|
لازال للإستعمار الكلمة العليا .
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7693 - 2023 / 8 / 4 - 10:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ولدنا في دولة مستعمرة وحاربنا طول حياتنا من أجل أن نصبح أحرارا..دون جدوى . نحن شعب غير شعوب الأرض .. وفي الغالب ناس غير الناس .. لدينا القدرة علي تحمل بغي الطغاه لألاف السنين دون ضجر أو إحتجاج أو ثورة.. . بل و نهتف بأسمائهم و ندعو لهم .. و نبجلهم رغم أنهم لا يتوقفون عن سرقتنا و نهبنا و إرهابنا و تعويقنا . لالفين وسبعمائة سنة .. لم ينعم أجداد المصرى بالحرية ، فقد كان هناك دائما طاغية له الكلمة العليا فى تحديد مسارهم ومصيرهم . لألفى سنة كان الطاغية من الجيران الرعاة ( الهكسوس 150، الليبيون 200 ، الأثيوبيون 80، الأشوريون 100، الفرس 150 ،والعرب و الأتراك 1276 ) وسبعمائة سنة كان أوروبيا ( الاغريق 293 ، روما وبيزنطة 309 ، فرنسا 3، بريطانيا 74 ) ..ولا اريد ان أقول أنه حتي عندما حكم لسبعين سنة مصريون.. لم يكن الحال أفضل . شعب مصر لم يعرف الحرية أبدا منذ أجيال بعيدة ..وكان هناك دائما من يمسك له سوط السخرة ، يحركه به ليبني القصور و المعابد و الملاهي و الأسوار.. و يشق الطرق و يقيم الكبارى .. أو يستولي علي أمواله وناتج جهده يصادره و يصدره لصالح القوى العظمى المسيطرة على مقدراته سواء كانت فارسية ، او يونانية ، أو رومانية ، أو عربية ، أو عثمانية أوبريطانية ، أو امريكية إسرائيلية خليجية القوة العظمى المسيطرة هى التى تحدد للمصرى ماذا ينتج ، واسلوب إنتاجه ،وماذا يستهلك و من أى سوق يستورد ، وأى لغة يتكلم وبأى دين يدين. ومن هو الوالي الذى يحكمه ، وكيف يحكم..و متي يزاح و يستبدل و هكذا إعتاد المصرى – لآلاف السنين – أن يزاول حياته فى ظل جنود البغي ، وجور حكامه وتسلط رجال الأمن وجواسيسهم ، وتجبر رجال الجباية ، وكون لنفسه أساليبا تمكنه من التواؤم و المعايشة مع الاحتلال العسكرى والنهب الاقتصادى . و مع غياب الاستقلال والارادة ، إنزوت الحرية وفقد الشعب الانتماء ، ولم يعد المصرى يحب بلده ، إلا فى الأغانى والأناشيد و عندما يرى سوط البغاة المصرى منذ زمن الزراعة ، وحتى زمن اللا إنتاج والاعتماد على ريع السياحة وعبور قناة السويس وتصدير العمالة الرخيصة ، يعرف ان عائد عمله ، يصب دائما فى الخزائن الغريبة ، ولهذا تحولت مزرعة ( روما ) الى مستورد رئيسى للطعام تشتريه أو تستجديه كإعانات ومنح وقروض كيف حدث هذا.. كيف إستعبد شعب حتي تحولت جيناته لتقبل الظلم و الإستبداد دون مقاومة . المصرى في زمن سابق كان قادرا على استيعاب الآخر ودمجه وتطويعه لآليات الحياة المصرية ، إلا فى حالات ثلاث . الأولى مع الاستعمار الاستيطانى اليونانى ، وفى ذلك الزمن ، توارى آمون ورع وأوزوريس ، لصالح سيرابيس وزيوس وأبولو، وبنيت الاسكندرية لتزدهر ، ساحبة الضوء عن هليوبوليس وطيبة ، وفقد المصرى حروف لغته المكتوبة ، ليستخدم الحروف اليونانية ، وبمرور الوقت ، نسى الهيروغليفية والديموطيقية ، وأصبحت كتابات المعابد وورق البردى ، طلسمات غير مفهومة ، وأصبح العالم يستمد معرفته عن مصر ، من خلال تراهات هيرودوت وديدور الصقلى واسترابيون ، لتتوارى الحضارة المصرية تماما وينعزل صانعها فى غياهب النسيان . الحالة الثانية مع غزو عمرو بن العاص لمصر باثنى عشر ألف مقاتل مكنوا قبائل العرب المهاجرة ، أن تحيط بالتجمعات السكانية والمزارع فى استعمار استيطانى ، تال لليطالسة اليونان جعل ولاة العرب الاثنان وسبعون أمير ، الذين حكموا مصر ، لا يجمعهم الا حب المال وجمعه ونزحه ، سواء للمدينة او دمشق او بغداد ، وفقدت مصر للمرة الثانية لغتها وعلمها و حكمتها.. الحالة الثالثة ، عاصرتها بنفسي فى الزمن الحديث، عندما سلمت مصر طوعا ( فى زمن حول سبعينيات القرن الماضى ) أمرها الى قوى استعمارية ثلاث إحتلوها جميعا فى آن واحد فى سابقة لم تحدث من قبل ، لقد أصبحت مصر مستعمرة وهابية ، إستولى على عقل وأسلوب حياة وتوجهات شعبها ، مشايخ البترودولار ، وأعادوا صياغته فى أطر متشددة. وقامت السلطات الأمريكية بالسيطرة على الحكومات المصرية المتعاقبة ، تسيرها بواسطة المعونات و القروض واحتكار السلاح ، وفقا لمصالحها. وفرضت إسرائيل وصايتها على سيناء، صاغت الحياة فيها طبقا لخططها، يتحرك فيها مواطنيها بحرية ، لا تتاح لمصرى يرتدى زيه الرسمى ، فارضة توريدات غاز وبترول وتسهيلات سياحية و صناعية بأسعار إحتكارية سرية لا تعلم عنها الكثير المصرى اليوم تخلف عن الركب العالمى بعشرات إن لم يكن مئات السنين ، فالعالم يجرى ويلهث ونحن نحتاس ببلوانا نرقب ونجادل ونصارع ، حول بديهيات خاصة بحقوق الانسان ، واستحقاق المصرى لدستور وبرلمان عصرى وحرية المرأة وعدالة الانتخاب وتحديد دور القوات المسلحة والحد من سلطات الأمن. فى مصر أصبح هناك اكثر من مجتمع ، والعديد من التجمعات السكانية ، التي تحميها من الخارج أسوار وأجهزة امن خاصة وتصاريح انتقال وكلاب مدربة ، والفارق واسع بين العشوائيات المتناثرة في كل مكان ، والتجمعات ( الذكية ) التى تلجأ الى الصحراء ، هربا من انتفاضة تحركها المعدة الخاوية نحن نتصور أن الديموقراطية ..و حقوق الإنسان .. و التنمية المستدامة و العلمانية في فصل الدين عن الدولة .. خطوات في سبيل تغيير واقع دام لالفين و سبعمائة سنة .. و لكن الواقع أننا أصبحنا شعبا غير شعوب الأرض و ناسا غير الناس .. لا تجدى معنا .. حلول الناس .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استقر الأمن فى البلدة الصغيرة
-
و عاودني عصاب الحرب .
-
لمن يرصدون غيابي
-
سقطت يوم سقط الجنيه
-
فليأكل ((أموت )) قلبي وأفني.
-
قد تكون هذه وصيتي.
-
وليمة لأعشاب البحر .
-
المصريون و متلازمة ستوكهلم
-
لحسن الحظ الكلاب و القطط متوفرة
-
منظومة الإنكماش و العصيان المدني
-
وباء إنقلابات العسكر
-
مصطفي صفوان و تطوير اللغة
-
و أصبح شهبندر التجار من الضباط .
-
ذكريات مسن في الثمانين(2 )
-
ذكريات مسن في الثمانين
-
كراتين الأحسان في إستاد القاهرة .
-
إنت من الأشرار يا علي
-
كفاية إنجازات إلهي يسعدكم
-
نعم .. إسرائيل هي العدو
-
إنتبهوا الإنقراض السادس قادم
المزيد.....
-
حمم قاتلة من بركان نشط وفيضانات واسعة تضرب إندونيسيا وتقتل 3
...
-
السعودية.. دراسة تكشف عن -دليل غير مسبوق- على أن إنسان العصر
...
-
طالبة تصور شجارا بين زملائها داخل مدرسة وتبثه مباشرة.. شاهد
...
-
بعد حرب غزة.. هل ستفوز حماس إذا أجريت انتخابات؟ شاهد كيف رد
...
-
مصر.. بيان حول زيارة السعودية يثير جدلا واسعا
-
احتجاج في جورجيا ضد إقرار قانون يخص التمويل الخارجي لوسائل ا
...
-
محكمة ألمانية تصنف -حزب البديل- اليميني كحركة متطرفة ومشتبه
...
-
واشنطن تحذر إسرائيل من هجوم برفح يسبب فوضى ولا يحل مشكلة حما
...
-
مشاركة عزاء للرفيق خليل عليان بوفاة ابن عمه
-
الإعلام العبري: مخاوف في تل أبيب بعد -تهديدات صريحة- من مصر
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|