أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - المنحى الاستراتيجي للانغماس التركي في تفاعلات النظام العربي















المزيد.....

المنحى الاستراتيجي للانغماس التركي في تفاعلات النظام العربي


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 02:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تفسير الانغماس التركي في تفاعلات النظام الاقليمي العربي ان على المستوى البيني، أو على مستوى تفاعلات اعضائه مع جواره الجغرافي، على انه شكل من اشكال الرغبة في استئناف العلاقات التاريخية التي طواها زمن الانكفاء على بناء الدولة الوطنية او الدولة القومية، قول لا قد يستقيم وبداهة البعد المصلحي في العلاقات الدولية، ومتطلبات الامن القومي للدولة في بعديه الجيوسياسي والعقيدي.
قد لا يستقيم هذا القول رغم قوة الثبات في تاريخية البعد الجيوسياسي، حيث كثيرا ما يؤدي التغير المستمر في عقائد صناع القرار لاستثمار العوامل الجيوسياسية، الى اعادة ترتيب عناصرها، بما يؤدي الى تعظيم بعضها على حساب بعضها الاخر، بيد ان ذلك يتم في كل الحالات على ضوء ترجيح نتائج تجربة تاريخية مقارنة بتجربة سابقة.
فتركيا دائما تقع عند التقاء قارة أسيا بالقارة الأوروبية، وتتكون من قسمين،الاسيوي وهوالأكبر ويشمل من الشمال البحر الأسود و جورجيا، ومن الشرق أرمينيا وإيران، ومن الجنوب العراق وسوريا والبحر المتوسط، ومن الغرب بحر أبجرة ومن الشمال الغربي بحر مرمرة، والآخر في أوروبا وهو الأصغر ويشمل من الشمال بلغاريا ومن الغرب اليونان ومن الشرق البحر الأسود ومن الجنوب بحر مرمرة و بحر إيجة، كما أنها تشرف على مضيقي البسفور و الدردنيل.
وعلى الرغم من ذلك فان العقيدة الامنية التركية عرفت تبدلات كبرى، تغير معها ترتيب تلك العناصر، ففي اكتوبر الماضي أعاد مجلس الأمن القومي التركي، تعريف الأخطار الداخلية والخارجية وتقويمها، بإقراره تعديلات هي الأضخم والأشمل في وثيقة الأمن القومي منذ حقبة الحرب الباردة.
وقضت تلك التعديلات مثلا بإخراج نشاط الجماعات الدينية من خانة التهديد الداخلي وحصرته بنشاط الأحزاب اليسارية الثورية والكردية الانفصالية، والدينية المتطرفة التي تلجأ الى العنف. وبذلك ألغت من القاموس السياسي التركي مصطلح «الرجعية» الذي كان يُعتبر تهمة سياسية وأمنية يعاقِب عليها القانون كل من يثبت سعيه الى إعادة تركيا الى الحكم العثماني، من خلال مظهره او نشاطه الاجتماعي.
وعلى الصعيد الخارجي، أخرجت هذه التعديلات روسيا وسورية وإيران واليونان من خانة العدو، ووضعت روسيا وسورية في مرتبة الدول التي يجمعها بتركيا تعاون وثيق، وهو ما اعتبر إزالة تامة لآثار العقيدة الامنية التي سادت العقيدة التركية ابان الحرب الباردة.
ولكن أكثر ما لفت الانتباه في هذه التعديلات والذي يساهم في فهم الاستراتيجية التركية الجديدة، إشارتها الى السلاح النووي الإسرائيلي بوصفه تهديداً حقيقياً للأمن القومي التركي وللمنطقة، وتشديده على ضرورة إخضاع البرنامج النووي الإيراني للمتابعة الحثيثة، باعتبار أن سعي طهران الى امتلاك سلاح نووي، يهدد أيضاً الأمن القومي التركي.
وما تجب ملاحظته هنا ان هذة التعديلات في عقائد الامن القومي التركي، قد جاءت عقب سلسلة من التطورات الكبرى على مستوى المحيط الاقليميي للدولة، التي ربما تكون قد ساعدت على خلق تطورات اخرى على مستوى الداخل التركي لاستكمال مشهدية التغيير كلها.
فعلى المستوى الداخلي تمكن حزب العدالة والتنمية الذي خرج من رحم حزب الفضيلة الإسلامي في عام 2002 من الوصول لسدة الحكم، وتمت السيطرة على المسألة الكردية مجددا واستمر مسلسل فشل اقناع اوروبا بالانضمام اليها الذي بدأ منذ عام 1963، اما على الصعيد الخارجي فقد تعرض النظام الاقليمي العربي لاخطر فراغ في القوة بعد احتلال بغداد وتفكيك الدولة العراقية، جعله عرضة لمحاولات اسرائيلية وايرانية لملء ذلك الفراغ، كما نجحت اسرائيل الى ما قبل عدوان 2008 في اختراقات هامة على مستوى تطبيع علاقاتها مع المحيط العربي، كما نجحت ايران بخلق مناطق ومراكز نفوذ مختلفة إن في اسيا الوسطى أو في داخل النظام العربي بكل من لبنان وسوريا وفلسطين وبعض دول الخليج.
هذه وغيرها من التغيرات كانت السبب الابرز الذي وقف وراء ما طرأ على مفاصل ومفاهيم الامن القومي التركي من تبدلات، ستنعكس ضرورة على آليات عمل الدولة وتصرفاتها الخارجية، بما يمكن من اعادة بنائها . فبعد ان توصلت تركيا الى قناعة بأن الاتجاه الاحادي نحو الغرب الذي اخذت به منذ نهاية الحرب العالمية الاولى، لم يحقق لها نتائج هامة تتناسب ومكانتها الاستراتيجية والتاريخية، اخذت بالتوجه نحو المحيط العربي- الإسلامي. ووفرت لذلك إرادة سياسية للمصالحة مع هذا المحيط، واقامت بنى تحتية، قبل البدء باقامة تعاون فعلي في مختلف المجالات يكون اساساً لبناء شراكة استراتيجية عربية- تركية، مبنية على أساس المصالح المشتركة.
وطبقاً لهذه الاستراتيجية التي تقوم على مبدأ التوازن في العلاقات الخارجية، فإن انقرة اخذت تتحرّك وفقا لمتطلبات أمنها القومي ومصالحها السياسية والاقتصادية سواء في التوجه نحو العرب أو الغرب. فهي في الوقت الذي تحافظ فيه على المضي نحو الاتحاد الاوروبي و استمرار علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة، تنفتح اكثر نحو روسيا والصين والهند وإفريقيا، كما أعطت أولوية خاصة للعلاقات مع محيطها العربي- الإسلامي لارتباط أمنها القومي بمنطقة الشرق الأوسط، وهو ما دفع الى تبنى مشروع شراكة سياسية واقتصادية وثقافية مع دول المنطقة، يراعي مصالح جميع الأطراف.
وإستنادا الى هذه الاستراتيجية، يمكن النظر الى سياسات تركيا حيال عدد من قضايا المنطقة، التي يمكن القول انها اتخذت طابعا ايجابيا، ساعد على خلق انطباع عام في الشارع العربي جعل من تركيا لاعبا اقليميا صاعدا، وبلداً مناصراً للقضايا العربية والإسلامية، ومن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رمزا للبطولة، على حد تعبير وول ستريت جورنال.
والأمر ايضا هو على عكس ما ذهبت اليه نيويورك تايمز أواسط ماي الماضي، عندما اعتبرت حراكات الشارع العربي تهديدا وتقويضا لجهد اقليمي تركي بدأ منذ عدة سنوات، استنادا الى ما قالت انه فشل اردوغان في اقناع القذافي في التنحي عن السلطة حينها، والاسد في انتهاج سياسات اصلاح جذرية، بالاضافة الى خشيتها من تطورات الملف العراقي وفشل صديقها المالكي في السيطرة عليه، في اشارة ضمنية الى ان مصالح تركيا ترتبط بانظمة من هذا القبيل او على الاقل بانتقال سلمي للسلطة دون تدخلات خارجية.
وربما يكون العكس هو الأكثر واقعية، فهذه التغيرات قد تدفع بتركيا لبلورة استراتيجية أكثر حيوية وهجومية نحو كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وحتى اسرائيل، تساعدها على تموضع يمكنها من المناورة الواسعة، لتجعل من نفسها بعيون الاخرين قطب الرحى الاساسي في المنطقة.
فالولايات المتحدة تدرك مثلا أهمية القدرة التركية على النجاح في تسويق نموذجها السياسي، في ظل مؤشرات جدية ترشح المنطقة او بعضها لنماذج أكثر تشددا من النوذج التركي، كما تدرك اهمية استحضار التاريخي في العلاقات العربية التركية لمواجهة النفوذ الايراني. ففي القرن الثاني للهجرة لم يكن امام الدولة العباسية من مناص لمواجهة النفوذ الايراني الاّ إستضافة القوة التركية، وفي القرن الرابع الهجري جددت بغداد العباسية نفس السيناريو للخلاص من الاحتلال البويهي، وجاء الدخول التركي الثالث عام 1534م، بعد ان حول الشاه إسماعيل الصفوي بغداد إلى حمام دم.
وفي مختلف الاحوال فان الاستراتيجية التركية نحو النظام الاقليمي العربي قد لا تخرج عن نطاق احتمالات ثلاثة، فاما ان تكون محاولة لسد الفراغ في الوظيفة القيادية الاقليمية التي خلفها الخروج المصري والعراقي، واما ان تكون للحد من الفوذ الايراني، او انها استثمار امريكي للسمعة التركية لمنع احتمالات تطرف المنطقة، وهي احتمالات كلها تأتي في سياق التعديلات الاستراتيجية التي ادخلت على مفهوم الامن والمصالح التركية، لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة...



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أ يسقط الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية حق العودة ؟؟
- الاسد عقب القذافي
- الناتو يعيد انتاج النموذج العراقي في ليبيا
- الدلالات الاستراتيجية لتوسيع نطاق عضوية مجلس التعاون الخليجي
- أي ثورات عربية تريدها امريكا ؟؟؟.
- العقيدة النووية الامريكية الجديدة استراتيجية لتجديد قوة الدو ...
- الشبهة في الموقف الامريكي
- مخاطر مفاوضات الفرصة الاخيرة
- قرار لجنة المتابعة العربية من يغطي من؟
- اعتراف كوشنير بدولة تسبق المفاوضات


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - المنحى الاستراتيجي للانغماس التركي في تفاعلات النظام العربي