أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية نساء بطعم الرماد














المزيد.....

رواية نساء بطعم الرماد


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7648 - 2023 / 6 / 20 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


سماح الشيخ
(رواية الحياة مولعة بالأحداث المعطوبة)
بقلم سليم النجار

رواية “نساء بطعم الرماد” هُندست بإزميل القيم ومولعة بالشخصيات ملتبسة الهوية والعابرة للقيم، والتي تبدو محكومة –في الغالب- بأقدار فنتازية منذ لحظة ميلادها، لمجرد أنها وُلدت في مكان بعينه وفي ظروف عائلية معقدة. وفي الشخصيات الهامشية، رسمتها بعناية وتجعلها عصية على النسيان.
رواية مولعة بالمثل بلحظات الأفول، سواء أفول أفراد أو عائلات أو مجتمع بكامله، واضحة رؤيتها على مكمن الجراحة دون مواربة، إلا تلك التي تمليها جماليات فن السخرية قادرة على إبراز الوجه العبثي الأحمق للعنف.
الروائية سماح الشيخ بحثت عن الزمن المفقود، كمعين اجتماعي. وصوّرت الزمن كقالب للحيرة، ثمة ما يستدعي طرح السؤال، عن الحيرة، وعن حدودها كلما أقبلنا على مواجهة السرد في واقعنا اليومي: (وأذهلني احتراف البعض الكذب حتى على ذواتهم، ولكن أذهلني أكثر من يحترفون تصديق ما يكذبونه ص13).
هذا السرد يجعلنا أن نتسائل في الإجابة قبل التوجه للسؤال، كما فعلت الكاتبة سعاد: (الصمت الذي اعتراها في معظم الأحيان، لم يكن إلا إصراراً على رتق جراح كانت تتمنى نسيانها ص79).
تبدو أسئلة الرواية مهيمنة، وللمأساوي الذي نعيشه في المشرق والمغرب ما يدلنا على الجواب. إنه زمن قلق الحداثة المعطوبة، متحددة الرؤى.
نحن إذن أمام رواية تضع القضية الثقافية بطرح مسألة القيم الثقافية في فلسطين والعالم العربي من خلالهما تطرح مسألة الثقافة في عموم العالم العربي الجديد. والمشتغلون العرب في الثقافة لا يجدون غضاضة في الخضوع لسلطة الاعتياد بتعدّد تسمياتها السياسية الثقافية الاجتماعية، ما دامت المنظومة الثقافية العربية لم تتشكل بعد علاقتها بالحقل المعرفي، لدرجة وصول الخراب المعمم الذي يسيج وضعنا الثقافي الى الحد الذي سيجعلنا نطرح من جديد (لا بأس، أليس كذلك؟) سؤال: ما المقصود من الثقافة؟ وماذا نريد من الثقافة؟ وما مصير ثقافتنا؟
مجرد طرح السؤال الأساسي، الجوهري، قد يعرّض السائل والمسؤول للسخرية، وما العيب في هذه السخرية؟ أليست علامة على واقعنا؟ والسخرية هنا تدفعنا إلى محاولة قراءة السبب في ضعف تأثير العقل وعظم تأثير العادة في تكوين الأخلاق الاجتماعية! سبب ذلك هو، أولاً: أن العادة تشتق على العموم من الضرورات العاطفية والثقافية التي هي أقوى من جميع العقول؛ وسبب ذلك هو ثانياً: أن العادة تستقر بدائرة اللاشعور حيث تتضح عوامل السلوك، كما رصدت سماح: (أأعد لك كوباً من الشاي!! –لا أشربه صباحاً…شكراً لك…وقلت مستطردة: اتصلي بصبي القهوة هو يعدها لي بطريقة مذهلة، واجلبي ما شئت…ص37).
نيتشيه هو من الفلاسفة القليلين الذين أبصروا أن الأخلاق الاجتماعية ليست سوى عنوان العادة، قال نيتشيه: (لا أخلاق حيث لا سلطان للعادات، وكلما ضاق نطاق العادات ضاق نطاق الأخلاق، والشخص الطليق عاطل من الأخلاق لتسيره وفق هواه، لا وفق العادة المستقرة….). واللافت للنظر أن للرواية مدخلاً خلفياً شأنها شأن المدن العتيقة، وقد ورد بعنوان مدخل في طقس القيم الاجتماعية: (كان عليّ أن ألملم بقايا أفكاري، فهناك الكثير من الأوراق البيضاء التي تنظم حبراً يعانقها، بعض القصص المهترئة في خبايا الذاكرة ص11).
ويبرز النص جملة من الدلائل فمن الدلالات الاجتماعية التي يضطلع بها، أنه يجسد لنا عواقب أحد الصفات الذميمة والمتمثلة في الغدر والخداع، ممّا يدمر العلاقات وينشر الكره والحقد بين أفراد المجتمع: (عندها فقط انهار الجدار الصلب في علاقتنا…وشعرت بأن زهوة يجب أن تكون قريبة مني أكثر ص41).
