|
سلاح الدولة و سلاح الجماعات
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7595 - 2023 / 4 / 28 - 16:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقال أن حيازة و استخدام السلاح هما من حقوق الدولة الوطنية ، الشرعية و الحصرية و أن امتلاكه من الأفراد من غير إذن الدولة هو انتقاص و انتهاك لهذه الحقوق ، أما إعطاء بعض الأشخاص تمييزا عن الآخرين ، رخصة باقتناء السلاح فهو خرق للقانون و تقاعس من السلطة عن واجبات مولج إليها القيام بها كتطبيق القانون و إلزام الجميع باحترامه ، دون استثناء او تفرقة ، ويمكننا أن ننعت استطرادا الذين يحصلون على السلاح دون موافقة الدولة بالمتمردين عليها و الخارجين عن القانون. مجمل القول أن السلاح أداة بيد الدولة لممارسة العنف في ظل القانون وحسب قواعد العيش المشترك ، ذودا عن البلاد و حماية للسلم الأهلي . نكتفي بهذه التوطئة لنتناول بعض جوانب مسألة السلاح لدى تجمعات النازحين في مواطن مجتمعات قبلية و طائفية تمتلك هي ايضا ، في أغلب الأحيان ، هذا السلاح بطرائق غير قانونية ، كونها لم تنجز بعد و حدتها الوطنية ، و تتنازع السلطة مع شبه دولة يضعف و يتقلص سلطانهاكلما ابتعدنا عن المركز باتجاه الأطراف . من المعروف أن الفتن تكثر في هذه المجتمعات المضطربة ، وأن هذه الأخيرة عرضة لغزوات الطامعين في أرضها و ثرواتها المائية و الجوفية ، فيضطر الناس إلى النزوح من مكان إلى آخر ، مؤقتا أو دائما طلبا للاستقرار و العيش الآمن . لا ننسى أيضا في هذا السياق دور القحط و الجفاف في فرض الرحيل على الناس . يتضح مما تقدم أن إيفاء هذا الموضوع حقه يتطلب تفاصيل تتعدى حدود ما نحن بصدده هنا و الذي يقتصر بشكل من الأشكال على التلميح و التحذير من الأخطار التي تبطنها في الظروف الراهنة قضية النازحين في البلاد السورية و العراقية ، حيث أن الجميع دون استثناء صاروا نازحين بالقوة ، ناهيك من أن أوساط الأخيرين تتميز في كل مكان و زمان بالبؤس ، و بالتالي هي ملائمة " لامراض البؤس " التي تمثل كما هو معلوم موضوعا هاما تتناوله بعناية الدراسات المجتمعية (سوسيولوجيا ) ، و ملهما رئيسيا للعقائد و المناهج السياسية في مجتمعات الدولة الحديثة . لا شك في أن الصخب المتعالي حول ما يسمى " ازمة النازحين السوريين " مثير للريبة ، كونه يعبر عن خلط بين مسألتين أحداهما : النزوح و اسبابه من جهة و ثانيتهما التحولات التي تطرأ بشكل متواصل على هذا النزوح نتيجة عوامل خارجية ، مرتبطة بالحرب على سورية ، او بتعبير أدق ، بمواصلة هذه الحرب في لبنان و انطلاقا منه نحو سورية . مجمل القول أن مسألة النازحين السوريين إلى لبنان ذات شقين : ـ الشق الأول : أن بعض وسائل الإعلام المغرض تصور الأمر كما لو أن لبنان يقع في قارة إفريقيا و سورية في شمال اوروبا .من البديهي أن هذه الخدعة لا تنطلي في الظروف العادية ، على الكثيرين في لبنان ، لا سيما في الشمال و البقاع . و لا شك في أن مشاريع الفصل بين البلدين ، التي أرادها سفير أميركي ، ستكون مؤقته ، فسورية من وراء اللبنانيين و البحر من أمامهم ، و بصرف النظر عن السياسات التي اتبعت سواء في الجانب السوري أو في الجانب اللبناني ، فإن هناك معطى موضوعيا لا يمكننا التغاضي عنه في مقاربة أي وجه من اوجه الروابط بين اللبنانيين و السوريين ، و هو أن اللبنانيين قاتلوا في سورية دفاعا عن أنفسهم و أن السوريين قاتوا في لبنان دفاعا عن أنفسهم أيضا . ينبني عليه أن مسألة النازحين السوريين في لبنان ، هي في لبها إدارية و سياسية ، و من نافلة القول في هذا السياق أن أهل الحل و العقد قلما تميزوا في هذين البلدين ، بالحكمة و بعد النظر . ـ الشق الثاني ناتج عن تحمية ازمة الضائقة المعيشية ، و إرجاعها إلى خطة توهم الناس بأنه أوكل تنفيذها للنازحين السوريين في لبنان ، هكذا حكما مبرما و إلغاء قاطعا لمسؤولية السلطة عن السطو على خزينة الدولة و تهريب الأموال إلى البلدان الغربية و تعطيل المرافق العامة ، الهندسات المالية ، إنفجار مرفأ بيروت ،المضاربات المافيوية بتجارة الدواء والمواد الغذائية و المحروقات ، تعطيل المدارس الرسمية ووقف المساعدات المرضية الخ. يضاف إلى هذا كله المساومات المستمرة منذ اشتعال الحرب على سورية ، بين مبعوثي دول المعسكر الغربي من جهة و سلطة الحكم في لبنان من جهة ثانية ، حول موضوع توطين النازحين السوريين في لبنان . فعلى الأرجح أن صفقة التوطين فشلت ، أو أن اصحابها ما يزالون يعتقدون أنه باستطاعتهم فرضها بالقوة ، لذا اخرجوا " فزاعة " السلاح . فمن البديهي أن الغاية من إدخال السلاح إلى مخيمات النازحين ، سوريين أو غير سوريين ،هي خلق سلطة في داخله . لا بد هنا من التساؤل عن مصدر السلاح ، و طرق إدخاله ، و أهداف السلطة (داخل السلطة اللبنانية ) التي تمسك به ؟؟ . أي بكلام أكثر ووضوحا ، لا شك في أن هذا الأمر يعكس متغيرات في موقف بعص الأطراف في لبنان و خارج لبنان من الدولة السورية ، كما أنه يكشف ربما أيضا عن فشل خطة " سلطة سورية في المنفى اللبناني" دليلا إضافيا على أنه إذا كان لبنان مختبرا ، ترسم فيه الخطط الإستعمارية ، فهو أيضا سلة المهملات التي ترمى فيها بعد أن تفشل أو يتبين مهندسوها أنها غير واقعية . لا مفر في نهاية هذا الفصل من استحضار مسألة مخيمات النازحين الفلسطينيين في لبنان ، و في الأردن قبل ذلك ، حيث ترافق إدخال السلاح مع تحولات طرأت على المجتمع الفلسطيني في الشتات تمثلت بظهور " سلطة داخل السلطة " ، فشلت في الأردن ثم فشلت يا للاسف مرة ثانية في لبنان و أمحى العديد من المخيمات كما لا يخفى ، لتولد هذه " السلطة داخل السلطة " من بعد ، في الضفة الغربية و معها سلاح مرخص من قوات الإحتلال . يبقى في الختام سؤال عما هي الأهداف المتوخاة من " السلطة داخل السلطة " من إقتناء السلاح في مخيمات النازحين المتبقية في لينان !
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الإيراني : توطين النازحين 2
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الإيراني : توطين النازحين
-
ملحوظات في موضوع الإتفاق السعودي الأيراني
-
الجماعة الإحتماعية
-
مصطلحات و مفاهيم مبهمة
-
صلاح عموري : فلسطيني منفي من فلسطينيته
-
الحرب المستحيلة
-
الإستعمار المتحول
-
بدعة لبنانية : - التقويم الرمضاني -
-
تصوّرات عن حروب متواصلة
-
القضية الفلسطينية في عهدة الأجيال مابعد الثالث
-
قبل و ما بعد الدولة !
-
إعتقام السياسة الوطنية
-
رسالة إلى صديقة في بيروت
-
المميزون في الأرض
-
ذهنية الهجرة
-
مقاربات في القضية الفلسطينية ـ4ـ
-
مقاربات في القضية الفلسطينية 3
-
مقاربات في القضية الفلسطينية 2
-
مقاربات في القضية الفلسطينية ـ1ـ
المزيد.....
-
منها بدول عربية.. الكشف عن أفضل 50 فندقًا في العالم لعام 202
...
-
إسرائيل وإعلان بدء -حقبة جديدة بالحرب- بعد هجمات -البيجر- وا
...
-
ردة فعل حزب الله على الانفجارات وما هو متوقع.. محللة توضح لـ
...
-
الأزهر يعلق على كلمة الشيخ أحمد الطيب المثيرة للجدل
-
مصر.. شوبير يعود من جديد
-
بعد موجة الانفجارات الثانية للأجهزة اللاسلكية: هل تقترب المو
...
-
كيف خُدع هنود للقتال مع القوات الروسية ضد أوكرانيا؟
-
شركة يابانية تعلق على عملية تفجير أجهزة الاتصال الأخيرة في ل
...
-
بانتظار كلمة نصرالله اليوم.. حزب الله يتوعد إسرائيل بـ-عقاب
...
-
كيف ومن أين وصلت أجهزة بيجر المتفجرة إلى لبنان؟.. موقع هنغار
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|