متمرده

عماد الطيب
كاتب

الحوار المتمدن-العدد: 7673 - 2023 / 7 / 15 - 18:04
المحور: الادب والفن
    

كانت دوما كالطير وانا الشجرة .. ترحل وقت ما تشاء .. لكن انا ابقى ثابتا انتظر قدومها .. الرحيل لغة لايتقنها سوى اصحاب القلوب القلقة .. المزاجيون في يومهم .. تراهم في اليوم الواحد يبكون ويضحكون ويصرخون ويغضبون ثم ينامون .. لاتقف عند حد لمزاجيتهم المتقلبة .. كلمة واحدة تخرج من شفاه قد تكون غير مقصودة تعكر مزاجهم وعبارة بسيطة فيها ثناء تسعدهم وتطربهم .. هؤلاء التعامل معهم يكون بصبر وبروية .. ولكن العيش معهم صعب فهم لهم طموحات واحلام خارج عن المألوف .. يعشقون السفر لان الامكنة المعتادة تبعث فيهم الملل .. لا يطيقون السكون والرتابة فعقولهم في شغل دائم . لذا نرى اكثرهم ابداعا في الحياة .. فهم متمردون لايحبون المنتصف .. وخطيرون كالبحر اذا عصف .. ليس لديهم من الاصدقاء الكثر .. انتقائيون في اختياراتهم .. هؤلاء يحملون في دواخلهم مقدارا كبيرا من الطفولة والبراءة .. لهم نظرة ابعد مما نتوقع .. حين تتحدث معهم تتوجس خيفة من ردود الافعال فهم في شك دائم بالكلمات .. وقد يحملوها اكثر من معنى . الذي يخاطر بفتح حديث معهم عليه ان يتوخى الحذر والا تنهال عليه المدافع الرشاشة التي لاتبقي ولاتذر .. فهم اكثر دقة في قوة الملاحظة والفهم السريع . يفهمون اعماق دواخلك من كلماتك .. وكأنهم عرابون في تفسير الهمسات والحركات والكلمات .. والحديث معهم كالسير على حبل سيرك عليك ان تحفظ على توازنك بكلماتك والا السقوط المحتم مصيرك . ويعتمدون في ردودهم على ردود الافعال اكثر من الافعال.. صادقون في مشاعرهم .. وفي رحيلهم يعشقون المحطات . منذ عشقتها صرت لها شجرة وهي عصفورتي المدللة تذهب بعيدا . ومن ثم تعود لتلتقط الانفاس وتعيد الكرة في كل مرة . لم تبن عشها على شجرتي .. اقول لها ارحلي الآن فقد حان موسم الهجرة الى الشمال . فقد اصفرت اوراقي وتهرأت اغصاني ويبست جذوعي .. وماعاد تستهويك تلك الشجرة التي كان ظلها الجميل الذي تستظلين به حين من الوقت . ارحلي امثالك يأتون في العمر مرة كالمعجزات وكالصدف . ولكن اختم الكلام بمقولة لغادة السمان عبرت عن لهفتها لغسان كنفاني ..لعلنا خلقنا هكذا خطين متوازيين يعجزان عن الفراق وعن التواصل ولن يلتقيا الا اذا انكسر احدهما . هكذا هو الحال معك .

#عماد_الطيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل