أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى حقي - ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الهجرة















المزيد.....

ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الهجرة


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1764 - 2006 / 12 / 14 - 11:01
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


من كتاب 23 عاماً في الممارسة النبوية المحمدية، الكاتب علي الدشتي ترجمة : ثائر ديب، إصدار رابطة العقلانيين العرب ( لمحة عن الكاتب وأعماله في مطلع مقالنا معجزة القرآن – الحوار المتمدن تاريخ 10/12/2006)
يثيرُ التاريخ المشاعر على الدوام، غير أننا نجد في هذه الصفحة أو تلك من صفحاته أياماً تتثبت في عقولنا كنقاط انطلاق لحوادثَ أو تحولات عظيمة . ومن هذه الأيام يوم الثاني عشر من الشهر الثالث (ربيع الأول) الموافق 24أيلول- سبتمبر 662 في التقويم الغريغوري المسيحي, وهو اليوم الذي وصل فيه النبي محمد إلى المدينة التي كانت تـُعرف آنذاك بيثرب. والسبب الأساسي في اعتبار المسلمين الأوائل هجرة النبي بداية تقويمٍ بحاله هو الحميّة البسيطة . فالعرب القدماء لم يكن لديهم أي تقويم في واقع الأمر، على الرغم من أنّ بعضهم راحوا يحسبون التواريخ من وقت هزيمة جيش الحبشة الذي تهدد مكّة في عام الفيل ... والسبب الآخر في مطابقة التقويم الجديد مع الهجرة هو أن ذلك قد مكـّن الأفراد من التباهي ببكور وشجاعة تمسكهم بقضية النبي ، كما مكّن أبناء الأوس والخزرج من التأكيد على أهمية ما وفّره للنبي من الحماية .. والحقيقة أنّ اليوم الذي كانت تُحْسَب منه بداية التقويم لم يكن اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، بل اليوم الأول من الشهر الأول ، أي شهر محرّم ، من السنة ذاتها ، والموافق 16تموز يونيو 622 في التقويم الغريغوري .
ومن المؤكد أنه لم يخطر للعرب اللذين كانوا يعيشون في تلك السنة أنّ الثاني عشر من ربيع الأول هو الحلقة الأولى في سلسلة من الأحداث المُقدّر لها أن تـُحْدِث تغييراً غير مسبوق في طريقة حياتهم . فما من أحد في ذلك العالم كان يحلم بأن مجموعةً من سكان الصحراء ، الذين لم يلعبوا أي دور مهم في تاريخ الحضارة والذين كانت أكثر قبائلهم تقدما قد أسلمت قيادها إلى الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية وراحت تفاخر بتبعيتها لقيصر وكسرى ، سرعان ما سيغدون أسياداً على جزء هائل من أراضي الحضارة القديمة .
والهجرة من منطقة إلى أخرى لم تكن بالغريبة على العرب. والمثال البارز على ذلك هو هجرة القبائل العربية الجنوبية إلى الأطراف الشمالية من شبه الجزيرة بعد انهيار سدّ مأرب في اليمن. وبالمقارنة مع هذه الهجرة، فإنّ انتقال محمد وصحبه من مكّة إلى يثرب كان أمراً بسيطاً لم يشمل سوى عدد قليل من البشر ؛ بضعة مهاجرين فرّوا من اضطهاد مشركي قريش . .. بيد أن هذا الأمر البسيط أفضى خلال عَقـْدٍ من السنين إلى انقلاب كامل. فبعد عشر سنين سيكون بضعة المهاجرين الذين تركوا مكّة من أجل محمّد ، لاجئين سرّاً أو مرتحلين علانيةً إلى هناك ، سادة مكّة الذين سيركع أمامهم جميع الخصوم . وسوف تـُهَدّم الأصنام ، وتـُجْتَث عبادة الكعبة التقليدية ، التي كان يديرها القرشيون وتشكل مصدر ثروة أشرافهم وهيبتهم ، وسوف يستسلم أبو سفيان، خليفة أبي لهب وأبي جهل، خوفاً على حياته، ويشهد كل المعاندين بأن لاإله إلا الله .....
ونشوء الحدث العظيم من سلسلة الحوادث الصغيرة ليس بالأمر غير المألوف في التاريخ . ومن الأمثلة المهمة على ذلك كلّ من الثورة الفرنسية والثورة الروسية ، والغزو المغولي لبلاد فارس .
لقد اصطدم محمد مع أشراف قريش منذ أن بدا دعوته. ولعله لم يتوقع في البداية أن تواجه هذه الدعوة مثل هذه المعارضة العنيدة, نظراً لكونها دعوة عقلانية اساساً ومشابهة للديانتين الساميتين الأخريين؛ لعله أغفل الأمر المهم وهو أنّ القبول الواسع الذي يمكن أن تحظى به دعوته سوف يقوّض بالضرورة سيادة قريش وسلطة أشرافها وثروتهم. وعلى أيّة حال ، فقد كان عداؤهم حقيقة واقعة، مما اضطره لأن يُشْرِع بالتفكير بالطرائق والوسائل الكفيلة بالتغلب عليها. ومن أجل هذه الغاية كان قد قام بخطوتين اثنتين قبل مغادرته يثرب .
تمثـّلَت الخطوة الأولى بإرسال عدد من المسلمين إلى الحبشة على دفعتين متتاليتين. ومن الواضح أن هؤلاء المسلمين , الفقراء والذين تعوزهم الحماية ، كانوا قد عانوا اضطهاد القرشيين وتلقوا نصيحة النبي بأن يمضوا إلى الحبشة؛ غير أن بمقدورنا أن نستدل من هويات من مضوا إلى هناك في الدفعة الثانية ، وهي الدفعة الأكثر عدداً ، وكانت تضم ابن عمه جعفر بن أبي طالب ، ومن التعليمات التي أُعطِيَتْ لهم ، أنّ
مآرب سياسية كانت في أساس هذه الحركة . فلا بد أن الأمل بدعم النجاشي قد خطر في عقل محمد الثاقب واسع الحيلة . فالنجاشي، الحاكم النصراني، من الطبيعي أن يكون مناوئاً للوثنية ، وإذا ما بلغه خبر خروج طائفة من الموحدين في مكة على الشرك وما لحق بهم من اضطهاد، قد يكون مستعداً لأن يرسل قوّة إلى مكة تحمي هؤلاء. وهذا ما يفسر إرسال جعفر بن أبي طالب ، الذي لم يكن قد عانى الاضطهاد شخصياً نظراً لكونه من عائلة محترمة لها شأنها . ولقد أرسل القرشيون في الوقت ذاته كلاً من عمرو بن العاص وعبدالله بن ابي ربيعة محمّلين بالهدايا إلى النجاشي ، على أمل إقناعه بالإحجام عن أي تدخل قد يقترحه عليه المهاجرون المسلمون بل وتسلّم هؤلاء إذا ماأمكن ذلك ...
أما الخطوة الثانية فتمثـّلت. بسفر محمد إلى الطائف في العام 620 للميلاد. فحين هلك أبو طالب عمه وحاميه ثم هلكت زوجته، أوقعت به قريش من الأذى الصريح ما لم تكن توقعه به من قبل . فخرج إلى الطائف أملاً النصرة من بني ثقيف، الذين يمتـّون إليه بالقرابة من طرف أمّه، ففي الطائف ، مركز هذه القبيلة، كان بنو ثقيف يحظون باحترام رفيع. وكان أهل الطائف جميعاً ينظرون بعين الحسد إلى مكانة مكّة المتميزة وإلى هيبة قريش بين الأعراب؛ إذ كانوا يودّون بالطبع أن يجعلوا من مدينتهم ملتقى العرب وأن يلقوا عن كاهلهم نير الخضوع للهيمنة القرشية . ولم يكن تفكير محمد هذا التفكير القائم على الرغبات والأماني بل على الوقائع المثبتة، فهو يذكر زيارة قام بها بعض أشراف ثقيف وقالوا إن أهل الطائف قد يُسْلمون إذا ما جُعِلَت الطائف حرم الدين ومدينته المقدسة . وكان بنو عامر ، ذوو النفوذ في الطائف أيضاً ، قد اقترحوا عليه الأمر ذاته من قبل، مطالبين بأن يكون لهم الأمر كأرفع العرب بدلاً من قريش إذا ما بايعوه على أمره وأظهره الله على من خالفه. من الواضح أنّ غرض النبي من سفرته إلى الطائف كان استكشاف الوضع. فإذا ما نصره بنو ثقيف ، يمكن أن تذلّ قريش. وهذا هو السبب في أن سفره إلى الطائف كان خفية بلا رفيق سوى عبده المُعْتَق وابنه بالتبنّي زيد بن حارثة . بَيد أن آماله قد خابت، لأن أشراف ثقيف أحجموا عن نصرته . فالأعراب لم يُظْهروا أبداً شديد اهتمام بالمسائل الروحية . وهم لايزالون إلى اليوم ، بعد ما يقارب أربعة عشر قرناً على الإسلام ، يميلون إلى النظر إلى الدين كوسيلة للكسب الدنيوي. وقد كان بنو ثقيف أشدّ عنايةً برزقهم من أن يفكّروا بإهمال المصالح المادية المباشرة لقاء خلاص موعود في غدٍ . فالطائف ملجأ مكة في الصيف، وكان أهلها يكسبون من الزوار المكيين ويقيمون معهم صلات عمل. والقرشيون كانوا يظهرون مناوئتهم لمحمد ولابد أن يخاصموا كل من ينصره. ولذلك لم يكن من الحكمة رفع وعوده غير الأكيدة إلى مصاف أعلى من مقتضيات أمن الطائف وازدهارها العمليين. وبحساب الربح والخسارة على هذا النحو، لم يكتف أشراف الطائف بالامتناع عن نصرة محمد بل أظهروا حقدهم عليه أيضاً. فاهانوه ، وسبّوه ، بل ورفضوا طلبه الأخير إليهم أن يحجموا عن إفشاء أمر سفره المخفق كي لا يشجعوا القرشيين عليه . والنتيجة أن المعارضة المكية غدت أشدّ فوْعةً بعد عودته. وفي النهاية اجتمع عدد من المشركين البارزين في دار الندوة ليتشاوروا في الطرائق والوسائل الكفيلة بوضع حدّ لنشاط محمد . الذي كان يتهدد مكانتهم وثروتهم . ومن بين الخيارات الثلاثة المطروحة ، الحبس والنفي والقتل ، قرّ قرارهم على الخيار الأخير .
وسوى الطائف ، كان ثمة مدينة أخرى في الحجاز تنازع مكة المكانة الاقتصادية والاجتماعية. تلك المدينة هي يثرب, التي تُعرف أيضاً بالمدينة( وهي كلمة آرامية ، ربما أدخلها يهود المنطقة). ولاشك أن مكة بكعبتها التي تحتوي أعزّ أصنام العرب، كانت القبلة التي تقصدها قبائل العرب جميعاً ، وكان من الطبيعي أن يدّعي القرشيون ، بوصفهم القيّمين على الكعبة والملبّين لحاجات الزوّار, أنهم القبيلة العربية الأعز والأرفع ، لكن يثرب، الواحة ذات الزراعة المزدهرة ، مما كانت تفتقر إليه مكة كل الافتقار، وذات التجارة الواسعة، فضلاً عن قدْرٍ معْتَبَرٍ نسبياً من التعليم بين أهليها نظراً لوجود ثلاث من القبائل اليهودية، كانت قد حازت مستوى ثقافياً واجتماعيا أعلى. ومع ذلك كانت يثرب تـُعَدّ الثانية بين مدن الحجاز بعد مكّة .
كان العنصر الثاني بين سكّان يثرب مؤلفاً من اثنتين من القبائل العربية المتنازعة ، الأوس والخزرج ، وكان كل منهما قد أقامت صلات ودّ مع واحدة أو اثنتين من القبائل اليهودية. الأوس والخزرج قحطانيتان ، أي من أصل يمني، مما كان يشكل مصدراً آخر من مصادر التنافس مع قريش، التي هي عدنانية ، أي عربية شمالية.
ونظراً للكسل وعدم الخبرة في الزراعة والتجارة فإن الأوس والخزرج كانوا أقل ازدهاراً من جيرانهم اليهود ، وغالباً ماكانوا يعملون لديهم . ولذلك فقد أساءهم التفوق الاقتصادي لدى اليهود عموماً، وكانوا يرون فيهم أسياداً لهم ، على الرغم من تحالفهم مع هذه القبيلة اليهودية أو تلك .... ولما انتشرت في أرجاء الحجاز أنباء محمّد ودعوته إلى الإسلام ومعارضة القرشيين في مكّة وما نجم عن ذلك من التوتر ، سُمِعَ كل ذلك في المدينة باهتمام. وكان للروايات التي عاد بها المسافرون من يثرب والحوارات التي عقدها بعضهم مع محمد أن تدفع عدداً من أشراف الأوس والخزرج إلى التفكير بالاصطياد في الماء العكر. فإذا ما أمكن جلب محمّد وصحبه إلى المدينة وتمّت إقامة حلف معه ، يمكن أن تـُذلل مصاعب كثيرة . ذلك أن جدار التضامن القرشي يكون قد خـُرق، لأن محمدا وصحبه ليسوا سوى قرشيين في النهاية . كما أن التحالف المشترك مع محمد وصحبه يمكن أن يساعد الأوس والخزرج على الخروج من النزاع الذي طال أمد نزوله بهم . ثمّ إن محمداً جاء بدين جديد. وإذا ما ثبت هذا الدين ، فلن يعود بمقدور اليهود أن يدّعوا التفوق لامتلاكهم كتباً مقدّسة وكونهم شعب الله المختار. وبذلك يمكن للتعاون مع محمد وصحبه أن يشدّ أزر الأوس والخزرج إزاء القبائل اليهودية الثلاث في المدينة .
ولما كان موسم الحج لعام 620 ، لقي محمداً ستةٌ من رجال يثرب وأحسنوا الاستماع لما كان يقوله. حتى إذا كان العام المقبل 621وافى موسم الحج اثنا عشر رجلاً ، فلقوا محمداً بالعقبة على أطراف مكة ووجد هؤلاء دعوة محمد مفيدة ومطالبة هينة: ألاّ يزنوا ، ولا يرابوا، ولا يأتوا ببهتان يفترونه من بين أيديهم وأرجلهم ، ولا يشركوا بالله شيئاً شأنهم شأن أهل الكتاب . وهكذا بايع هؤلاء محمداً ، وما إن عادوا إلى يثرب حتى أبلغوا قومهم بأنهم قد غدو مسلمين عقدوا البيعة لمحمد . ولقد لاقى فعلهم واقتراحهم ذلك الاستحسان الواسع، حتى إنّ السنة التالية 622 شهدت وفداً كبيراً مؤلفاً من ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين جاء للقاء محمد في المكان ذاته فكانت بيعة العقبة الثانية .
وفكرة الهجرة لم تكن بالفكرة الغريبة على عقل محمد . فقد ذُكِرَت في الآية10 من سورة الزمر ، في إشارة واضحة إلى المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة:
0 قـُل ياعبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةً وأرضُ الله واسعة 0
ولابد أن بيعة العقبة قد لاءمت آمال محمد الخفية . فرسالته التي مضى عليها في مكّة ثلاثة عشر عاما لم تحقق أي نجاح باهر . بل إن بعض من أسلموا ارتدّوا نادمين إذ ملّوا ، على عادة الأعراب في تقلّبهم ، وأنكروا الإسلام حين رأوا أنّ قضية محمد تراوح في مكانها، خاصة حين وجدوا أنّ إسلامهم يعرضهم للاضطهاد والإذلال. ولقد حثّهم على ذلك أغنياء المشركين ورؤساؤهم. كما أن محاولة النبي التقرّب من بني ثقيف لم تنته إلى إخفاق وحسب بل دفعت قريش إلى الإسراف في عدائهم له . ومع أنّ عشيرته , بني هاشم ، ظلّوا على حمايتهم له , إلا إن هذه الحماية كانت مقتصرة على الأذى الشخصي ولم يكن منتظراً منهم أن ينضموا إليه في صراعه مع قريش . ..,.
هكذا بدأ التحالف مع الأوس والخزرج على أنه يمكن أن يبدّل الصورة. فبمؤازرتهم قد يمكن لمحمد أن يتحدى قريش. ففي حين لم يضْرِب الإسلام بحذرٍ مكين في مكة ، إلا أنه قد يضرب بمثل هذا الجذر في يثرب ، على الأقل بسبب الحسد والغيرة لدى الأوس والخزرج حيال قريش.
أما الاعتبار الآخر فكان احتمال أن يجد المسلمون المهاجرون عملاً في يثرب، بتجارتها وزراعتها المزدهرتين .
