أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضي السماك - سقي الله دار الساقي














المزيد.....

سقي الله دار الساقي


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 7477 - 2022 / 12 / 29 - 17:48
المحور: الادب والفن
    


سقي الله "دار الساقي"- رضي السمّاك
سقي الله أيام الشباب/ فإني لبست بها الفخار قشيبا/ أضعت لا جهلاً قراها فغادرت/ على سخط مني المفارق شيبا
- أبو الفتح البستي-

من أجمل قصائد الشعر العربي القديم التي يروق لي استماعها بعربية فصحى سليمة، تلك التي يكون مطلعها أو يتخللها بيت بعبارة "سقي الله"، ولا أدري لماذا قفزت لمخيلتي هاتان المفردتان على حين غرة، فيما أتابع سيلاً من تقارير الصحافة و"جوجل" التي زفت لنا الخبر السيء بنهاية العصر الذهبي الذي دام أربعة عقود ونيف لمكتبة "دار الساقي" في لندن، وذلك مع نهاية اليوم الأخير من عامنا الجاري الموشك على الاُفول.
هذه المكتبة التي اُسست عام 1978 على يد الزوجين أندريه وسلوى كاسبار، هي واحدة من المكتبات الفريدة من نوعها إفادة في العواصم العربية والاُوروبية،والأهم من ذلك أنها تتبع واحدةً من أعرق الدور البيروتية المتميزة بإصداراتها ذات المضامين الرفيعة. وإلى جانب ذلك فقد كانت تصدر عنها فصلية مهمة باسم" أبواب" تستكتب فيها نخبة من خيرة الكتّاب والأكاديميين العرب،دون تقوقع على قُطر بعينه أو منطقة عربية بذاتها. ولعلي اُرجح أن هذه "الفصلية" سبقت المكتبة اللندنية في الإغلاق، ذلك بأن عهدي بما صدر منها أعداد يعود إلى التسعينيات والسنوات الأولى من الألفية. وأتذكر كان الصديق الناشر موسى الموسوي يحجزها لي حينذاك بانتظام، أو أحياناً -لظرف ما طارئ- ينسخ لي ما قد يفوتني من بعض أعدادها في شكل ملزمة أنيقة مجلدة.وكنت اعتدت على اكتراء ما يروق لي من إصدارات " الساقي" إما من المكتبات المحلية، أو من معارض الكتاب التي تقام في البحرين، أو من معرضي القاهرة وبيروت، لكن " عبث الأقدار" حال دون تمكني هذا العام من التخطيط لزيارة معرض بيروت -كعادتي شبه السنوية قبل "كورونا"- واستبدلت عنه بمعرض الكويت في نوفمبر الماضي، ما اضطرني لتحمل مشقة السفر براً لساعات طويلة بصحبة ابني سائقاً، لكن -ولله الحمد- جاء حصادي منه مثمراً وفيراً، سواء مما أصدرته "الساقي" من كتب جديدة تتوافق مع هواي المعرفي،أو من دور اُخرى، وعلى رأسها سلسلة كتاب "عالم المعرفة" المدعومة حكومياً،حيث وجدت ضالتي في منفذ بدارها (يقع خارج المعرض في منطقة الكويت القديمة) وذلك للحصول على مافاتني من أعداد ذات عناوين تهمني، وغيرها من الإصدارات الاخرى المتنوعة التي يصدرها "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب" في الكويت، ومنها مجلة "العربي" الشهرية. ويُعد هذا المجلس أكثر مؤسسات النشر الرسمية سخاءً وعراقةً بين دول مجلس التعاون، وتحظى إصداراته بسمعة طيبة، وبإقبال واسع عليها في الأقطار العربية قاطبة.
والجميل في مكتبة "الساقي" اللندنية أنها لا تقتصر على إصدارات الدار فحسب، بل وتحرص أيضاً على عرض ما يصدر من دور أجنبية باللغة الإنجليزية من مؤلفات تتعلق بعالمنا العربي. وهذه المكتبة أختار مؤسسووها اللون الأبيض لمبناها؛ ربما لما يرمز له من اشعاع نوراني يبدد ظلام الجهل ويعمق ضحالة المعرفة، وعلمتُ بأنهم تخيروه أيضاً بعناية ليكون في مكان يجذب المقيمين والسياح العرب لارتيادها،فهي على مقربة من "اكسفورد ستريت" وحي "نايتسبريدج" التجاريين، وعلى مقربة من محطة "بادينجتون" للقطارات، وأخال كل من لم يحالفه الحظ لزيارة مدينة الضباب -ككاتب هذه السطور- ليغبط المثقفين العرب-مقيمين وسيّاحاً- ممن قُيض لهم زيارتها ومعاصرة نفحات من ذلك الزمان البديع، ليرووا ظمأهم المعرفي اغترافاً من منهل تلك "الساقية" اللندنية .
وإني لأغبط كذلك كل مثقف عربي زار المكتبة وحمل معه كتاباً منها، أو عدداً من فصلية" أبواب"، ليتصفح أياً منهما في أقرب مقهى كعابر سبيل، أو أثناء رحلة له بالقطار . والحق ما كانت لتقفز إلى مخيلتي مفردتا" سقي الله" في الأشعار، إلا لأن من معانيها الحنين الجارف إلى مكان أثير على نفسك زرته أو لما تزره بعد،فيظل قلبك يهفو إليه مرات ومرات. فما بالك بمن قرأ عنه كثيراً ولم يحالفه الحظ بزيارته.
وقد كانت لمفردة "السقيا" - كما أسلفنا- توظيف بهذا المعنى في العديد من تراث عيون الشعر العربي الكلاسيكي، وخصوصاً من قِبل شعراء المهجر في العصور الإسلامية الأولى عند استيطانهم دياراً جديدة اُفتتحت في تلك الأزمان الخوالي. فهل يا تُرى يعود إلينا زمن كذلك الزمان،ولو بعد حين تدركه أعمارنا، لينقض بذلك تلك الفقرة التشاؤمية التي وردت في أغنية جميلة لكوكب الشرق: "وعايزنا نرجع زي زمان/ قول للزمان ارجع يازمان"؟ أم يكون الحُلم كما عبّر عنه المطرب الحزين فريد الأطرش بمثل شعبي هو الآخر تشاؤمي في إحدى أغنياته "لكن ياريت عمرها ما تعمَّر بيت"؟



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيناريست نجيب محفوظ
- السينارست نجيب محفوظ
- روسيا و - بؤس الفلسفة الدوغينية -
- هل تستعيد القارة العجوز شبابها ؟
- عن الانتفاضة الطلابية الفرنسية 1968
- طريقان للانتحار الجماعي لا طريقً واحداً
- الضرائب وأزمة الرأسمالية العالمية
- ماذا تبقى من الحضارة الرأسمالية الغربية ؟
- الإضرابات الفرنسية ودلالاتها
- جنازة أسطورية وأزمة رأسمالية
- ماذا بعد أستشهاد مهسا أميني؟
- عن الذكرى الثالثة للانتفاضة التشرينية العراقية
- الحرب الروسية الأوكرانية والخطر النووي الراهن
- هل تُقبر قضية الشهيدة الفلسطينية أبوعاقلة ؟
- بين اليسار العربي واليسار الأمريكي اللاتيني
- حصاد ثلث قرن من التحول للرأسمالية
- محنة صناعة السينما في إيران
- بي بي سي بين اليوم وأيام زمان
- من تاريخ العلاقة بين اللغتين العربية والروسية
- تطور العلاقة التاريخية بين اللغتين العربية والروسية


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضي السماك - سقي الله دار الساقي