أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن زكري - إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 3















المزيد.....


إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 3


محمد بن زكري

الحوار المتمدن-العدد: 7204 - 2022 / 3 / 28 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


* من أحكام ازدواج المواطنة (تتمة)
بدءً مما انتهينا إليه ، في الجزء الثاني من هذه المقاربة ، لتفحُّص ما يتصل بالموقف السيادي للدولة من إشكالية ازدواج المواطنة ، في صياغة منظومتها القانونية المتعلقة بالترشح للانتخابات العامة الرئاسية و البرلمانية و شغل المناصب ذات الطبيعة السيادية أو تلك المتصلة بشؤون الأمن القومي ، وفقا لمتطلبات مصالحها العليا ، ضمن تشابكات العلاقات الدولية ؛ حيث وجدنا أن التشريعات المصرية ذات الصلة - كافةً - قد نصّت على وجوب أن يكون رئيس الدولة و رئيس الحكومة و الوزراء و أعضاء البرلمان و أعضاء السلك الدبلوماسي ، حاملين للجنسية المصرية (منفردة) ، و من أبوين مصريين ، و ألّا يكونوا متزوجين من غير الجنسية المصرية .
و كما هو الأمر في الدولة المصرية ، تأسيسا سياديا ، على قاعدة أن لكل دولة مطلق الحرية في تنظيم المسائل القانونية و التدابير الإجرائية المتعلقة بالجنسية . فكذلك نجد أن كثيرا من الدول تأخذ بنفس المبادئ و القواعد التشريعية في صياغة قوانينها الخاصة بالجنسية . و من ذلك : أنّ الفصل 11 من الدستور التونسي ، قد اشترط أن يكون الرئيس «تونسي الجنسية منذ الولادة» ، على أن يتخلى إجرائيا عن جنسيته الأجنبية إذا كان مزدوج الجنسية . و يشترط الدستور الأميركي فيمن يترشح للانتخابات الرئاسية ، أن يكون أميركي الجنسية منذ الولادة ، و أن يكون مقيما في الولايات المتحدة مدة 14 عاما على الأقل ، ويعيش فيها بشكل دائم . و في المادة 73 من الدستور الجزائري : يحق أن يُنتخَب لرئاسة الجمهورية ، المترشح الذي يتمتع «فقط» بالجنسية الجزائرية «الأصلية» ، و عليه أن يثبت الجنسية الجزائرية لزوجته .
كما نجد أن بعض الدول لا تسمح بازدواج المواطنة ، و فيها يفقد المرء جنسيته تلقائيا بمجرد حصوله على جنسية دولة أخرى ، كما في حالات الصين و اليابان و ماليزيا . و في قانون الجنسية بجمهورية ألمانيا الاتحادية ، لا يُسمح للأجنبي الذي يتقدم بطلب للتجنس أن يحتفظ بجنسية بلده الأصلي ، و يفقد حامل الجنسية الألمانية جنسيته ، سواء كانت أصلية أم مكتسبة ، إذا حصل طوعا - بطلب منه - على جنسية دولة أخرى . على أنه " استثنائيا " لا يسري هذا التنظيم بالنسبة لدول الاتحاد الأوربي و سويسرا (تحت قانون الاتحاد الأوربي) .
و في ماليزيا ، يؤكد الدستور - المواد من 14 إلى 31 - بالتفصيل المدقق ، على منع ازدواج المواطنة ؛ حتى إن المادة (25/1/ أ) تُسقِط جنسية الاتحاد الماليزي عن أي شخص قد أظهر ، بتصرفٍ أو بكلامٍ صدر عنه ، أنه غير موالٍ للاتحاد ، أو أنه ساخط عليه !
و فضلا عن اشتراط المواطنة الماليزية الخالصة ، لتولي مناصب : القائد الأعلى للاتحاد (الملك / يانغ دي بيرتوان أغونغ) ، و نائبه ، و حكام الولايات ، و رئيس الوزراء ، و الوزراء ؛ فقد نصت المادة 48 فقرة (و) من الدستور ، على أن : " يفقد الشخص أهليته ليصبح عضوا في مجلسيّ البرلمان (مجلس النواب و مجلس الأعيان) ، إذا كان قد حصل على جنسية أجنبية طوعا ، أو مارس حقوق الجنسية في أية دولة خارج الاتحاد أو كان قد أعلن الولاء لأية دولة خارج الاتحاد " .