ومن الدلائل الاجتماعية نجده يصوّر لنا قضية الموت: (-أريد أن أموت…يجب أن أوقف هذه الحياة ص41). ويلاحظ في سرد رواية “نساء بطعم الرماد” على المستوى السطحي للقصص كثافة البرامج السردية وسرعتها في توليد سردية أخرى انطلاقا من توزيع الموضوعات عند انطلاقها من فاعل الى آخر نتيجة تحويلات مفتعلة ومنظمّة، وهذا ما يكسب القصص حركية وفاعلية وذلك راجع إلى عنصر الصراع وتعدد الفواعل وأدوارها داخل النص.
كما إن تردد الزمن في رواية سماح الشيخ يؤدي تكاثف الأحداث الى التعاقب في حكيها بالاحتكام الى برمجة زمنية ومكانية، تضبطه وتساعده على فهم آلية اشتغال النص السردي، من خلال شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية، التي تعمل على الانتقال من مرحلة الى مرحلة، هذا الانتقال يتّسم بدلالاته المكانية والزمنية. لذلك، واعتماداً على التسلسل المنطقي لمسار القصة نستشف مرحلة زمنية محددة، أنه الزمن الفلسطيني الذي يسعى الى تكريس القيمة الاجتماعية: (-ولأنها كانت صاحبة قضية كانت مصرة على ما تفعله رغم نصائح كل من حولها، ظلت فدوى تعتمر الكوفية وتخرج كل يوم الى الجامعة ومن هناك، تخرج التنظيمات الطلابية الى الشارع (لتحاجر) ص58).
كما يجسد النص ذلك الصراع بين الزمن والقيمة الاجتماعية نتيجة مواجهات بينهما، وإن تجسد هذا الصراع بين القيم الأخلاقية، التي فرّقت الكاتبة سماح الشيخ بينهما، فالأخلاق في النص ضرورة: (لقد أخذت خطيئتها تنمو في أحشائها وتكبر يوما بعد يوم، وهناك ثمرة ستقترب يوماً من النضوج، وسيحين موعد قطافها. ص84).
وهنا تقف سماح الشيخ على تضاد مطلق بين القيم الأخلاقية السائدة والأسس الانتحالية لمجتمعنا وطموحات الأكثرية فيه، وهنا نلتفت الى السيرة التي أنهت فيها الرواية: (زالت معششة داخل قلبي، ها أنذا أجثو قرب قبرك، بخشوع وأنثر باقات الورود فوق الشاهد ص95).
رواية نساء بطعم الرماد تعتمد على جدلية الضوء والظلام والتشكيل، وتحتاج الى مكان محكم يمكن أن يركز الضوء فيه على الدلالات التي رمزت لها بالصبر.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية عندما تبتسم الشمس
- رواية حياة بعد الموت
- رواية أبواب ومفاتيح
- رواية بقعة عمياء
- رواية أنت طالق
- رواية منّ السما
- زحمة أفكار تستريح على رصيف الرواية
- رواية صيف مع العدو
- رواية أسرار القوقعة
- ملحمة الخلاص في عالم موبوء
- رواية هكذا صرت ملاكا
- رواية مرايا للكاتبة نسرين الحمود
- رواية الحب ثالثا وأخيرا
- رواية ابنة السفير
- رواية التي كانت أنا
- رواية حنظلة
- رواية أدراج الإسكافية للكاتبة فداء الحديد
- رواية سهام أبو عواد
- رواية محطات على قارعة الزمن
- تعبت الروح أيها العاشق للكاتبة عواطف الكنعاني


المزيد.....




- من فلسطين الى العراق..أفلام لعربية تطرق أبواب الأوسكار بقوة ...
- فيلم -صوت هند رجب- يستعد للعرض في 167 دار سينما بالوطن العرب ...
- شوقي عبد الأمير: اللغة العربية هي الحصن الأخير لحماية الوجود ...
- ماذا يعني انتقال بث حفل الأوسكار إلى يوتيوب؟
- جليل إبراهيم المندلاوي: بقايا اعتذار
- مهرجان الرياض للمسرح يقدّم «اللوحة الثالثة» ويقيم أمسية لمحم ...
- -العربية- منذ الصغر، مبادرة إماراتية ورحلة هوية وانتماء
- اللغة العربية.. هل هي في خطر أم تتطور؟
- بعد أكثر من 70 عاما.. الأوسكار يغادر التلفزيون إلى يوتيوب
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: بين الأمس واليوم.. عن فيلم -الس ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية نساء بطعم الرماد