أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن زكري - ... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/2















المزيد.....


... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/2


محمد بن زكري

الحوار المتمدن-العدد: 6667 - 2020 / 9 / 4 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


* افتراس المال العام
كيف ينظر العالم إلى حكام ليبيا الجدد ؟ في الإجابة على هذا السؤال ، معلوم أن حركة انتقال رؤوس الأموال حول العالم - بمختلف أشكالها - تخضع لرقابة و تتبع عديد الهيئات و المنظمات الدولية و أجهزة الاستخبارات و الصحافة الاستقصائية ... ؛ فلاشيء يخفى عن الأعين الراصدة في زمن الثورة الرقمية و المجتمع المعلوماتي . و أجزم أن جميع قادة و ساسة و دبلوماسيي و استخبارات الدول التي انغمست مصلحيّاً - بدرجات متفاوتة - في مستنقع الأزمة الليبية (و خصوصا : مصر ، الإمارات ، قطر ، تركيا ، روسيا ، فرنسا .. و في مقدمة الجميع أميركا) ، و التي تستثمر سياسيا (بدوافع اقتصادية و ستراتيجية بحتة) في الصراع المسلح - بين الفبرائريين - على السلطة و الثروة و النفوذ في ليبيا ، و خصوصا منذ غزوة قسورة (حرب مطار طرابلس الدولي) سنة 2014 ، إلى غزوة الفتح المبين (الحرب على طرابلس) سنتي 2019 – 2020 ، و ما بعدها ؛ يعلمون أدق التفاصيل عن عمليات النهب التجريفية ، التي تعرّض لها الاقتصاد الوطني الليبي ، و عمليات (افتراس) المال العام ، على أيدي حكام ليبيا الجدد و شركائهم " دواعش الاعتمادات المستندية " ، خاصة و أنّ قسما كبيرا من الأموال الليبية المنهوبة قد تم تهريبها ، بشتى الوسائل ، بما فيها عمليات فتح " الاعتمادات المستندية " و الطرق الاحتيالية لغسيل و تحويل الأموال المنهوبة ، إلى بنوك تلك الدول ، و للتوظيف في مشاريع استثمارية خارج ليبيا . و ليس من شك في أنهم جميعا (ساسة و دبلوماسيو و أجهزة استخبارات الدول المتورطة في الأزمة الليبية) ، يحتقرون - بشدة - جميع من تعاملوا معهم من ساسة و حكام ليبيا الجدد و كبار مسؤوليها الحكوميين ، نظرا لما خبروه فيهم و ما عرفوه عنهم من : فساد ذمم مالية ، و تهافت بنية أخلاقية ، و قصور أداء سياسي ، و فقدان كفاءة لإدارة شؤون الدولة ، و ضحالة ثقافة عامة ، و استعداد للعمالة و خيانة الأمانة و التفريط بالوطن مقابل المنافع الشخصية الرخيصة .
و علاوة على التقارير السنوية لمؤشر مدركات الفساد ، الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية ، التي تضع ليبيا (الأجهزة الحكومية و العامة للدولة) في آخر قوائم المؤشر ، ضمن أكثر دول العالم فسادا (فمثلا في السنوات الثلاث الفائتة : 2017 ، 2018 ، 2019 ، جاء ترتيب ليبيا في المراكز : 171 ، 170 ، 168 بالتوالي ، من أصل 180 دولة) ؛ فإنه يكفي للدلالة على مدى كارثية عمليات السطو المنظم على المال العام ، في ممارسات حكام ليبيا الجدد ، أن يقول رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (غسان سلامة) في إحاطته ، بتاريخ 21 مارس 2018 ، أمام مجلس الأمن الدولي : " يشكل النظام الاقتصادي القائم على السلب واحداً من أكبر المشكلات التي تعصف بليبيا ؛ الأمر الذي أدى إلى تدهور المستوى المعيشي للمواطن الليبي العادي ، خدمة لمصالح أصحاب النفوذ . وهذا ما يقف كحجر عثرة رئيسي أمام العملية السياسية ويرسخ الوضع الراهن " . و في مقابلة متلفزة مع قناة الجزيرة الإخبارية (27 مارس 2019) ، قال ممثل أمين عام الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة : " إن هناك مليونيرا جديدا كل يوم في ليبيا ، و طبقة وسطى تتقلص يوما بعد آخر .. و أن الطبقة السياسية في ليبيا ، لديها كمّ كبير من الفساد يندى له الجبين .. هناك من يجني ثروات طائلة من المناصب ، يجري استثمارها خارج ليبيا .. ما نراه في ليبيا أمر مؤسف ، يستولون على المال ، ثم يوظفونه في الخارج " . و في نص البيان الختامي لمؤتمر برلين (19 يناير 2020) ، جرى وصف الاقتصاد الليبي بأنه " الاقتصاد القائم على النهب " ، و نص البند 37 من البيان الختامي للدول المشاركة في المؤتمر ، بما يلي : " نؤكد على أهمية استعادة واحترام وحماية النزاهة ... لجميع المؤسسات السيادية الليبية ، لاسيما البنك المركزي الليبي ، وهيئة الاستثمار الليبية ، وشركة النفط الوطنية ، وديوان المحاسبة " ؛ ما يعني أن (النزاهة) غائبة و لا اعتبار لها ، في المؤسسات الحكومية و العامة الليبية .
و هنا نتوقف لنفتح قوسين : (في تناقض تام مع الشفافية ، لا زال رئيس ديوان المحاسبة ، يحجب تقرير الديوان عن سنة 2018 ، بمبرر أن الوقت غير مناسب لنشر التقرير ، و أن القانون لا يُلزمه بالنشر (!‍) ، الأمر الذي يعتبر تواطؤاً مع حكام ليبيا - اللصوص - الفاسدين ، بالتستر على فسادهم ، حماية لهم من غضب الشعب " صاحب المال العام المسروق " . أما في « دولة شرق ليبيا » ، فإنه بدلا من إلقاء القبض على المسؤولين الفاسدين و محاسبتهم قضائيا ؛ قد تم اعتقال رئيس الهيئة العامة للرقابة الإدارية (!) ، لأنه تجرأ فنشر تقريرا عن الفساد المستشري في حكومة عبد الله الثني) . (أنظر الرابط)
http://alwasat.ly/news/libya/256103

هذا ، على أنه يكفي دليلا على مدى فساد و سفه و (نذالة) حكام ليبيا الجدد ؛ أن يُصدِر برلمان طبرق قانونا (لصوصيّاً) خاصا بمرتبات أعضائه و أعضاء مجلس الوزراء ، يعطي للنائب مرتبا شهريا (فلكيّاً) قدره 16000 ستة عشر ألف دينار ، و لكلٍّ من رئيس الوزراء و نائبه 14000 أربعة عشر ألف دينار ، و للوزير 12000 اثنا عشر ألف دينار (عدا الامتيازات العينية ، و الرعاية الطبية الراقية - الشاملة ، و بدل السفريات السياحية) . فضلا عن قانون (مافياوي) ، يرفع المعاش التقاعدي لنائب برلماني مثل السيد عقيلة صالح ، من 450 دينار إلى 12,800 دينار (!) ؛ بينما يمتنعون جميعا (في حكومة - و برلمان - غرب ليبيا ، كما في حكومة - و برلمان - شرق ليبيا) عن تنفيذ القانون (الصحيح) رقم 5 لسنة 2013 ، الصادر عن المؤتمر الوطني العام (الشرعي) ، بشأن تعديل قانون الضمان الاجتماعي ، فيظل المعاش التقاعدي لوكيل وزارة أو مدير عام سابق (قبل نكبة فبراير) فقط 450 دينارا لا غير !! في أسوأ نظام تقاعد على سطح الكوكب .
كما يمتنع حكام ليبيا الجدد - امتدادا لسياسات أسلافهم حكام عهد (الفادح) من سبتمبر - امتناعا تاما ، عن تقرير حق (تعويض بطالة) للمواطنين الليبيين المعطلين عن العمل (حقا مُطلقاً لهم في ثروة بلادهم ، و ليس مِنة أو صدقة من أيّ أحد ، خاصة و أنّ الموازنات الليبية تُمول من عائدات بيع النفط الذي هو ملك لكل الليبيين) . حتى إنّ آلاف الشباب المؤهلين علميا في مختلف التخصصات ، من أبناء أغلبية الشعب الليبي المُفقَرَين ، صاروا يركبون زوارق الموت - غرقا - في البحر المتوسط ، مضطرين للمخاطرة بحياتهم ، في رحلات الهجرة غير الشرعية إلى أوربا ، بحثا عن الرزق ، و قد سُدّت أبواب الحياة في وجوههم ؛ و إلا لبلغوا سن الشيخوخة و التقاعد ، دون أمل في الحصول على حقهم في العمل بمؤهلاتهم العلمية ، و دون أمل في الحصول على حق (تعويض بطالة) يسدون به الرمق ، في دولة البترول و الغاز (!) . و بالمقابل ؛ نجد أنّ أبناء حكام ليبيا الجدد و أبناء المتنفذين (من الطبقة الكومبرادورية المهيمنة) ، يعيشون مرفَّهين بالعواصم الأوربية ، و يدرسون في جامعات الغرب ، على نفقة الدولة الليبية ، ليعودوا فيرثوا حكم البلاد و ثرواتها و العمالة للأجنبي ، بدل آبائهم ، خَلَفاً عن سلف ..


* إعادة تدوير النفايات الفبرائرية
و كأنما الشعب الليبي المنكوب بتسلط حكام ليبيا الجدد الفاسدين ، الذين طفحت بهم انعطافة الثورة المضادة لحركة التاريخ ، إفرازا لفورة (سبعطاش فبراير) الشعبوية ، و انحرافا بمسارها إلى أقصى اليمين الديني و اليمين النيوليبرالي ؛ لا يكفيه ما لحق به جرّاء سياسات افتراس المال العام ، و الهدر ، و الإفقار ، و التجويع ، و التركيع ؛ من مرارات العيش تحت مستوى خط الفقر ، و انهيار القدرة الشرائية للعُملة الوطنية ، و تآكل و نفاذ المدخرات الخاصة للأُسَر محدودة الدخل ، و مذلة الوقوف في طوابير نضوب السيولة النقدية من البنوك ، و انسداد أفق العمل في وجوه عشرات ألوف الشباب الخريجين الجدد (حتى الأطباء البشريين ! و خريجي كليات التقنية الطبية و المهن الهندسية !) ... كي يُفاجأ ، بعملية جديدة لرسكلة النفايات الفبرائرية ، عبر آلية القيادة من الخلف ، التي تنتهجها أميركا في إدارة الأزمات و الحروب المحدودة ، عبر الوكلاء الإقليميين ، من أمثال (السيسي و أردوغان) ، و بواسطة العملاء المحليين ؛ فيخرج علينا رئيس المجلس الرئاسي و رئيس برلمان طبرق (العاريان تماما من غطاء الشرعية الدستورية) ، ممثليْن لطرفيّ الصراع - الدموي - على السلطة و غنائم المال العام ؛ بما أسموه مبادرة مشتركة بين فايز السراج و عقيلة صالح - بصفتيها - لحل الأزمة الليبية (!) ، أعلناها (20 /8/2020) ، في بيانين منفصلين ، متناقضين جوهريا ، و ليس بينهما من مشترَك غير صيغة ملتبسة للأمر بوقف إطلاق النار . (أنظر الرابطين آخر المقال) ..
و بقراءة في بيانيّ التوافق المزعوم ، يظهر أن التباين بينهما يغلق أبواب الوصول إلى أية صيغة توافقية ، للخروج من الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلاد و الناس ، جرّاء حروب ثوار الناتو ضد ثوار الناتو (بتحالفاتهم المتغيرة) ، في صراعهم الدموي للاستحواذ على مواقع السلطة و نهب المال العام ، على نحو ما نجده يكشف عن نفسه ، بشكل شديد الفجاجة ، في بيان رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح . و للتوضيح نسجل نقاط الملاحظة التالية :
أولا : جاء في بيان السراج ، ما نصّه : " إن تحقيق وقفٍ فعليّ لإطلاق النار يقتضي أن تصبح منطقتا سرت و الجفرة منزوعتيّ السلاح " .
و هذا يعني في التحليل الأخير ، إقامة منطقة عازلة (buffer zone) ، بين : (دولة) شرق ليبيا ، و (دولة) غرب ليبيا !
فبأيّ حق يعطي رئيس المجلس الرئاسي لنفسه ، أن يؤسس لتقسيم ليبيا ، أو حتى أن يتخلى عن شبر واحد من الأرض غرب النصب التذكاري التاريخيّ للأخوين فليني ؟! و هل هي الخبرة السياسية المتواضعة ، أم هي ضحالة مهارات التفاوض الدبلوماسية ، أم هي الضغوط الأجنبية (الأميركية) ، أم هي منظومات الدفاع الجوي الروسية (S - 300) ؛ التي اقتضت - لدى السراج - أن تصبح منطقتا سرت و الجفرة (أي : الخط السيساويّ الأحمر) منزوعتيّ السلاح ؟!
و في فقرة من بيانه (التوافقيّ) ، أورد رئيس المجلس الرئاسي أنه : " يؤكد أن الغاية النهائية هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي و خروج القوات الأجنبية و المرتزقة " . لكنه لم يحدد ماهية و مناط تلك (السيادة) المشار إليها . و لم يحدد (هوية) تلك القوات الأجنبية و المرتزقة ، أو المدى الزمني الأقصى لوجودها داخل حدود الإقليم الجيوسياسي للدولة الليبية ، كـ (غاية نهائية) لمفاوضات عملية سياسية عبثية ، تستنسخ سابقاتها ، قبل العودة مجدَّدا إلى السلاح أو التلويح بالعودة إليه .
على أنّ ثمة جانبا إيجابيّا (شكليّاً) في بيان رئيس المجلس الرئاسي ، و هو دعوته إلى انتخابات رئاسية و برلمانية خلال شهر مارس القادم (2021) ، يجري تنظيمها وفق قاعدة دستورية مناسبة ، يتم الاتفاق عليها بين الليبيين . و هي دعوة (حسن نوايا) تعبر عن الرغبة في الخروج سريعا من دوامة الأزمة الليبية المدوّلة . لكنها - على افتراض جديّتها - تبدو دعوة أحادية الجانب ، تصطدم بعقبات الدعوة (الإقليمية) البرقاوية و نزعتها الانفصالية ، و تتعارض تماما مع الاشتراطات التعجيزية ، في بيان رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح ..
ثانيا : جاء في بيان رئيس برلمان طبرق ، ما نصه : " نتطلع إلى أنّ وقف إطلاق النار يجعل من مدينة سرت مقرا مؤقتا للمجلس الرئاسي الجديد " .
ونجد هنا أن رئيس برلمان طبرق ، يربط وقف إطلاق النار ، بشرطين اثنين : أحدهما تشكيل مجلس رئاسي جديد ، و الآخر جعل مدينة سرت مقرا لذلك المجلس . و كلا الشرطين لا سند (توافقيّاً) لهما ، في مسار العملية السياسية التالية لاتفاق الصخيرات ، و ليس لهما من مرجعية غير (مقترَح) عقيلة صالح لحل الأزمة الليبية ، أو ما يسمى إعلان القاهرة (مبادرة السيسي) لإنهاء الأزمة الليبية . و كلاهما يؤسسان لتقسيم ليبيا الموحدة ، إلى ثلاثة أقاليم / دول ، على أساس (تحاصصيّ) بحت ؛ كلٌّ منهما خدمةً لأجندته السياسية الخاصة . هذا من زاوية أولى ، و من زاوية ثانية ؛ فإن عقيلة صالح (و هو يتطلع - كما يبدو - إلى موقع رئيس المجلس الرئاسي الجديد) ، يحاول ببيانه (المفخخ) أن يُدخل ليبيا في مرحلة انتقالية جديدة ، قد تستمر لسنتين أخريين ، وفقاً للمبادرة السيساوية لإنهاء الأزمة الليبية ! (أنضر الرابطين)
http://alwasat.ly/news/libya/281151 (مبادرة عقيلة)
https://amadps.org/ar/post/352798/ (مبادرة السيسي)

و في جزء آخر من بيانه ، يقول رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح : " إن وقف إطلاق النار يقطع الطريق على أيّ تدخلات أجنبية و ينتهي بإخراج المرتزقة و تفكيك الميليشيات " .
و إذ يُقرُّ عقيلة صالح و يعترف ، بحقيقة وجود تدخلات أجنبية تغذي الأزمة الليبية و تعمقها ، و كذلك وجود مرتزقة أجانب يعتاشون على الاقتتال بين طرفي الصراع على السلطة و الثروة في (ليبيا الفبرائرية) ، و يدعو إلى تفكيك الميليشيات ؛ فهو إنما يعني التدخل التركي (الطارئ مؤخرا) ، أما التدخل الأجنبي متعدد الأطراف (مصري ، إماراتي ، فرنسي ، روسي ...) ، الداعم - منذ البدء - للحرب على عاصمة الدولة الليبية طرابلس ، فلقد كان - كما يعرف الجميع - مقبولا لدى عقيلة صالح .
فهل لعقيلة أو حتى لحفتر ، أن يضمن خروج مرتزقة فاغنر من سرت و الجفرة و حقول و موانئ النفط الليبية (المحتلة) ؟! و هل لعقيلة أن يضمن تفكيك ميليشيات السلفية المدخلية التكفيرية (كتيبة طارق بن زياد ، و كتيبة خالد بن الوليد ، و كتيبة عقبة بن نافع ، و كتيبة سبل السلام ... و غيرها) ، التي تشكل القوة الضاربة الرئيسة ، في جيش حفتر ؟! نشك في ذلك كثيرا .
و في سياق بيان رئيس برلمان طبرق (المفخخ بأكثر من لغم) ، يتحدث عقيلة صالح كزعيم قبليّ ، يمثل " إقليم برقة " ! فيربط إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية ، في جانبها (المفتعل) المتعلق بما يسمى التوزيع العادل لإيرادات بيع النفط ، بشرط بالغ الدلالة على مدى سيطرة النزعة التقسيمية الانفصالية و الارتهان لإرادة نظام عبد الفتاح السيسي (المخابرات المصرية) . و هو شرط اعتماد ما يسمى " إعلان القاهرة " كمرجعية أساسية ، لإنهاء الأزمة الليبية و تسويتها سياسيا (!) ؛ ذلك أنّ إعلان القاهرة ، يدور حول محور أساسي ، يقوم كمبدأ (حاكم) ، هو تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم / دول !
و إن من يقرأ نص إعلان القاهرة (مبادرة السيسي) ، لإنهاء أزمة الصراع الليبي ، يخرج بنتيجة واحدة ، لا مجال للشك في صحتها ، و هي أن مبادرة السيسي ، التي أعلنها في مؤتمر صحفي ، عقده بالقاهرة ، بتاريخ 6 يونيو 2020 ، بحضور خليفة حفتر و عجيلة صالح ؛ تتجاوز كونها مجرد مبادرة سياسية (منحازة) ، إلى واقع كونها صياغة أولية لمبادئ دستورية حاكمة ، لدستور جديد ، ينشئ دولة جديدة ، باسم : دولة الولايات المتحدة الليبية (United States of Libya) !


* هل من أفق للخروج من (الأزمة الليبية) ؟
جميعهم يحاولون الظهور - تكاذُبا - بمظهر الساعين إلى الخروج من الأزمة ، بينما لا أحد منهم يرغب حقا في إنهائها ؛ فهم من اختلقوها أصلا . و هم من عملوا بشتى الوسائل - بما فيها خيانة الأمانة الوطنية - على تغذيتها ، بأموال الشعب الليبي و بدماء أبنائه و بالعمالة للأجنبي . وهم يعلمون أن حل الأزمة الليبية ، يحمل في طياته احتمال خروجهم من السلطة .
و كلنا يعرف ، أن كل أطراف الصراع الدموي الهمجي اللاأخلاقي ، على السلطة و البقاء في كراسي الحكم و نهب المال العام ، تعرف جيدا كيفية الخروج من الأزمة . فالأمر بكل بساطة ، هو أن يبادروا هم بالخروج - طواعية - من السلطة ، معا و في وقت واحد . و ثمة أكثر من صيغة قابلة للتطبيق بالخصوص . و لقد سبق لبعض الكتاب و المثقفين الليبيين - من غير الباحثين عن ادوار سلطوية - أن طرحوها في مقالات و مبادرات منشورة للكافة على مواقع النت . و منها مقال لي منشور على هذا الموقع " الحوار المتمدن " ، منذ أكثر من ثلاث سنوات (أنظر الرابط)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=558703
ففي ذلك المقال ، طرحت - كمواطن ليبي - صيغةً توافقية ، للخروج من الأزمة الليبية ، و هي لا زالت قابلة للتنفيذ - فيما لو حسنت النوايا - مع بعض التعديلات . و ذلك وفق سبع نقاط ، هي بالترتيب كما يلي ، و اقتبس حرفيا :
" 1) تجاوز اتفاق الصخيرات ، و الذهاب إلى انتخابات عامة (متزامنة) ، لإنتاج مجلس نواب و رئيس للدولة .
2) عدم الترشح للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ، و عدم الترشيح لشغل أي منصب وزاري ، مرة واحدة ، و لمدة أول فترة برلمانية و رئاسية (4 سنوات) قادمة . و ذلك لكل من : أعضاء البرلمان ، و أعضاء المجلس الأعلى للدولة ، و أعضاء المؤتمر الوطني العام المعارضين لاتفاق الصخيرات ، و أعضاء المجلس الرئاسي ، و أعضاء حكومات الغويل و الثني و السراج . (و هذا شرط أساسي ، برسم النزاهة ، غير قابل للالتفاف عليه) .
3) يبقى الوضع على ما هو عليه مؤقتا ، و تستمر كل سلطات الأمر الواقع الحالية : (المؤتمر ، و البرلمان ، و الأعلى ، و الرئاسي) ، إلى حين إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية و الرئاسية .
4) يتم تشكيل حكومة (تصريف أعمال) ، من بين وزراء حكومات الأمر الواقع الثلاث الحالية ، يُرشح أعضاؤها لمهامهم من قِبل رؤساء حكومات الإنقاذ و المؤقتة و الوفاق ، بمعيار كفاءة الأداء ، و تكون برئيس و نائبين للرئيس ، على أساس التوافق أو التناوب النصف شهري بين الثني و الغويل و السراج (رؤساء الحكومات الحالية) .
5) تكون مهمة حكومة تصريف الأعمال ، الإشراف على إجراء انتخابات برلمانية و رئاسية ، استرشادا بالمبادئ الأساسية الحاكمة في الإعلان الدستوري . على أن تنظم الانتخابات و تعلن نتائجها النهائية قبل منتصف شهر نوفمبر 2017 .
6) يصار إلى نقل كل الصلاحيات التشريعية و التنفيذية إلى مجلس النواب و الرئيس المنتخبيْن ، خلال موعد أقصاه نهاية شهر نوفمبر 2017 ، و تسلم حكومة تصريف الأعمال مهام الإدارة التنفيذية إلى مجلس وزراء (قد يكون مؤقتا) ، يتعين تشكيله قبل منتصف ديسمبر 2017 .
7) يتم خلال الربع الأول من سنة 2018 ، تنظيم نقاش عام واسع ، يشارك فيه كل أطياف الشعب الليبي ، لإعادة صياغة مشروع الدستور الجديد (مادة .. مادة) ، بما يلبي و يضمن أفضل شروط التعبير عن الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و المدنية ، العامة و الخاصة ، للجماعات و الأفراد ، في القرن الواحد و العشرين " . انتهى الاقتباس .

