أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - الحداثة والتراث في مقاربة جديدة















المزيد.....

الحداثة والتراث في مقاربة جديدة


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعد الكلام عن الافكار داخل المجتمعات التي عطل فيها دور العقل والسؤال امرا يدعو الى الرفض والادانه ، وذلك لان الكلام عن الافكار يعني تقسيم العالم الى صور ومدركات وعناصر تسجل الحضور لدى مخيلة الانسان ومن ثم هنالك القدرة على الزحزحة الداخلية التي تجري داخل الذهن ، هذه الزحزحه تتعلق بما هو سائد ومباشر اجتماعيا بشكل سلبي وغير قائم على العقل ، وهنا لنتسائل عن القدرة على الكلام والتأثير المجتمعي للفكر كل ذلك يتم من خلال تحديث الافكار الاجتماعية ام ترسيخها اي تأبيد عوامل ومحركات انبثاقها الاولي وما جرى من قراءة مستمرة ومتغيرة لهذه الافكار التي تحيط وتشمل المجتمع اي من خلال قراءتها بشكل لايخدم التجديد ، وانما إضفاء الهيمنة الوجودية لدى جاهزيات مطلقة يبررها السياسي الاجتماعي السائد ضمن زمان ومكان معينين ؟
ان الحداثة من الممكن ان تجر المجتمع الى الركون الى مطلقات لا تؤسس الخيار الاجتماعي ، وخصوصا اذا كانت هذه الاخيرة غير مرتبطة بالذات ومدى تردداتها نحو التجديد اي انها حداثة فوقية لا تمت بصلة للجاهز الاجتماعي بحيث يكون الشكل السياسي الاجتماعي الجديد مشوها او حاملا للفوضى كما هو ماثل لدينا في العراق من خلال جاهزية الديمقراطية التي عبرت الينا بشكل قاري( القارات ) اي من خلال قدرة الهيمنة التي يبثها السلطوي الجديد وما يحمل من تراتبيات قيم معينة يراد لها التأسيس والحضور على حساب ذواتنا المحلية المصابة بعقد التاريخ السلطوي الاستبدادي ، من هنا نقول ان ذلك لايمثل حداثة ناجزة بشكل حقيقي ومشروع بل هو استمرار عبثي لترددات الغير ومن ثم يشكل غياب المشروع المحلي غشكالية كبيرة تدعو الى الاستعجال في تحقيقها مجتمعيا وليس من خلال قدرة الفرض الفكري المصاحب لقدرة السياسي السلطوي ، هذه الحداثة لا تشكل سوى تحديثا عاجزا عن إدراك التاريخ ومن ثم الخروج من السياج المغلق الذي يشمل جميع المحركات التي تسيطر على قابليات انتاج الجديد بما يخدم المجتمع ولايؤسس الارتداد او الرفض والادانه ، وذلك لان الافكار إذا اريد لها الانبثاق والصيرورة ، ومن ثم التواصل بشكل مستمر ينبغي لها ان تكون غير مؤسسة في مجتمعات تعاني القطيعة النهائية مع تراثها والقطيعة النهائية مع الحداثة التي ينجزها الاخرون ، كل ذلك يؤدي الى ضياعنا ومن ثم الانزواء ضمن بوتقة الاخر وتمثل السطح لديه وليس تمثل الذات بشكل واع ومدرك ومميز وقادر على تشكيل الاطار الاجتماعي السياسي الجديد .
ان الحداثة لا تتم إلا من خلال تتريث العالم بشكل يدعو الى السؤال والتغيير اي الدخول الى التراث والحداثة معا من خلال قدرة الذات الصراعية المتحاورة والمتكاملة والتي لا يشوبها عوامل الرفض والانغلاق ومن ثم القدرة على صياغة وبلورة الجديد المؤسس اجتماعيا ، كل ذلك قائم على ماهو سياسيي ثقافي واجتماعي ناجع وغير مرتبط بمجمل التشوهات التي ترسخها التبعية والانغلاق على العالم الداخلي لدى المجتمع ، فمجتمعاتنا العربية الاسلامية بعد ( دولة الاستقلال ) لم تنتج سوى التبعية المباشرة سواء لقدرة الزعيم المهيمن والحزب الشمولي او التبعية للاخر بشكل يلغي إمكانات الذات والقدرة على التنمية الحقيقة غير المصابة بلغة التبجيل والزيف التي كانت تبث من قبل الدول بعد الاستقلال ، بحيث روجت الكثير من الاساطير حول الاخرين وحول الحداثة ذاتها ، بأنها استعمارية برجوازية ينبغي استئصالها ومحوها من المجتمع وهكذا بدلا من ان تظهر قيم المجتمع المدني المتسامح الذي تسوده الحريات بمختلف اشكالها المتعلقة بالمعتقد والضمير والرأي والسلوك والاختيار ظهرت لدينا قيم الحزب الطليعي الذي يقود الجماهير بشكل حديدي صارم ، وهكذا الامر الذي ادى الى تعطيل الحداثة والتطور المجتمعيين من خلال جاهزية الشمول القيمي المطلقة التي عملت على ترسيخها ( الدولة القومية ) التي عملت على تمجيد الذات بشكل دعائي زائف من خلال هيمنة الخطابات الحزبية التي يروجها المتنفذون في مجال الاعلام والثقافة ضمن الدائرة السلطوية لطبقة النظام او السلطة ، بحيث كانت هذه الاخيرة منقسمة من حيث ظهورها الاعلامي بين الشعارات والمفاهيم التي تبثها بشكل إزدواجي عن الحرية والتقدم والوحدة .. الخ وبين تعاملها المباشر مع مجتمعاتها من خلال لغة الاستلاب بمختلف اشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
