أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن مدن - لتستمرّ المقاطعة














المزيد.....

لتستمرّ المقاطعة


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7940 - 2024 / 4 / 7 - 10:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


نستعيد هنا السجال الذي دار بين زعيم الهند التاريخي وبطل استقلالها، المهاتما غاندي، وشاعرها الكبير طاغور، في ذروة المقاومة المدنيّة الواسعة للاستعمار البريطاني للهند، يوم سادت حملة لإحراق الأقمشة الأجنبية صيانةً للأقمشة الهندية، حيث دعا غاندي إلى عودة الهنود إلى مغزلهم اليدوي ليصنعوا ملابسهم بأنفسهم، حتى أنه استهجن موقف صديقه طاغورالذي كان رأى في العودة للمغزل اليدوي تراجعاً عن التقنية الحديثة، وخاطبه بالقول: "عندما فقدنا مغزلنا فقدنا رئتنا اليسرى، ولذلك نحن نشكو الآن مرض السلّ، ولن نستطيع وقف هذا المرض حتى نُعيد المغزل".

قال غاندي شيئاً آخر مهمّاً: "من الخطيئة أن أشتري القمح الأميركي في حين أنّ جاري الذي يبيع القمح الهندي لا يجد من يشتريه منه. كما أني أذنب إذا اشتريتُ الأقمشة الإنكليزية الغالية، مع أني أعرف أني لو اشتريت القماش الذي غزله ونسجه عمّالٌ هنود فإني استطيع أن أكسو نفسي وأكسوهم. ولذلك، عندما يتحقق لي ذنبي، وتفتضح أمام عيني خطيئتي، يجب أن أعمد إلى ما أملكه من ملابس أجنبية فألقيها في النار وأطهر بذلك نفسي، ثم أقنع بأن ألبس القماش الهندي الذي ينسجه أبناء الهند حولي، وإذا لم أجد هنوداً يغزلون، فإني أرى أن عليّ أنا نفسي أن أقوم بالغزل، حتى يقتدي بي الناس". وفي تلخيص بليغ لرأيه، قال وهو يخاطب الشاعر طاغور: "ملايين الهنود تطلب قصيدة واحدة من الشعر، هي الطعام المقوّي، ولن ينالوه إلا بالعمل الذي نقدّمه لهم" .

نشأ هذا النهج لدى غاندي عندما كان مقيماً في جنوب أفريقيا، في مسعى منه إلى الوقوف مع العمّال الآسيويين المقيمين فيها، حين دعاهم إلى سلوكٍ مشابهٍ في مقاطعة بضائع من يستغلونهم، ثم نقل تجربته هذه إلى وطنه الهند، وقاد شعبها في معركة الاستقلال متجنّباً استخدام العنف وسيلة لبلوغ هذا الهدف، وبدأ الحملة بتعبئة الناس للاعتراض على ضريبة الملح المُغالى فيها، وسيلةً من وسائل التصدّي للاحتلال البريطاني، عبر حرمانه من كل ما من شأنه أن يمدّه بالمال وقوّة العمل، وهو النهج الذي أثبت فاعليته في حمل المستعمر على إعادة حساباته، واضطراره لاحقاً للتخلّي عن هيمنته.

وتذكيرنا بدعوة غاندي إلى مقاطعة الأقمشة الأجنبية مرتبط بحملة مقاطعة منتجات الشركات الأجنبية التي تجاهر بدعمها إسرائيل في عدوانها الوحشي على قطاع غزّة وعلى كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي الحملة التي انطلقت غداة العدوان الذي دمّرالقطاع وقتل عشرات الآلاف من سكّانه في حرب إبادة لم يعلم العالم مثيلاً لها منذ زمن طويل، فضلاً عن أضعاف هؤلاء من المصابين والجرحى، وعن حملات التهجير المتواصلة.

لعلّ الشرارة التي أشعلت حملة مقاطعة الشركات الداعمة للعدوان في البلدان العربية وكذلك الإسلامية أو ذات الأغلبية المسلمة، ولدى جالياتٍ كثيرة في البلدان الغربية أيضاً، كانت الخطوة الاستفزازية التي قام بها صاحب امتياز سلسلة مطاعم ماكدونالد في إسرائيل، ألونيال، بتوزيع آلاف الوجبات المجانية على الجنود الإسرائيليين، غداة بدء العدوان، إذ أصبحت لا "ماكدونالد" وحدها، وإنما أيضاً عشرات الشركات ذات المصالح المشتركة مع إسرائيل، هدفاً لحملة المقاطعة. وتشير المعطيات إلى تراجع مبيعات كثير من هذه الشركات، وفي مقدّمتها "ماكدونالد" بالذات، وهو الأمر الذي حمل الشركة الأم على إعادة 225 متجراً يحمل اسمها في إسرائيل إلى ملكيتها، ويعمل فيها قرابة خمسة آلاف شخص، ومن دون المبالغة في مدى أهمية هذه الخطوة، فإنها بالتأكيد تحمل مغزىً معنوياً مهماً، كأن الشركة أرادت "البراءة" من وكيلها في إسرائيل، لمحاولة تحسين صورتها، والإيحاء برفض ما قام به، بعد اعتراف السلسلة بالآثار السلبية للمقاطعة على مبيعاتها، مشيرة إلى أن تجارتها في الشرق الأوسط كانت الأكثر تضرّراً، وتراجعت مبيعات الشركة خلال الربع الأول من العام إلى أدنى مستوياتها، منذ ما يقرب من أربع سنوات، وانخفضت أسهمها بنحو 4% بعد الإعلان عن نتائج المبيعات، واعترف رئيس الشركة بأنه ما دامت الحرب مستمرة في غزّة "لا نتوقع أن نرى أي تحسّن كبير في هذه الأسواق".

ما "ماكدونالد" إلا نموذج من نماذج الشركات التي أوجعتها حملة المقاطعة، التي يجب أن تتحوّل إلى نهج دائم في سلوكنا، وألا تكون مرهونة فقط باستمرار الحرب الحالية على غزّة، خاصة مع توفرالبدائل، وفي مقدمتها المنتوجات الوطنية في كل بلد.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صنعوا داعش ولم يصنع نفسه
- نساء على دروب غير مطروقة
- إعادة قراءة .. إعادة كتابة
- بدرية خلفان .. سيّدة البدايات
- مجزرة الجياع
- التاريخ بوصفه حاضراً
- الرواية والمدينة في الخليج
- هل قادم البشر أفضل؟
- مقدّمات العدوان الصهيوني على غزّة وتداعياته
- رسائل من الغربة وعنها
- ظمأ للمعرفة لا يرتوي
- الغرب وازدواجية المعايير
- غزّة الشاهدة والشهيدة
- لماذا لا (تتعولم) أمريكا؟
- المصائب لا تاتي فرادى
- للكتاب أكثر من عنوان
- انتحار الجنرال
- (صوت الذين لا صوت لهم)
- قمة بريكس
- طاغور أول آسيوي ينال (نوبل)


المزيد.....




- 60 قتيلًا في فيضانات مدمّرة شمال الصين.. ودار للمسنين تتحول ...
- استقالة رئيس وزراء ليتوانيا في إطار تحقيق بشأن مخالفات مالية ...
- ملف حصر السلاح يضع حزب الله والدولة اللبنانية على مفترق طرق ...
- السجن مدى الحياة لسويدي لدوره بقتل طيار أردني
- روبيو: الاعتراف بدولة فلسطينية يقوض المفاوضات ويزيد تعنت حما ...
- كاتب تركي: ما أهمية ميثاق التعاون الدفاعي بين تركيا وسوريا؟ ...
- العلاقات الروسية السورية.. اتفاقيات للمراجعة وملفات للمستقبل ...
- استهدفتها بأسلحة جديدة في مواقع مختلفة.. ما رسائل موسكو لكيي ...
- 15 قتيلا في هجوم روسي على كييف وزيلينسكي يدعو إلى -تغيير الن ...
- شاهد.. لحظة انقسام لعبة -البندول- في مدينة ملاهي بالسعودية إ ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن مدن - لتستمرّ المقاطعة