سحر المعرفة

محمد جاسم الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 7634 - 2023 / 6 / 6 - 10:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من تعلم لغة قومٍ أمِنَ مكرهم كما يقال ، واللغة أداة من ادوات المعرفة ، ولا تعني بالضرورة في معناها الإصطلاحي ، وإنما في دلالتها ، والتي تعني معرفة أفكار وثقافة الشعوب الأخرى ، حتى يفهم الإنسان كيف تفكر الامم وكيف تخطط للحياة ، فالعالم يفكر ويعمل وينتج ويساهم في صناعة الحياة ، أما نحن فشعوب مستهلكة كسولة ، تعتمد على الدعاء والإستغفار وآنتظار الفرج ، تستهلك الأفكار ولا تنتجها ، فالعقل المنتج خير من بطن متخمة وعقل كسول ، ومن يفكر فقط في إشباع بطنه لا يستطيع أن يحرر نفسه من قيود التبعية وجميع الاغلال التي تكبله .

كذلك يجب أن نطّلع على كل ثقافات العالم بدون أي حدود أو حواجز أو خطوط حمراء ، فلا محظورات في طلب المعرفة ، ولا قداسة لما تتبناه الأفراد ، فالأفكار تتطور والرؤى تتغير بتغير الحياة .

ما لم نبحث عن النور في الجوار ، سنبقى نعيش في العماء ، ومرتهنين في الظلام ، فمن يخاف ان يقوده عقله ، هان عليه أن يقوده جهله.

العبودية هي أن تغلق منافذ عقلك ولا تحرر أفكارك فتبقى تابعاً لمن يفكرون بدلاً عنك ، وللأسف فإن غالبية هذا المجتمع منسجم مع التخلف والإنسياق خلف من يعمل على تجهيله ، للهروب من مسؤولية الوعي وادراك الواقع .

آلية العقل المتحرر في استنتاج الأفكار أو تحليلها تختلف تماماً عن آلية العقل المتحجر ، فللأول أدواته ومساحاته الكثيرة والكبيرة …أما الآخر فهو معلب ومعبأ بفكرة واحدة ونمط تقليدي واحد في التفكير ، أي أن هناك فكر ممنهج وهناك منهجية في التفكير ، الأول مقولب جاهز ، والآخر فكرٌ حُرٌ انتَ من يضع أُسُسَهُ وآلياته .

الله يريدك أن تؤمن وتفكر ، و وكلاء الله يريدونك أن تؤمن ولا تفكر ، فالايمان هو قبول الفكرة من دون التفكير بها ،
والعقل هو ان تفكر قبل قبولك بالفكرة .

كل وعي مستهدف من قبل مروجي الجهل والظلام ، فالوعي هو ملهم الثورات
ولهذا تعمل حكومات الإسلام السياسي على تهميش وقمع المثقف الذي يعمل على استثارة العقول واستنارتها .

آآآهٍ … أيها العقل المغيَّب …
متى تستفزك الحقيقة .

طريق البحث عن الحقيقة شائك ، لكنه من أمتع الطرق وأروعها ، وللمعرفة سحر رائع وعالم جميل وفضاءات متعددة ، فلا تضيعوا فرصة السفر الى ذلك العالم والإستمتاع بمحطاته الساحرة .

عندما تزرع فكرة جديدة في عقلك ستتلاقح مع الأفكار الأخرى الموجودة فيه ، وسينتج عنها افكاراً جديدة بصيغ جديدة …فالمعلومات والافكار التي نكتسبها من الخارج يجب ان تكون مادة أولية لاعادة صناعتها من جديد وتطرح كمنتج ثقافي و فكري ، ولذلك فإن العقل ينمو بالفكر ، فلا تنسى ان تزرع كل يوم فكرة ، فالإنسان يبقى عبثياً مالم يخلق فكرة .

أنا لا اقاتل من اجل فكرة معينة ، ربما جاءت فكرة اخرى و دحضتها ، فالفكرة لا تصمد كثيراً أمام البراهين ، ولست مستعداً ان اموت من اجل فكرة ، بل اعيش لتولد فكرة أخرى .

عندما تعيد ترتيب افكارك وما اكتسبته في الماضي من هذه الأفكار ، ستجد الكثير منها بالياً لا يصلح للزمن الذي تعيش فيه الآن .

العقل المنغلق يتعفن و يأسن كالماء الراكد ، إذ ان الافكار الباليةً تتحول الى بيكتيريا قاتلة ، وكلما تعامل الإنسان بالتفاهات ، قلت لديه المهارات ، ولو علم الانسان ما حجم عقله لما بدده بالترهات .

العاقل يقول : اثبت لي ، برهن لي ، دلني على الطريق ، علمني …
والجاهل يقول : إتَّبِعْني ، أو قاتلني إن كنت لا تؤمن بجلهي

الإنسان الذي يتجرد من الميولات ، ينعم بحرية الحركة والتفكير والتعبير ، فالعقول الداجنة إما ان تذبح أو تموت في اقفاصها.

الجنون وحده الذي يجعلك تنطق بكل ما تفكر به …
الجنون حرية ، والناس الاكثر ذكاءاً ، قد يصفهم البعض بالجنون !

أن اكون مجنوناً خيرٌ لي من ان اكون مجبولاً .

الوعي إغتراب روحي …
احياناً يكون الذكاء نقمة ، وأحياناً بعض الغباء نعمة ، كذلك نحتاج إلى تعطيل العقل في بعض الاحيان لفترة مؤقتة لكي نريح انفسنا من أرق التفكير .

يجب ان يكون المجتمع على مستوى من الوعي وان يحصن نفسه من الانزلاق الى مهالك الجهل ، وأن يحاول جاهداً ان يضع جهداً معيناً في سبيل ذلك .

احترم عقلك …عندما تقرأ …
عندما تكتب …
عندما تسمع …
عندما تتكلم …
عندما تفكر …
العقل جوهرتك وجوهرك

#محمد_جاسم_الهاشمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل