أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا - وليد المسعودي - المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة















المزيد.....

المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1616 - 2006 / 7 / 19 - 13:19
المحور: الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا
    


يتصالح الوطن مع ذاته عندما توجد هنالك عملية هضم شاملة لجميع الاطراف والعصبيات المختلفة في ما بينها ، وهذه الاخيرة لايمكن ان يتم التصالح معها مادامت المجتمعات لاتعي قيمة التسامح ولايوجد هنالك آليات للتقبل الاجتماعي والثقافي والفكري والعقائدي ، فضلا عدم وجود دولة تستطيع ان تمارس عملية الهضم والاستيعاب هذه بجميع الاطراف المختلفة في ما بينها ، فالدولة العراقية من حيث التأسيس وجدت وهي قائمة علي " عدم" مصالحة وطنية تتمثل في اقصاء الاكثرية المجتمعية فكرا وثقافة وسلوكا ومساهمة في تطور المجتمع ، كل ذلك اسس الي ولادة عملية الاختلاف العقائدي بين تشكلات المجتمع الاخري في ما بعد ، فضلا عن الاقصاء الكبير الذي مورس بحق قوميات مركزية ورئيسة في العراق ، اذ طيلة عمر الدولة العراقية الحديثة لم يتشكل هنالك اي تصالح حقيقي مع المجتمع بجميع اختلافاته الفكرية والعقائدية ، وذلك بسبب سيادة الدولة القمعية، الاستبدادية ضمن شكلها المباشر طيلة ذلك التاريخ ، بحيث غيب الانسان العراقي وغيبت جميع مداركه ومفاعيلها الحقيقية في تكوين مجتمع متمدن وقائم علي احترام حقوق الانسان بجميع ابعادها ، كل ذلك ادي الي تراكمات كبيرة ما زلنا نعانيها الي وقتنا الحاضر بعد زوال دولة الاستبداد في العراق ، اذ يجري اليوم الحديث عن مصالحة وطنية تشمل الاطياف السياسية والاجتماعية المختلفة فيما بينها وضمن اطار الدولة ذاتها متمثلة بتنوع التشكلات السياسية والثقافية الحاضرة والقائمة علي تفضيل المصالحة الوطنية بما يتناسب وقدرة الامكانات المادية المتاحة التي سوف تستطيع الحصول عليها بغض النظر عن اهمية هذه المصالحة علي مستقبل العراق ، وبما هذا الاخير يعيش الفوضي غير الخلاقة من حيث وجود التشرذم الاجتماعي والثقافي متمثلا بنهايات التراكم الاستبدادي من نزعات شريرة تعمل علي تذويب الجسد الاجتماعي ضمن قالبيات واحدة من الاقصاء والتبادل المطلق للعنف ومن خلال تعددية السلط التي تمارس فعلها اليومي علي المجتمع ، وهذه السلط تنقسم الي دينية متشددة واخري " معتدلة " تحاول ان تضفي السيطرة العقائدية ضمن اطار وشكل المستقبل من خلال منهجية الفكر والعقيدة المغلقة علي ذاتها بعيدا عن انتاج وخلق مجتمعات عراقية متسامحة ومتمدنة تمارس دورها في صياغة كل ماهو مختلف وجديد عن اشكال الحياة السابقة والقائمة علي الاقصاء من قبل الدولة الاستبدادية .
ان المصالحة الوطنية لا تتحقق ضمن طبيعة اعلامية وثقافية تتبعها اكثر المؤسسات وخصوصا مؤسسات الدولة فحسب بل ينبغي ان يتم ذلك من خلال مساهمة الاحزاب ذاتها في تعرية اخطائها وتبينة جذور الخلل الذي ارتكبته ضمن هذه السنوات الثلاث من خلال المساهمة في كشف وجوه الحقيقة للمجتمع وعبر قنوات البث الاعلامي والثقافي كي تصبح المصالحة الوطنية هما وطنيا مجتمعيا قائما علي إعادة اللحمة الاجتماعية بعد ان تم تمزيقها خلال مراحل طويلة من عمر الدكتاتورية في العراق وما فعل الاحتلال الامريكي من ممارسة عملية ضم شاملة لذلك التشرذم والتخلي المطلق عن اية عملية بناء حقيقية لمقومات دولة في العراق بعد ثلاث سنوات من ضغف حقيقي لهذه الدولة بسبب حدة التنافس علي السلطة والثروة بين اكثر الاطراف السياسية ، الامر الذي ادي الي وقوعهم ضمن شرك التخلي عن المجتمع وما يعانيه من انتهاكات وجرائم يندي لها الجبين الانساني ، فالعراق بعد هذه السنوات الثلاث وجد في منظومته الاجتماعية الكثير من الاحتقان والقدرة علي اللجوء الي العنف باية طريقة كانت وذلك واضح في طبيعة تعامل الانسان العراقي العادي مع مجريات حياته اليومية التي تشي بطابع العنف والحركة المضادة لكل ماهو مديني قائم علي اساليب الحوار والتزام التعقل وعدم الركون الي معطيات الواقع الراهن الذي يتصف بالاغتراب غن انتاج وعي اجتماعي انساني هاضم للتعددية واحترام حقوق الانسان .
ان المصالحة الوطنية بحاجة الي تكاتف الكثير من الجهود اولها يبدأ باعادة الاعتبار الي الذات العراقية بعيدا عن ممارسة المزيد من التهميش الذي تفرضه اكثر القوي البارزة في العراق من خلال فرض ظروف اجتماعية واقتصادية عملت علي تصاعد وتيرة العنف والارهاب بسبب غياب الحياة الانسانية الكريمة بأشكالها المتعددة امنا وكرامة ومعيشة .. الخ ، فما دامت الاحتقانات تبدأ من خلال تراكم الازمات التي يعيشها المواطن العراقي بسبب حرمانه من الحقوق الطبيعية من كهرباء ووقود وحق طبيعي في البقاء ، كل ذلك يعطل جهود المصالحة الوطنية ، فضلا علي عدم وجود وجود اتفاق نهائي لاكثر المشاكل العالقة بين الاطراف السياسية العراقية كمسألة توزيع السلطة والثروات وغيرها من المشاكل الاخري ، فان المصالحة الوطنية تصبح ضربا من الوهم ، ولان الدولة تعاني الكثير من الضعف بسبب سيطرة المحتل علي مقدرات ومقررات العملية السياسية الجارية من خلال التلاعب بأمكانية ممارسة عملية الهضم والاستيعاب جميع الاشكال المجتمعية وضمن وجود حقيقي لتكوين دولة غير ضعيفة وعاجزة عن السيطرة علي ذاتها امنيا وسسياسيا واجتماعيا وثقافيا وضمن ارادة لاتتصف بالشمول والسيطرة النهائية ، هذه المصالحة تغدو شعارية يرعاها المحتل بالدرجة الاولي ولا تنبثق من اللحمة الاجتماعية كأعتراف حقيقي بالتعدد القيمي والثقافي بلا تحقيق ما يسمي بالفوضي الخلاقة اي تصارع المختلف بشكل عنفي يؤدي الي الاعتراف النهائي في ما بعد من خلال وجود التشظي المجتمعي ضمن آليات الحرب الاجتماعية المدمرة بين الاطياف المختلفة في ما بينها .
ان المصالحة الوطنية بشكلها الحقيقي يتضمن المباشرة في بناء الديمقراطية في العراق ليس بما يخدم الاخرين ضمن جاهزية ثابتة من القيم والافكار يراد لها التأسيس علي حساب المجتمع وتطوره من حيث البناء والتنمية ، ولكن بما يخدم العراق وطبيعة تكوينه المستقبلي بلا نوازع تؤدي الي الاقصاء وخلق الكثير من الجروح والندوب التي لايمكن تجاوزها بسبب الاحتراب الداخلي الذي يعيشه الان بكافة اشكاله المادية والمعنوية ، هذه المصالحة لاتتم مع الذين يستخدمون العنف اتجاه المجتمع من خلال توجيه الكثير من الاتهامات التي تجعل هذا الطرف او ذاك في خانة النبذ ، وذلك الاخير يجري سوقه وتحميلة علي قطاعات كبيرة من المجتمع من خلال اتهامات ليس لها مجال للموضوعية والحقيقة شئ يذكر وهنا يصبح ذلك المجتمع عرضة للارهاب والعنف من قبل هذه القوي التي كان لديها الكثيرمن السلطة و الحظوة والامكانيات المادية المتاحة في زمن الدكتاتورية البغيضة ، تحاول جر العراق الي اوضاع غير منتهية من الفوضي وعدم الاستقرار ، ولان الدولة الوليدة غير مكتملة من حيث السيادة والسيطرة علي مجمل قراراتها الداخلية فأن موضوعة المصالحة الوطنية سوف تلاقي الرفض من قبل هذه القوي التي تتبع العنف كجوهر اصيل ضمن برامجها المستقبيلة في العراق من اجل نيل الكثير من المكتسبات علي حساب المجتمع واستقراره ، لذلك يتطلب التمييز بشكل حقيقي بين من يقع في خانة المعارضة من اجل الهدم فحسب وبين من يقع في خانة المعارضة في سبيل التغيير والبناء ولو تطلب الامر التعارض مع سياسة الدولة التي تتسم في كثير من الاحيان بقدرتها علي الاحتكار والسيطرة وذلك بسبب سيادة الذات الاحتكارية وهذه الاخيرة تعد موروثا طبيعيا لذات الاستبداد في العراق وذلك نلاحظة في كثير من الاحزاب التي توجد ضمن برامجها مفاهيم الحرية والديمقراطية ليس لاجل رقي المجتمع وتطوره بل لاجل نيل وحصول اكبر قدر ممكن من الحقوق والامكانات المادية المتاحة .
ان المصالحة الوطنية تتم من خلال الانتصار لقيمة الوطن المتضمن بداخله قيمة المواطنة بلا اية امكانات معينة للاقصاء ، لا ن ذلك لاخير سبب للتبادل المطلق للعنف وسبب مباشر في جعل الصراع غير متسم بالتنافس الشرعي علي السلطة من خلال لغة الحوار والديمقراطية ، فالمصالحة بحاجة الي تماثل الانسان مع مقدرات ذاته من حيث الكرامة والشعور بامتلاك الزمن وذلك الاخير غير مسيطر عليه من قبل الذات لانها اكثر عجزا عن اللحاق بالازمنة الاخري المغيبة عنها لدي المجتمعات التي استطاعت ان تنجز الكثير من التطور والاستقرار في عالمها الداخلي ، لذلك يتطلب الامرالوصول الي زمننا الخاص ، الذي يكمن في القدرة علي البناء وتشكيل الارادات البشرية غير العاجزة او تلك المصابة ما اسميه ب " داء الانتظار " اي انتظار الاخرين ان يساهموا في تطورنا ورقينا او الانتظار العجزي الذي تتسم به الذات العربية الاسلامية من حيث انتظارها لذوات مخلصة ومنقذه خارج وجودها البشري ، كل ذلك بحاجة الي تــأسيس مشروع مستقبلي يشمل المنطقة برمتها " والعراق جزءا حيوي منها " بلا اية امكانية للتبعية او شمول الذات مع الانساق الاخري التي تتدعي نهاية المعرفة والتاريخ والايديولوجيا من خلال لغة التصالح مع الاطراف المختلفة فيما بينها، لان هنالك عقدا اجتماعيا بحاجة الي تفعيله ، ذلك العقد يلزمها ان تتعايش وتؤسس الخيار الافضل للمجتمع بعيدا عن لغة الهدم بلا اية فاعلية معينة لطرح البدائل والممكنات ،ذلك يتم من خلال تجاوز الذات التي تحتكر حقوق الاخرين بواسطة الكثير من والمسوغات ، والتي يظنها في كثير من الاحيان الافراد انفسهم بسبب غياب الادراك المباشر لمصالحها ، من خلال ضمان مشاركة اكبر قدر ممكن من الافراد في اتخاذ القرارات المتعلقة بكافة الاشكال المجتمعية والمؤسساتية ، ومن خلال تأسيس عاملي البناء والاستقرار المرافقين بشكل كبير لمفاهيم حرية الانسان سلوكا واختيارا بشريين .




#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو رسم خارطة جديدة للمواجهة مع القوى الكبرى
- العلمانية المنفتحة - خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية ...
- جاهزية الخطاب الفضائي محاولة لبناء مجتمع عراقي تواصلي
- الحداثة المسلّحة بأشكالها الثلاث
- العنف المنزلي .. سلطة ذكورية أم خضوع نسائي
- صورة أميركا في العراق
- الرأي العام وآيديولوجيا الدولة
- في التربية والعولمة - نحو تربية حداثية جديدة
- الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
- أسس الانتماء الى الثقافة والمثقف
- الحريات السياسية ضمن جدلية البناء والتغيير
- الارهاب والطائفية في العراق - نحو إعادة تشكيل الواقع السياسي ...
- المعرفة وأدوات البناء في المؤسسة التربوية العراقية
- أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب
- الاعلام العربي .. الى اين
- مشروع الدولة في العراق بين الطائفة والعرق
- الفلسفة والدولة
- تخلف السياسي - تبعية الثقافي
- ماذا تريد الدولة من المجتمع؟
- وظيفة الرئيس .. نظرة مستقبلية


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا - وليد المسعودي - المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة