أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - إلى محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي. أوقفوا التعامل السيء مع العراقيين في مطار دبي!














المزيد.....

إلى محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي. أوقفوا التعامل السيء مع العراقيين في مطار دبي!


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 7637 - 2023 / 6 / 9 - 12:22
المحور: الادب والفن
    


في الطريق إلى المغرب، قبل بضعة أيام، كان عليَّ أن أمضي 12 ساعة (ترانزيت) في مطار دبي، لا مطار الدوحة كما تعودت سابقاً، لنفاد تذاكر السفر على متن الخطوط الجوية القطرية، وفكرت بما أنني حامل لجواز سفر نرويجي، يمكنني مثل المواطنين الأوربيين، إمضاء الوقت بالتجول وسط المدينة الفريدة بمعمارها ورفاهيتها، وتناول العشاء مثلهم، وأطل على دبي من قمة برج خليفة، وأشتري ساعة (Swatch) لصديقتي وعطراً، افتقر إليهما مطار البصرة، ذو الرائحة التي تسطر الرأس في حماماته بالطابق الأرضي!
وقفت بالطابور مع المسافرين الأجانب، وكان بينهم أوربيون وآسيويون من جنسيات مختلفة، وكان ضابط قصير القامة يشير إلى كل مسافر بأن يذهب إلى مكتب مفتوح، ضمن مجموعة مكاتب كثيرة أنيقة، يشغله موظفان متعاكسا الظهر وجهاز الكومبيوتر كبير الحجم والكاميرا، وقفت أمام موظف دميم المنظر ذكرني باللاعب القطري مبارك عنبر، الذي مزق العلم العراقي في ساحة الملعب المكسيكي خلال تصفيات كأس العالم سنة 1986!
ـ أنت عراقي؟
ـ نعم أنا عراقي.
ـ وين رايح؟
ـ للمغرب.
صدمت بسؤاله الوقح، وهو مالم يوجهه لي أحد في مطارات العالم المختلفة من قبل!
وعلى الفور استحضرت ذاكرتي شريط الذكريات المؤلمة، قبل أكثر من ربع قرن، حينما اصطحبنا العسكر السعودي البدوي الجلف الحاقد على الشعب العراقي في 1993/9/5، من مخيم رفحاء الصحراوي بعد أن أمضينا فيه سنتين وأربعة أشهر من المآسي، إلى مطار الملك خالد بالرياض، بعد حصولنا مع ثلاثة أشقاء وتسعة لاجئين على فرصة اللجوء السياسي في النرويج، كان العسكر نسخاً بشعة من مبارك، مسلحين ببنادق أمريكية وخطاب وهابي نازي حلل ومازال دماء الشيعة، هكذا أخبرونا على أسوار المخيم وفي بابه الجهنمي، سمر مفتولو العضلات لهات الواحد منهم وردية، وأسنانهم بيضاء اللون من كثرة ما أعملوا فيها من السواكات!
ثم خطرت ببالي ثلاثة أشطر من قصائد الشاعر مظفر النواب..
أولاد قراد الخيل
وزناة الليل
ونفط بن الكعبة
ومقطع من قصيدة تل الزعتر للشاعر نفسه ..
ويعلم كلب السلطة أن يعرف رائحة العربي
ويعرف رائحة اللاجىء من غير اللاجىء
إن كلاب الشرطة هذه لتنسق بالتأكيد
مع السلطات العربية والأمريكية والقردة
قردة .. قردة
ياسادة يا سياح المعمورة
في الشرق لنا حكام قردة!
تجولت عينا مبارك الصقريتان في جهاز الكومبيوتر أمامه وتطلع في وجهي مراراً، ثم أخذ يقلب في الجواز حائراً كأن لسان حاله يقول
ـ أيش أعمل مع هذا العراكَي؟!
بعد بضعة دقائق من الحيرة والارتباك، نادى مبارك على موظف ينظم صفوف المسافرين، وأسرَّ شيئاً ما في أذنه، ما جعله يسرع إلى أحد مكاتب المطار البعيدة، حتى اختفى أثره!
ـ قل لي من فضلك لقيت شي خطأ في جوازي؟!
ـ مثلا؟
ـ يعني شي ورقة زايدة ناقصة ما مخططة؟!
ـ ها؟
قالها بلا مبالاة دون أن ينظر في وجهي!
ـ حتى أخبر وزارة الخارجية النرويجية، لما أرجع لأوسلو، بأن الأماراتيين عثروا على خطأ في جوازكم، ويرجون منكم تصحيحه؟!
انتبه إلى حدة السخرية فقررت أن أزيد العيار حبتين!
ـ لاحظ أنك أخرتني بدون سبب والطابور ورا ظهري في ازدياد، وداعتك هي كم ساعة وأسافر، أنا ما جاي أطلب لجوء سياسي في الأمارات؟
ـ لا إنشاء الله الأمور طيبة!
ـ شو ما مبين طيبة إذا صار ربع ساعة واقف وما تقبل تختم جوازي؟!
بعد قليل نهض مبارك وتطلع إلى الجهة البعيدة الغامضة التي اختفى فيها الموظف، وبينما هو كذلك، حائر ماذا يفعل مع حالتي المستعصية!، إذ مر بمكتبه شخص طويل القامة بدا مهماً في وظيفته، حف به شخصان فنادى عليه.
ـ سيدي سيدي!
توقف سيده في الحال والتفت إليه فخرج مبارك من مكتبه لكي لا أسمع ما يقوله، وتحدث مع سيده، الذي أخذ يبحلق في وجهي عن بعد وبصلافة!، ينظر إليَّ من فوق لتحت، كما لو كان في صدد تلفيق تهمة ما وتوجيهها إلي؟!
ـ أنت عراقي؟
قال سيد مبارك
ـ نعم أنا عراقي شنو هي المشكلة؟
أطال التأمل ومبارك الواقف بجانبه كف عن أداء دوره كموظف جوازات، وتلبس دور المخبر الصغير بدوام الهمس في أذن سيده! ولم يقصر الموظفان المرافقان له، في التطلع إلى سحنة العراقي الذي نزل عليهم من مطار البصرة بجواز سفر أجنبي!
خطر لي ونحن وقوف، الأربعة موظفين وأنا، أن أعمل حركات في وجهي أكثر من التفرس في عيني السيد الكبير بكل صلف أيضاً، وهو ما لا أفعله إلا في حالة الاحتجاج ضد القهر، أقطب حاجبيَّ وأرفع أرنبة أنفي دلالة عدم الارتياح!، ووقفت ثواني طويلة أنظر إلى الوجوه الكريهة المتهمة لشخصي بلا سبب، إلا لأني عراقي لم يشفع لي جواز سفري النرويجي!
مضت حوالي ربع ساعة وتأخر الطابور طويلاً، ما اضطر أحد الموظفين إلى توزيعه على مكاتب أخرى، قبلما يختم مبارك جواز سفري، وتنفست الصعداء!
ـ لما ترجع بعد كم ساعة مر علينا هنا نفس المنطقة الثالثة!
قال ذلك على مضض!
عدت في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فلم تختم الجواز موظفة شابة،
ـ روح لغرفة رقم 4!
ـ ليش؟
ـ هم يقولون لك السبب؟
ـ عجيب؟
شغل الغرفة موظف أغلق أذنيه بسماعة تلفون منهمكاً بالحديث مع شخص آخر في مكان ما!
ـ أنت عراقي؟
ـ نعم أنا عراقي شنو المشكلة!
بحث في جهاز الكومبيوتر أمامه وتطلع في وجهي وفي الجهاز!
ـ وين مسافر؟
ـ للمغرب.
ختم الجواز باللون الأخضر وخرجت في الحال.
لم يحقق معي في مطارات يديرها مسيحيون ويهود وبوذيون وملحدون، وذات مرة نسيت جواز سفري في الطريق من أوسلو إلى برلين لكن مر كل شيء بسلام، إلا في مطارات العرب والمسلمين!
فلماذا كل هذه الكراهية للمسافرين العراقيين؟!
خرجت من الغرفة ممتعضاً من هذا السلوك الحقير والعدواني، وقررت منذ تلك اللحظة أن لا يكون لي ترانزيت على مطار دبي الدولي بعد اليوم!
الدار البيضاء
2016/9/20



