أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الواقعية والحرب في رواية -آه يا بيروت- رشاد أبو شاور















المزيد.....

الواقعية والحرب في رواية -آه يا بيروت- رشاد أبو شاور


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 09:44
المحور: الادب والفن
    


أعتقد أن رشاد أبو شاور أكثر روائي فلسطيني كتب عن حرب لبنان، وتحديد عن فترة 1982 وما بعدها، فهناك ثلاث روايات تحدث فيها عن بيروت، "بيروت بيروت، الرب لم يسترح في اليوم السابع، آه يا بيروت" وكلها تتناول حرب 1982.
يقول بعض الناقد عن "آه يا بيروت" ليست رواية بل (مشاهد صحفية) متقطعة، لكنهم تجاهلوا أن الحرب وما فيها من أهول وتدمير وقتل (تمزق) كل شيء، الناس، العائلة، الوطن، المدينة، وهذا (يبرر) للسارد طريقة (تمزيق) المشاهد وتقديمها بصورة (مقطعة) مما يخدم فكرة الحرب وأهوالها.
هذا من جانب ومن جانب آخر، ما يهم القارئ ليس التجنيس الأدبي بقدر المتعة والمعرفة والمضمون واللغة التي قُدم بها العمل، فالعمل يقرأ في جلسة واحدة، لما فيه من المعرفة ـ والمقصود هنا ليست المعرفة المجردة فحسب بل القيم الأخلاقية للمقاتل العربي ـ فالرواية ترسخ في المتلقي فكرة نبل وشهامة واستبسال المقاتل والأديب العربي إثناء القتال، وما صدور جريدة المعركة والإصرار على توزيعها إلا صورة عن ذلك النبل والشهامة، فعلى سبيل المثل "علي فودة" تقدم الصفوف دافعا حياته ثمنا لتوزيع جريدة الرصيف.
إذن نحن أمام رواية واقعية وليست متخيلة، وهذا يعطيها أهمية استثنائية، فكل من لا يعرف ما جرى في لبنان عام 1982 يمكنه الاطلاع واتخاذ موقف موضوعي من تلك الحرب.
المقاتل العربي
يرصد السارد مجموعة مشاهد متعلقة بالمقاتلين أثناء معركة بيروت، وكيف تعاملوا مع آلة العدو الحربية، يحدثنا عن العقيد "عبد الله صيام" وكيف كان يتعامل مع المقاتلين: "لا يقول لجنوده أفعلوا... يقول اتبعوني.. متواضع.. بسيط، صارم.
العقيد استشهد.
كان ذلك يوم الثالث عشر من حزيران.. تقدمت أرتال المشاة والدبابات تحت قصف مدفعي كثيف، عندئذ حمل العقيد بندقيته و.. واجههم.. ونحن خلفه.. لقد سقط في منتصف الشارع.. لم نستطع أن .. ولذا تركناه هناك.. أبو حجازي مصاب في أنفه وذراعه.. ومع ذلك يشعر بالخجل.. يقول:
يجب أن نعود لإنقاذ جثة العقيد" ص24، ما يحسب لهذا المشهد توثيقة لاستشهاد قائد كبير "عبدالله صيام" وطريقة تعامله مع الجنود، فقد كان يتقدم الصفوف ليكون درعا للجنود.
ويقول عن المقاتل العراقي ""محمد عبد الله" والمعنوية التي يتمتع بها: "ثم ينظر في عيوننا مباشرة ويقول:ـ أوعكم تستسلموا، ما فش أبشع من الاستسلام" ص127، وهذا يقودنا إلى الاستبسال والصمود الأسطوري الذي استمر لمدة اثنان وثمانين يوما متواصلة والقصف البري والبحري والجوي مستمر على بيروت.
الحرب لم تقتصر على الشباب، بل طالت أيضا الشيوخ، يحدثنا عن: "أبو خليل عجوز في الستين، بلا أسنان، رأسه صغير، جسمه نحيل، يمشي مهدود الحيل، جاء متطوعا ثالث يوم الحرب.. يقول: جيت أستشهد" ص161، هذا المشهد يشير إلى أن معركة بيروت جذبت كل شرفاء العرب ليحصلوا على شرف مواجهة العدو، بصرف النظر عن العمر أو الجنس أو الطائفة أو الجنسية، فالمعركة جمعت ووحدت الكل.
ولم تقتصر المشاركة في المعركة على المقاتلين فحسب، بل طالت أيضا الباعة وأصحاب الدكاكين: "من يصدق أننا بعد كل هذا الجحيم شربنا المرطبات... وفي الفاكهاني؟!! نعم. أرسل عبد الفتاح غانم ـ أبو مجاهد ـ الذي عاد بعد قليل وقد حمل كرتونة مليئة بالمرطبات.
ـ من أين يا أبو مجاهد؟
ـ من جارنا.. إنه، تقريبا لا يغلق أبواب دكانه، عنده موتور كهرباء.. يقول بأنه يجب أن يدعم صمود الشباب.. بأن يفتح أبواب دكانه رغم القصف.. وهو لم يرفع سعر أي سلعة..
أسما مندهشة، والحديث يختلط، يتداخل، يتشعب.. إنها بيروت" ص171و172، عندما يتم الحديث عن هذا البائع وكيف تعامل في المعركة، يتأكد للقارئ أن بيروت كانت جامعة وموحدة لنسيج الاجتماعي، فالمعركة ألغت ومحت (الصراع الطبقي) من خلال انصهار الكل فيها، ونلاحظ النبل والأخلاق التي يتمتع بها صاحب الدكان، فهو يقوم بعمل خطير ـ فتح الدكان أثناء القصف ـ ويبيع بنفس السعر رغم الحرب وما تفعله بالأسعار.
إذن المقاتل لا ينتصر بالسلاح فقط، بل النبل، بالأخلاق التي يتمتع بها، فرغم أن العدو يتغول بالقتل والتدمير، إلا إن إيمان وأخلاق المقاتل تبقى هي أساس النصر: "إنهم يريدون ذلك لنا.. ولكننا سننتصر عليهم بالقهر الذي سنحوشه لهم في صدورنا، بقوة الروح ونبلها، تلك التي لا يمكن لهم امتلاكها" ص180، فعندما يكون الإيمان راسخا في النفس، بالتأكيد سيكون الصمود والثبات ومن ثم النصر.
يحدثنا الكاتب عن ابن عمه "نصر أبو شاور" أحد عناصر جيش التحرير الفلسطيني القادم من الأردن للمشاركة في الدفاع عن المقاومة في بيروت: "اليوم علمت أن نصر ابن عمي ثابت وصامد في موقعه رغم الانسحابات التي حدثت" ص189، نلاحظ أن هناك تكامل في الحديث عن المقاتلين، فرغم أن الحديث يتناول أكثر من مقاتل إلا أن الحديث عنهم جاء ليعطي صورة وافية وكاملة عن طبيعتهم، طريقة تفكيرهم، سلوكم، صمودهم، نظرتهم لحرب الدائرة والمشتعلة في بيروت: "أبو عبدو يتساءل.. بلكي وقفت الحرب..
ـ وجهاد يقول: ما بتوقف... لأنها فلسطين ما تحررت بعد.. الحرب بدها توكل حطب كثير" ص205، اللافت في هذا القول امتداد رؤية مجاهد للحرب مع الاحتلال، فهي حرب ممتدة زمانيا ومكانيا، وشاملة لأكثر من طرف، وهذا ما يشير إلى أن المقاتل يتمتع برؤية ناضجة عن طبيعة الصراع مع العدو.
قومية وعروبة الثورة
تحدث "محمد البيروتي وموسى الشيخ" في رواية "الشمس تولد من الجبل" عن قومية الثورة وكيف أنها كانت تضم العديد من الكوادر العربية فيها وحتى العالمية، "رشاد أبو شاور" يعد من أول من كتبوا عن هذا الأمر: "وعندما تطلعت إلى الوجوه وأجسام الرجال النائمين في الأسرة، والذين أرهفوا في الأيام الماضية، رأيت بينهم الفلسطيني، واللبناني، والسوري، والعراقي، و.. والباكستاني نعم الباكستاني، وهو لم يأت مرتزقا، لقد جاء مكافحا من أجل فلسطين، دينا وحضارة" ص50، هذه أحدى الصورة عن تشكيلة المقاتلين، ففلسطين استطاعت أن تجمع هذا التنوع والتعدد في الجنسيات والجنس أيضا: "رأيت المقاتلة غادة، هذه الفتاة التي تكتب تحقيقات صحفية، رشيقة وذكية والتي رفضت البقاء في جريدة القاعدة وذهبت إلى الجنوب وعاشت ثلاث سنوات مع المقاتلين، أنني لا أعرف اسمها الحقيقي، ولكنني أعرف بأنها سورية من منطقة اللاذقية" ص53، فالثورة لم تقتصر على الرجال فحسب، بل شاركن النساء في القتال.
الثورة الفلسطينية لم تتجاوز القطرية والجنس فحسب، بل تجاوز الطائفة والدين أيضا، من هنا نجدها تضمن كل من يعادي الصهيونية ويؤمن بعروبة فلسطين: "محور وادي النيل هذا هو الاسم الذي اقترحته لموقع الجامعة الأمريكية، لماذا، إن غالبية المقاتلين في هذا الموقع هم سودانيون ومصريون، صحيح أن بينهم عددا من الفلسطينيين، وصحيح أن الأخ وليم نصار الأسير الفلسطيني طيلة سنين والذي حرر في عملية النورس، هو قائد الموقع، ...لكن للمحور أو بالأدق الموقع.. هو موقع وادي النيل" ص75، أجزم أن مثل هذه التنوع ما كان ليكون دون عدالة القضية الفلسطينية، ودون وجود مؤمنين بها، لهذا تجاوزت القطرية والجنس والدين.
ولم تقتصر المشاركة في مواجهة العدو على مقاتلي الثورة الفلسطيني، بل امتدت ليكون فيها عناصر من الجيش العربي السوري: "وهذه الأسرة اللبنانية الفلسطينية تضم المئات، الألوف، من العرب، من المناضلين من كافة أنحاء العالم، ومن بين العرب مقاتلو اللواء السوري 85...يجب أن نرسل ما يتوفر من البدلات العسكرية إلى إخوتنا في القوات السورية إن بعض مستودعاتهم احترقت" ص113، كل هذا يؤكد أن فلسطين جامعة لكل من يقف مع الحق، بصرف النظر عن جنسيته، أو دينه، أو جنسه، أو وظيفته/موقعه.
الأدب والأدباء
اللافت في هذه الرواية أنها تتناول الدور الإيجابي للمثقفين الذين لم يقتصر تفاعلهم على الكتابة وقول الكلمة فحسب، بل امتد ليشاركوا في المعاركة، فهناك العديد من الكتاب والفنانين تم ذكرهم في الرواية، يحدثنا الكاتب عن طبيعة وظروف عملهم: "يوم العاشر من حزيران التقيت بعلي فودة عند جسر الكولا... ذهبنا إلى الإذاعة، إنها في الفاكهاني، على مقربة من صبرا، في قبو بناية بسيطة...جاء ميشيل النمري وأخذ يكتب، و. في ساعة زمن التقى عدد من الكتاب والصحفيين وأخذوا يتناوبون احتلال الكراسي والطاولات القليلة للكتابة، غرفة لكتابة، ويا لها من غرفة، ضيقة جدا، صغيرة جدا، ومع ذلك فإن عشرة كتاب على الأقل انحشروا داخلها وأخذوا يكتبون" ص12و13، رغم أن المكان غير مناسب، إلا أن الواجب الوطني والقومي دفعهم ليكونوا مشاركين في الكتابة والإذاعة متجاوزين صعوبة الظرف والمكان.
الأدباء، الكتاب، يلخصون ما يجري بأقل الكلمات "يقول محي الدين صبحي الناقد السوري:
ـ الفلسطينيون لا دولة لهم، واللبنانيون انحلت دولتهم، لذا يقاتل الشعبان دفاعا عن الأمة، يحملان السلاح، ويأخذان دورهما" ص35، اللافت في هذا القول تناوله لطبيعة المقاومين، فهم بلا دول، وهذا يشير إلى أن مواجهة العدو يقوم بها من هو الشعبي وغير الرسمي، لأن الرسمي مكبل بالقوانين والتعليمات والأنظمة الصرامة.
وعن جريدة المعركة وكيف كانت بدايتها يقول: "ـ بس انطلع سبع أعداد ... نعمة.. اليهود على بعد امتار.. وقال الكتاب والصحفيون المؤمنون بشعبهم ومقاتليه:
ـ سنصدر ستين عددا, ونراهن على ذلك، نعم سنصمد شهرين وأكثر، وعلى الصفحة الأولى كتب: نشرة تصدر عن الكتاب والصحفيين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب في بيروت" ص45، نجد الإيمان حاضرا، وهيئة التحرير شاملة وجامع للكل العربي، بهذا الشكل استطاع الكتاب والصحفيين الاستمرار في إصدار "المعركة" التي كانت غذاء المقاتلين في المعركة.
جريدة "المعركة" لم تكتفي بشمولية هيئة التحرير، بل تجاوزه إلى تحديد تسمية رئيس التحرير: "لم يحدد من هو رئيس تحري المعركة، ولكن أحدا لم يعترض على إدارة زياد عبد الفتاح للاجتماعات، ...ولا على ما يكتبه المحرر السياسي حنا مقبل، أو الافتتاحيات التي يكتبها زياد عبد الفتاح، إننا نعمل معا كأسرة، وإننا معا نفكر ، ومعا نكتب.. وهذا المازوت قد شح في المطبعة، فما العمل؟ المعركة يجب أن تصدر... بهذا الإصرار ذهبنا إلى الأصدقاء، إلى البنايات.. ونقلنا المازوت من خزانات التدفئة.. وصدرت المعركة" ص47، اللافت في هذا المشهد أن الحديث لا يدور عن جريدة فحسب بل عن معركة حقيقية، فالمعركة لم تكن مجرد صحيفة، بل عنوان/وسيلة مقاومة وإمداد المقاومين بما يحتاجونه في المعركة، وهل هناك أهم من الفكر، الأدب الذي يحافظ على المعنويات والإرادة قوية وصلبة؟.
ولم تقتصر مشاركة الصحفيين والأدباء على من هم في بيروت بل استقطبت آخرين من خارجها: "من ألمانيا إلى دمشق إلى بيروت جاءت سلوى العمد، غامرت بنفسها، وعبرت الحواجز ووصلت بيروت المحاصرة، وانخرطت في المعركة" ص67، إذن جريدة المعركة كانت ضمن معركة بيروت وتمثل أحدها المعارك التي خاضتها المقاومة ضد المحتل وأعوانه.
مواجهة الأخطر كانت ضمن مسار المعركة، "رشاد أبو شاور" يقول هو هذا الأمر: "إقترح علي الأخوة أن أسجل البرنامج على كاسيت وأرسله للإذاعة، قلت لهم:
ـ يا شباب، سامحوني، أنا لا أزاود ولا أناقص، لا أستطيع أن اسجل برنامجي على كاسيت، أريد أن أذهب إلى الإذاعة لأخاطب المقاتلين على الهواء مباشرة، أريد أن أكون مع مذيعيها ومع مهندسي الصوت، وداعا" ص174، إذن الصحفي/الكاتب/الأديب لم يكن ليقبل أن يكون خارج دائرة الخطر، فهو يريد أن يشارك المقاتلين الخطر، الموت الذي يتربص بهم، وهذا يشير إلى نبله وإلى أخلاقه، إلى صدقه، إلى انسجامه بين ما يقوله وما يفعله، هكذا كان الأديب، الصحفي، لهذا نقول إن معركة بيروت فرزت النبلاء/الشرفاء عن الفاسدين والانتهازين.
ويحدثنا عن استشهاد "علي فودة" وهو يوزع جريدة الرصيف: "علي فودة مضمد الوجه، كسور في عظام الفك، تحطم في عظام الصدر، لقد الصيب علي وهو يوزع ـ الرصيف ـ التي حولها إلى جريدة أثناء الحرب" ص184، هنا تكمن أهمية الكتابة، فلو كانت غير ذي جدوى لما كانت هذه التضحيات وهذه الجهود تبذل في سبيل إيصال المعركة والرصيف إلى المقاتلين وأثناء قصف المدافع وصليات الرصاص ودوي القنابل.
يحدثنا "رشاد أبو شاور" عن أهمية المكتبة والكتب بقوله: "أنا الآن في بيتي، وداعا إذن يا بيت، وأحذف الياء.. فأنا لا بيت لي في أي مكان.
هذه كتبي.. لا هذه كتب.
مكتبتي الأولى تركتها في دمشق عام 65، يوم صدر العفو وعدت مع والدي إلى الأردن.
مكتبتي الثانية تركتها في أريحا يوم سقطت أريحا في حزيران.
مكتبتي الثالثة تركتها في عمان بعد أيلول.. مكتبتي الرابعة.. بعتها وأنا في دمشق، حين جعت مع أسرتي... وهذه مكتبتي الخامسة.. كم مرة اشتريت الكتاب الوحد لأقرأه.. كم مرة يشتري الفلسطيني الكتاب الواحد؟!!" ص201و202، هذا المشهد يؤكد أهمية الكتاب بالنسبة للأديب/للقارئ، فهو الغذاء الذي يمده بالقوة والقدرة والمعرفة ليواجه عدوه، وهو الذي يبقيه على الدرب مهما واجه من أخطار ومغريات، هذا هو دور الكتاب، هو الكنز الثمين لكل من يريد أن يحتفظ بثروة النبل/الأخلاق/الوفاء/الصدق/العطاء.
هناك بعض الكتب تبقى عالقة في الوجدان، ولا يمكن الاستغناء عنها، يخبرنا "أبو شاور" عن أهم الكتب لديه: "وأحمل معي ثلاثة كتب، اللآلئ ـ نصوص كنعانية ـ ملحمة جلجامش، وإسرائيل الكبرى، وأترك ألوف الكتاب وأمضي" ص206.
قادة الثورة والمعركة
اللافت في هذا الرواية حجم الإيجابيات الكثيرة والعديدة التي يتناولها "أبو شاور" وهذا يعود إلى طبيعة الظرف، فهناك معركة شرسة لا مكان فيها للخلافات الشخصية، فالعدو وحجم الأخطار يجعل الجميع متوحد.
في بداية المعركة تم تداول الأخطار المحدقة بقيادة الثورة: "اقترح العميد سعد صايل خروج الأخ أبو عمار والأخ أبو جهاد وبعض القيادات، على أن يبقى هو في بيروت ومعه عدد من الضباط، و.. ساد صمت.. رفض أبو عمار الاقتراح، وحبذ خروج بعض القادة، لكن... القادة رفضوا" ص34، هذه الصورة تؤكد أن المعركة توحد، وتجعل الجميع متمسك بالمشاركة في نبيل شرف مواجهة العدو.
وعن سلوك "أبو عمار" أثناء الحصار و تعامل مع المقاتلين: "سيسير أبو عمار كثيرا بهذا الشارع رغم القصف، لعب مع المقاتلين كرة القدم، وسألهم عن آربيجباتهم، وأبو ماهر الذي برجله اليسرى قصير قليل لم يلعب كرة القدم، لكنه وقف على الرصيف يبتسم بحزن، إنه قلق على الثورة وعلى أبو عمار" ص63.
وعن توزيع الخبز للناس يقول عنه: "رأينا أبو عمار في الفرن يوزع الخبز على المواطنين، رأيته يصرف المقاتلين ويوجههم للذهاب إلى فرن محدد: قال لهم:
ـ الفرن ده مش إلكم، الفرن ده للناس" ص181.
وعن طريقة تعامله مع الحكام العرب أثناء الحصار: "جاء من يخبر أبو عمار أن واحد من قادة العرب يطلبه على الهاتف.. قال أبو عمار:
ـ قل له مش موجود.. قلت:
ـ هاتواه أبو العون يحكي معه" ص194.
أما عن جورج حبش وكيف تعامل مع أبو عمار: "علمت بأن الحكيم جورج حبش التقى مع الأخ أبو عمار وقال له: "لقد عشت سنواتي التي زادت عن الخمسين كل الهزائم العربية، ولست الآن بصدد أن أزاود عليك، هذا الشهر من القتال والبطولة هو أعظم أيام عمري، أنني أثق بك، وأقول لك: قدنا، وامضي بنا بأقل الخسائر.
