|
-البحث عن الاصنام-
صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 7690 - 2023 / 8 / 1 - 02:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(أصبحت عبادة الاصنام، والركض وراء الأوهام، والتسليم بالخرافات والاساطير، والتعصب لفكرة معينة، والتحيز غير المنطقي الى فكر مغلوطة.. شروطا أساسية لضمان الكفاح من اجل البقاء، من اجل القوت من جانب الضعفاء، في مجتمع لم يقم على أسس احترام الفرد، وحرية التفكير والتعبير عن الضمير).
"البحث عن الاصنام" هو أحد فصول كتاب "اصنام المجتمع"، لمؤلفه أستاذ علم الاجتماع الدكتور الراحل "عبد الجليل الطاهر 1917-1971"، الذي وبالتعاون مع الراحل علي الوردي قاما بتأسيس قسم علم الاجتماع في جامعة بغداد، صاحب المؤلفات الرائدة في علم الاجتماع : "مسيرة مجتمع، التفسير الاجتماعي للجريمة، الثورة الزراعية في الريف العراقي، العشائر العراقية، علم الاجتماع بين الفينومنيولوجية والتجريبية" وغيرها الكثير من المقالات والبحوث؛ الطاهر، كغيره من رواد علم الاجتماع في العراق لم يأخذ الحيز الذي يستحقه، لم تسلط عليه الأضواء، كزميله الوردي، فأغلب كتبه لم يعاد طبعها، نادرة وشحيحة جدا.
في كتابه هذا الذي ألفه عام 1956 يتطرق الطاهر الى ظاهرة الولاءات والانحياز والتعصب لأشخاص محددة او أحزاب او أفكار معينة، واضافة هالة من القداسة من هذا الجمهور المتعصب، ولجم واخراس وقمع كل الأصوات الحرة الناقدة، فترسم دوائر حمر لا يسمح ابدا بتخطيها، فتتحول هذه الشخصيات الى اصنام تعبد، ترسم لها مراسيم وطقوس يمارسها اتباعها، هذه الاصنام "المؤلهة" تحيط نفسها ب "سدنة قادرة على تزييف الحقائق"، وفي بعض الأحيان يلجأ هؤلاء السدنة الى "استعمال القوة والزجر لانتزاع اعتراف الناس بأهمية الصنم".
الاصنام لا تنمو ولا تعيش الا في مجتمعات تعلوها الفوضى والجهل والامية والأوضاع الاقتصادية الهشة، "فوجود الصنم مرتبط بنوع الحياة الجماعية والاجتماعية والدينية والسياسية"، فتصنع هذه المجتمعات "الأوهام والاصنام والاساطير، وينقلها عن طريق التربية من جيل الى جيل" فتستطيع هذه الاصنام ان "تمد جذورها في الواقع الاجتماعي، وتتغلغل قدسيته في أعماق القلوب".
يعد الدين الخزان الأكبر لإنتاج الاصنام، فهو كما يقول الفيلسوف الفرنسي دي كوندورسيه 1743-1794 "وسيلة من وسائل استغلال الناس وخداعهم" وقد عد هذا الفيلسوف "ضعف الدين في المجتمع مقياسا لتقدم التفكير البشري"، فالبلدان التي ينتشر فيها الدين تكون فيها نسبة الجهل والتخلف والرجعية والظلامية عالية جدا، وتنتشر فيها الاصنام والاوهام والاساطير والطقوس والخرافات، فيتحول فيها كل شيء الى صنم، من الانسان الى الأشجار والاحجار والحيوان، تاريخها مقدس ورجال حاضرها مقدسين، فلا يمكن نقد أي شيء، و"الامل الوحيد في الابتعاد عن تأثير الاصنام والاوهام في البحث عن الحقائق بحرية التفكير والمناقشة وابدأ الرأي، والتصويت" لكن "إذا تعاونت السلطة والاصنام في القضاء على الحرية فإنهم يمهدون الطريق لظهور النفاق والرياء والخداع والحيلة". وبهذه الكلمات ختم الطاهر كتابه "أصنام المجتمع".
الكتاب تم تأليفه عام 1956، أي منتصف القرن الماضي، في وقت لم تكن الاصنام منتشرة بشكل وبائي مثل هذا الزمن الذي نعيشه، فاليوم كل رجل دين هو صنم لدى اتباعه، بل ان مجلس النواب بصدد إقرار قانون "يجرم نقد رجال الدين الاحياء منهم والاموات"، ولم لا، فنحن في ذروة الحكم الديني، تم "تصنيم" كل شيء: قادة الميليشيات، رؤساء العشائر، الطقوس والشعائر الدينية، أماكن جغرافية معينة، مخلفات رجال الدين، التاريخ الديني"، لا يمكن الحديث بحرية عن أي شيء، فحياتك ستكون هي الثمن الذي ستدفعه إذا ما تجرأت على نقد المقدس.
خالص شكرنا وتقديرنا للراحل، خالد الذكر، الدكتور عبد الجليل الطاهر، على ما تركه لنا من ارث فكري رائع، خصوصا كتابه هذا، فقد الم بموضوعه بشكل رصين ودقيق، ونحن بأمس الحاجة لمثل أبحاث ودراسات كهذه، كوننا نعيش زمن عبادة الاصنام بحذافيرها، بل يجري بشكل دؤوب "البحث عن الاصنام". طارق فتحي
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطقوس الدينية الدوافع السياسية للسلطة الاسلامية
-
حول الجمهور الديني
-
كلاكيت اخر مرة
-
التضليل الإعلامي بين العراق المتخيل والعراق المعاش إنجازات ا
...
-
زيلنسكي (طبيب رغم أنفه)
-
قنابل عنقودية لأوكرانيا
-
ما بين سلوان موميكا ونائل المرزوقي
-
المكان والسعادة
-
ما الذي يريده (طباخ الريس)
-
بصدد العمال الأجانب
-
جون كيري والمالتوسية
-
(حركات المودة)
-
الموازنة وحال العمال والكادحين والمعطلين
-
عمل النساء في مكبات النفايات
-
صدى العمال تواكب مسار الحركة الاحتجاجية
-
(أسلحة نووية للجميع)
-
الحياة في معامل الطابوق
-
عندما تحكم القوى الدينية المجتمع
-
مسرح الدمى
-
زيلنسكي في قمة جدة او دمية وسط الدمى
المزيد.....
-
أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة
...
-
إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن
...
-
“بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى
...
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات
...
-
“نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو
...
-
تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم
...
-
كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م
...
-
حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل
...
-
القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|