* الجنسية (المواطَنة) في التشريعات الليبية
تُجمع كل التشريعات الليبية الحديثة ، منذ الاستقلال و حتى اليوم (عدا شطحات حقبة الخلط الإيديولوجي العروبستاني لحكم العقيد القذافي) ، على منع تعدد الجنسية لمواطني الدولة الليبية ، و ذلك على النحو التالي :
أولا : في دستور المملكة الليبية المتحدة (دستور دولة الاستقلال) الصادر في 7 أكتوبر سنة 1951 ، و الذي دخل حيز النفاذ مباشرة اعتبارا من تاريخ صدوره و قبل إعلان استقلال ليبيا في 24 ديسمبر 1951 ..
مادة (10) : " لا يجوز الجمع بين الجنسية الليبية وأية جنسية أخرى " .
ثانيا : في قانون الجنسية رقم 17 لسنة 1954
المادة 9 : " يفقد مواطن المملكة الليبية المتحدة جنسيته الليبية ، إذا اكتسب باختياره جنسية أجنبية ، ما لم يأذن له بذلك وزير الداخلية ، لمبررات يقبلها " .
و إذا فقد الأب جنسيته الليبية ، تبعه في ذلك أولاده الذين لم يبلغوا سن الرشد ، على أنه يجوز لهم أن يستردوا جنسيتهم الليبية ، بتقديم إخطار بذلك إلى وزير الداخلية ، خلال سنة من بلوغهم سن الرشد .
ثالثا : في دستور المملكة الليبية ، الصادر بإلغاء النظام الاتحادي و تغيير اسم الدولة ، بموجب القانون رقم 1 لسنة 1963
المادة (10) : " لا يجوز الجمع بين الجنسية الليبية و أية جنسية أخرى " .
رابعا : في القانون (ساري النفاذ) رقم 24 لسنة 2010 ، بشأن أحكام الجنسية الليبية
المادة (5) : " يفقد الجنسية الليبية ، من يكتسب باختياره جنسية أجنبية ، ما لم تأذن له بذلك اللجنة الشعبية العامة للأمن العام (وزارة الداخلية) " .
خامسا : في الإعلان الدستوري المؤقت ، الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي بتاريخ 3 أغسطس 2011
مادة (35) : " يستمر العمل بجميع الأحكام المُقررة في التَّشريعات القائمة ، فيما لا يتعارض مع أحكام هذا الإعلان ، إلى أن يصدر ما يُعدلها أو يُلغيها " . و الحال أنه لم يصدر ما يلغي أو يعدل أحكام قانون الجنسية رقم 24 لسنة 2010 .
سادسا : أما في مسودة أبريل 2017 لمشروع الدستور المقترَح
المادة (10) : " تنظم أحكام الجنسية الليبية و كيفية اكتسابها و سحبها بقانون ، يراعى فيه اعتبار المصلحة الوطنية و المحافظة على التركيبة السكانية و سهولة الاندماج في المجتمع الليبي . و لا يجوز إسقاط الجنسية الليبية لأي سبب " .
و يلاحظ على مشروع الدستور المقترح (مسودة أبريل) ، أن المادة 10 - الخاصة بالجنسية - متناقضة الصياغة ؛ حيث صيغت أول جملة منها بما يجيز إسقاط الجنسية الليبية عن حاملها «سحبها بقانون» ، بينما نُصّ في آخر جملة منها ، على أنه «لا يجوز إسقاط الجنسية الليبية ، لأي سبب !» .
و إذا عُرف السبب بطُل العَجب ، فالقصد من النص على عدم جواز إسقاط الجنسية الليبية «لأي سبب !» ، هو ضمان المصالح الخاصة لفاقدي جنسية الدولة الليبية ، الذين اكتسبوا باختيارهم جنسيات دول أخرى .
و لا يغيب عن البال أن رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور (مسودة أبريل 2017) ، قد تكشّف أنه مواطن أميركيّ الجنسية ، و قضت المحكمة العليا - في جلستها بتاريخ 20 سبتمبر 2017 - ببطلان انتخابه لعضوية الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الجديد ، مع إلغاء اختياره رئيسا لتلك الهيئة ، نظرا لكون المعني فاقدا للجنسية الليبية قانوناً .
