أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - إبراهيم














المزيد.....

إبراهيم


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 02:58
المحور: الادب والفن
    


لي قريب اسمه إبراهيم، كلما صنعوا في الدار لهم إلهًا من العجوة، واشتباه النخوة، أكله ثم نام، فصعد فوق سطوح البيت، وأمسك ديك أمه الرومي، وقال: إني أرى في منامي أني أذبحك...
وأوزع لحمك على فقراء الحي، هؤلاء الذين لا يحبون صوت "علي الحجار" أبدًا، ولا يمارسون العادة السرية مثل خالد النبوي في دور رام المهاجر...
وعلى الدوام يتركون أحلامهم في واد غير ذي زرع، عند زاوية الإمام في جانب البلدة الشرقية التي يحلو للناس أن يسموها بيت الله، حتى ولو فعلوا في ظلّه وستره الحرام، تظل الزاوية في عين الناس بيت الله...
إبراهيم، لم يطمح يومًا أن يكون نبيًا كالخليل، ولا تمنى أن يأتي من صلبه يومًا نبيٌ -حين تزعق السيارات على اللحوم المجمدة، والكبدة، والمومبار، والخضار، وجمبري الجامبو- يهدي العساكر إلى الثكنات لعلهم يرجعون...
لإبراهيم ولدان؛ الأول: اختار له اسمًا بسيطًا كأسماء الفقراء المعتادة، إلى الدرجة التي جعلت الناس تقسم إنه ناداه يومًا محمدًا، ويومًا أحمدًا، ويومًا جابرًا، ويومًا سعيدًا، وأسماء أخرى ككل أسماء الرجال في الحيّ، وحين عاتبوه كيف ينسى اسم ابنه البكري؟! قال: الفقراء كلهم عيالُ الله رماديون في الحياة، لا فرق بين اسم واسم، ما داموا سواسية أمام اللجان، والكراتين التي حملت مرةً رسم الهلال الذي حرفوه ليكون ثغرًا يبتسم...
في النهاية نادى إبراهيمُ ابنه إسحاق، واستراح من هم اختلاط البقر...
وأما ابنه الآخر، حين حملته "الدايةُ" بين يديها، وأقسمت إن الوليد يكلمُ الناسَ، وإنه مبروكٌ كمعجزةٍ لم ترَ القريةُ كلها مثله، فسجد شكرًا لله السميع العليم، الذي استجاب الدعاء، ونادى ابنه "حمامة"، ووهبه لمقام الإمام الولي في الزاوية التي صارت بيت الله، فخُدام الزوايا في الوصايا رجالٌ بِيضُ...
من يومها نبت للولد جناحان، وصار للناس آية حين مات صغيرًا، وأقسموا إن جسد "حمامة" طار، لكن إبراهيم المكلوم بعدها، لمحوه في شوارع القرية، وفي البرية القريبة، يصرخ في البيوت، وفي الشجر، والطير المهاجر: شُبّه لهم!! شُبّه لهم!!
إبراهيمُ الذي كلم الماء، ووزع الحلوى في عيد الفطر على الأطفال دون أن يخاف الشهر الفضيل في العشر الأواخر، كلما يضبطه الناس يجامع جنّية المقابر في وضح النهار، فيغضبون ويصرخون: يا صاحب الكفّارة المغلظة!! يا مخبول!! يجيبُ: يا ربُّ قومي لا يعلمون...
- يا قومي، إنكم لن تستطيعوا معيّ صبرًا، هذا فراقٌ بيني وبينكم...
الآن، غاب إبراهيم عن الحيّ، لم يُشاهد في موسم تزاوج الأسماك، ولا عاد مع الطيور المهاجرة، ولا وقف في الطوابير بعدها أبدًا، لكن الذي يؤمنُ به الناسُ، أنّ إبراهيم قريبي، صار خليلاً....
للساهرينَ،
ومن صلبه سيجيء نبيٌ يحملُ في يمينه هاتفًا رقميًا ذكيًا في خلفيته سرّ طعم القضمة الأولى من التفاح وبلا نقشة لفتح قفل الشاشة، وفي يُسراه يحملُ كودًا رقميًا صالحًا للمكالمات المجانية في أيام شوال "الستةِ البيض"، وكول تون مجانيًا بهجة العيد...
لإبراهيم قبرّ غير معروف، ورغم ذلك يقولُ كل الناس إنه مدفون في قبر عائلتهم سرًا، لكن الإفصاح عن المعلومات في قريتنا لا يجوز!



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا
- الأديب الذري الجائل -أديب القرية نموذجًا-
- قاهرة إنشراح التي هزمت ناصر
- المخبرون
- نوح
- بين أفخاذهن
- عربي 96
- الجنة
- رسالة إلى وزارة الأوقاف المصرية والأزهر.
- مصلوب
- عرفتُ
- حضرة الHR
- الصحاب يا رب.. نص بالعامية المصرية
- النصوص
- طابور النمل... (نص بالعامية المصرية)
- ATM
- عيد ميلادكِ
- لو أنني في النيل سمكة!
- رجل غارق في الحزن في الجنة ست ساعات
- عيد الأب الوحيد


المزيد.....




- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - إبراهيم