عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7991 - 2024 / 5 / 28 - 23:34
المحور:
القضية الفلسطينية
قبل سنوات سقط طفل مغربي يدعى ريان في حفرة بئر عميقة جافة مياهها، وظل حيا في قعرها لأيام، فانشغلت محطات التلفزيون المحلية والعربية والعالمية ووكالات الأنباء لحظة بلحظة في متابعة محنته ومحنة عائلته، والجهود الرسمية والشعبية المحلية والأجنبية لأنقاذه.
ورغم فشل تلك الجهود ووفاة الطفل ريان شعرنا حينها بأن الدنيا بألف خير وأن حياة الأطفال تحظى بالأهتمام الأنساني الذي تستحقه. ونمنا رغدا على ذلك الوهم حتى بدأت أمريكا وصهاينتها الذين يحتلون فلسطين هولوكوست غزة، فصار قتل الأطفال وأحراقهم أحياءاً، مجرد جانب طبيعي من مضاعفات العمليات العسكرية التي يتعين علينا ليس فقط تفهمها وقبولها، بل يطلب منا كذلك ان ندافع عن "حق" الصهاينة الأمريكان والأوربيين في ارتكابها، باعتبارها "دفاع شرعي عن النفس" حتى وأن تجاوز عدد ضحاياها من الأطفال الخمسة عشر ألفاً.
وباستثناء شبيبة عدد من الجامعات الأمريكية والأوربية الذين اجترحوا وبعض أساتذتهم مآثر مواصلة الأحتجاج على جزارة الأطفال في فلسطين, ما يزال الشطر الأكبر من الرأي العام الأمريكي والأوربي أما مؤيداً للهولوكوست الذي يرتكبه الصهاينة، أو غير آبه به، وبمصير الأطفال القتلى، والمشردين جياعا عطاشا، محرومون من أبسط أشكال الرعاية الصحية، بما فيها وسائل التخدير عند بتر أطرافهم التي أصابها القصف الصهيوني، ناهيك عن من فقدوا الأم أو الأب أو كليهما، وصار عليه وهو طفل أن يعتني بشقيق أو شقيقة أصغر منه،وبعض منهم لم يتجاوز مرحلة الرضاعة.
كل هذا جعلنا نتيقن بأن مظاهر الأنسانية التي كنا ننخدع بها في حوادث مثل حادثة الطفل ريان، لم تكن سوى قشورا مظهرية لم تتغلغل بعد في النفوس البشرية، خاصة في المجتمعات التي أوهمتنا بأن إنسانيتها تفيض عن حدود البشر لتشمل سائر الكائنات بما فيها الحيوان الأليف وحتى المفترس والنبات والمناخ.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