ويروى أنّ العباس بن عبد المطلب، وكان يومئذ على دين قومه لكنه كان يحمي ابن عمه، قد حضر التفاوض بين النبي وأشراف الأوس والخزرج في العقبة وأنّه قد تكلّم مستوثقاً للنبي وملحاً على الطرف الآخر أن يصدق النيّة. فقال لأهل يثرب بتعجّلٍ إنّ قريش قد تهاجمهم ومحمداً ،وأنّ عليهم لهذا السبب أن يبايعوا محمداً وأن يمنعوه مما يمنعون نساءهم وابناءهم وألاّ يخدعوه على الأقل بوعود فارغة . ولقد ردّ على ذلك بحماس أحد الخزرج، هو البراء بن معْرور، فقال إنهم أبناء الحروب وأهل الحلْقة
( الدروع) ورثوها كابراً عن كابر وإنهم سيمنعون النبي مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم . فاعترض القول، والبراء يكلّم النبي ، أوسيّ مجرّب متبصّر بعواقب الأمور، هو أبو الهيثم بن التّيهان ، فقال لمحمد : إن بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا قاطعوها- يعني اليهود- فهل عَسَيْتَ إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتَدعنا؟ . وبحسب ابن هشام في السيرة ، فإن النبي تبسّم، ثم قال بل الدم الدم ، والهـَدْم الهـَدْم, أنا منكم وأنتم منّي ، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم .
والحال أن تكرار كلمتي – الدم- و-الهدم- ليذكّر بقوله الثوري الفرنسي المشهور جان بول مارا : أريد الدم . ومما يجدر ذكره أيضا عبارة أخرى قيل إنّ النبي قد نطق بها في ردّه على أبي الهيثم : حرب الأحمر والأسود من الناس. ولعلّ ذلك يعني الحرب على الجميع عرباً وعجماً .
لابد أنّ هذه الكلمات قد عبّرت عن مشاعر النبي ، أو بعبارة أخرى عن رغباته الدفينة . فنبرة الردّ على أبي الهيثم تدلّ على أنّ هذا الردّ هو صيحة من القلب محتجبة لدى محمد كما يظهر للناس، وإفصاح عن رجاءٍ هَجَعَ طويلاً، فنصرة الأوس والخزرج سَتـُشْرِعُ الباب على مستقبل زاهر؛ فهي ستمكّن محمداً من أن يصرّ على نشر الإسلام، وأن يحمل على معاندي قريش، وأن يُظْهِرَ ذاته الخفية . فمن خادرةِ محمد الذي ظلّ يدعو طوال ثلاثة عشر عاماً دون أن يحقّق سوى نتائج زهيدة، يمكن أن يبرز الآن محمد الذي ستخضع له الجزيرة العربية برمّتها .



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية-بشرية محمّد
- الشاعر الإنسان عايد سراج غيفارا يبحث عن صديق ...؟
- معجزة القرآن .. ومواهب الرسول الفكرية واللغوية وقوته على الإ ...
- نصف عقد في حوار حضاري متمدن ...
- مهرجان الرقة المسرحي الثاني وانحسار النص المحلي..؟
- حتمية انتصار الثقافة مطلب حضاري ..سيادة الوزير
- .. الضحايا يغتصبون الضحايا..؟
- حدث غير واقعي ، ومع ذلك تعاملت معه المدينة بمنتهى الواقعية . ...
- رسالة إلى نبيل عبدالكريم ...؟
- ..العلمانية مابين الأممية والقومية ...؟
- لو كان الحجاب رجلاً لحجّبته ...؟
- صفعة المرأة في اسياد المال حطّمت باب الحارة ...؟
- لقد أخرسنا الغرب فعلاً....؟
- ..لما كان القضاء بخير سننتصر حتماً.... ودقي يامزيكا ...؟
- وأخيراً .. هل تساؤلات خوسيه أثنار تزيد الطين بلّه...؟
- العلمانية .... والمرأة ...؟
- ثلاثة نساء متميزات هذا الأسبوع
- مفهوم المقاومة مابين الحداثة ومابعد الحداثة ...؟
- مفهوم المقاومة مابين الحداثة ومابعد الحداثة ..؟
- .. الإسلام السياسي .. والشارع العربي الثائر .. والبابا ..؟


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى حقي - ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الهجرة