محمد جاسم الهاشمي
الحوار المتمدن-العدد: 7567 - 2023 / 3 / 31 - 00:52
المحور:
كتابات ساخرة
يخرج من جيبه بعض النقود ، التي تكفي لشراء قطعة حلوى ، او علبة بسكويت صغيرة ، ويدفع بها إلى معلمه الذي دعا طلابه للتبرع لترميم احد الصفوف ، وليست الغاية من ترميم هذا الصف هو لحاجة الطلاب الماسة الى ترميم صفوفهم التي اصابها الوهن ، وتكسر زجاج نوافذها ، وتهاوت قطع من جدرانها التي طبع عليها جبين براعم استندت اليها وهي تستمع الى المعلم وهو يردد:
العلم نور … والجهل ظلام …
الغاية من ترميم هذا الصف هي ان مدير المدرسة عبدالله ، والحاكم بأمر الله ، والزاهد بما ليس لله ، والراغب بمرضاة الله ، اقترح ان يقيم مسجداً للصلاة ، بعد ان خلت الارض من مكان للصلاة إلا في هذا الصف ، الذي اخلاه من الطلبة لتكتظ صفوف اخرى بعدد مضاعف من الطلاب ، ليكون المكان اشبه بزنزانة أُفرغت من هواءها و ضياءها …
وأقترح الحاكم بأمر الله ان تكون كلفة ترميم هذا الصف من جيوب الطلبة اللذين لا جيوب لهم إلا بما تحتفظ لهم بقيمة سندويش او قطعة بسكويت ، أو لا هذهِ ولا تلك .
كيف يتسنى الى طالبٍ يريد ان يُيَمِمَ وجه صوب ربهِ وَ يَتعبَّدُه ، ولا مكان للوضوء غير حمّامات لو مرَّ بجانبها الطاهر لتنجس !!
كان الأولى ان يتم ترميم دورة المياه أولاً ، لأن العبادات تسبقها طهارة الأجساد ، وطهارة القلوب ، وأن نتبعها بالعمل الصالح .
الأمم ترتقي بعلمها وابدعها و بنتاجها المعرفي ، ولم ترتقي بكثرة العبادات والطقوس الدينية ، فلهذا وظيفته ولذاك وظيفته ايضاً ، فكيف نبني جنة في الارض ، ونحن نأمل جنة في السماء !!! .
وهنا تحضرني مقولة لعبدالله القصيمي يقول فيها " تحضر الإنسان خارج المحراب , ولم يتحضر داخله "
" كاد المعلم ان يكون رسولا "
التعليم رسالة ، والعلم عبادة ، وبهذا الوصف ، فالمدارس مساجد ، والصفوف محرابها ، ويبقى بناء الإنسان اهم من بناء الأوطان كما يقال .
#محمد_جاسم_الهاشمي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