أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - التاريخ بوصفه حاضراً














المزيد.....

التاريخ بوصفه حاضراً


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7855 - 2024 / 1 / 13 - 13:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قبل أيام كنت أتابع أحد مقدّمي البرامج الساخرة، التي تُعرف ب«ستاند أب كوميدي»، حيث تناول مطالبة السود الأمريكان بإزالة تماثيل كل الشخصيات التي تورطت في تجارة العبيد، بعد سيطرة البيض على القارة الأمريكية.

تناول المقدّم للموضوع ملتبس، حين قال ما مفاده: حسناً فلنُزِل تمثال أحدهم لأنه كان تاجر عبيد، ولكن ماذا نعمل بمستشفى بناها نفس الشخص، تقدّم الخدمات للمرضى، فهل نزيلها أيضاً، لأن بانيها تورط في انتزاع الأفارقة من بلدانهم بالقوة، ووضعهم في سفن قطعت المحيطات إلى أمريكا ليصبحوا عبيداً للبيض؟.

كأنّ مقدّم البرنامج يطالب بتعامل «موضوعي» مع شخصيات التاريخ، فنذكر سلبياتها ونقف أيضاً على إيجابياتها، داعياً إلى أن يبقى التمثال المعني في مكانه، ولكن تحته تكتب عبارة من نوع: إنه كان أحد أبطال الحرب الأهلية، وإنه بنى مستشفى أو مدرسة، كما أنه كان متورطاً في تجارة العبيد، ولا بأس، حسب مقدّم البرنامج، بأن نبدأ في الوصف من الآخر، فنقول إنه كان تاجر عبيد، ولكن كانت له أفضال على أمريكا في جوانب معينة.

قضية ملتبسة فعلاً، هل تشفع لتاجر العبيد مسألة أنه بنى مستشفى، خاصة أنه كان في ذهنه، أن تكون خدماتها قصراً على البيض وحدهم، فالسود لا يستحقونها؟، وكيف يمكن محو ذاكرة أجيال من السود نالت ما نالت من اضطهاد واستغلال وتوحش؟، كيف يمكن حملهم على النظر إلى تمثاله كلما مرّوا بالشارع الرئيسي الذي وضع فيه، في صورة من صور «التكريم» له رغم ما اقترفته يداه من جرائم بحق أجدادهم وآبائهم؟

ثمّة دعوة تتكرر كثيراً حول التسامح مع التاريخ، وطيّ صفحاته الموجعة، وفي حالات كثيرة تنطلق مثل هذه الدعوات من نوايا خيّرة، غايتها ألا يبقى الناس أسرى الذاكرة الماضية، جريحة كانت أو متوحشة، وأن يسعوا، معاً، لتأسيس حاضر جديد، يتجاوز ذلك، لكن ليس أبلغ من رد على مثل هذه الدعوات من مقولة الزعيم نيلسون مانديلا، أحد أبرز رموز الكفاح والتسامح في القرن العشرين، فبعد أن انتصر السكان الأصليون في جنوب إفريقيا، بقيادته، على التمييز العنصري الذي مارسه المستوطنون البيض عليهم لأمدٍ طال، قال مانديلا: «نغفر لكننا لا ننسى»!

كان مانديلا، كعهده دائماً، صادقاً فيما يقول. عبارته خالية من روح الانتقام والتشفي، وهو مارس الغفران الذي دعا له. عنده يقترن الفعل مع القول. لكنه حذّر من النسيان، فالمتعيّن، بدلاً من ذلك، استخلاص العبرة، كي لا يعيد التاريخ نفسه، ولا بأس من التذكير بأن مانديلا، الذي تنظر محكمة العدل الدولية في دعوى بلاده ضد إسرائيل لارتكابها جريمة الإبادة الجماعية في غزّة، هو القائل بعد هزيمة العنصرية في بلاده: «نعلم أن حريتنا منقوصة بدون الحرية للفلسطينيين».



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية والمدينة في الخليج
- هل قادم البشر أفضل؟
- مقدّمات العدوان الصهيوني على غزّة وتداعياته
- رسائل من الغربة وعنها
- ظمأ للمعرفة لا يرتوي
- الغرب وازدواجية المعايير
- غزّة الشاهدة والشهيدة
- لماذا لا (تتعولم) أمريكا؟
- المصائب لا تاتي فرادى
- للكتاب أكثر من عنوان
- انتحار الجنرال
- (صوت الذين لا صوت لهم)
- قمة بريكس
- طاغور أول آسيوي ينال (نوبل)
- الناتو يقايض كييف
- ولا عزاء للورق
- هل يصبح اقتصاد (الأطراف) مركزاً؟
- ثنائي بايدن - تراب باقٍ
- تاريخا ميلاد لإيزابيل الليندي
- التسامح ومداواة الجروح


المزيد.....




- السعودية.. القبض على مواطن بتهمة ابتزاز قاصرين على شبكات الت ...
- ما هي مطالب طلاب الجامعات الأمريكية بخصوص الحرب في غزة؟
- عشرات الملايين يستخدمون تطبيق واتساب سرا في الدول التي تحظره ...
- بسبب دعمه لحماس على تطبيق واتساب.. ضابط شرطة بريطاني يواجه ت ...
- ترمب يستغل توقف محاكمته لاستئناف حملته الانتخابية
- تركيا تعتقل 41 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بتنظيم -داعش-
- قراءة في المتن على هامش -انتفاضة الجامعات الأميركية-
- صحف عالمية: نتنياهو تائه وكمين إستراتيجي ينتظره برفح
- ما سيارات أشهر وأهم الشخصيات في عالم التقنية الآن؟
- محكمة إسرائيلية ترفض التماسا للأسير مروان البرغوثي


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - التاريخ بوصفه حاضراً