و بناءً على ما تقدم بيانه ، فإنه لا مجال للحديث عن ازدواج الجنسية (تعدد المواطنة) في ليبيا . و الاستثناء المنصوص عليه فيما يخص الاحتفاظ بالجنسية الليبية الأصلية إلى جانب الجنسية الأجنبية المكتسبة ، مشروط قانونا ، بالحصول عن إذن (مسبّق) يصدر عن وزارة الداخلية ، لمبررات تقبلها ، للإذن باكتساب جنسية أجنبية ، في كل حالة فردية على حدة .
و من ثَم فإن حقوق المواطنة الليبية ، تنتفي عن كل من اكتسبوا جنسيات أجنبية ، قبل العام 2011 ، بانتفاء الإذن لهم (مسبقا) باكتسابها .
و بالعودة إلى نص المادة (5) من قانون الجنسية (24 لسنة 2010) ساري النفاذ ، الذي كرس المبدأ القانوني المستقر في التشريعات الليبية ذات الصلة ، منذ الاستقلال ، مِن أنه : " يفقد الجنسية الليبية ، كل من يكتسب باختياره جنسية أجنبية ، دون إذن مسبق من وزارة الداخلية " ؛ فإنه يقع باطلا بطلانا مطلقا ، تَرشح أو شغل فاقدي الجنسية الليبية ، لأية وظيفة عامة أو منصب سياسيّ في الدولة الليبية ، و يتعين معاملتهم رسميا معاملة الرعايا الأجانب في ليبيا ، بقوة القانون .

* شروط التعيين و الترشح للوظائف العامة بدولة ليبيا
وفقا للتشريعات الليبية النافذة ، فإنه لا يحق لغير المواطن الليبي التعيين لشغل أية وظيفة عامة في الدولة الليبية ، أخذا في الاعتبار أنّ قانون الجنسية في ليبيا لا يسمح بتعدد المواطنة (ازدواج الجنسية) ، و يفقد الجنسية الليبية تلقائيا مَن يكتسب باختياره جنسية دولة أخرى .
و عليه ، فإنه لا يحق لمن اكتسب جنسية دولة أخرى ؛ أن يُعيّن لشغل أية وظيفة عمومية ، أو أن يترشح لتولي أي منصب ذي طبيعة سيادية ، في الهيكل التنظيمي لإدارة شؤون الدولة الليبية ، سواء بسواء على الصعيدين التشريعي أو التنفيذي . و ذلك بمرجعية و دلالة مضامين الوثائق التالية :
- قانون الخدمة المدنية رقم 55 لسنة 1976 ، الصادر بدلا من قانون الخدمة المدنية رقم 19 لسنة 1964 و تعديلاته ؛ نص في المادة 18 ، على أنه : يُشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف أن يكون متمتعا بجنسية الدولة الليبية .
- القانون رقم 2 لسنة 2001 بشأن تنظيم العمل السياسي و القنصلي ، اشترطت المادة 12 فيمن يُعيَّن موظفا بوزارة الخارجية ؛ أن يكون ليبي الجنسية ، و ألا يكون متزوجا من أجنبية .
- القانون رقم 12 لسنة 2010 بشأن علاقات العمل ، نصت المادة 128 على أنه : يشترط في المرشح لشغل وظائف مِلاكات الوحدات الإدارية ، أن يكون متمتعا بجنسية دولة ليبيا .
كما نصت المادة 181 على أنه : «تُعتبر باطلةً ، القرارات الصادرة بشغل الوظائف العامة ، وغيرها من القرارات المتعلقة بالشؤون الوظيفية ، في الحالات الآتية : 1- إذا كان الموظف فاقدا لأي شرط من الشروط المقررة لشغل الوظيفة و الترقية وفقا للقوانين و اللوائح السارية . 2 - إذا صدر القرار نتيجة استعمال وسيلة من وسائل الغش و التدليس أو غيرها من وسائل الخداع . 3 - إذا صدر القرار من جهة غير مختصة بإصداره . 4 - إذا كان القرار مستندا على معلومات و بيانات غير صحيحة .
ويكون سحب القرارات الصادرة ، من الجهة التي أصدرتها ، ولا تتحصن هذه القرارات بمرور المدة ، أو استيفائها للشروط المطلوبة بعد صدورها ، مع عدم الإخلال بمساءلة المسؤول عن إصدارها تأديبيا وفقا لأحكام هذا القانون» .
