أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - انفصام ثقافي !














المزيد.....

انفصام ثقافي !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7931 - 2024 / 3 / 29 - 13:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتعايش العرب سنة وشيعة بتواد وتراحم وتسامح، ولكن ليس في أوطانهم، بل في دول أوروبا وأميركا العالمانية المتقدمة. أما في بعض أوطانهم، فيسفكون دماء بعضهم البعض وكل طرف يدمغ الآخر بالكفر والضلال ويعده بالويل والثبور وبعظائم الأمور في الآخرة، متوهما بأن الحق الى جانبه وأنه الممثل الحصري للدين الحق. ونكاد نكون الأمة الوحيدة على وجه الأرض غير المتفقة بخصوص ماضيها ولا المتصالحة مع تاريخها. ونحن أيضًا الأمة الوحيدة بين الأمم، التي لم يرتقِ مستوى وعيها الجمعي بعد إلى الفصل بين الدنيوي والديني في شؤون حياتها، ولم تتوصل بعد إلى أن تعطي لله ما لله ولقيصر ما لقيصر. والنتيجة، أكثر بلداننا يعيش اليوم حالة حرب أهلية، اما مشتعلة كما في عدد منها، أو صامتة ولكن كما الجمر الكامن تحت الرماد. فاذا لم يكن هذا انفصاما ثقافيا، فما معنى الانفصام؟!
كثيرون منا يتمنون لو يغادروا الى الدول العالمانية المتقدمة للعيش هناك أو ارسال أبنائهم للتعليم والحياة الدائمة. أما في أوطانهم، فيلعنون العالمانية، ومنهم من يردد ذلك كالببغاء لا يعي ما يقول أصلا. وعندما تظهر آراء تطرح قناعاتها بالعالمانية، من حيث التفسير والدعوة الى الأخذ بتطبيقاتها، تواجه أطاريح كهذه بالفحيح والهجاء الظلامي القروسطي. أليس في ذلك انفصام متأصل في النفوس ووعي زائف متكلس في الرؤوس؟!
العالمانية، أصلا وفصلا حصيلة تجارب الانسان وكفاحه لبناء دول مستقرة ومزدهرة ومتقدمة بعد سفك دم وضحايا بالملايين نتيجة خلط الدنيوي والديني، والاشتباك بين ما لله وما لقيصر في عقول البشر وفي أنماط تفكيرهم. فكانت نتيجة لذلك الحروب الدينية في أوروبا خلال القرون الوسيطة، وقد حصدت أرواح الملايين، وكادت تفني أمما بأكملها في حينه مثل الأمة الألمانية. وعليه، فالعالمانية أرقى ما توصل اليه العقل الانساني في تنظيم العلاقة بين الدنيوي والديني، وذلك بوضع حدود فاصلة بين السياسة والدين. فما اختلط هذين، أي السياسة والدين، الا وكان خراب الأوطان حاضرا لا محالة، نتيجة الفتن والاقتتال على خلفية توظيف الدين من قبل بشر للتحكم ببشر آخرين باسم "الحق الالهي" وتنويعاته، كما كان يفعل رجال الكنيسة في قرون غابرة مظلمة وكما يفعل "أناس" عندنا اليوم في القرن 21 وان بمسميات مختلفة. فالاستبداد عبر التاريخ وما يزال، يستسهل توظيف الدين للتحكم بالبشر والشجر والحجر. ولضمان هذا التوظيف لا بد من غسل العقول وتنويم البشر، والأخطر من ذلك غرس الخوف في النفوس للسيطرة على الانسان. فأينما وجد الخوف، هناك دائما سلطة استبدادية. ولضمان ذلك ينتج الاستبداد أدواته، ولا مشكلة لديه أن يدعي هؤلاء امتلاك الحقيقة المطلقة أو انتداب أنفسهم للنطق باسم السماء كونهم كما يتوهمون نوابا حصريين لها دون غيرهم.
الدليل الأفقع على ما نقول، تأملوا خارطة العالم بعين العقل وبالعقل وحده وليس بغيره. الدول العالمانية مستقرة ومزدهرة وتتقدم كل يوم، أما واقع حالنا في الوطن العربي، فقد شخصناه بايجاز في السطور السابقة.
لا يضير العالمانية أن يسئ فهمها أحد أنصارها أو يغالي في هذا الفهم، ولا يعيبها بعض أنموذجاتها التطبيقية، لكنها كما قلت، وبالدليل الذي ذكرت، أرقى ما توصل اليه العقل الانساني في تنظيم العلاقة بين الشأنين الدنيوي والديني. عمادها الرئيس وركنها الأبرز، فصل الدين عن السياسة واخراجه من ملعبها نهائيا، والا فالاستبداد والفتن والحروب الأهلية.
ولعل أغرب ما يقال عن العالمانية، أنها مقدمة للتطبيع. فلا أدري ما العلاقة بين العالمانية والتطبيع؟! مثل هذا الكلام قيل عن الديمقراطية، وما يزال بعضهم يقوله بالمناسبة.
الديمقراطية والعالمانية تشتركان بقيم المساواة بين البشر، بغض النظر عن اللون والجنس والدين والعرق. وهما أيضا، تضمنان حرية الرأي والمعتقد. ولهذا لا ديمقراطية حقيقية من دون عالمانية، وعلى وجه التحديد من دون فصل الدين عن السياسة.
في السياق، لا يكره رجال الدين العالمانية حبا بالدين. المطلعون منهم والعارفون، يعلمون أن العالمانية لا شأن لها بالايمان والكفر، وأنها تضمن حرية العبادة. هم يعادون العالمانية، لأنها تنزع منهم السلاح الذي به يفرضون أنفسهم على المجتمع وبسطاء الناس بخاصة، وبواسطته يترزقون، وهو الدين. فالعالمانية لا تسمح لأحد أن يدعي "الحق الالهي" وأنه "ظل الله في الأرض" أو "النطق باسم السماء" و "توزيع الناس على الجنة والنار". هنا، وهنا بالذات، سبب عدائهم للعالمانية، وهناك من يلهث في غبارهم ممن أعانهم الله، دون وعي ومعرفة.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضلع القاصر !
- العماليق
- الدين والتسلط
- إلى الأردنيين قبل البشر أجمعين!
- حارس المرمى !
- من طبائع الإجتماع الإنساني (المحترم وغير المحترم)
- نكشة مخ (9)
- من نقاط قوتهم وأسباب ضعفنا !
- مكمن الداء والدواء!
- مقول القول ومختصره !
- الخلافة... الوهم والحقيقة!
- انحطاط فقهاء السلطان !
- التقرير الذي أغاظ -النتن- !
- نكشة مخ (8)
- العبودية الذهنية...الداءُ والدواء.
- إليهن في الثامن من آذار
- نكشة مخ (7)
- الهدف الحقيقي لحرب الإبادة.
- ثلاثة في مأزق !
- الكهنة رجال الدين الأوائل وأصل الأضحية !


المزيد.....




- ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد الحديث على القم ...
- معظم الفلسطينيين واليهود يريدون السلام، أما النرجسيون فيعرقل ...
- معركة اليرموك.. فاتحة الإسلام في الشام وكبرى هزائم الروم
- مصر.. شهادة -صادمة- لجيران قاتل -طفل شبرا-: متدين يؤدي الصلو ...
- السعودية.. عائض القرني يثر ضجة بتعداد 10 -أخطاء قاتلة غير مع ...
- كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط ...
- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - انفصام ثقافي !