أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - دولة للحمقى والمجانين














المزيد.....

دولة للحمقى والمجانين


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 6685 - 2020 / 9 / 23 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سيكتب المؤرخون اليهود في يوم ما ان دولة اسرائيل لم تكن سوى دولة للحمقى والمجانين وان استمرارها كل هذا المدى لم يكن اكثر من مجرد صدفة انتجها مسار حركة القوة على محور الزمن.
وقد يتضح ان هذه الصدفة منحت اسرائيل امكانية للامتداد اكثر عبر الزمن لو تمكنت من تحديد لحظة ما قبل بداية تراجع القوة وانهيارها الحتمي وتوقفت عن جشع فرض شروط بقائها والاجحاف بحقوق الاخرين.
ولكون السياق الطبيعي لبلورة فرصة للتعايش الاطول مع الاخر في كنف هذه الصدفة كان ومازال يكمن في توفر قدر من الحكمة لتحديد السقف الاقصى لشروط لا تخرج عن مبدأ الانصاف، لإنتاج بيئة توفر حدا من الكرامة تشجع على الاستمرار في تجربة التعايش المشترك، فان اسرائيل التي وقعت ضحية عنجهية قوتها المبنية على القوة الامريكية فشلت فشلا ذريعا في امتحان الحكمة هذا.
ولم يتوقف فشلها عند حدود اضاعة كافة الفرص وهدرها على مذبح التطرف والغرور، بل انها بعدوانيتها واصرارها على النية باستمرار التوسع والاستيلاء على حقوق الاخرين وجهت طعنة قاتلة لثقافة السلام، واعادت مسرح الاحداث لاجواء ثقافة التطرف والعنف بعد ان ساد اعتقاد لفترة من الزمن ان المنطقة تغلبت على لغة الحرب والتوتر.
وتأتي اليوم مؤشرات هذا الفشل، في الهروب الاسرائيلي الى الامام ومحاولة الالتفاف على حقائق الواقع وخلق آليات للتجاوز المفتعل حيث حط رحالها في بعض دول الخليج دون ان تؤمن مؤخرتها التي ستبقى عرضة لتهديد يحول دون اعطاء معنى نوعي لهذا الهروب ويبقيه بدون فوائد تبرره.
ونتنياهو الذي يكابد للهروب من تداعيات فضائح فساد تطارده ويغلب مصلحته الشخصية على حساب يهود دولته يدرك ان بدايات ضعف الدولة وتراجعها يبدأ مع مغامرة انتشارها خارج منحى التوسع الذي يقتضيه فائض قوتها او الانتشار وفقا لفائض قوة حلفائها كما هو حال اسرائيل اليوم، حيث تؤكد التجربة ان معظم خياراتها واستراتيجياتها كانت خيارات دولة المركز الراعية لقوتها ووجودها.
واذ يصعب على المتابع لنهج ادارة ترامب استبعاد فرضية ان المرجعية الفكرية لها تعتمد بصورة اساسية على طروحات جوزيف ناي التي تؤسس لنظرية المحافظة على المكانة دون الهيمنة، هروبا من حتميات بول كيندي سليل المدرسة الواقعية، التي لا تجد مناصا من انهيار قوة الدولة وتحولها، فانه لا يسع هذا المتابع ايضا الا ان يسجل تطورا ما طرأ على الدور الوظيفي لإسرائيل في اطار ما تسميه واشنطن بإعادة تصحيح المسار وابقاء الولايات المتحدة على قمة هرم نظام دولي ما زال قيد الولادة.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة لاطروحات ناي التي لا تخرج في النهاية عن نطاق حتميات كيندي حيث لا معنى لبقاء القوة خارج السعي للهيمنة اذ يعتبر ذلك تبديدا لمفهوم القوة والحاجة لامتلاكها، فان نتنياهو وللنجاة بجلده يضحي بمصلحة استمرار دولته الامن ويذهب الى مربعات التصعيد والتصعيد الخطير احيانا بهدف احتواء وترحيل ازمة تخليق شروط فرصة التعايش المشترك التي يوفرها انهيار النظام العربي البائس الذي قبل بكل الشروط الاسرائيلية.
ولكن هذا لا يعني ان نتنياهو يختزل الدولة بشخصه، كذلك لا مناص من الاعتراف ان اسرائيل دولة لها مؤسسات وان لصناعة القرار فيها تقاليد تخرج عن نطاق الفرد بالإضافة الى الدور الحاسم لدولة الرعاية في صناعة قراراتها وخاصة منها المتعلق بالصراع داخل المنطقة.
وهنا مكمن الخطر اذ يشير غياب احتمال ان يكون نتنياهو شخصيا وراء اضاعة اكثر من فرصة لاغتنام امكانية تخليق شروط التعايش المشترك القائم على قليل من الانصاف فان ذلك يؤكد ان مرد هذه الاختيارات الفعلي هو تفشي ثقافة العدوان والاستيلاء على حقوق الاخرين وانهيار ثقافة السلام في اروقة صنع القرار.
وبالعودة الى افتراض تمكٌن طروحات جوزيف ناي من استراتيجيات ترامب لاعادة تصحيح المسار والتخلص من النظام الدولي الليبيرالي برمته - وهو الاكثر ترجيحا - فان محاولات اسرائيل القفز عن حقائق الصراع مع الفلسطينيين والذهاب بعيدا نحو الخليج هو تعميق لدورها الوظيفي والخدمي ضمن الرؤية الامريكية للمحافظة على المكانة حيث يوفر لها الوجود الاسرائيلي في الخليج امكانيات افضل للتفرغ لمجابهة القوى الصاعدة في النظام الدولي.
مؤكد ان ما تسبب به نتنياهو من تفش لسياسات وثقافة اليمن المتطرف في اروقة ومؤسسات صناعة القرار والانخراط اكثر فاكثر في الدور الخدماتي لإسرائيل في علاقاتها مع الدول العظمى لن يروق كثيرا لبن غورين او لاي من الاباء المؤسسين لدولة اسرائيل الذين وضعوا مقاربة لعلاقة تبعية مع الكبار تؤدي الى توسيع هامش المشروع الصهيوني نفسه. كذلك فان شمعون بيرس قد لا يجد في سياسات اليمين الحاكم في اسرائيل ما يترجم رؤيته للشرق الاوسط الجديد التي بشر به مطلع تسعينيات القرن الماضي.
ان وصية هرتسل لاتباعه بالمحافظة على علاقة دائمة مع القوة الاعظم في العالم لضمان استمرار الوجود كانت تنطوي على درجة عالية من الخبث والانتهازية لصالح توسيع هامش المشروع الصهيوني، ولم ينصح لاتباعه بالذهاب للهاوية كما يفعل اليوم حمقى اسرائيل ومجانينها.
صحيح اننا لا نعثر في فكر ووصايا هرتسل على شيء من الحكمة يصبغ قدرا من المشروعية على اكذوبة المظلمة اليهودية التي تبحث عن بقاء ما. ولكن لو ُقدر له ان يعود للحياة ثانية فانه قد لا يطالب بأكثر مما منحتهم اياه خطة قمة بيروت التي تفتح الباب على مصراعيه للتوسع شرقا وغربا مقابل الاعتراف للاخر بحق البقاء.
ولكن يبدو ان كل هذا الكم الكبير من الحمق الذي اجتمع لدى قادة اسرائيل القائم على عمى عنجهية القوة ليس سوى احد مظاهر حتميات قصور التفكير الصهيوني الذي يقود لتكرار المأساة.



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب يفكون ارتباطهم بفلسطين
- هل هو تمهيد فلسطيني للخروج من المقاربة الاخلاقية؟
- هل ينهار مشروع الامارات لتسييد اسرائيل
- التطبيع الاماراتي: تحالف ضرورات البقاء
- لكي لا تواصل اسرائيل تجاهل الممكن والبحث عن المستحيل
- بناء شراكة استراتيجية فلسطينية اردنية لمواجة الضم
- التطبيع الاماراتي مع اسرائيل مقدمة للاطاحة بالحق الفلسطيني
- للمحافظة على زخم معركة إسقاط صفقة القرن
- أيُعدّ ظهور العتيبة على صفحات يديعوت احرونوت دحلان لدور قادم ...
- لافشال قرار الضم الاسرائيلي
- أبو مازن” الذي رافق عملية السلام إلى حدود الهاوية يلقي اليوم ...
- مسلسل النهاية الذي عرى مفهوم السلام المشوه
- ملاحظات على هامش ادارة ازمة كورون.......هل تتغير آليات تفكير ...
- التطبيع مساحة الخلاف التي يحبذها البعض
- تدهور المكانة التفاعلية للنظام العربي طريق اسرائيل للاطاحة ب ...
- هل ستكون سوريا ضحية ايران الجديدة ؟؟
- تدويل الازمة السورية واحتمالات الحرب
- في الذكرى الاولى للثورة المصرية الصراع على تصحيح العلاقة بين ...
- الإستراتيجية الأميركية الجديدة: إعادة تكييف قوة الهيمنة على ...
- برهان غليون يستعجل الغزو الاجنبي لسوريا !!!.


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - دولة للحمقى والمجانين