وينقل تصريحا ل "أبو الوليد" جاء فيه: "لا خروج من بيروت، حصنا بيروت بما يحول دون اقتحامها من أعتى جيش" ص79.
وعن مواقف "أبو أياد" تجاه المنهزمين: "رأيي أن لا يأخذ الذين انهزموا مواقع جديدة، الآن لا نريد أن نحاسب، لكن لا يجوز أن ينهزموا ويتولوا مسؤوليات جديدة" ص148.
الفلسطيني
بما أن حصار بيروت كان الهدف منه إخراج المقاومة الفلسطينية منها، فكان لا بد من الحديث عن الفلسطيني وما يعانيه كملاجئ، كمقاتل، كعربي احتلت أرضه.
"جواز الفلسطيني ليس للسفر بين الحدود" ص13، فهذه المعضلة عانى ويعاني منها الفلسطيني، وما زالت قائمة كانت حتى كتابة هذه السطور.
"والدي وإخوتي في عمان، وزوجتي وأولادي في دمشق، وأنا في بيروت" ص90، نلاحظ أن الكاتب يركز على تشتت الفلسطيني وعلى صعوبة تنقله ولم شمل الأسرة المشتتة في أكثر من دولة.
"كل راحل يعود إلى وطنه، إلا الفلسطيني.. إنه يرحل ووطنه في داخله، إنه لا يعود إلى وطنه.. هكذا، سيظل يحمل هذا الوطن.. الذي لا يهبه غير المنافي، الرحيل، والسجون، والموت" ص207، هذا حال الفلسطيني منذ أن هجر من وطنه عام1948 وحتى الآن، فنكاد لا نجد عائلة فلسطينية لم تمر بالهجرة أو النزوح، أو الاعتقال، أو الاستشهاد أو الملاحقة الأمنة، إن كان من العدو أو من (الأشقاء).
"الفلسطينيون يحاربون الموت والفناء بالإنجاب، لقد ملأوا العواصم بمقابر شهدائهم، وفي أكثر من عاصمة، وعلى يد أكثر من عاصمة، ذبح منهم الألوف" ص198، إشارة إلى دور الأنظمة العربية في مأساة الفلسطيني، ودورهم في قتل الثورة لينعم العدو بالأمان والسلام.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيحاء والواقع في قصيدة -رسالة إلى يشجب بن يعرب- محمد سلام ...
- الانكسار الرسمي العربي في ديوان -الخروج من الحمراء- المتوكل ...
- الانكسار الرسمي العربي في ديوان -الخروج إلى الحمراء- المتوكل ...
- الرمزية في رواية -الهمج- عبد الرحيم عباد
- تأثر الكاتب -في داخلي- الحسن اوموج-
- شارون والمجازر الصهيونية في كتاب -قلب الحمار- عبد الرحيم الش ...
- الحرب في رواية -أحزان حزيران- سليمان فياض
- استنهاض المتلقي في قصيدة -وستنتهي مثلما اتفق- عبد الله عيسى
- الحركة في ومضة -في كل صباح- سمير البرقاوي
- أثر الألم في ومضة -سنجمع أشلاءهم- سميح محسن
- حكمة التمرد في قصيدة -الغيوم المثقلة- محمد داود
- رواية الشمس تولد من الجبل محمد البيروتي وموسى الشيخ
- كلمة الحق يجب أن تقال
- الشكل والمضمون في رواية -الخطوات- عزت الغزاوي
- المجازر الصهيونية في كتاب -مجرم لا متهم- سحر أبو زلام، ريم م ...
- القيادة في كتاب -لكي لا تكون القيادة استبدادا- خالد الحسن أب ...
- الإصلاح الحزبي في -كتاب كيف يحلو الحصاد، العودة إلى مبادئ ال ...
- الشعر وتقديم الواقع في قصيدة -طفلان يبتسمان-
- دور الإيمان في قصيدة خبر جذوعك- زيد الطهراوي
- البعد الأسطوري للفرح في ومضة -ما تيسر من فرح- عبد السلام عطا ...


المزيد.....




- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الواقعية والحرب في رواية -آه يا بيروت- رشاد أبو شاور