أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة














المزيد.....

لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 7915 - 2024 / 3 / 13 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا بد من الاشارة إلى وجود بعض التجاوز المعرفي في استخدام مصطلح الفكر السياسي الفلسطيني عند تفسيرازمة الحالة الوطنية الفلسطينية عبر جزئية في سياق طارئ كالحرب على غزة، أو حتى بالعودة الى برنامج النقاط العشر عام 1974 الذي يعد بدايات التبني الفلسطيني للمقاربة المثالية في حل الصراع مع اسرائيل.
ولكن ايضا فان اختزال تفسير هذه الازمة بجانبها الدبلوماسي - الذي تجوز به الدعوة لاعادة النظر والمراجعة – فيه تجاوز للحقائق اذ يعود كثير من أسبابها إلى واقعها الموضوعي حيث حالة انكسار النظام العربي وتآكل هياكله وقيمه واطره وانحلاله الى مجموعات فرعية، إلى جانب إعادة توزيع القوة على الصعيد الدولي واحتكار الولايات المتحدة لملف الصراع العربي الاسرائيلي.
بيد ان ذلك لا يحجب ضرورة التوقف امام اخفاقات العامل الذاتي، وردها الى بعض مكونات الفكر السياسي، الذي عنه تنبثق آليات التصور والتنفيذ والتعديل والمراجعة وإعادة البناء وفقا للمتغيرات الطارئة التى ترافق تطورات الصراع، الناجمة عن فكر الخصم المقابل، خاصة وان تاريخ الأفكار السياسية قد رصد كما هائلا من التخارج بين الفكر والممارسة، رجحت فيه كفة الدناءة في السلوك على كفة النقاء في الفكر، وهو ما يستوجب ادامة التحري لمعرفة مستوى دناءة السلوك عند أصحاب الفكر الدنيء اذا ما كان سلوك أصحاب الفكر النقي يسجل مستويات عالية من تلك الدناءة.
يضاف إلى ذلك فإن الاتجاه المثالي في تحليل العلاقات الدولية بدأ بالتراجع منذ ثلاثينات القرن الماضي، أمام اصرار الدولة على امتلاك القوة واستعمالها في علاقاتها مع الدول الاخرى، وفشل ما تسمى بالحقوق والالتزامات القانونية الدولية والتناسق الطبيعي بين المصالح القومية كوسيلة للحفاظ على السلام العالمي والتركيز على دور العقل في إدارة الشؤون العالمية، في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية.
كما جاءت نتائج الحرب الباردة وانهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي لتعمق من الاحساس بخيبة امل اتباع المدرسة المثالية وتعلي من أصوات الواقعيين، اذ عادت طروحات عديد منظري هذه المدرسة أمثال مورجنثاو وجورج كينان لتطغى على أدوات تحديد الرؤية المستقبلية لعالم الغد التي اكتملت ملامحها بمقاربات فوكوياما وهنتغتون وجون مير شايمر وما تلى ذلك من وجهات نظر اكدت كلها على الهزيمة التاريخية للمقاربة المثالية.
وعلى الرغم من هذه الدلائل التي تنبئ بفشل المراهنة على المثالية في إيجاد علاقات متوازنه بين الدول، فان القيادة الفلسطينية لم تجد امامها بعد حرب الخليج الثانية، سوى إعادة المراهنة على هذا الخيار، والتركيز من بين عدة عناصر يتكون منها على المقاربة القانونية التي لم تكن يوما الا مقاربة لاعادة انتاج الواقع بما يخدم مصالح الأطراف الأكثر قوة.
ورغم ذلك فلايمكن إنكار الانجازات الضخمة التي حققتها الدبلوماسية الفلسطينية، إذ تمكنت من انتزاع مساحات واسعة للسردية الفلسطينية في الوعي الدولي مقابل السردية الاسرائيلية والحصول من أعلى الهيئات الدولية على عشرات بل مئات القرارات المؤيدة للحق الفلسطيني، وسُجلت اعترافات مختلف دول العالم بالدولة الفلسطينية، وحمت قبل ذلك شرعية السلاح الفلسطيني، والقرار الوطني المستقل.
وفي المقابل، صحيح ايضا ان هذه الدبلوماسية قد تكون وقعت في مأزق عدم القدرة على تجاوز مرحلة السعي لاعتراف الاخرين بالحق الفلسطيني الى مرحلة تجسيده ماديا وبناء الدولة، وبقيت تدور في حلقة مراكمة قرارات الاعتراف إلى حد فاق مستويات الاشباع القصوى، غير ان السبب الحقيقي في هذا المأزق يعود بالأساس إلى المأزق الفكري للسياسات الفلسطينية التي بقيت رهينة المقاربة المثالية. ولكي لا ُتحمل هذه الدبلوماسية ما ليس هو من اختصاصها المباشر باعتبارها إحدى وسائل تنفيذ السياسات التي يحددها المستوى القيادي، فإن ذلك هو ما يدعو إلى ضرورة إعادة النظر بهذه السياسات وبالخيارات الفكرية التي انبنت عليها.
صحيح ان القيادة الفلسطينية في السنوات الاخيرة أعلنت غير مرة ومن أعلى قمة الهرم فيها ان الولايات المتحدة لم تعد مصدر ثقة لاحتكار ملف الصراع وانها ليست الطرف الذي يمكن له لعب دور الوسيط، وطالب الرئيس محمود عباس في أكثر من مرة بتفعيل المقاومة الشعبية، غير ان كل ذلك بقي يدور في فلك نفس المقاربة، وانه في حالات الغضب كان يأخذ شكلا من أشكال الحرد السياسي اكثر منه مراجعة للسياسات القائمة.
واليوم ورغم الحرب التدميرية البشعة التي تشنها إسرائيل باسلحة وغطاء سياسي أمريكي على قطاع غزة والصور المروعة التي تصل من هناك حيث تنتهك آدمية الإنسان الفلسطيني الذي يتم تحويله إلى انسان بدائي بكل ما في الكلمة من معنى، والحرب الصامتة على مخيمات الضفة الغربية، رغم كل ذلك ورغم ان السياق المنطقي لمجريات الاحداث يفرض ضرورة ان تضغط أمريكا على إسرائيل لتحريك ملف الحقوق الفلسطينية لحماية وجود إسرائيل وبقائها كما بات يعبر عن ذلك الرئيس بايدن نفسه الا أن واشنطن تصر واقعيا على المضي قدما في مغامرة تشجيعها للالتفاف على تلك الحقوق ومنحها الوقت الكافي لتنفيذ مخططاتها بغطاء من التصريحات الفضفاضة عن ما يسمى بحل الدولتين.
لقد بات واضحا اكثر من اي وقت مضى ان أقصى ما يمكن ان تقدمه الولايات المتحدة في ظل هذا الاصرار العربي على الانكفاء وعدم الاكتراث، هي أشكال من الادارات الذاتية التي عادة ما تعطى للاقليات القومية، وانه صار واضحا أيضا ان الخيارات الفكرية للعمل السياسي والوطني الفلسطيني بات بحاجة ماسة لتجاوز الحرد السياسي إلى اعادة مراجعة عميقة.

هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كامالا هاريس تخاطب نتنياهو كما لو كان جونغ اون!!!
- تساوي الفرص
- جراحات امريكية تجميلية لترحيل الازمة
- ماذا وراء التلويح باجتياح رفح؟
- انقاذ الدور الاسرائيلي على حسب الدور السعودي
- البعد السياسي في قرارت لاهاي
- هل تعني السعودية ما تقول؟
- إسرائيل أصغر حجما من دورها
- ايران والحرب على غزة: الدولة بين واقعها وخيال حكامها
- حتى لا نبدد فرصة اكتوبر
- ليس تحليلا للخطاب ولكن: ماذا قال الشيخ نصر الله ؟؟
- هل يدفع اختراق اكتوبر واشنطن لمراجعة استراتيجتها الشرق اوسطي ...
- الامتحان الأصعب وربما المصيري
- لن تفرط السعودية بقيادة النظام العربي من اجل التطبيع
- قمة الجزائر: قمة التغيير
- الفخ الاوكراني وحسابات الحقل والبيدر
- الاستعداد الفلسطيني لاحتمالات تحريك عملية السلام
- دولة للحمقى والمجانين
- العرب يفكون ارتباطهم بفلسطين
- هل هو تمهيد فلسطيني للخروج من المقاربة الاخلاقية؟


المزيد.....




- حمم قاتلة من بركان نشط وفيضانات واسعة تضرب إندونيسيا وتقتل 3 ...
- السعودية.. دراسة تكشف عن -دليل غير مسبوق- على أن إنسان العصر ...
- طالبة تصور شجارا بين زملائها داخل مدرسة وتبثه مباشرة.. شاهد ...
- بعد حرب غزة.. هل ستفوز حماس إذا أجريت انتخابات؟ شاهد كيف رد ...
- مصر.. بيان حول زيارة السعودية يثير جدلا واسعا
- احتجاج في جورجيا ضد إقرار قانون يخص التمويل الخارجي لوسائل ا ...
- محكمة ألمانية تصنف -حزب البديل- اليميني كحركة متطرفة ومشتبه ...
- واشنطن تحذر إسرائيل من هجوم برفح يسبب فوضى ولا يحل مشكلة حما ...
- مشاركة عزاء للرفيق خليل عليان بوفاة ابن عمه
- الإعلام العبري: مخاوف في تل أبيب بعد -تهديدات صريحة- من مصر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة