عشتار الفصول:12838 الرسالة الثانية المستعجلة لولدي وأحفادي.

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)

الحوار المتمدن-العدد: 7604 - 2023 / 5 / 7 - 04:49
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

عفواً يا ولدي الحبيب. الأقرباء الأحبة. لقد أخطأتُ في حقكم لأني لم أعاملكم كما يجب.
أجل يا ولدي أظن أنني بحاجة إلى أن أكتب لكَ هذه الرسالة وإلى من يعنيهم الأمر لأنني أحبكم.
وأنا على يقين من أنك ستتذكرني آلاف المرات. ولكن مع الأسف لن أكون موجوداً بجانبك.
وماذا يفيد الندم بعد أن تمر الأعمار بنا ونرحل بدون وداع؟!!
تذكر يابنيَّ بأنني أحببتكَ أنت وأخواتك وإخوتكَ كما بعضكم بدون أيّ تمييز كان . ربما تظن أنني ميزتكم عن بعضكم ولكنك ستُدرك غداً عندما يُعاتبك طفلك بنفس الفكر الذي تُعاتبني به.
وعندها ستصرخ يا الله لقد ظلمتكَ يا أبتي.
ولدي الحبيب ابنتي الحبيبة أحفادي الذين لو كان بيدي لوضعتكم في كبدي وبين أضلعي وأنتم بالأساس تجرون مع دمي وكل ما أريده من الله أن تكونوا بصحة جيدة وعافية وتوفيق ونجاح.
تذكروا دوماً كنتُ أتمنى أن نعيش معاً لحظة بلحظة حتى لا تمر لحظة وأنتم أبعد من نظري عني. لا أبالغُ إذا قلتُ لكم . كنتُ أتمنى أن نعيش في بيت ٍ واحد واسع الأرجاء وصراخكم ومشاجراتكم مع بعضكم تأتيني فأحتار مع من منكم أقف وأكون ضد من!!! وهذا يصيح بي جدي هذا اعتدى عليّ. وتلك تقول جدي لقد أخذت مني أبنة عمي لعبتي التي جلبتها لي أم أُمي ياجدي.
لقد مضى العمر ياولدي ونحن في غربتنا ، تركتُ وطننا من أجل أن أصنع لكم مستقبلاً. وتغربتُ عنكم وأنا أُجاهد من أجلكم. وها نحن على مسافة قريبة لكنني لا أعرف عن بعضكم شيئاً فهل أخطأتُ في حق بعضكم؟!! هل أسلوبي كان خاطئاً؟!! هل الحب الزائد يصنع بنا هكذا؟ أم ماذا؟!!
تصور يابنيّ تمرني تلك الأفكار التي لا أستطيع أن أفسرها ولا أضع لها عناوين فأنا في حيرة ٍ من أمري . ولكنّ تلك الأفكار التي أعيشها ليست مستحيلة فقد أُغادر هذه الدنيا في أية لحظة كانت .فماذا عساكم ستفعلون أيها الأحبة في بعضكم بعضاً؟!!
سيما وأعلم من يُفرق الإخوة والأخوات هو المال والنساء والرجال ولكلّ قاعدة استثناء.
وأتذكر وأنا في مشفى مدينتنا كتبتُ ذات يوم هذه الفكرة:
إنّ أعظم إرثٍ يُخلفه الأبوين لأطفالهم علاقة صداقة بينهم لا يفصم عراها لا المال ولا النساء..
أجل ستتفرقون وتتعاملون مع بعضكم كأنكم غرباء .ستُشاهدون بعضكم في الشارع وكأنكم غرباء ، ستتواجهون وجهاً لوجه في الأماكن العامة ولا تشعرون بأنكم إخوة أو أخوات. تباً لي ولكلّ الآباء إذا كانت النتائج هكذا. لا بل أقولها ستحترمون الغرباء أفضل من أن تحترموا بعضكم بعضاً. ستشهقون في لقاء الغرباء ولا تهزكم شعرة حينما تلتقون مع بعضكم. والسؤال الذي يقتلني هل كنتُ قد علمتكم البغضاء والمقاطعة وهذا الجفاء. أقسمُ بالله لم أكن ولم أعلمكم هذا!!
أقولها صريحة واضحة ً لم تقدروا وجودي بينكم أنتم ومعكم كل الأقرباء. إذْ لم تُشعروني بأنني أكبركم سناً وقدراً وقيمة ً ونترك بقية الميزات. ضحيتُ من أجل جميعكم، وكنتم تعيشون معي في دمي. وكنتُ أفكر بكم وبأحلامكم. وقد تواضعتُ لأصغر واحد فيكم. وكنتُ دوماً لا أُشعركم أنني بحاجة أن ألمس منكم الاحترام والتقدير وأن تعتبروني الكبير بينكم الذي تستشارون به، ولكنكم لم تفعلوا لا بل بعضكم وأقول لا بل أغلبكم اعتبرني من زمن ٍ لم يعد ينفع زمانكم الأغبر. من زمن متخلف بعقد الشرق وبعضكم ربما أستهزئ بي وقال أنّ والدي، جدي، خالي لا يُجيد لغة هذا البلد كما أنا الذي أجيدها. ولهذا فهو رجل لا يصلح لكي يُعتمد عليه. وبهذا الأسلوب فقد شجعتم بعضكم للتمرد عليّ وعلى منزلتي ومكانتي وقيمتي.. ولن أطيل لئلا أزعجك وأزعجهم يابني.
سأمحك الله وكل الدعاء أن تكون، وتكونوا بصحة جيدة وموفقين ومحفوظين.
سامحكم الله لكنني على يقين بأنكم كنتم جميعاً ولا أستثني منكم أحداً. أجل لم تتركوا لي مجالاً لأنقل لكم خبراتي وأحدثكم عن أهوال الآتي أمام أمثالكم الحمقى.
وأخيراً إذا ما انتقلتُ من هذه الحياة وسمعتم عني. أرجوكم ثم أرجوكم لا تبكوا عليّ لأنني لم أعد أسمعكم أو أراكم ولايهمني ذاك البكاء الكاذب .ولا تذكروا اسمي على ألسنتكم لأنكم لا تستحقون أن يحترمكم الناس من أجلي.
كما أقولها إنّ جميع أحاديثكم عني لم تعد تعنيني فأنا على قيد الحياة لم أسمع أحداً منكم فاخر بي أمام نفسه وبعضكم والغرباء. فما فائدة أن تبكون وتتحدثون عن جثة هامدة تُسرعون في رميها وتتركوني كما لو أنني أثقلتُ عليكم ولستم أنتم هكذا بل الناس جميعاً. فتباً للحياة.
وبناء ً على ما تقدم وعلى مالم نذكره أوقع على هذه الرسالة .الأب الذي لن يندم على ما مره من تجارب في الحياة .لكنه سيُسجل للتاريخ أنّ أكبر الأخطاء حين تعطي ابنك والأقرباء والغرباء أكثر مما يستحقونه من حبٍّ وتقدير ٍ واحترام .فكم من حكيم ٍ مات قهراً لأنّ أسلوبه كان أكثر من أسلوب الأغبياء إذْ كان يظن بأن سقاية الورد بالماء دائماً سيجعلها ريانة .إنما الحقيقة ما كان يقوم به لم يكن ليدل على أنه متمرس في الفلاحة والزراعة وكان بعمله يقوم بخنق الوردة من أن تستنشق الهواء وتتفاعل أوراقها مع عملية النسغ الناقص وغيرها من وظائف الكائن الحي ( الوردة)..
ملاحظة: أعلم علم اليقين أن بعضكم لا بل أغلبكم سيفهمها على أنها رسالة شخصية ومع هذا وليكن إنما الحقيقة هذه بعض من سلوكية الأبناء تجاه أهلهم وهو مرض العصر الذي يجتاح الأسر قاطبة .فكم من أب ٍ أو أمٍّ وانتقل وانتقلت من هذه الحياة .وأولادهم وبناتهم على هذه الشاكلة وأصعب لا بل ....................أكثر ألماً ؟!!.كل الذي أتمناه هو أن نُجيد تربية أولادنا .فليس كلّ أبٍّ أو أمٍّ يتمكنون من تحقيق شروط التربية الحقيقية .كما أنّ الإنجاب ليس هو المهم على الرغم من أن الجنين بحسب قانون ماندل للوراثة يحمل في جيناته مجموعة من الأجيال التي تمتد إلى أكثر من سبعة أجيال. كما وأرى الحياة قسمة ونصيباً. فكم من ولدٍ ولد لأبوين بسيطين ساذجين .وتراه في القمة في كلّ شيء على الرغم من انعدام حقيقة موضوع التربية وشروطها بحسب علماء البيولوجيا والعلوم النفسية والاجتماعية وحتى العلوم السياسية والاقتصادية والعلوم التاريخية ؟!! . وكم من الأولاد قد تربوا بين أحضان أبويهما تربية ما بعدها تربية ولكنهم في أغلب الأحيان تراهم أفشل البشر في اتخاذ القرارات الصائبة أو السلوكية الحسنة بحسب المجتمع الذي يعيشون به .والسؤال .لماذا هذا الأمر حاصل؟!! هنا بداية الحكاية وعليكم أن تتفكروا في نتائجها المحكومة بالوراثة والبيئة وعلاقة المرأة مع الأب وعلاقة الأقرباء مع الكبار منهم وعليك أن تكتب ما تشاء.. مع أنهار مودتي وتقديري.
# والدكَ، والدكم، جدكم، خالكم. اسحق قومي. ألمانيا في 7/5/2023م
ملاحظة: أرجو ألا يُحرجنا أحد بفلسفته وآرائه التي لا تُقدم بأسلوب فيه الفائدة والعلمية والموضوعية. كما أحرجنا في الرسالة السابقة أحد المهرجين فأزلناه للأبد ومعه أحد أقرانه وبدون أيّ ندم كان ..
حسناً لم تُعجبك الرسالة لست مجبراً على أن تكتب بطريقة تُسيء لك ولنا دعها وامضي بسلام .
مع أنهار مودتي وتقديري.

#اسحق_قومي (هاشتاغ)       Ishak_Alkomi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات