أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أميرة أحمد عبد العزيز - عن الرجال والبنادق














المزيد.....

عن الرجال والبنادق


أميرة أحمد عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7826 - 2023 / 12 / 15 - 17:58
المحور: الادب والفن
    


في المجموعة القصصية (عن الرجال والبنادق) للكاتب الأديب العربي الشهيد (غسان كنفاني) يوجد قصة اسمها (حامد يكف عن سماع قصص الأعمام) وقبل أن أرويها أود القول أن أديبنا العربي غسان كنفاني يحمل في كتاباته صدق إنساني مميزا وهذا ناتج لكونه أديب ولأنه رجلا مناضلا عربي مشتبك في الصراع بإيجابية بناءة، فقصصه تحمل صورا دقيقة مبسطة عميقة..
(حامد يكف عن سماع قصص الأعمام) ملحوظة: ما بين قوسين من نص القصة نفسها.
القصة صور لمشاهد لثلاث شباب من فلسطين قادمين من عملية فدائية ضد العدو نتج عنها انفجار بقرية مجاورة لقريتهم، وقد اقترب حامد أثناء تنفيذ المهمة من البندقية ومن مكان القنبلة ومحل التفجير بمسافة كمسافة الصفر حتى تم الانفجار فأفقده الدوي سمعه مؤقتا، وكان هذا يعد مخالفا للتعليمات وخطأ غير مناسب لفدائي مدرب كحامد، وخلال العودة لم يكن يمكنه سماع تنبيه زميليه له وهما (أسعد والثالث) والثالث الذي لم يذكر اسمه يمثل أيضا قائدهم في العملية وهو راوي الحكاية، وقد نبه حامد خلال العودة ان يبتعد عنه مسافة كفاية حسب تعليمات التدريب، وهنا أخبره حامد أنه لا يسمع شيئا وكان الفراغ حوله.. لكنه كان يتحدث عن الدوي وما جلبه وما شعر به وسمعه وشاهده عن قرب بطريقة تبدو كأنه يروي حدوتة ممتعة وكان القائد يتعجبه فلماذا اقترب هكذا! أكان يريد أن يتأكد أنها ستنفجر!
كان على قائد المجموعة بمجرد أن يصلا للقرية أن يأمر الشابان بالانصراف لبيتهما لكنه لم يكن يستطيع ترك حامد على هذه الحالة فخبأ الثلاثة سلاحهم وأخذهم القائد بيته وهنا كانت زوجته وعمه في انتظاره وقد بدا على وجه عمه في البداية عدم الترحاب بضيفين في وقت متأخر من الليل..
وخلال الجلسة وجه العم والزوجة حديثهما لحامد ولم يجيب بالطبع وكان الفراغ من حوله، وقد تحدثت زوجته عن الدوي في القرية المجاورة والتي أحدث انفجار وهنا نشاهد وجهة نظر العم والزوجة المخالفة للشباب المقاوم والتي بدت انهزامية، ولم يكن العم والزوجة يعرفان أن الثلاثة فدائيين ومن عناصر المقاومة.. ولم يستطع القائد سماع كلمات أكثر انهزامية من عمه وزوجته، وكانا مازالا يوجهان حديثهما لحامد، فتكلم القائد وأبلغهما أن حامد لا يسمعهما (فقد أصيب بمرض مفاجئ في أذنيه وفر عليه الاستماع) وهذا خير له أنه لا يسمع مثله هو وأسعد الآن تلك الكلمات الانهزامية، ثم قص عليهم حكاية رأي أنه يمكنه روايتها طالما حامد لا يسمعه -في هذا الوقت- فهي قصة موجعة له، حكي أن حامد حين كان صغيرا ومن عشرين سنة وكان عمره وقتها ستة سنوات كان له أخت صبية وكانوا يعيشون في الجامع حين فقدوا كل شيء ثم اختفت اخته، وظلت مختفية حوالي أسبوعين وكان يسمع قصص مروعة عن أخته لم يفهمها، ثم رآها مع رجل مجهول وكانت أنيقة ولم يرد أن يتركها وتمسك بساقها وهي تحاول التخلص منه فجرته على الأسفلت خمسين مترا لكنه أبي أن يذهب دون أن ترجع معه وبالفعل أعادها البيت، وما حدث أدي لمرض في ساقه جعله يلزم السرير وقتا طويلا، خلال هذا الوقت استمع لقصص العجائز والأمهات والأطفال عن الخوف والذل والعويل والتخلي وما شابه وقصص الأعمام عن الحكمة والظروف، وقد ظل يسمع أربع سنوات، استمع للكثير وكان بين الحديث حقيقة واحدة أن اخته هربت من البيت وضاعت ( قلت لك استمع كثيرا كثيرا جدا، كان في ذلك المكان المملوء بالذل والخيبة والسقوط مجرد أذن تستمع وتستمع إلي أطنان من الكلمات والقصص والعويل لم يكن بوسعها أن تقتل ذبابة واحدة، لم يكن بوسعها أن تطمر حقيقة واحدة، هب أن أخته سقطت).
لقد توقف حامد عن سماع قصص الأعمام والعجائز والأمهات والأطفال، وكانت هذه إشارة للاشتباك مع العدو وقد قال القائد الشاب لحامد الذي لم يكن يسمعه:
(لا عليك سيمر يومان أو أسبوع وسيعود إليك سمعك ولكنك لن تنسي أبدا ذلك الصوت الوحيد الذي يطمر ما عداه ويدفنه)

قصة بها صدق فني لفنان متميز وتملك معادل موضوعي لفكرة قوية..
أننا جيلنا والحالي وحتى حدث ما حدث في 7 نوفمبر، كثير جدا منا كان غارقا في قصص العجائز والأمهات، وحكمة الأعمام والحكام العرب، فيما كانت فلسطين تضيع كل يوم ويضيع معها كل العرب كرامة وحياة، فيما كان كل يوم يكتسب الاستعمار أرضا وتتوغل التبعية بالاستبداد والاستغلال والطائفية ويستخدم الخواجات كل قدرتهم ليزيدوا من فرقتنا ويرسخوا (حكمة) الأعمام والحكام، ويبثوا الخوف فينا لمنع أي أي تفكير في الخروج من تلك المهانة ويباعدوا بيننا وبين معرفة طريق الحرية ويباعدوا بين حضارتنا العربية الإسلامية حتى نصير كما يستطيعوا كما قال الدكتور عصمت سيف الدولة ان يفترسونا..
((إنّهم يفكّكون أمّتنا قطعة قطعة وما يفكّكون إلاّ حضارتنا عنصرًا عنصرًا فلا يفعلون إلاّ تفكيك شخصيّتنا العربية هيكلًا هيكلًا، وحين يصبح الشابّ العربيّ فرداً فعليه أن يجري لاهثًا في سباق المنافسة الحرّة لعلّه يدرك النجاح المادّيّ. ويصبح الثراء هو غايته، والمال هو محور حياته، ويحتكم في سباقه الحرّ من أجل الثروة إلى القوانين البيولوجيّة التي تحتكم إليها الحيوانات في الغابات: البقاء للأقوى. ولـمّا كان الغزاة هم الأقوى فإنّهم يفترسونه ويهضمونه ويتمثّلونه ... ثمّ يفرزونه برازًا عفنًا نهاية المطاف إذن أنّهم يريدون افتراس أمّتنا)) د. عصمت سيف الدولة


لكن الجيل الحالي استيقظ من حكايات العجائز و(حكمة) الأعمام وأيقظ معه آخرين منا.
(أما الآن فقد قرر حامد أن يكف عن الاستماع)

صدق الله العظيم:
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

ورحم الله الشهيد الرجل العربي غسان كنفاني
ورحم الله شهدائنا وأدخلهم فسيح جناته وألحقنا بالمجاهدين والمقاومين العرب.



#أميرة_أحمد_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض من الارتجال لا يفسد للعلم قضية (7) أفلام النوار والعقل ا ...
- المحددات الموضوعية لدور مصر في الوطن العربي
- (إذا كان بيت أبوك بيخرب، فالحق خد لك منه قالب)
- في ذكري النكبة - وليكن فيلما (عائد إلى حيفا)
- أمتي وهزيمة اليوم
- بعضا من الارتجال لا يفسد للعلم قضية (4)
- بعض من الارتجال لا يفسد للعلم قضية (2)
- الشعب ضد لاري فلينت
- قراءة في مبحث (الشباب العربي الهوية ومشكلة الانتماء) للدكتور ...
- بعض من الارتجال لا يفسد للعلم قضية
- كيف ترى الحركة الوطنية قضايا العمال ومشاكل المجتمع؟
- تحرير المرأة وحرية الوطن
- مقابر العائلة المالكة
- أفلام وول ستريت
- الهولوكوست في الواقع العربي
- القانون والرجل الخطأ
- بين الفانتازيا والواقع الفعلي
- وصية (رجل حكيم)
- (الوصايا) أحد نماذج الاستبداد المتحضر
- كتاب الدولة اليهودية ل ثيودور هرتزل (عرض وتحليل)


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أميرة أحمد عبد العزيز - عن الرجال والبنادق