(( و يبدو واضحا في صياغة هذه المادة من قانون علاقات العمل ، مدى الأهمية القصوى التي أولاها المشرع ، لضبط معايير شغل الوظائف العامة ، بما لا يُسمح فيها بازدواج المواطنة )) .
- قانون رقم (4) لسنة 2012 بشأن انتخاب المؤتمر الوطني العام ، الفصل الخامس : شروط و إجراءات الترشح ؛ نصت المادة 10 ، على أنه : إضافة إلى الشروط الواجب توفرها في الناخب (أن يكون ليبي الجنسية) ، يُشترط فيمن يترشح لانتخابات المؤتمر الوطني العام " أن يكون ليبي الجنسية ، وفقا لأحكام القانون رقم (24) لسنة 2010 م ، بشأن أحكام الجنسية الليبية " .
- قانون رقم 10 لسنة 2014 بشأن انتخاب مجلس النواب في المرحلة الانتقالية ، الفصل الرابع : شروط و إجراءات الترشح ؛ نصت المادة 5 ، أنه إضافة إلى الشروط المقررة في الناخب (و أولها " أن يكون ليبي الجنسية ، متمتعا بحقوقه القانونية ") ، يُشترط فيمن يترشح لانتخابات مجلس النواب " أن تتوافر فيه معايير تولي المناصب العامة ، طبقا للتشريعات النافذة " .
- الفتوى القانونية رقم 153 الصادرة عن إدارة القانون (11 يونيو 2015) ، و التي خلصت إلى : « عدم جواز تعيين حاملي جنسية الدول الأجنبية في وزارة الخارجية الليبية ، باعتبارهم فاقدين للجنسية الليبية بقوة القانون . و سحب قرارات تعيين من تم تعيينه من حاملي الجنسية الأجنبية أو المتزوجين من أجنبيات ، حتى و إن كان مأذونا له » .
- في خطاب ديوان المحاسبة الموجه إلى وزارة الخارجية بتاريخ 15 أغسطس 2019 (إشاري 19 - 4361) : «.. و حيث إن المشرّع قد أولى اهتماما خاصا بالوظائف الدبلوماسية و السياسية التي تمثل الدولة الليبية في الخارج ، و ذلك بأن حصر ممارسة هذه الوظائف على الليبيين دون غيرهم ، بل و من باب الزيادة في الحرص اشترط عدم جواز تعيين المتزوج بأجنبية ، لضمان ولائه للدولة الليبية و عدم التأثير عليه أثناء توليه مهامه السياسية .
لما سبق بيانه ، فإن من اكتسب باختياره جنسية دولة أجنبية دون إذن مسبق من وزارة الداخلية أو كان متزوجا من أجنبية (حتى لو كان مأذونا له بذلك) ، يعتبر فاقدا للشروط المقررة في التعيين بوزارة الخارجية و الإيفاد للعمل بالخارج .
و حيث إن ديوان المحاسبة من خلال قيامه بأعمال الفحص و المراجعة على حسابات السفارات الليبية بالخارج ، تكشّف له قيام عدد من المسؤولين بهذه السفارات بمخالفات مالية جسيمة أضرت بالمال العام ، و لم يرجعوا إلى سابق عملهم بعد انتهاء مدة إيفادهم ، بسبب حصولهم على جنسيات دول أجنبية ، الأمر الذي يترتب عليه إضعاف مبدأ المحاسبة و المسؤولية و إفلات المسؤولين من العقاب .
عليه يطلب منكم ضرورة العمل و التقيد بالآتي
1) سحب كافة القرارات الصادرة بتعيين أو إيفاد كل من اكتسب باختياره جنسية دولة أجنبية دون إذن مسبق (كونه فاقدا لجنسية الدولة الليبية) ، أو من كان متزوجا بأجنبية حتى لو كان مأذونا له بذلك .
2) إلزام كافة الموفدين للعمل بالخارج ، على كافة الدرجات الوظيفية ، بتقديم إقرار كتابي مصادق عليه من وزارة الخارجية ، بعدم حصولهم على أي جنسية غير الجنسية الليبية و كذلك تعهُّد بعدم السعي خلال فترة عملهم بالخارج في الحصول على جنسية أية دولة أجنبية أو إقامة دائمة فيها» .
