أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - في الذكرى الاولى للثورة المصرية الصراع على تصحيح العلاقة بين الدولة والسلطة















المزيد.....

في الذكرى الاولى للثورة المصرية الصراع على تصحيح العلاقة بين الدولة والسلطة


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مصر التي تستعد للاحتفال بالسنوية الاولى لثورة 25 يناير، وكما هو الحال في كل البلاد او الدول العربية لا زال اوار الصراع يشتد حدة بين مكونات المشهد السياسي، في ظل خلط لا يكون الا خارج السياق، بين الدولة والسلطة، خلط ورثناه على اقل تقدير بعد نهاية دولة الرسول صلوات الله عليه وسلامه في المدينة، وتمأسس عقلا ووعيا مع نهاية الدولة الراشدة، هناك في دمشق على يدي واليها معاوية بن ابي سفيان.
ففي مصر الان وفيما بعد الثورة تعاد صياغة معادلة مساواة السلطة بالدولة، بمساواة المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية، وفي احسن الحالات الجيش المصري بالدولة المصرية، ويتداول المصريون سؤالا عما اذا كان الوضع هناك انعكاسا لازمة المجلس العسكري او لازمة الجيش ودوره في الدولة، ويصار الى القفز عن كون الازمة هي ازمة ترتيب العلاقة بين الدولة والسلطة، النابعة اساسا من اعتبار الازمة برمتها هي ازمة وعي بمفهوم الدولة، وان علاجها ليس عبر وضع الجيش فوق الدولة والقانون.
وفيما يسجل لاول مرة ان الشعب المصري الذي ثار على سلطة شخص واحد لم يبق من الدولة المصرية الا ما يصلح منها لاستمرار سلطته، ينحو باتجاه تصحيح تلك العلاقة المعوجة بين الدولة والسلطة، عبر اعادة موضعة الدولة في المكان الاعلى من السلطة باعتبارها انبثاقا لاحدى ضرورات تبلور وجودها الملموس، فان بعض النخبة المصرية ترى بالعودة القهقري الى حيث استلاب السلطة مجددا للدولة.
ففيما ينقل الاعلام المصري ومتبنيا في نفس الوقت لاستهجان بعض الاعلاميين والاكاديميين من امثال حسن أبو طالب ما قيل ان ركاب ميكروباص يمنعون أحد جنود الجيش المصري من الركوب، وآخرون يهجمون على أحد الضباط في احدى صباحات القاهرة الباكرة وهو في طريقة الى وحدته، وجنود يتعرضون للسباب في وسائل المواصلات العامة، فان مثقفا من العيار الثقيل ومرشحا لانتخابات الرئاسة المقبلة مثل الدكتور محمد سليم العوا يرفض حتى مجرد الفصل بين المجلس العسكري وبين الجيش، لان قادة المجلس هم قادة الجيش الذي يؤكد أن انكساره «هزيمة للدولة وضياع لمصر».
ولكن وفي كل الاحوال فان ما جاء به العوا وابو طالب وغيرهما كثر، ليس استثناء تاريخيا، بل هو امتداد طبيعي لفلسفة الاستبداد التي رافقت انبثاق السطة باشكالها المتنوعة عبر التاريخ الطويل، فحيث ارادت السلطة ان تهيأ لكي تكون مطلقة، او هي كذلك فانها في الحالتين تميل لتقديم نفسها في صور فوق طبيعية، في حين ان تمثلات السلطة المطلقة من قبل القائمين عليها، او الراغبين بها، توسع من دائرة تلك الصور الاسطورية لها باستخدام مصطلحات متنوعة كالهيبة والنفوذ والكاريزما، لتأمين استلاب السلطة للدولة والشعب.
وما يكون مغريا لاستعادة التجارب الاستبدادية، او يعمق من خطأ والتباس العلاقة بين الدولة والسلطة هو ما يؤكده التاريخ السياسي للسلطة، من حيث اضطرادية العلاقة بين الاستبداد وارهاب السلطة من ناحية، وبين شعبيتها وحب الناس لها من ناحية ثانية، وانه لم يسجل لغير فئات قليلة من الناس مقاومة استبداد السلطة في حياتها، في حين ان انتهاءها، يفتح الباب على مصراعيه للحديث عن جرائمها وعنفها وفسادها.
وربما الجديد الذي اتته ثورات التغيير العربية، انها تتيح ولاول مرة منذ بناء دولة ما بعد الاستقلال امكانية التفكير بصوت عال في الحدود الفاصلة بين الدولة والسلطة، كما وتتيح ايضا امكانية اعادة التفكير بفهمها لطبيعة هذه الاخيرة، على انها ليست هدفا بحد ذاتها، بقدر ما هي وسيلة او اداة لتحقيق اهداف العيش المشترك لعموم مكونات النسيج الاجتماعي، وهو وضع لم تستسغه الكثير من القوى التقليدية، وكذا الامر بالنسبة لقوى النكوص والارتداد.
وقد يكون لافتا ان يجري تدعيم فكرة استهجان مهاجمة محاولات المجلس الاعلى للجيش لاعادة انتاج سيطرته على السلطة، من قبل بعض فئات الشعب المصري، بحجج استطلاعات الرأي التي دأبت على القيام بها بعض المؤسسات الاعلامية المصرية في الاونة الاخيرة، لتأكيد فكرة ان الجيش ومجلسه الاعلى لا يكونا الا فوق الدستور كما حاولت الذهاب الى ذلك وثيقة الدكتور علي السلمي.
والقول مثلا ان استطلاعا للرأي قد جرى في توقيت ساخن إبان أحداث الاعتداء على مبنى مجلس الوزراء ومـبنى مـجلـس الـشـعب وحرق المجمع العلمي، ورفض خلاله 72 في المئة فكرة خروج المجلس العسكري من المشهد السياسي فوراً، وأصروا على استمراره في موقعه حتى انتخاب رئيس الجمهورية، بينما قال 19 في المئة إنهم مع الخروج الفوري، يؤكد سلامة موقف المجلس من استحقاقات ما بعد الثورة على سلطة نظام حسني مبارك هو قول يفتقد لابسط مقومات الحكم الموضوعي، على دوافع اندلاع الثورة، ويحشره في زاوية استغلال الجهل بمقومات السلطة الرشيدة التي غيبتها سلطات انظمة دولة ما بعد الاستقلال.
كذلك فان تأهب عدد كبير من القوى السياسية للاحتفال بالذكرى الاولى للثورة، في ظل إطلاق حملات مناوئة للجيش، واستنكار لاسلوب تعامله مع المتظاهرين ووصفه بـ"محاولات الترهيب الممنهجة"، واتهامه بالشروع في إجهاض الثورة، وأن شغله الشاغل الحفاظ على حياة الرئيس المخلوع حسني مبارك، والقول إن الذكرى الأولى للثورة ستشهد موجة غضب ثانية، للمطالبة بإسقاط حكم العسكر، مقابل رفض واسع من قبل بعض التيارات السياسية لهذه الاطروحات، كلها مؤشرات تؤكد على عدم وضوح المساحة الفاصلة بين السلطة والدولة، وفي نفس الوقت تؤكد على اشتداد الصراع بين مختلف الاطراف لمعالجة ونصحيح العلاقة بينهما.
ففي الوقت الذي تشير به بعض القوى السياسية المصرية الى ان الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا، تمكن دستوريا رئيس مجلس الشعب من تسلم قيادة البلاد يوم 23 يناير، وانه مع هذا التاريخ يمكن للجيش العودة الى ثكناته، خاصة وان الثورة لم تحقق شيئًا، بسبب قيام المجلس العسكري بالهيمنة عليها، ورفض الاعتراف بها من الأساس؛ لكونه من أركان النظام السابق، فان بعض القوى الاخرى ترى أن الثورة حققت تغييرًا جذريًا على المستوى السياسي، والاقتصادي، والثقافي والاجتماعي في مصر، وكان لها تأثير إستراتيجي على مستوى العالم العربي والإسلامي، وان الجيش المصري هو "الذي حمى الثورة، ورفض قتل الثوار"، مشددًا على أن المجلس العسكري "لم يكن عائقًا أمام نجاح الثورة"، فأعضاؤه بنظر العض "مشهود لهم بالوطنية.
والغريب في ان هذا الجدل حول دور الجيش او دور مجلسه الاعلى لا يدور في نطاق تحديد الاخطاء او السلبيات والايجابيات التي ارتكبها اثناء مسوؤلية تاريخية تحمل اعبائها، والتي معها يصبح التقييم تقليديا في اطار تحديد المسؤوليات ولكنه يجري ضمن رؤية وجودية للدولة، تشترط لتحققها علاقة بقاء تبادلية فيما بينها وبين السلطة، بصورة تشي بتموضع السلطة في موقع علوي بالنسبة للدولة.
وقد تستمد هذه الرؤية مشروعية طرحها من قبل اصحابها كون التاريخ السياسي يربط بين شكل سلطة ما وبين احدى المراحل التاريخية للتطور الدولة، ويؤكد ان من بين بعض التمثلات التي تفرزها السلطة تلك التي ترقى الى مستويات ايديولوجية تعلي من مكانة القائمين على السلطة عبر منظومات فكرية ترسخ القبول بهيمنة السلطة عليهم، مثل منظومات الربط بين مصيري السلطة الدولة برابط وهمي وتضليلي.
وربما الاحداث التي عاشتها كل من ليبيا واليمن وتعيشها سوريا الان، تبين النجاح الكبير لمثل تلك النظومات في اقناع قطاعات واسعة من الناس بضرورة الدفاع عن السلط القائمة باعتباره دفاعا عن وجود الدولة ككل وتاليا البقاء برمته للكيان الاجتماعي.
ولئن لم تصل الامور الى مثل هذه المستويات في مصر لاسباب تتعلق اساسا بتقاسم السلطة بين اطراف فاعلة ولم تنحصر بيد الرئيس وحده اذ انه مثل المؤسسة العسكرية، وبالتالي فان لهذه المؤسسة القبول من قبل الرئيس لكي تمثله مصلحيا في ظروف استثنائية، ولان مثل هذه الظروف بات وجودها مؤكدا فانه تم نقل السلطة من يد الى يد اخرى في نفس الجسد.
ومع التطورات اللاحقة وحيث كانت تلوح امكانية نقل السلطة الى جهة خارجية كانت يتشدد المجلس العسكري رافضا انفلات السلطة من بين يديه، وهي نفس الحالة التي لا زالت تعيشها مصر الان وعشية الاستعداد للاحتفال بالذكرى الاولى للثورة، وهي الحالة نفسها التي يعبر عنها هذا الاختلاف حول الموقف من المجلس الاعلى لا على ارضية الايجابيات والسلبيات بل في نطاق الصراع على السلطة بدفع تمثلات هذه الاخيره لدورها في ضمان استمرار الدولة التي يتبناها البعض من المثقفين.



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإستراتيجية الأميركية الجديدة: إعادة تكييف قوة الهيمنة على ...
- برهان غليون يستعجل الغزو الاجنبي لسوريا !!!.
- البوابة العراقية: لتفعيل الفوضى الخلاقة واسقاط سوريا والنمطق ...
- الدعوة السعودية لوحدة الخليج محاولة للاختباء خلف جدار العاصف ...
- التصادم بين الرغبوي والموضوعي
- السياق ألسببي لصعود الإسلام السياسي
- الصراع لاجل سوريا لا عليها
- التردد في التغيير: من الفوضى في التفكيرالى الفوضى في السلوك
- العوبة اجهاض نضوج عوامل القابلية الثورية
- ماذا وراء تصاعد حدة التهديدات الاسرئيلية بمهاجمة ايران ؟؟
- الردع السوري زمن الاحادية القطبية
- عندما يحلل هيكل...!!!
- اميركا تدفع ايران للتجول على شفير الهاوية
- الثورات العربية في السياسة الامريكية: استراتيجية التشكيك من ...
- المعارضة السورية تهيئ مسرح العمليات لبدء نهاية نظام الأسد ور ...
- الطبيعة المركبة للصراع على السلطة في ليبيا
- المنحى الاستراتيجي للانغماس التركي في تفاعلات النظام العربي
- أ يسقط الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية حق العودة ؟؟
- الاسد عقب القذافي
- الناتو يعيد انتاج النموذج العراقي في ليبيا


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - في الذكرى الاولى للثورة المصرية الصراع على تصحيح العلاقة بين الدولة والسلطة