أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - دلير زنكنة - لينين والفلسفة-1. موريس كورنفورث















المزيد.....



لينين والفلسفة-1. موريس كورنفورث


دلير زنكنة

الحوار المتمدن-العدد: 7589 - 2023 / 4 / 22 - 20:53
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


محاضرة ألقيت في مكتبة ماركس التذكارية في الخامس عشر من أبريل.1970
____________________

بعد قرن من ولادة لينين ، يجب محاولة فهم مساهمته الهائلة في الفلسفة الماركسية.
في الكفاح من أجل انتصار الثورة الاشتراكية ، استند لينين إلى فكر ماركس و إنجلس وطوره بالطريقة التي وجدها ضرورية للنضال في ذلك الوقت .

لم يقم لينين ابداً بتأسيس مجموعة من الحقائق الفلسفية الثابتة النهائية، أي عقيدة يجب على خلفائه، تعلمها والتمسك بها والاستمرار في تكرارها فقط.

للحفاظ على جسد لينين قاموا بتحنيطه ووضعوه في ضريح. لكن مساهمته في الماركسية والشيوعية والحركة الثورية في عصرنا والتحرر المستقبلي للبشرية ،لا يمكن التعامل معها على هذا النحو. لقد كانت مساهمة حية ويجب أن تبقى حية . للحفاظ عليها حية ، يجب أن نفهم كيف كتب ما كتبه ,لمواجهة الموقف الذي واجهه عندما كتبه. يجب علينا بعد ذلك تقييمها فيما يتعلق بما حدث منذ ذلك الحين والمشاكل التي نواجهها اليوم. وعلينا أن نحاول أن نرى كيف يجب المضي قدمًا في هذا العمل.

النظرية الثورية

بالنسبة للينين ، بدون نظرية ثورية لا يمكن أن تكون هناك حركة ثورية.

في الوقت الذي كانت فيه حركة الطبقة العاملة تنمو تنظيميًا ا، ولكنها غارقة في الانتهازية التي كانت معنية بمطالب اقتصادية وقطاعية معينة فقط، اي بالتنظيم لكسب مطالب مختلفة ولكن ليس بتحطيم سلطة الطبقة الحاكمة وإنشاء سلطة العمال ، كافح لينين من أجل بناء حزب ثوري يتمسك بالنظرية الثورية.

ولهذا أتهم بانه عصبوي ومتعصب ومقسّم. لكن الأحداث أثبتت صوابه.

توضح النظرية الثورية هدف الحركة الثورية و اسلوب النضال من أجلها. بدون هذه النظرية يختفي الهدف ولا يمكن تحقيقه. ويختفي النضال أيضًا.

طوال حياته عمل لينين على إتقان و تطوير النظرية الثورية. وفي هذا الصدد ، عارض بثبات الفكرة "التحريفية" التي طرحها إدوارد بيرنشتاين لما كان آنذاك أقوى حزب عمالي ، وهو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني - الفكرة التي لخصت فلسفة الانتهازية
والإصلاحية بأكملها - أن "الحركة هي كل شيء والهدف لا شيء".

عندما تسود هذه الفكرة ، لا يمكن لحركة الطبقة العاملة أن تفعل شيئًا سوى تكييف نفسها مع ظروف الرأسمالية. في كفاحه ضدها وفي تطويره للنظرية الثورية ، تقدم لينين ليس فقط كقائد للعمال الروس ولكن باعتباره الانسان الذي انار الطريق إلى الأمام ، ولا يزال يفعل ، للعمال في جميع أنحاء العالم.

