محمد بن زكري
الحوار المتمدن-العدد: 7955 - 2024 / 4 / 22 - 23:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الضابط العسكري (أميركي الجنسية ، فاقد الجنسية الليبية بقوة القانون) ، قائد ما يسمى بالقوات المسلحة العربية / الليبية ، برتبة ماريشال ! المدعو خليفة حفتر ؛ لا يكتفي بالتمرد وفصل شرق وجنوب ليبيا عن باقي الوطن (بمساعدة مرتزقة فاغنر ، وبدعم تام من دولة مصر السيساوية ودويلة الخمارات العربية المتحدة) وتنصيب نفسه حاكما مطلقا لدولة برقة غير المعلنة ، ولا يكتفي بتهريب النفط ، ولا برهن مصير ليبيا للمخابرات المصرية (بالتواطؤ مع برلمان عقيلة صالح) ؛ بل إنه قد تجاوز ذلك مُضيّاً - بواسطة محافظ البنك المركزي الموازي السابق - في التآمر ضد ليبيا ، إلى طباعة أوراق نقدية من فئة 50 دينار في روسيا [بالمخالفة للتشريعات الليبية النافذة ذات الصلة] ، لغرض تمويل حربه على طرابلس . ثم إنه لا يكتفي بعملية تزييف العملة الليبية في روسيا ، فيكرر تزييفها في طبعتين مجهولتيّ المصدر والكمية ، ويُغرق بهما السوق ذهابا إلى إفراغ الخزانة العامة من العملة الأجنبية (الدولار) .
فدولة حفتر البرقاوية (أو دولة برقة الحفترية) ، طبعت مليارات الدنانير في روسيا ، ثم في (جهة) مجهولة وبكمية مجهولة ، [بالمخالفة لقانون المصارف والتشريعات النافذة بالخصوص] ، لغرض تغطية نفقات الحرب - البرقاوية المدعومة مصريّاً وإماراتيّاً - على طرابلس ، وللإنفاق (الموازي) بالدولار والدينار ، بُغيةَ ترسيخ دكتاتورية حكم العائلة ، واستعدادا لشن حرب جديدة ، من أجل بسط السيطرة على كامل الجغرافيا الليبية ، باحتلال الغرب الليبي ؛ وكان السيسي - 20 يونيو 2020 - كحليف لحفتر ، قد رسم خطا أحمر (سرت – الجفرة) ، داخل إقليم الدولة الليبية ، بدعوى حماية الأمن القومي المصري من خطر الغزو الطرابلسي (!) ، بينما هو اليوم - في حرب إسرائيل على غزة - يصمت صمت الأموات عن الخطر الإسرائيلي المحدق بالأمن القومي المصري !
والنتيجة التي لا تخفى على أيّ متابع ، من العواقب الكارثية لمسلسل تخفيض قيمة العملة الوطنية أمام الدولار ، كما سيأتي بيانه ؛ هي إفقار الشعب ، وتدمير الاقتصاد الوطني ، وتفكيك الدولة الليبية ..
فأولا : دفع الشعب الليبي الثمن .. باهظا باهظا باهظا ، من جيوب المفقَرين ومِن مدخرات الطبقة الوسطي ومن شقاء عمر الليبيين ومن قوت أولادهم ، تخفيضا لقيمة العملة الوطنية الليبية أمام الدولار ، وذلك لثلاث مرات : أولاها بموجب قرار حكومة السراج ، بفرض رسم ضريبي على مبيعات النقد الأجنبي ، بنسبة 183% , والمرة الثانية بموجب قرار بنك ليبيا المركزي (يوم الأربعاء الأسود 16 ديسمبر 2020) ، بتوحيد سعر صرف العملة الليبية ، عند 4,48 دينا ليبي مقابل 1 دولار . والمرة الثالثة بموجب قرار صاحب برلمان طبرق عقيلة صالح (بالتآمر مع المحافظ الصديق الكبير) بفرض ضريبة 17% على سعر الصرف الرسمي ؛ لإطفاء الدين العام الناتج عن الانفاق الموازي ، لحكومة برقة التابعة لحفتر . وبذلك لا يكتفي حفتر - و باقي حكام ليبيا الجدد ، بكل ما سبق من تآمرهم على حاضر ليبيا ومستقبل أجيالها - فيطبع مليارات (لا أحد غيره وغير مخابرات مصر السيساوية يعلم كميتها) من العملة المزورة ، ويغرق بها السوق ، وتتمكن مخابرات السيسي من إفراغ الجهاز المصرفي الليبي من عرض عُملتيّ الدولار واليورو ، لإنعاش الاقتصاد المصري المنهار ، وللإنفاق البرقاوي الموازي ؛ بدليل إعلان حكومة برقة الحفترية عدم اعترافها بإيقاف التعامل بفئة 50 دينار (المزورة) !
والغرض ، كما سلف بيانه ، هو إطفاء الدين العام الذي رتبه حفتر (بواسطة حكومة دولة برقة) ، على الخزانة العامة الليبية ، لتغطية نفقات حرب العدوان (الحفترية البرقاوية – المصرية / بدعم روسي وإماراتي ، وبالتحالف مع فلول نظام القذافي) على العاصمة طرابلس ، لمدة 14 شهرا متواصلة (من 4 أبريل 2019 إلى 6 يونيو 2020) ، وذلك هو ما أطلق عليه البنك المركزي - بنك الصديق الكبير - المصطلح المخادع المراوغ : [الإنفاق الموازي ’’ مجهول المصدر ‘‘ !!!]
وثانيا : الخاسر الأكبر الأول ، في العمليات - التآمرية - لتخفيض سعر صرف العملة الوطنية (الدينار الليبي) ، هو الاقتصاد الوطني الليبي ، الذي بات يعاني من الركود التضخمي المزمن ، وقد انهار تماما فلم يعد قادرا حتى على تغطية رواتب موظفي الدولة ، ولا قادرا على توفير السيولة النقدية في البنوك ، حتى إنه لولا الدخل من بيع النفط لكانت ليبيا قد أعلنت إفلاسها . أما الخاسر الأكبر الثاني ، فهو الدولة الليبية ، التي تفككت فعليا إلى دولتين ، وفقدت وحدة إقليمها الجيوسياسي ، وفقدت سيادتها فغدت دولة فاشلة ، وفقدت هيبتها بين الدول ، وصارت غنيمة حرب ، تتقاسمها : عائلة حفتر في الشرق والجنوب ، وأمراء الميليشيات في الغرب ، وكبار التجار (الكومبرادور) ولصوص المال العام في عموم البلاد .
ثالثا : يقول بنك الصدّيق الكبير (ما يسمى : المصرف المركزي الليبي) ، أنه قد اكتشف طبعتين اثنتين لعملة مزورة من فئة 50 دينارا (فضلا عن عملة المحافظ الموازي علي حبري البرقاوية المزورة) ، وأن المصرف المركزي الليبي (بنك المحافظ الصدّيق الكبير) لا يعلم مصدر تلك العملة المزورة ولا كميتها ! والمصرف المركزي لا شك يعلم أنه لا يمكن لشخص أو لعصابة ، تزييف العملة بمثل تلك الدرجة العالية من الإتقان تطابقا مع العملة الرسمية ، فالتزييف لابد أنه قد تم في مطابع متخصصة لا تملكها إلا الدول . والسؤال هنا : من هي الدولة - المحتملة - التي تآمرت مع حفتر (أو تآمر معها) لطباعة العملة المزيفة ، كي تتمكن حكومة برقة من {الإنفاق الموازي} ويتمكن هو من شراء ملايين - وربما مليارات - الدولارات ، لتمويل مشترياته من السلاح ؟ وإذا استبعدنا روسيا من عملية التزوير ، فليس ثمة غير مصر السيساوية ، من قامت بطباعة العملة الليبية المزيفة ، استنساخا لفئة 50 دينار ، من الإصدار الثاني (إصدار دولة برقة الحفترية) . وبذلك تمكنت باندة حفتر ومخابرات السيسي من السطو على مبالغ غير معروفة الكمية من عائدات بيع النفط الليبي بالدولار ، قد تصل إلى عشرات المليارات .
رابعا : فضيحة العملة المزورة ، تطرح عدة تساؤلات ، منها :
1 : أين كان مصرف ليبيا المركزي ، طيلة عدة أشهر - وربما عدة سنوات - قبل أن يكتشف العملة المزورة (التي لا يَعرف مصدرها ولا كميتها) ؟!
2 : أين هو مكتب النائب العام ، من فتح تحقيق (محلي ودولي) في واقعة تزوير العملة الليبية ، والتآمر الإجرامي لاغتيال الاقتصاد الوطني الليبي وتدمير الدولة الليبية ؟!
3 : لماذا لا يعلن البنك المركزي الليبي (رسميا) عن إلغاء فئة 50 دينار البرقاوية المزورة في روسيا ، أو على الأقل الإعلان المشدد - محليا و دوليا - عن عدم الاعتراف (رسميا) بالطبعتين الإضافيتين منها ؟!
4 : لماذا لم ينص إعلان البنك المركزي بشأن سحب فئة 50 دينار من التداول ، على ألّا تتجاوز مدة الإيداع أسبوعين اثنين ، قابلين للتمديد أسبوعا واحدا فقط ؟ ولماذا لم يحدد السقف الأعلى للإيداع بما لا يتجاوز 250 ألف دينار مثلا ؟! ، خاصة وأنها - أصلا - عملة مشبوهة بغسيل الأموال ، وأن من يخزنونها في بيوتهم .. هم أعداء الوطن والشعب ، من طبقة الكومبرادور (مُشْعلي حرائق غلاء الأسعار) وتجار السوق السوداء والمضاربين في الغذاء والدواء والمهربين ولصوص الاعتمادات المستندية الفاسدة ؟!
5 : ما هو مبرر مصرف ليبيا المركزي لإعطائه مهلة أكثر من أربعة أشهر (من 21 أبريل إلى 29 أغسطس 2024) ، لسحب فئة 50 دينار من التداول ؛ إلا أن يكون ذلك تضامنا أو تسامحا مع الجناة : سواء منهم التجار المحتفظين بعشرات المليارات في بيوتهم خارج الوعاء المصرفي ، أم مرتكبي جريمة تزييف العملة . ليتم بذلك استكمال وإحكام مؤامرة استنزاف واغتيال الاقتصاد الوطني الليبي ، تحت إشراف صندوق النكد الدولي (دونما أيّ مبرر) وبرعاية وزارة الخزانة الأميركية ؟!
خامسا : في نهاية المطاف ، ها هم حكام ليبيا الجدد الفاسدون ، مَن فرضوا سلطتهم على الشعب الليبي غصبا عنه وبقوة الأمر الواقع (برلمان عقيلة ، والمؤتمر اللاوطني ، وكل حكومات فبراير) ، قد أصبحوا أصحاب ملايين ؛ بينما الشعب الليبي أصبح فقيرا معدما جائعا مستعبَدا في وطنه ، والدولة الليبية انتهت ولن تقوم لها قائمة ، ومستقبل الاجيال الليبية ضاع إلى الأبد . أما حفتر وأولاده ، زائدا بقية حكام ليبيا الجدد من حاملي الجنسيات الأجنبية ، فسيعودون إلى أوطانهم البديلة التي يحملون جنسياتها وجوازات سفرها (وخاصة أميركا وبريطانيا) ناجين بما نهبوه من أموال الشعب الليبي ، ولن تطالهم يد العدالة والمحاسبة ؛ وإلا فمَن يستطيع أن يحاسب مواطنا أميركيّا محميّا بقوانين وسطوة الولايات المتحدة الأميركية ؟!
سادسا : سؤال بسيط لمصرف ليبيا المركزي و للشعب الليبي المنكوب : مَن طبعوا عملة مزيفة مِن فئة 50 دينارا ؛ هل يصعب عليهم أن يطبعوا مليارات الدنانير المزيفة ، من فئات 20 و 10 و 5 دينار ؟!
وفي بلد (سائب) حلّ في المرتبة 171 - 170 من بين 180 دولة ، متأخرا عن السودان وتشاد وأفغانستان ، على مؤشر مدركات الفساد ، لمنظمة الشفافية الدولية ؛ لا عزاء للمغفلين الراقدين على بطونهم .
و ختاما . هذا خطاب مباشر إلى الجماهير الليبية الرثة : تستحقون كل ما فعلوه وما يفعلونه بكم ، فأنتم من أتيتم بهم إلى السلطة (بغباء القطيع) ، وأنتم من أركبتموهم على ظهوركم بلا برادع .
واستمروا في انبطاحكم المهين ؛ انتظارا ذليلا لرحمة - لن تأتيكم ابدا وبالمطلق - مِمّن أفقروكم ، وجوّعوكم حتى تحولتم إلى شعب من الشحّاذين في بلد النفط والغاز ، ونالوا بفلوسهم الحرام - وُلوغا حتى الثمالة - من شرفكم (وتعرفون ما أقصد) ، وداسوا على كراماتكم الشخصية .. فردا فردا ، وبلا رحمة !
ولقد صدق المتنبي : " مَن يَهُن يَسهلُ الهوانُ عليهِ .. ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ " .
(Abulios Zekri)
#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