أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - دَمُ شَاعرٍ














المزيد.....

دَمُ شَاعرٍ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7640 - 2023 / 6 / 12 - 13:01
المحور: الادب والفن
    


"دَمُ شَاعِرٍ" عنوان فيلم للفرنسي "جون كوكتو" Le sang d un poète
Jean Cocteau أخرجه عام 1930 .. أبيض وأسود .. صامت يذكرنا ببدايات السينما .. يوثق الحُلْمَ والهذيانَ حيث جَسَّدَ فيه المخرجُ صُورا واستعارات ورموزا مليئة بالشعر والخيال الطفولي لكنها مُظلمة تحاول كشف العالم الداخلي للانسان بشكل فنتازي يختلط فيه الكابوس مع الأحلام الطفولية الفطرية متعالقةً بفضاعة وقسوة الموت والواقع المفروض قهرا على الإنسان التائق الى ما وراء ما يُسَمَّى "الحقيقة" المتعارف عليها في العالم المادي الواقعي .. المخرج يؤشر على بديل آخر لهذا الواقع الساقط في أعين الحالمين .. إنها دعوة لاستعادة عالم اللاوعي والأحلام والتداعيات من أجل إعادة الاعتبار لإنسانية الإنسان الذي تشيئه حياة الرأسمال الموغلة في توحشها .. يتكون الشريط من أربعة أجزاء موسومة كالتالي :

1_ جروح الشاعر
2_ هل تملك الجدران آذانا ؟
3_ معركة الكرات الثلجية
4_ تدنيس الجمهرة .

ولا علاقة سبببية بين هذه المقاطع.انها تتجاور أكثر من كونها تتوالى.لا رابط بين السابق واللاحق إلا الاعتباط والعشوائية مما يُحْدِثُ شعورا بالغرابة لدى المتلقي المعتاد على آستهلاك القصص التقليدية المُعتمِدة على تسلسل منطقي للأحداث .. لا أحداث هنا بالمعنى الكلاسيكي للكلمة .. إنها محاولات في اللازمن في اللامكان .. صور تروم تكسير نمط الموجودات التي تحيط بالذات وإعادة بنائها بشكل آخر غير واقعي .. يمكن آعتبار مشاهد الشريط مقاطع قصيدة شعرية حروفها وأصواتها وكلماتها صورٌ ٌتتعالق فيها أشياء المدعو واقعا بطريقة غير واقعية ...
الشاعر المرهف الإحساس يتعامل بقسوة مع محيطه ابتداء من ذاته وجسده ودمه المهروق المتدفق المتناثر السائل الذائب المتطاير الى أبعد العوالم .. أن يولد كائن جديد من هذه الطينة المنقرضة عملية مخاض نادرة عويصة مؤلمة تستلزم معاناة وقلق وصبر ومثابرة للخروج من شرنقة وجود منهار، ولن يتم ذلك في نص القصيدة الفيلم إلا عبر الهدم والتحطيم والخرق والتكسير .. تكسير المرآة في الشريط مَلْمحٌ رامز لكل هذه الرغبة المُلحة في تجاوز مرايا الواقع .. إنها مرآة واهمة مُوَهِّمَة تُحَرف وتشوه كينونتنا، لذا، وجب "قتل" كينونتها الميكانيكية وتحويلها من مادة صلبة جامدة الى كيان مائع زُلالي مائي مُفعم بالرُّواء؛ فالحياة في جوهرها، أيها السادة، تكمن وراء هذه المرآة لا أمامها .. ومن أجل تحقيق والوصول ومعانقة هذا "الماوراء" الذي يشبه رُواء الأحلام التي نبحث عنها ليل نهار، وجب التوغل داخل المرآة، ولن يتم ذلك الا بتكسيرها وتذريتها وتحويلها من ماهيتها التي ألفنا العيش مع أوهامها ...
الفيلم يدعو الى آكتشاف الطرف الآخر للمرايا بعيدا عن كل ماعرفناه عنها .. انها مرآة جديدة غير عاكسة ولا محدودبة ولا مقعرة ولا طبية ولا شمسية ولا زجاجية توضع هكذا للتأثيث وملء الفراغات في محيطاتنا المُتْرَعة بالفراغ...
الشريط بهذه العملية التحولية يضع أسئلة مهمة حول العلاقة بين الصورة والنص المكتوب بطريقة شعرية محضة صافية وشفافة .. السينما التي يدعو اليها الشريط هي ذاك الفن السابع الذي يجعل من نفسه وسيلة تعبير عن ما يدور بالداخل في النفس في الجسد في الوعي في اللاوعي في فيزياء الواقع في بيولوجيته في ميتافيزيقا الوجود في المادة وفي الروح .. وهي إذْ تفعلُ ذلك تحاول أن تتعالق مع الأحاسيس الآدمية الفطرية البدائية مع الشعر والخرافة والأساطير والرموز والحُلْم
والتشكيل وفن "الميم" والتعبير السريالي والكتابة التي بدون ضفاف من أجل مُعانقة عالم ذي آفاق رحيبة لا نهاية لامتداداته ...
بقي أن ألفتَ النظر الى خصوصية الكاتب الشاعر المسرحي السينمائي والرسام الفرنسي "جون كوكتو" المُشاغب الملتبس الذي يمارس الجنون بجنون ولا يبالي بما يُقال لا يُقال .. ولد عام 1889 توفي سنة 1963 .. كان دائم الدعوة الى تحطيم وإذابة جليد الزيف والخوف في دواخلنا .. لذا، فأي بحث عن المعنى داخل أفلامه هو بمثابة محاولات سيزيف .. لا معنى هنا .. فالصورة صورة وكفى ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُدَرسونَ نحنُ لسنا مطافئ
- غُودَااانْ / الصّبيحُون
- طابق الكرودا Tabak Lagroda
- مثل أرزية سامقة
- مُجَرَّدُ حَادِثٍ كَانَ يَعْبُرُ آلسَّبِيلَ
- لَمّا
- أنامل تنسج أنوار آلقمر
- فَعَلْتُهَا وَأَنَا مِنَ آلضَّالِّينَ
- مُوتْ لَارْضْ
- آدْيَاوِي المُوزيطْ نَغْ آدْيَاسْ دي المُوزِيطْ
- وَحِيدًا يَخُوضُ غِمَارَ آلْيَخْضُور
- آرَّتْ لْبَالْ
- أَمْخَطَا نْتَقْبِيلْتْ
- دُوسُونْ دُوزْ 212
- جَلَبَة
- تْرَاتَّاسْتْ Tratast
- قُبَيْلَ آلْحُلْمِ بِقَلِيلٍ
- في آنتظارِ قيامةٍ أخرى لا تبقِي ولا تذَر
- تَامَغْرَبِيتْ عْلَاشْ لا
- وَقَدْ سَمَّانِي جُعْلا


المزيد.....




- فرويد ولندن.. أتاها نجماً هارباً فجعلته أسطورة خالدة
- الروسي بيفول يهزم الليبي مالك الزناد بالضربة الفنية القاضية ...
- وزير الثقافة اللبناني يزور منزل الشهيد عبد اللهيان
- إدارة أعمال الفنان جورج وسوف تكشف عن حالته الصحيه بعد أنباء ...
- كيم كي دوك... المخرج السينمائي الكوري الذي رحل مبكراً
- موت يعقوب ح 163… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة على قنا ...
- الإعلان 2 حصري ح 163.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 على ATV ...
- لأول مرة تقام في الكويت.. نجوم مصريون يحيون -ليلة النكد-
- فيديو.. تعرف على المكان الذي شهد إحياء اليعازر بالقدس
- بعد صمت طويل.. نجمة الأفلام الإباحية تعلق على إدانة ترامب


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - دَمُ شَاعرٍ