أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضي السماك - ستون عاماً على رحيل ناظم حكمت















المزيد.....

ستون عاماً على رحيل ناظم حكمت


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 7631 - 2023 / 6 / 3 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


تصادف اليوم الذكرى الستون لرحيل شاعر تركيا العظيم ناظم حكمت الذي رحل عن عالمنا في ساعة مبكرة من مثل هذا اليوم الموافق الثالث من يونيو/ حزيران من عام 1963 إثر نوبة قلبية وهو يمد يده إلى صندوق بريد شقته لأخذ صحف الصباح . لا يختلف إثنان من كبار الأدباء والمثقفين والنقّاد في العالم أجمع-على أختلاف توجهاتهم الفكرية- بأن هذا الشاعر الكبير حكمت كان على رأس القمم الإبداعية في وطنه تركيا، فقد أثرت أعماله اللغة التركية، وهذا الأثراء يكتسب أهميته -بوجه خاص- في أنه جاء متواكباً مع بدايات التحول التاريخي لحروفها من العربية إلى اللاتينية على يد مؤسس الجمهورية والنظام العلماني فيها مصطفى كمال أتاتورك في 1923. و هو أول من تبنى الشعر الحر غداة ذلك التحول اللغوي.بيد أن تأثير أعمال حكمت الإبداعية لم تقتصر على حدود بلاده، بل تجاوزتها إلى آفاق المعمورة بكل ثقافاتها المتعددة المختلفة؛ ليس لما تميزت به تلك الأعمال من جاذبية إبداعية خلاقة خارقة فحسب، بل ولتماهيها مع المشاعر الإنسانية المفعمة بالصدق في كل مكان. عربياً فقد تأثر بشعره كملهم في إبداعاتهم الشعرية شعراء عديدون، لعل من أبرزهم كل من: نزار قباني وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ونوري الجراح، بالإضافة إلى عدد كبير من شعراء العامية العربية، كالشاعر المصري زين العابدين فؤاد. . ولئن كان الكسندر بوشكين يُعد في روسيا أمير شعرائها ومثري ومطوّر في لغتها، فإنه يمكننا القول أن ناظم حكمت هو أمير شعراء تركيا بلا منازع، والمعادل لمنزلة بوشكين في الأدب الروسي، وطه حسين في الأدب العربي، سيما وأن أعماله الإبداعية لم تقتصر على الشعر، بل أمتدت إلى الكتابة المسرحية والروائية. كما تميز شعره بالتألق الإبداعي في المجالين السياسي الوطني والرومانسي على السواء.
وتتجلى عظمة عبقريته الشعرية في أنه أجترح معظمها في ظل ظروف بالغة القسوة توزعت بين السجن والمنفى الطويلين . فقد أمضى في معتقلات النظام التركي بأسطنبول وبورصة وأنقرة وتشانقر ما مجموعه أثنتي عشرة عاماً، وكان قد أصدر الحكم عليه في إحدى عشر قضية مختلفة، وكتب عنه معجم الأدب العالمي : " كانت سنوات السجن بالنسبة لناظم حكمت تعني تعميقاً وتطويراً لابداعه الشعري. فعن الصياغة التصويرية المتغلغلة إلى داخل الأشياء، المعبرة عن الخصائص الإنسانية في صلتها بالحياة الاجتماعية، وصلت إلى ذروة التجديد الشعري، وإن كانت تتردد في قصائده غنائية تجنبها فيما بعد" ( حنا مينا، ناظم حكمت.. السجن. المرأة. الحياة، دارالآداب، بيروت، الطبعة الثانية1980، ص 35).
ومع أنه صدرت ترجمات متعددة لأشعاره بالعربية، كتلك التي صدرت لكل من علي سعد و محمد البخاري وفاضل وعبد الوهاب البياتي وقد أشار إليها الكاتب المصري في تقديمه لطبعة كتاب " من شعر ناظم حكمت" لعلي سعد، إلا أنه يخامرني شيء من الشعور بأنه لم يُقدُر لما تركه حكمت من خزينة أرثه الشعري العظيم من يترجمه عربياً بشكل إبداعي أعظم دون التقليل من جهود وأجتهاد من ترجموا شعره . فأنت عندما تقرأ ترجماته ومعظمها بين يدي، يشعرك حتى بالمستوى الذي تمت بها تلك الترجمة أنك أمام شاعر مبدع كبير، تتجلى الصور الإبداعية في ثنايا قصائده في مختلف أغراضها، ويرقى الكثير منها إلى مرتبة الحكمة أو المقولات المأثورة. ومن ذلك على سبيل المثال: " إن لم أحترق أنا / وتحترق أنت / ونحترق نحن / فمن ذا الذي/ ينير الظلمات"، وكذلك؛ " إن أجمل البحار / ذلك الذي لم نذهب إليه بعد./ وأجمل الأطفال من لم يكبر بعد./ وأجمل أيامنا/ لم نعشها بعد./ وأجمل ما أود أن أقول لك/ لم أقله بعد. وفي هذا الصدد يقول الروائي السوري الكبير حنا مينه: أن ناظم حكمت أحدث ثورة على الأشكال العروضية التقليدية في الشعر التركي وحطمها واصطنع وزناً حراً فيه نمط جديد من الإيقاعات والمقاطع المتدرجة، التي تتدفق في أول القصيدة ثم تتنامى وتتغير، مع الأحتفاظ، أحياناً، بما يشبه اللازمة من المقاطع المتكررة التي يُراد لها أن تتثبت وتترسخ في الذهن. وهو الذي رسم لقصة البطلة البطلة السوفييتية زويا، التي تحدت النازيين الألمان بصمودها الحديدي فقرروا إعدامها خلال الحرب العالمية الثانية، صورة شعرية تخلد بطولتها على مر التاريخ. ( حنا مينه، المصدر نفسه، ص 34 و ص 153).
ومن المفارقات التاريخية أن كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية ونظامها العلماني الهجين والذي كان رفيقاً لناظم حكمت في حركة الأستقلال هو نفسه من أسس تقاليد ملاحقة القوى اليسارية والديمقراطية وملاحقة وأضطهاد ناظم حكمت كأحد رموزه لمجرد أنه خالفه في توجهاته السياسية، وسار على دربه حتى مماته مغرّبا عن وطنه خلفائه اللاحقون، وكان آخر عسف اُتخذ بحقه بعد فراره من وطنه للخلاص من الملاحقة الأمنية صدور قرار سحب الجنسية منه مطلع الخمسينيات، وإذ كان لحملات التضامن العالمية أثرها في الأفراج عنه من اعتقاله الأخير، لم تفد كل الحملات الإعلامية العالمية وعرائض التضامن معه على مدى أكثر من نصف قرن من بعد مماته لإعادة رفات الشاعر لدفنها في تراب وطنه بناء على وصيته، فإن واحدة من المفارقات التاريخية أن يرد الأعتبار إلى جنسيته الشاعر سنة 2009 والتي سحبت منه بتهمة الخيانة الوطنية مطلع الخمسينيات، أي في عهد الرئيس الإسلاموي رجب طيب أردوغان الذي أستطاع من خلال اللعبة السياسية أن يخترق ذلك النظام العلماني الهجين الذي أسسه أتاتورك، في حين ظل هذا النظام ومازال سداً منيعاً شرساً في وجه اليسار من أن يجد له مكاناً في الملعب السياسي المفصّل على مصالح الرأسمالية التركية التي تلتقي مصالحها مع الدول الرأسمالية الغربية وذراعها العسكري حلف " الناتو"، والتي بغريزتها تدرك أن اليسار أخطر من الإسلاميين على مصالحها، وكأن أردوغان يريد من موافقته على إعادة الجنسية لحكمت أن يسخر من ديمقراطية النظام الذي أتى به إلى السلطة، باعتباره أكثر ديمقراطياً من عتاة رموزه وآبائه المؤسسين، وهو النظام الذي مكنه من الفوز لحكم تركيا خمس سنوات إضافية ليكمل ربع قرن على وجوده في السلطة بعد تمكنه من الفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهذا ما لم يحدث لأي رئيس علماني في تاريخ تركيا!



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع العسكر ومستقبل السودان
- أما زالت القضايا القومية ذات راهنية؟
- الرأسمالية والإنفاق على أسلحة الدمار الشامل
- الحرب الروسية الأوكرانية وحروب الأستدراج
- أي مصير لنفائس الكتب النادرة؟
- لماذا فشلت الثورة المضادة في البرازيل ؟
- ثلاث فضائح عالمية بجلاجل
- سقي الله دار الساقي
- السيناريست نجيب محفوظ
- السينارست نجيب محفوظ
- روسيا و - بؤس الفلسفة الدوغينية -
- هل تستعيد القارة العجوز شبابها ؟
- عن الانتفاضة الطلابية الفرنسية 1968
- طريقان للانتحار الجماعي لا طريقً واحداً
- الضرائب وأزمة الرأسمالية العالمية
- ماذا تبقى من الحضارة الرأسمالية الغربية ؟
- الإضرابات الفرنسية ودلالاتها
- جنازة أسطورية وأزمة رأسمالية
- ماذا بعد أستشهاد مهسا أميني؟
- عن الذكرى الثالثة للانتفاضة التشرينية العراقية


المزيد.....




- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضي السماك - ستون عاماً على رحيل ناظم حكمت