أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - إِيمُوسْكَانْ














المزيد.....

إِيمُوسْكَانْ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7883 - 2024 / 2 / 10 - 21:12
المحور: الادب والفن
    


كان ثمّة فراغ موحش بالحُفرة الفاتحة فاها لتأكل الناس والحيوان والهوام وجميع الرائحين والغادين من هنا وهناك عبر الطرق والمسالك والعَرصات والأحراج ... هكذا تخيلتُها وأنا مُسَمَّر مُصَـلَّب بالمكان لا ألوي إلا على مزيد من المعرفة وكشف ما حدث ويحدث في البلدة المتلفعة بالألغاز ، بيد أن المخاوف المتطايرة من كل حدب وصوب لم تكنْ تساعدني في مهمتي .. حاولتُ ضبط آرتعادَ فرائصي برهبة ووجل أمام فوهة حُفرة ضئيلة القد والحجم مُحاطة ببقايا أعشاب ميتة يابسة وأحجار وأتربة وكثير من التجاعيد الموغلة في قعرها وسطحها وحوافها المحدودبة الناتئة .. كانت عملاقة في سكونها كَــبُرْكان هادر ساخط ينتظر فُرصا سانحةً كي ينقضّ انقضاضته القاتلة .. هكذا بَدَتْ لي معالمُها آنذاك .. لم أشعرْ إلا وأنا في وجهها مباشرة في فترة حرصتُ أن تكون في أوج الضحى، حيث النهار يعانق النهار بوهج أضواء شمس صيف ساطعة مُتحينا فُرصةَ آجتماع نفر قليل من آل البلدة يصلون عادة في المُصلى فوق، هناك فيما يشبه مسجدا جماعيا قديما، تحينتُ تجمع المجتمعين كمزيد من الاحتياط والاستعداد للمخاطر التي يمكن أن تفاجئني في أي لحظة دون سابق إنذار .. ولَشَدّ ما كان حرصي أن لا يلاحظني أحدٌ فيما كنتُ أهُــمُّ به .. وجودهم كان ضرويا زيادة في تأمين المكان دون إشعار أحد بما يخالجني أو يعتريني من خواطر وهواجس، فلم أكُ مُستعدًا أن أْبْدُوَ أمام أي أحد في صورة الخائف الذي تتلاعب به الوساوس والعواطف والصور والخيالات الصبيانية الخرقاء ... خطوة أولى خطوتُها في وجل وحذر ثم ثانية ... تقدمتُ بتوجس وترقب إلى الأمام جهة عتبة الفوهة متمتما بسملة مُزلْزَلَةً ترتعدُ نبراتُها في لَهاثي الحائرة .. أدخلتُ رأسي في الفم الفارغ المظلم تتشمم مسامي روائحَ نفّاذة آمتزجَتْ فيها أنساغ الأعشاب البرية بِدِمَنِ الماشية ببقايا طين مُبتل بأشياء أخرى لَمْ أعِ كنهها .. يَمَّـنْـتُ يمينا يسارا أبْحَثُ عن أشياء تُـذْهِبُ فضول حَيرتي فلَمْ أجدْ شيئا ذا بال، مجرد أتربة وحجارة تتفتتُ ذراتُها من يوم لآخر.. أقْعَيْتُ كيفما آتفق مُتحسسا بجرأة زائدة الأرضية وأثاثَـها فإذا بشيء لَيّنِ المَلْمَس كعجينة فَطيرة لم يستو طهيها بعدُ يداعب بسكينة راحتي، أوغلتُ يدي في الشيء، فإذا به يتحرك ينطّ في حركة مُباغتة تراجعتُ على إثرها القهقرَى متداعيا مترنحا ضاربا مؤخرة رأسي بسقف الحُفرة دون أشعرَ بألم ما .. فقط أردتُ جمعَ شتاتي وإطلاق ساقي إلى ريح البرية توصلني أنَّـى شاءتْ بعيدا؛لكن صوتا آخر امتزج ب "الله أكبر" أخرى فاجَأ زلزلتي :

_" آهيا أحَّـرُّودين .. آورى غَرْدَا .. عَمْرِيـِـي أغَـلايَـا حُومَا أتوضيغ ... ""...(١)

لم ألتفتْ .. قُدُما إلى الأمام جهة ما صادفَتْ رجلايَ من طريق، طفقت أسرعُ والصوت يطاردني، أسرعتُ أسرعتُ جهة المنحدر المحاذي لعين الماء أرُومُ الوصولَ الى الدار بأي شكل، لكن الصوت عاود مناداته دون آبه به ... إنهم أهل المكان .. ( إيمُوسْكَانْ ) .. يريدون الوضوء بدورهم آستعدادا لصلاتهم الخاصة بعد صلاة جماعة الدوار .. هكذا خمنتُ .. لا تلتفِتْ .. هكذا نصح الصوت من داخلي ليختلط الحابل بالنابل باللهاث بالمطاردة بالعَدْوِ السريع .. أعدو .. أعدو ...


☆إضاءات :
(١) _ أيها الولد .. أقْبِلْ خُذْ هذا الوعاء آملأه ماء كي أتوضأ ...
(١) _ إيموسْكَانْ : ساكنو المجال من غير الأنام



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النَّهْضَة ( 4 )
- النَّهْضَة (3 )
- النَّهْضَة ( 2 )
- النَّهْضَة ( 1 )
- شعر البعث والإحياء في المغرب
- تَازَ .. تَازَا
- بويبلان كوكب أورانوس اليتيم
- مُوَارَاة
- أفيونات الأكيرون
- قلتُ .. أُخَاطِبُنِي
- الْگرَّابْ( 5 )
- اَلْگرَّابْ(4)
- اَلْگرّابْ( 3 )
- الْكَرَّاب (2)
- اَلْكَرَّابْ (1)
- صندلُ ميكا أزرقُ ينزلق من القدميْن(7)
- صندلُ ميكا أزرقُ ينزلق من القدميْن(6)
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(5)
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(4)
- صَنْدَلُ مِيكَا أَزْرَقُ يَنْزَلِقُ مِنَ آلْقَدَمَيْنِ(3)


المزيد.....




- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب يكشف عن حالة نجله ب ...
- تابع الحلقة الجديدة 28 .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 ...
- تابع عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة عبر ترددات القن ...
- عقب فيديو الصفعة المثير للجدل..عمرو دياب يعرّض ليلى علوي لمو ...
- مترجمة وكاملة.. المؤسس عثمان الحلقة 164 بجودة HD على قناة ال ...
- -موسم طانطان- في المغرب يحتفي بتقاليد الرُّحل وثقافة الصحراء ...
- “احداث قوية” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 عبر قناة Atv الترك ...
- ناقد مغربي يدعو إلى تفعيل -سينما المقاومة- ويتوقع تغييرا في ...
- بعد جدل الصفعة.. هكذا تفاعل مشاهير مع معجبين اقتحموا المسرح ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - إِيمُوسْكَانْ