فالتراث اليوم يشكل غيابا محضا عن ذاكرة المجتمعات وما موجود لايمثل ذلك التراث بقدر ما يمثل ذلك الفراغ الذي عملت على تأبيده السلطة الشمولية داخل المجتمع ، وهنا لانقصد ان سلوك المجتمع لا يتحدد من خلال محركات الهامش او السطح من التراث بقدر ما نقصد ، انه لا توجد هنالك آليات للفهم والاستيعاب لطبيعة ذلك التراث ومدى تغلغله في الذاكرة المجتمعية بالشكل الذي لا يكون لدينا صورة ضبابية غير مدركة عن ذلك التراث ومن ثم يصبح مع مرور الزمن وكأنه غير منجز بشكل تاريخاني اي لا يشوبه تأثير الازمنة والامكنة والمتغيرات الاجتماعية والسياسية ، وهكذا مع الحداثة ذاتها اي انها تدخل بشكل ضبابي سطحي غير مدرك وهامشي وتنغرز كجزء في سلوك الافراد والمجتمع فالاهتمام على سبيل المثال بالازياء الحديثة كأختيار وسلوك مجتمعي لايتم من خلال الادراك للحديث منها اي تمثلها من حيث المنشأ والاصل بل من خلال الانزواء بشكل نسقي سلطوي على وعي الافراد عموما وهكذا مع الظاهرة الاجتماعية التي تدعو الناس الى الاجتماع الديني حول قضية معينة فأنه لايتم من خلال تمثل الدين ضمن السلوك الجمعي بقدر ما يصاحب هيمنة الخطاب السياسي الاقتصادي الذي يغطي ويسيطر على المجتمع من قبل الديني ، وهكذا نقول ان الدخول الى الحداثة لابد ان يرافقها الدخول الى التراث وقراءته اجتماعيا بشكل يدعو الى الحوار والصراع المنبثق من إرادة المجتمع بلا تخل لطرف على حساب الطرف الاخر ، فعملية نبذ كل ماهو قديم يؤدي الى الوقوع في ايديولوجيا المنتصر الذي يريد ان يؤسس خياراته فحسب وعملية نبذ كل ماهو جديد يعني الوقوع ضمن شرك الذات المحلية المؤسطرة والخائفة من الاخر الذي يترقبها بشكل مستمر ، وهكذا تغدو العملية ذاتها مع القبول المطلق لكلا الحالتين .
ان الدخول الى الحداثة يعني الدخول الى الزمن المعاش ومن ثم تأسيس خيارات الانسان المعاصر المسيطر على مجمل التطورات التي تحيطه بحيث يغدو الزمن ذاته ملكا حقيقيا لدى الانسان ، كذلك الحال مع التراث فالدخول اليه ينبغي ان يتم وفقا لذات السياق بلا قدرة لنفي نقيضه اي الدخول اليه وفقا لآليات الحداثة ذاتها من اجل ادراك العالم وتجاوز الكثير من الركود الذي اصاب ذواتنا من خلال لغة الحوار وصراع الاضداد بشكل سلمي تضمنه الدولة التي يسودها عقل التسامح وادراك العالم ضمن نسقية التغيير والبناء المجتمعيين .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسس الانتماء الى الثقافة والمثقف
- الحريات السياسية ضمن جدلية البناء والتغيير
- الارهاب والطائفية في العراق - نحو إعادة تشكيل الواقع السياسي ...
- المعرفة وأدوات البناء في المؤسسة التربوية العراقية
- أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب
- الاعلام العربي .. الى اين
- مشروع الدولة في العراق بين الطائفة والعرق
- الفلسفة والدولة
- تخلف السياسي - تبعية الثقافي
- ماذا تريد الدولة من المجتمع؟
- وظيفة الرئيس .. نظرة مستقبلية
- المواطنة .. وعي مؤنسن داخل المجتمع
- نحو ستراتيجية عراقية لمواجهة الارهاب
- الدولة العراقية وآفاق المستقبل
- المثقف والمؤسسة .. جدلية الرفض والقبول
- العنف الذكوري ضد المرأة
- الذات العراقية بين احتلالين
- المرأة العراقية بين الواقع والمثال
- أدلجة الحقيقة - عنف المعنى
- الديمقراطية والحركات السياسية الاسلامية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - الحداثة والتراث في مقاربة جديدة