لكن حكام ليبيا الجدد ، حكام الصدفة النكرات و القادمين إلى السلطة من المجهول ، يرفضون المغادرة ، و يتشبثون بالكراسي حفاظا على الامتيازات الخيالية التي اختصوا بها أنفسهم .. في خضم فوضى دولة الميليشيات و نظام الغنائم . فهم متمسكون بالبقاء في السلطة أطول مدة ممكنة و حتى آخر رمق ، و لن يغادروا إلا مُجبَرين . و الوسيلة الأقل تكلفة هي بتقديري : " العصيان المدني الشامل ، اعتصاما في البيوت " . و ليكن شعاره : " ارحلوا " .

و يبقى السؤال حارقا مؤرِّقا : هل يفيق الشعب الليبي من الغيبوبة ، فيلقي بكل هذا الركام المتعفن إلى مكب نفايات التاريخ ؟! للأسف .. يبدو ذلك أمرا بعيد الاحتمال في المدى المنظور . لكن لعل و عسى !
------------------
مصادر مشار إليها :
1 : نص بيان السراج
https://sptnkne.ws/DxAQ
2 : نص بيان عقيلة
https://parliament.ly/%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d9%86-%d9%81%d8%ae%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%a8/
3 : إعلان القاهرة (مبادرة السيسي) لإنهاء الأزمة الليبية
https://amadps.org/ar/post/352798
4 : نص إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ، غسان سلامة ، أمام مجلس الأمن الدولي
https://unsmil.unmissions.org/ar/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%AB%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%D8%8C-%D8%BA%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9%D8%8C-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-0



#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/1
- الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/3
- الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/2
- الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/1
- (نهر الكفرة) يفجر الأطماع المصرية بليبيا 2/2
- (نهر الكفرة) يفجر الأطماع المصرية بليبيا 1/2
- لن تدخلوها (قراءة في الحرب على طرابلس)
- أبو الأنبياء .. ....!
- فصلٌ من الكوميديا الليبية السوداء (3/3)
- فصلٌ من الكوميديا الليبية السوداء (2/3)
- فصلٌ من الكوميديا الليبية السوداء (1/3)
- جرة قلم !
- المرأة و إعادة إنتاج الهيمنة الذكورية
- كشف التزوير في ثورة التكبير
- رسكلة أو إعادة إنتاج النظم التسلطية (ليبيا / نموذجا)
- متوفر حسب الطلب
- أكذوبة الجيش (الوطني) الليبي في دولة الميليشيات
- مشكلة الإنسان المجوف فاقد الأبعاد
- دكتاتورية سلطة الكومبرادور
- ( لا ) مرفوعةً إلى الأسّ العشريّ


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يرصد دفعة صواريخ إيرانية جديدة.. وموسوى يدع ...
- -لا تحاولون العودة-.. الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عاجلا إلى ...
- هل ينجر ترامب لحرب إسرائيل ضد إيران؟
- مصدر أمني إيراني: طهران على تواصل مع موسكو وتعول على دور روس ...
- الخارجية الروسية: حياة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ف ...
- الرئيس الإسرائيلي يزور معهد -وايزمان- المتضرر جراء القصف الإ ...
- -سي إن إن- ترجح ميل ترامب لاستخدام القوات الأمريكية لضرب الم ...
- باكستان تجلي عائلات الدبلوماسيين من إيران والبعثات لا تزال م ...
- الجيش الإيراني يعلن تدمير 28 هدفا إسرائيليا معاديا خلال الـ ...
- مباحثات مصرية أمريكية إيرانية لوقف التصعيد بين طهران وتل أبي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن زكري - ... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/2