- قضاء المحكمة العليا (الدائرة الإدارية) ، بإبطال انتخاب عضو في هيئة صياغة مشروع الدستور ، مع إسقاط رئاسته لتلك الهيئة ، باعتباره فاقدا للجنسية الليبية (نتيجة لاكتسابه جنسية أجنبية) .
و بذلك نخلص إلى التأكيد ، بما لا يحتمل أدنى قدر من الشك ، بأن كل حاملي الجنسيات الأجنبية ، من : رؤساء الوزارات ، و الوزراء ، و أعضاء المؤتمر الوطني العام ، و أعضاء مجلس النواب ، و أعضاء المجلس الأعلى للدولة ، و السفراء ، و الدبلوماسيين ، و الموظفين العموميين كافة (ما بعد فبراير 2011) ؛ الذين شغلوا أو يشغلون تلك المناصب و مواقع المسؤولية و اتخاذ القرار ، ذات الطبيعة السيادية ، في إدارة شؤون الدولة الليبية تشريعيا و تنفيذيا . لا حق لهم مطلقا في توليها ، وقد شغلوها و يشغلونها بالمخالفة لقانون الجنسية (ساري النفاذ) و بالتضاد مع التشريعات النافذة كافة . و يُعد باطلا ، بقوة القانون (و بأثر رجعي) توليهم لتلك المناصب و الوظائف العمومية . أخذا في الاعتبار أن حكم المحكمة العليا ، بعدم شرعية انتخاب أحد أعضاء هيئة صياغة مشروع الدستور و عدم شرعية اختياره رئيسا للهيئة ؛ يمتد سريانه ليشمل كل الحالات المشابهة ، من فاقدي الجنسية الليبية (بقوة القانون) ، خاصة و أنه حكمٌ قضائيّ (باتّ) و قُفلت بشأنه جميع وسائل الطعن .

* قَسم (يمين) الولاء للولايات المتحدة الأميركية
لقد عُدّ باطلا انتخاب عضو هيئة صياغة مشروع الدستور الليبي الجديد ، باعتباره فاقدا للجنسية الليبية (بقوة القانون) ، جرّاء اكتسابه جنسية أجنبية ، هي جنسية الولايات المتحدة الأميركية .
و بقوة القانون أيضا ، يمتد ذلك الحكم ليسري على كل حاملي الجنسيات الأجنبية و كذلك المتزوجين من أجنبيات (حتى لو كان مأذونا لهم) ، من شاغلي مقاعد السلطتين التشريعية و التنفيذية و سائر الوظائف العامة ؛ إذْ أنه أصلا ، يقع باطلا - بطلانا مطلقا - انتخابهم لها أو تكليفهم بها أو تعيينهم فيها . و يتوجب قانونا تدارك ما فات من الخطأ و تصحيحه ، و ذلك باستبعادهم - فورا و بأثر رجعي - من عضوية الهيئات التشريعية و التنفيذية (البرلمان و الحكومة و رئاسة الدولة) و سائر الوظائف العامة ، باعتبارهم فاقدين للجنسية الليبية ، أي أنهم فاقدون - قانونا - لحق مباشرة حقوق المواطنة في الدولة الليبية .
و إنّ ليبيا ليست دولة تحت الانتداب الأجنبي أو تحت الوصاية الدولية ، كي يتولى إدارة شؤونها السيادية و العامة أناس من رعايا الدول الأجنبية ، كانوا قد اكتسبوا - باختيارهم - جنسيات دول أخرى ، وسقطت عنهم الجنسية الليبية قانونا . ثم إنه حتى لو أذن لهم باكتساب جنسية أخرى ، فذلك لا يمنحهم حق التعيين في الوظائف العامة أو تولي المناصب ذات الطبيعة السيادية في الهيكل التنظيمي أو الكيان السياسي للدولة الليبية ؛ ذلك أن ازدواج المواطنة يعني ضمنا - و بالضرورة - ازدواج الولاء ، الأمر الذي يُخلُّ بمبدأ السيادة ، و يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا و الأمن القومي .
و كما أسلفنا الذكر ، فإنه من القواعد المستقرة في القانون الدولي العام و في القانون العرفي الدولي ، ينعقد لكل دولة حق صياغة أحكام قانونها للجنسية ، بكل الحرية ، في تحديد من هم مواطنوها ، و تنظيم القواعد الخاصة بالجنسية اكتسابا و فقدا ، وفقا لمصلحتها الوطنية ؛ سواء لجهة بسط سلطتها السيادية داخل حدود إقليمها الجيوسياسي ، أم في علاقاتها الدولية الخارجية . و قد نصت المادة الأولي من اتفاقية لاهاي الخاصة ببعض المسائل المتعلقة بتنازع القوانين في مادة الجنسية ، المبرمة بتاريخ 12 أبريل 1930 ، على أنه : " لكل دولة أن تحدد بتشريعها الخاص من هم وطنيوها " .
و من أسباب إسقاط الجنسية عن الفرد : قيامه بحلف يمين الولاء لدولة أخرى ، تشترط على طالب التجنس تأدية يمين الولاء لها (كأميركا) . أو تَخلّيه عن جنسيته الأصلية ، من أجل اكتساب جنسية دولة أخرى ، تشترط في قانونها فردانية الجنسية (كألمانيا) .
و يلاحظ أنه " من المبادئ المقررة دوليا ، أنّ الشخص إذا حصل على جنسية مكتسبة ، أفقده ذلك جنسيته الأصلية " . (احمد عطية الله . القاموس السياسي . ص 410) . و من أمثلة الأسباب المختلفة التي قد تلجأ إليها الدول لسحب جنسيتها من مواطن ما " تأدية و حلف يمين الولاء لدولة أخرى ، أو تخليه عن جنسيته في مقابل حصوله على جنسية دولة أخرى " . (د. مصطفى خشيم . موسوعة علم العلاقات الدولية . ص 331) .
و في أميركا ، و الأمر هنا - خصوصا - يستدعي التوقف عنده بمنتهى اليقظة ؛ لا يمكن إتمام إجراءات منح الجنسية ، ما لم يؤدِّ طالب التجنس يمين الولاء للولايات المتحدة . أما وجه الخصوصية في حالة اكتساب الفرد للجنسية الأميركية ، فضلا عن إعلان إفراد الولاء لأميركا ، تحت القسم - كما سيرد تاليا - فهو ما قد يثيره الخلاف حول حقوق الجنسية ، من توتر العلاقات الدبلوماسية مع دولة عظمى لا تتردد في التهديد بفرض العقوبات و تحريك الأساطيل الحربية ، و هي " قد تلجأ إلى ضمان رعاياها بطرق و وسائل غير ودية " . (د. فاضل زكي . الدبلوماسية في النظرية و التطبيق . ص 118) .
و من أمثلة الصلف الأميركي ، في توجيه التهديد و الإنذار و التلويح بالعصا الغليظة ؛ ما حدث فعلا في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الأهلية غير المرخصة في مصر ، حيث عقد مجلس الشيوخ الأميركي جلسة خاصة (31 يناير 2012) ، تم فيها توجيه تهديد مباشر بقطع المعونة الأميركية لمصر ، ما لم تفرج السلطات المصرية عن الموقوفين الأمريكان المتهمين جنائيا في تلك القضية . و بتاريخ 1 مارس 2012 ، أقلت طائرة خاصة المتهمين الأمريكان عائدة بهم إلى بلدهم مصحوبين بالملحق العسكري الأمريكي ، بعد أن أفرجت عنهم السلطات المصرية متنازلة بذلك عن حق الدولة المصرية في ممارسة سيادتها الوطنية فوق أرض بلادها ، تحت ضغط التهديد الأميركي .
و إنفاذا لمبدأ " نحميك حيثما وُجدت " ، في لقاء بتونس (8 مايو 2018) ، جمع بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي و القائمة بأعمال السفير الأميركي لدى ليبيا ، بحضور رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا ، طلبت الدبلوماسية الأمريكية من رئيس المجلس الرئاسي ، أن يولي كل الاهتمام لـ " المواطنين الأمريكان " من أصل ليبي !
