .
ان جماليات الاحتلال الاميركي تظهر من خلال الاختلاف في توصيف الوجود الاميركي في العراق فالبعض منها يسميه قوات التحالف والبعض الاخر يسميه مباشرة بالاحتلال ، وذلك ليس من اجل الانزواء ضمن مفاهيم الوطن والحرية والاستقلال وما يعانية المجتمع العراقي من ترد خدماتي امني واجتماعي وثقافي ، بل محاولة كسب المزيد من المصالح والخيرات من خلال ابراز كونها راعية لحقوق الاكثرية المجتمعية المدعومة من قبل إرادة الافراد بكافة تصنيفاتهم وتوزعهم بين الديني والقومي والعشائري .. الخ ، ولان لعبة التحافات تظهر الاختفاء الحقيقي للمجتمع وتطوره ضمن راهنية الزمن المعاصر ، فأن ذلك المجتمع يبقى مصابا بعقد المراكز التي تسمح بظهور المحتل بأشكال براقة وجميلة ومقبولة اجتماعيا ومن ثم هو من يملك خيارات ومجالات السيطرة المستقبلية على الارادة العراقية ، هذه الارادة العراقية بحاجة الى زوال جماليات الاحتلال من اجل ان تظهر جماليات اخرى مرتبطة بالارادة العراقية ذاتها من خلال الاهتمام بمفاهيم حقوق الانسان و الديمقراطية بعد تصفيتها من آثار الشمولي سواء ذلك المتعلق بالقدرة على تعبئة الافراد والجماعات البشرية من اجل مصالح آنية تتداركها الاقلية المجتمعية على حساب المواطن العراقي وما يملك من جاهزية قيم وتصورات تقود الى بروز هذا الطرف او ذاك بواسطة الابوية السلطوية واثرها على الاخرين او من خلال الشمولي المدعوم بطريقة رأسمالية اي استيلاء الطبقات الغنية على مقررات الافراد ومن ثم دعمها لنموذج معين على غيره مثل ما تقوم به اكثر الشركات التجارية العملاقة في دعم الواجهات والاحزاب التي تلبي مصالحها وتمرر سياساتها بحيث تغدو هذه الديمقراطية ضمن الشمولية المتعددة الابوية والرأسمالية ناقصة وغير متكتملة من حيث تفضيل الخيار البشري المرتبط بأهمية الرأي والقرار والفعل وتأثيره على تطور المجتمع .
كل ذلك بحاجة الى تحقيق العوامل التالية :
العمل على نقد جميع تجارب الدولة في العراق بجميع أشكالها منذ تأسيسها عام 1921 الى الازمنة الراهنة ، التي نعيش ، إذ تكشف هذه الدولة عنصرا في غاية الاهمية داخل بنيتها السياسية يكمن في عدم استيعابها للمختلف المتعدد الاجتماعي والسياسي داخل المجتمع ، ومن ثم هنالك دائما السيطرة المركزي من قبل فئة او طرف ما على حساب بقية الاطراف التي صيرت ضمن هوامش واطراف تعيش لحظات النبذ والاقصاء ، قادت في نهايتها الى تفضيل الانزواء تحت خيمة الهويات الضيقة للمجتمع على حساب مفهوم الوطن الواحد ، كل ذلك يحيطه تكوين الدولة الاولي ، وما يمارسه الوجود الحالي المتشظي لها يتمثل في تأبيد خيارات الانقسام والانزواء تحت مظلة الهويات الضيقة لا تجاوزها او امتصاصها ضمن صيرورة الدولة الجديدة المستقلة في العراق .
العمل على إعادة الاعتبار الى مفهوم الهوية الوطنية العراقية غير المنقسمة على نفسها عنفيا وطائفيا وعرقيا ، من خلال العمل على زحزحة خيارات ومقررات الافراد السلطويون الذين يحيطون الجماهير ضمن عصب وتكتلات تعمل على بقاء المجتمع ضمن صيرورة الانقسام وعدم الايمان بالعراق كبلد جامع للكل الاجتماعي ، فما يجري من عمليات تهجير قسري ليس للطوائف المنقسمة على نفسها والمختلفة في ما بينها في الكثير من المدن العراقية فحسب بل كذلك يشمل بقية المكونات العراقية من الاديان الاخرى كالمسيحية والصابئة ، كل ذلك يظهر طبيعة الغياب الحقيقي للهوية العراقية الجامعة وتأثيرها على المجتمع من خلال التعايش السلمي بين جميع المكونات والاطياف الاجتماعية والاثنية في العراق ، عملت على تأسيسه الدولة العراقية بجميع أشكالها منذ لحظات التأسيس الى زماننا الراهن .
تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في العراق ، تلك التي تعمل على مواجهة الدولة المهيمنة على جميع الذوات البشرية التي تفضل خيارات الاستقلال والبناء الفكري والثقافي المستقل عن إرادة الدولة التي يصبها الوهن في كثير من الاحيان من حيث انتاج مجتمعات يسودها التسامح والسلام الاجتماعي وتفضي خيارات المعرفة المتعددة والمختلفة في ما بينها من اجل تجاوز عملية عدم الفهم للمختلف في العراق من حيث التربية الاجتماعية القائمة لدى الهويات الضيقة ذاتها ، فوجود مؤسسات المجتمع المدني تلك المستقلة عن إرادة الدولة من الممكن ان تكون بديلا لاشكال الهيمنة التي يضفيها على مقرارات المستقبل في العراق الذي نريده خال من البعثرة والانقسام من حيث عدم الاكتمال الحقيقي لابنية الدولة الحديثة ضمن شكلها القائم على احترام التعدد الاجتماعي والثقافي والسياسي وعلى صعيد المجتمع ذاته من خلال ايمانه بالتطور والتغيير كتحديات يجب ان يواجهها من اجل تجاوز حالتي الجود والتأخر عن مواكبة التقدم والتطور لدى المجتمعات الاخرى .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتحول في انماط الاستبداد(الطريق الى مقاربة وطنية ت ...
- المعرفة العامة نسق ثقافي سلطوي
- المجتمع بين العقل والغريزة
- كتابة السلطة – سلطة الكتابة
- تاريخية العنف في المجتمعات العربية الاسلامية
- سلطة الايديولوجيا
- المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة
- نحو رسم خارطة جديدة للمواجهة مع القوى الكبرى
- العلمانية المنفتحة - خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية ...
- جاهزية الخطاب الفضائي محاولة لبناء مجتمع عراقي تواصلي
- الحداثة المسلّحة بأشكالها الثلاث
- العنف المنزلي .. سلطة ذكورية أم خضوع نسائي
- صورة أميركا في العراق
- الرأي العام وآيديولوجيا الدولة
- في التربية والعولمة - نحو تربية حداثية جديدة
- الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
- أسس الانتماء الى الثقافة والمثقف
- الحريات السياسية ضمن جدلية البناء والتغيير
- الارهاب والطائفية في العراق - نحو إعادة تشكيل الواقع السياسي ...
- المعرفة وأدوات البناء في المؤسسة التربوية العراقية


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وليد المسعودي - جماليات الاحتلال