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيد رئيس الهيأة العامة للآثار والتراث المحترم
- مصطفى والجسر والزلزال
- عن اللغة والفردوس والمنفى
- جدلية الصراع بين الخير والشر في فيلم شجرة الحياة
- جسر الزيتون
- فيلم طعم الكرز (Taste of Cherry - 1997) للمخرج عباس كيارستمي
- عراقيات (1) وادم حجاز كار يوسف عمر
- شارع جهنم (كتاب الرحلات الآسيوية)
- حقوق الحيوان في النرويج
- جفاف الفراتين!
- إليكِ عني أيتها الحرب
- جيمس ويب ثورة كوبرنيكية في علم الفلك
- جذور الشر في فيلم الشريط الأبيض لمايكل هانيكه
- رثاء عقيل علي
- هل الشعر فعلاً في أزمة دائمة؟!
- علم أوكرانيا
- جمالية الوصف السردي في كتاب ( الطريق إلى الناصرية) لطارق حرب ...
- الجندي في حديقة التوليب!
- العيد الوطني والبيرة الهولندية ونهاية الجائحة!
- ناصرية مكسيك (الفصل الرابع) قتل الإناث وإزالة الغابات!


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - إلى محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي. أوقفوا التعامل السيء مع العراقيين في مطار دبي!