و عودة إلى ما يعنينا من مسألة ازدواج الجنسية ، فيما يخص استحقاقات اكتساب الجنسية (المواطنة) الأميركية ؛ يتعين على المتقدم بطلب التجنس ، أن يقوم بتأدية يمين الولاء (المطلق) للولايات المتحدة الأميركية . و ذلك بالصيغة التالية ، مترجمةً تقريبيا من النص الانجليزي الرسمي : « بموجب هذا ، أعلنُ تحت القسم ، أنني أتخلى قطعيّاً و تماما عن أيّ ولاء أو إخلاص لأيّ أمير (حاكم) أجنبي ، أو عاهل (ملك) ، أو دولة ، أو سيادة ، مما أو ممن كنت حتى الآن أواليه كتابع (رعية) أو مواطن ، و أنني سأدعم دستور الولايات المتحدة الأميركية و قوانينها ، و أدافع عنها في مواجهة كل الأعداء ، بالخارج و الداخل ، و بنفس القدر من الإيمان و الولاء الحقيقيّيْن ، فإني سأحمل السلاح باسم الولايات المتحدة ، عندما يقتضي القانون ذلك ، و لسوف أؤدي الخدمة غير القتالية في القوات المسلحة للولايات المتحدة ، عندما يتطلب القانون ذلك ، و أن أؤدي العمل ذا الأهمية الوطنية تحت إمرة الإدارة المدنية ، حسب ما يقتضيه القانون ، و إني آخذ على نفسي هذا الالتزام بحرية ، و دون إضمار أي تحفظ أو نية للتنصل . فليساعدني الله » .
و هذا نص القسم القانوني ، للتعهد بالولاء لأميركا ، في صيغته الرسمية باللغة الإنجليزية :
(I hereby declare, on oath, that I absolutely and entirely renounce and abjure all allegiance and fidelity to any foreign prince, potentate, state,´-or-sovereignty, of whom´-or-which I have heretofore been a subject´-or-citizen that I will support and defend the Constitution and laws of the United States of America against all enemies, foreign and domestic that I will bear true faith and allegiance to the same that I will bear arms on behalf of the United States when required by the law that I will perform noncombatant service in the Armed Forces of the United States when required by the law that I will perform work of national importance under civilian -dir-ection when required by the law and that I take this obligation freely, without any mental reservation´-or-purpose of evasion so help me God.)
أما و قد تولي سلطة الحكم في ليبيا ، تشريعيا و تنفيذيا ، العشرات من فاقدي الجنسية الليبية (بقوة القانون) ، ممن اكتسبوا - باختيارهم - الجنسية الأميركية ، و كانوا قد أقسموا يمين الولاء المطلق للولايات المتحدة الأميركية - فضلا عن العشرات أمثالهم من حاملي مختلف الجنسيات الأجنبية - و هم لا زالوا يشغلون قمة هرم السلطة و مواقع اتخاذ القرار (كبرلمانيين و وزراء) ، كما لا زالوا يشغلون مختلف المناصب ذات الطبيعة السيادية (أعضاء مجلس نواب ، و أعضاء مجلس دولة ، و وزراء ، و سفراء ، و رؤساء هيئات و مؤسسات عامة .. إلخ) ..
فإن السؤال غير المحايد ، الذي يختصر مئات الأسئلة ، والذي يطرح نفسه على الشعب الليبي المستغفَل ، المخدوع ، و المستَخف به ، هو التالي :
(( هل ليبيا ولاية أميركية ؟! )) .
و الجواب متروك للتاريخ .



#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 2
- إيمان بـ (الوراثة) جبرا ، و ليس بـ (التعقل) اختيارا
- إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 1
- كان حاكما فوق التصنيف و لم يكن مواطنا عاديا !
- لم أكن شيطانا أخرس أو شاهد زور
- من زوايا رؤية أخرى
- الولايات المتحدة : أفول الحُلم و ضلال الاتجاه
- خدعوكم فقالوا إنها ثورة ! (2/2)
- خدعوكم فقالوا إنها ثورة ! (2/1)
- عشتاريات
- عيد المغيرة بن شعبة
- بلد غنيّ و شعب فقير و حكام (مْخانب) 2/2
- بلد غنيّ و شعب فقير و حكام (مْخانب) 2/1
- هي فوضى .. فلِمَ لا ؟
- ... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/2
- ... و باعوها في سوق النخاسة الدولية 2/1
- الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/3
- الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/2
- الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/1
- (نهر الكفرة) يفجر الأطماع المصرية بليبيا 2/2


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن زكري - إشكالية تعدد الجنسية (ازدواج المواطنة) 3