|
إسرائيل (العظمى) فوق القانون الدولي
محمد بن زكري
الحوار المتمدن-العدد: 7935 - 2024 / 4 / 2 - 02:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل الغارة الجوية الإسرائيلية على مبنى القنصلية الإيرانية وقتل دبلوماسيين إيرانيين ، داخل عاصمة الدولة السورية دمشق ؛ لم يسبق - في ما أعلم - لأي دولة ، منذ الحرب العالمية الثانية ، أن أقدمت دولة ما ، تحت أي مبرر ،على الاعتداء على مقر بعثة دبلوماسية وقتل دبلوماسيين أجانب ؛ مستهينة في عدوانها بسيادة دولتين عضوين في الأمم المتحدة ، هما إيران وسوريا . وكما ألمانيا النازية ، فإن جنون القوة العسكرية والتفوق العنصري ، قد بلغ بإسرائيل حدا من العنجهية لن يوقفه غير إنزال هزيمة عسكرية تاريخية ماحقة بمشروع دولة إسرائيل اليهودية (كهزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية) ، أو على الأقل إيقاف أطماعها التوسعية في منطقة الشرق الأوسط ، تلك الأطماع التي تغذيها النصوص المقدسة لعقيدة الصهيونية الدينية . إن إسرائيل تعربد في منطقة الشرق الأوسط ، فتُذل العرب إذلال العبيد (حتى إن نتنياهو يتفاخر بأن الدول العربية ’’ تلتمس ‘‘ التقرب من إسرائيل) . وإن إسرائيل ترتكب جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة ، وتنتهك كل القوانين الدولية ؛ مطمئنة إلى إفلاتها من العقاب ، محتمية بالقوة العسكرية الأميركية ، وبالفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي . وإنه لولا موافقة مسبقة من أميركا ، ما كانت إسرائيل لتجرؤ على انتهاك حرمة الحصانات الدبلوماسية الدولية ، أو أن تخرج عن القواعد المستقرة في العلاقات الدولية ، فتقصف مقر بعثة دبلوماسية تتمتع بالحصانة ، وتقتل دبلوماسيين ، كما فعلت (1 أبريل 2024 الجاري) بقصف وتدمير قنصلية إيران في دمشق . تنص اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية في المادة 29 على : حرمة شخص الممثل الدبلوماسي ، ولا يمكن أن يخضع لأي شكل من أشكال التوقيف أو السجن ، وتعامله الدولة المستقبلة بالاحترام المتوجب له ، و ’’ تتخذ الاجراءات الخاصة بمنع أي اعتداء على شخصه وحريته وكرامته ‘‘ . فما بالك أن يتم استهداف الدبلوماسيين بالقتل ، كما فعلت إسرائيل بقتلها دبلوماسيين إيرانيين داخل مقر القنصلية الإيرانية في دمشق ، متجاوزة بذلك ليس فقط قوانين الحرب ، بل أيضا القانون الدولي المنظم للحصانات والعلاقات الدبلوماسية ! وقد وقّعت الدول أعضاء منظمة الأمم المتحدة اتفاقية فينا أو انضمت اليها أو أقرت مضمونها ، بحيث أصبحت هذه الوثيقة هي القانون الدولي الذي تستند اليه وتعمل به كل الدول . ونصت المادة 30 من الاتفاقية على أن : يتمتع المسكن الخاص بالممثل الدبلوماسي بنفس الحرمة والحماية التي يتمتع به مقر البعثة . وعلى الدولة المستقبلة واجب خاص باتخاذ جميع التدابير المناسبة لضمان حصانة مقر البعثة ودور سكن أعضاء البعثات الدبلوماسية ، وتمتد الحصانة الدبلوماسية لتشمل أثاث مقر البعثة وسكن رئيسها ودور سكن الدبلوماسيين وسيارات البعثة . فإسرائيل تعلم أن القانون الدولي يقر حرمة مقرات البعثات الدبلوماسية ومقرات سكن الدبلوماسيين وحرمة المقرات الدبلوماسية ، وفقا للمادة 1 من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 . وتعلم إسرائيل أن القوانين الدولية تصون حرمة دار السفارة والمقرات التابعة لها ، وتُنزل أشد العقوبات بمن يتجاوزها ، فقد نصت المادة 8 من نظام الحصانات الدبلوماسية الذي أقره معهد القانون الدولي على أن : تتمتع دار البعثة الدبلوماسية ودار السكن بالحصانة ، ونصت المادة 22 من اتفاقية العلاقات الدبلوماسية لعام 61 على أنّ حرمة مقر البعثة الدبلوماسية مصونة .... وتعلم إسرائيل أنه عدا الممثلين الدبلوماسيين ، فإنّ الحصانة الدبلوماسية تمتد لتشمل ببعض الامتيازات الدبلوماسية الموظفين الإداريين والفنيين التابعين للبعثة ، كالحرمة الشخصية وحرمة المسكن ... فإسرائيل دولة مارقة ، تتصرف كمنظمة مافياوية خارجة عن القانون الدولي . وقادة إسرائيل ، يتصرفون كعصابة من المجرمين القتلة ، غير عابئين بما يسمى المجتمع الدولي ، واثقين كل الثقة من أن أميركا لن تتخلى عن حماية دولة إسرائيل اليهودية ، ولو أدى الأمر إلى حرب إقليمية تضع فيها أميركا كل ثقلها دعما لإسرائيل ، وأن الفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي ، كفيل بإفشال أي مشروع قرار لفرض أية عقوبة دولية ضد إسرائيل او إصدار أية إدانة لانتهاكها القوانين الدولية . وفيما لو تقدمت إيران بشكوى ضد إسرائيل ، في مجلس الأمن الدولي ، فإن الإدارة الأميركية ستجد من المبررات ما يرفع به سفيرها لدى المجلس يده بالفيتو ، لإبطال أي مشروع قرار يضع عقوبات على إسرائيل . أما عن تهديد إيران بأن الرد سيكون قاسيا ، فليس لنا إلا أن نقول : لا تعليق .
#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسلمة أسّست للتعريب ، والتأسلم قاد إلى الاستعراب (احتلال ا
...
-
لسنا أسرى لرُهاب 7 أكتوبر ، وإسرائيل دولة مارقة
-
الإله الشمس و أعياد الميلاد / كريسماس
-
إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 3
-
إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 2
-
إيمان بـ (الوراثة) جبرا ، و ليس بـ (التعقل) اختيارا
-
إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 1
-
كان حاكما فوق التصنيف و لم يكن مواطنا عاديا !
-
لم أكن شيطانا أخرس أو شاهد زور
-
من زوايا رؤية أخرى
-
الولايات المتحدة : أفول الحُلم و ضلال الاتجاه
-
خدعوكم فقالوا إنها ثورة ! (2/2)
-
خدعوكم فقالوا إنها ثورة ! (2/1)
-
عشتاريات
-
عيد المغيرة بن شعبة
-
بلد غنيّ و شعب فقير و حكام (مْخانب) 2/2
-
بلد غنيّ و شعب فقير و حكام (مْخانب) 2/1
-
هي فوضى .. فلِمَ لا ؟
-
... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/2
-
... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/1
المزيد.....
-
فريق كامالا هاريس يرد على انتقادات إسرائيلية لتصريحاتها عن غ
...
-
العراق.. قصف على قاعدة عين الأسد
-
كيربي حول صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس: لا يزال هناك فجوات و
...
-
الملك الأردني يبحث مع بايدن الوضع في غزة والتطورات في الضفة
...
-
-نوفوستي-: أوكرانيا تنشر طيرانها على أراضي دول ثالثة
-
كينيدي جونيور يتعهد بإنشاء احتياطي قدره 4 ملايين بيتكوين حال
...
-
تركيا.. اشتباكات بين الشرطة ومحتجين بسبب مشروع قانون حول الك
...
-
خبير يحذر من احتمالية تعرض مصر ودول في حوض النيل لسنوات عجاف
...
-
كبار أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي: حياة العشرات من المخطوفي
...
-
في اتصال مع بايدن.. الملك عبدالله يؤكد على ضرورة وقف حرب غزة
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|