أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - عيد ميلاد بارد للسيدة دالاوي














المزيد.....

عيد ميلاد بارد للسيدة دالاوي


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7871 - 2024 / 1 / 29 - 16:11
المحور: الادب والفن
    


لا يزيد رسم محرك البحث غوغل صورة السيدة دالاوي، في صدر صفحته الأولى، من حرارة الاحتفال بعيد ميلاد فيرجينيا وولف الذي مر في الخامس والعشرين من يناير الحالي.
فهناك احتفال تاريخي بارد في ذلك اليوم، لكن سخونة استذكار هذه السيدة مستمرة وبعد عقود على انتحارها. لماذا؟ لأنها أكثر من كاتبة. وقصتها تثير المزيد من التأمل بالنسبة للقارئ العربي، فيما تحول فيلم “الساعات” الذي جسد حياة السيدة دالاوي، أشبه بلازمة يمكن أن تعرّف بها الممثلة نيكول كيدمان، برغم كل الانتقادات التي وجهت إلى الفيلم.
لأنني أحببت وولف عندما قرأت للمرة الأولى السيدة دالاوي في بغداد بترجمة عطا عبدالوهاب الصادرة عن دار المأمون للترجمة في ثمانينات القرن الماضي، لم تغادر ذاكرتي فيرجينيا وولف، وشاء القدر أن أسكن قريبا من بيتها العتيق منذ أكثر من عقد. بيد أني عندما عرفت فيرجينيا الصحافية أكثر، ازداد حبي لها.
مثل الآلاف من سكان ريجموند، مررت يوم الخميس الماضي في عيد ميلاد هذه السيدة، المولودة قبل 142 عاما، والمنتحرة قبل 83 عاما، أما تمثالها في ضاحية ريجموند، من دون أن أحظى بشيء مختلف، فليس أكثر من صور السلفي التي يلتقطها المارة.
ثمة ما هو أكثر مما قدمته السيدة دالاوي، ففيرجينيا وولف أكثر بكثير من روائية، وبعد شهرتها ككاتبة لمراجعات الكتب في ملحق جريدة التايمز، ألفت كتابها “القارئ العادي” وصارت تقرأ بانتظام يذكرنا بغوته، الملاحظات التي خلفتها حول قراءتها تملأ لوحدها نحو ثلاثين مجلدا.
كانت هذه المرأة صحافية بامتياز، ونشرت شهادات مؤثرة لمعاناة النساء من الفقر آنذاك رغم العمل الشّاق، وتحدثت في مقالاتها الصحفية أيضا عن حق البريطانيات في التصويت الانتخابي، وكتبت “في هذا الجمهور الواسع، من بين هؤلاء النساء اللواتي يعملن واللواتي لديهن أطفال، اللواتي ينظفن ويطبخن ويساومن على كل شيء ويعرفن كيف يصرف كل قرش، لم يكن لأي واحدة منهن الحق في التصويت”.
عندما كانت البريطانيات يخرجن في احتجاجات للمطالبة بحقهن الانتخابي، سأل أحد مساعدي ونستون تشرشل عن الإجراء المناسب لمواجهة هذه الاحتجاجات، رد تشرشل بغطرسته المعهودة وعنصريته ضد النساء، بأنه سيخرج غدا مع حفنة من الرجال في تظاهرة أمام أكبر مستشفى في لندن للمطالبة بحق الرجال في الحمل والولادة! “منحت بريطانيا المرأة الحق في التصويت الانتخابي عام 1928”.
ليس معروفا إن كان تشرشل يقرأ مقالات وولف أو يتعاطف معها أصلا، لكننا نتحدث هنا عن روائية وصحافية وهي ميزة مثالية تعرفنا أكثر على هذه السيدة التي كابدت الأحزان، وكانت تواجهها بالكتابة.
وبالعودة إلى سيرتها الذاتية، نشعر بالألم بسبب الفجائع التي أظلمت شبابها، وتذللت عندما غطت وجهها بطبقة من دخان الكلمات الحارق، لذلك نعجب بعملها في مواجهة مرضها العقلي، ونحسدها على دخولها إلى عالم الأدب، مثلما نحزن على انتحارها المبكر.
فكرتُ، في عيد ميلاد وولف، برغبتنا كقراء في وضع أبطالنا الأدبيين على المنصات العالية، لأن كتبهم أثرت فينا. مع ذلك يبدو أننا لا نعرف كيف نتعامل مع حياة وأعمال الكتّاب والصحافيين الذين هم في الوقت نفسه مُلهمون.
فحتى العباقرة منهم يجدون صعوبة في السباحة ضد تيار عصرهم. وفي حين أن إلهامهم قد “يأتي دون مس عقلي” فإن سرعان ما يصبح واقعهم يعاني من الخذلان والخيبة.
مع ذلك، لا تزال كتابات فيرجينيا وولف حية بالنسبة لنا، وتحرّض على المزيد من الاكتشاف، بأن الحياة عبارة عن مستنقع فوضوي ومربك من العاطفة والعقل اللذين يدوران معا ويتباعدان، مما يُعمينا، أو يعيقنا، أو يدفعنا إلى الأمام نحو أخطائنا الفادحة وانتصاراتنا.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجناة لا يحلون مشاكل العالم في “دافوس”
- محدّث التراث في لحن أحمد الخليل
- مطاعم سفراء البضاعة السياسية الكاسدة
- ديكور فيلم هندي في بغداد
- يا لسعادة العراقيين بمقتل السعيدي
- عودة إلى مجزرة أنشودة المطر اللحنية
- أرقد بسلام أيها المدافع الشرس عن الحقيقة
- عرض السوداني الأخرق على ضفة الكاظمية
- بلاد العصابات
- أبحث عن تونس في تونس!
- قفازات إيران البيضاء بوجه إسرائيل
- علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية
- بوتين في بيتنا، أي أمل سيتركه؟
- متى يلحن كاظم الساهر لنانسي؟
- عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!
- واشنطن تخسر وإسرائيل لن تربح
- حرية التعبير ضحية أيضا
- امرأة تعلمنا أن نكون على قيد الحياة
- لا نحتاج حلا لمعادلة الحلبوسي
- كم عبدالحليم في مصر اليوم؟


المزيد.....




- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - عيد ميلاد بارد للسيدة دالاوي