الفلسفة الثورية

في إصراره على النظرية الثورية أصر لينين على تطوير فلسفة ثورية كجزء لا يتجزأ منها.
وقد ألقى باللوم عليه بشكل خاص من قبل الكثيرين الذين اعتقدوا أنه على الرغم من أن قدرًا معينًا من النظرية الاقتصادية والسياسية قد يكون ذا فائدة وأهمية للحركة ، إلا أنه لم تكن هناك حاجة للجدل حول الفلسفة. بقيامه بذلك ، اعتقدوا أن لينين كان يتسبب فقط في خلق الخلافات والانقسامات. ما الفائدة التي يمكن أن يحصل عليها العمال لهذا الشيء الأكاديمي ، الفلسفة؟

بالنسبة للينين ، كانت الفلسفة نظرة عالمية ، وهي نظام للأفكار العامة تحدد كيفية تعامل الناس مع المشكلات الخاصة التي يواجهونها في الحياة. إذا لم تنجح الحركة في بناء فلسفتها الخاصة ، فإنها تقع ضحية لتأثير فلسفات أعدائها. و هذا بالضبط ما كان يحدث لحركة الطبقة العاملة عندما اعتبرت الفلسفة الماركسية مسألة ذات أهمية ضئيلة أو معدومة.

يجب أن تكون النظرية الثورية متماسكة ، وأن تستلهم وتسترشد بالفلسفة الثورية. هذا هو السبب في أن الفلسفة الماركسية جزء لا يتجزأ من الماركسية ، والفلسفة الشيوعية جزء لا يتجزأ من الشيوعية.

إذا فشلت الحركة في تحدي فلسفات أعدائها بفلسفتها الثورية ، فسرعان ما تتراجع اقتصادياتها وسياساتها إذعانًا لآراء أعدائها. وبعد ذلك تصبح أنشطتها العملية إصلاحية - ومن ذلك ، كما نعلم بالتجربة ، تتحول الى محافظة - وليست ثورية.

الحزبية في الفلسفة

شدد لينين دائمًا على الحاجة إلى تطوير النظرية الفلسفية كجزء لا يتجزأ من النظرية الثورية لحركة الطبقة العاملة. كانت الفكرة الأساسية الموجهة لجميع أعماله في الفلسفة هي فكرة الحزبية الثورية.

بالنسبة له ، كان لابد من تطوير الفلسفة كنشاط حزبي ، نظرية وضعت لتلبية احتياجات الحركة الثورية في كفاحها ضد الرجعية ، سلاح للثوار لاستخدامه في كفاحهم لتدمير تأثير الأفكار الرجعية ،و عمل و توضيح برنامجهم الثوري.

التحزب الثوري في الفلسفة ، كما علمه ومارسه لينين ، هو أمر معقد ، ولا يمكن تلخيص محتواه أو معناه في شعار بسيط.

بادئ ذي بدء ، أعتقد أننا يجب أن نحاول فهم ذلك في سياق شهادة أرملة لينين ، كروبسكايا ، في مذكراتها المنشورة. كتبت أن نشاط لينين كله كان مستوحى من حبه لعامة الناس. تمنى أن يرى معهم نهاية لكل فقر وقمع واستغلال ، وأن يراهم يرثون الأرض. كل معاناة ، كل خطأ ، كل عمل قمعي ، كل فرض ، أثار سخطه الشديد.

كان تحيز لينين في الفلسفة يعني معارضة لا هوادة فيها لكل من يروم خداع الناس ، أو يعميهم عن رؤية حالتهم الحقيقية أو يهدئهم بالأوهام. كان يعني معارضة كل شيء جعل المتعلمين والمثقفين خدامًا للطبقة الحاكمة أو تحولهم إلى نخبة دائمة ، بدلاً من قادة ومعلمين للشعب. وهذا يعني بذل جهد لا هوادة فيه وبلا قيود للبحث عن الحقيقة والوضوح في الأفكار ، وذلك لفهم الأشياء كما هي وليس كما تريد ايديولوجية الطبقة الحاكمة .

ثانيًا ، ومن هذا المنطلق ، فإن الحزبية في الفلسفة تعني تبني ، بإتساق و بلا هوادة نهج مادي في معارضة جميع التخيلات ،الأوهام و السفسطات المثالية الفلسفية.

ثالثًا ، كان يعني محاولة إتقان الديالكتيك ، أي محاولة فهم كيف تتغير الأشياء ويمكن تغييرها ، وكيف يجب تطوير المفاهيم لفهم العمليات الملموسة للعالم والحياة البشرية بشكل مناسب دائمًا، و إمكانياتنا الخاصة للعمل.

رابعًا ، لا تعني الحزبية في الفلسفة مجرد المناقشة النقدية لوجهات النظر المتعارضة ولكن الكشف عنها. ما قد يبدو أنه مجرد تشويش أو عدم دقة أو مغالطة منطقية كان دائمًا في الواقع أكثر من ذلك ، بعضها سفسطة لصالح الطبقة الحاكمة ، و بعضها من أيديولوجية العدو التي من شأن قبولها أن يربك النضال الثوري ويضعفه.

لطالما تبنى لينين وطالب بموقف لا هوادة فيه في المحاججات الفلسفية ، ورفض جميع التنازلات الأيديولوجية ، و جميع الأعذار. بالطبع هذا لا يعني رفض الاعتراف بوجود "بعض الحقيقة" أو حتى "الكثير من الحقيقة" في وجهات نظر مختلفة متعارضة. ما كان يعنيه هو الإصرار دائمًا على استئصال كل ما يشوه الحقيقة.

أخيرًا ، كان إصرار لينين على الحزبية في الفلسفة يعني أنه بالنسبة له ، يجب تحويل الفلسفة إلى فلسفة الحزب ، أي فلسفة للحزب الثوري للطبقة العاملة. هذا الحزب يجب ان يتبنى، ينشر و يطور فلسفته الثورية. ويجب تطوير هذه الفلسفة ، والحفاظ عليها ونشرها ، ليس من قبل المؤسسات الفلسفية الأكاديمية ، ولكن من قبل حزب العمال.

أسلوب لينين الجدالي

فرض مفهوم الحزبية في الفلسفة مقاربة لينين وأسلوبه الجدالي في كتاباته الفلسفية. بالنسبة له ، كانت ممارسة الفلسفة تعني الدخول في معركة نيابة عن حركة الطبقة العاملة الثورية. لم يكن الأمر مجرد مناقشة نظرية ، بل الانخراط في معركة مع عدو.

لذلك ، كان نهج لينين برمته مختلفًا تمامًا عن نهج الفلاسفة المحترفين في الجامعات ومعارضًا له. كان عكس الأكاديمية تماما .

وفيما يتعلق بالفلسفة كساحة معركة ، لم يناقش لينين الأفكار فقط ، كما يفعل معظم الأكاديميين ، لكنه هاجم الأشخاص الذين روجوا لهذه الأفكار. في معركة حقيقية ، بالطبع ، يجب الاستيلاء على كل موقع ، وهذا يعني هزيمة أو طرد الأشخاص الذين يجب على المرء أن يأخذه منهم. لذلك في الفلسفة ، لم يصارع لينين ضد الأفكار فقط ، بل انخرط في معركة مع الأفراد الذين تم نشر أفكار كتاباتهم. بالنسبة له ، كان يتم تحديد المعارضين دائمًا على أنهم أشخاص. لقد وضعهم بوضوح في مدى بصره بهدف إسقاطهم.

ما يمكن تسميته بـ "الأسلوب اللينيني" في الفلسفة كان إذن ، جداليًا حادًا ، وجداليًا ليس فقط ضد "آراء" معينة ولكن ضد الفرد المجاهر لوجهات النظر. "فقط استمع إلى ما كتبه هذا الرجل!" يخبرنا لينين باستمرار. "إنه مخطئ ، لقد دخل في فوضى ، إنه يشوه الحقيقة و يضللنا !".

كتابات لينين الفلسفية

كان العمل الفلسفي الرئيسي للينين هو كتاب المادية والنقد التجريبي الذي نُشر عام 1908. بعد وفاته نُشرت دفاتر ملاحظاته الفلسفية ، والتي تتكون أهم أجزاء منها من ملاحظات دراسته الشخصية حول منطق هيجل ، والتي تم إجراؤها لاحقًا للمادية والتجريبية- انتقادات خلال فترة الحرب العالمية الأولى. تحتوي هذه الدفاتر ، بالطبع ، على مذكراته الخاصة و
ليست معدة أو مرادة للنشر. علاوة على ذلك ، غالبًا ما تعامل لينين مع الأسئلة الفلسفية في سياق العديد من الكتيبات أو الخطب السياسية ، حيث أصبحت مثل هذه الأسئلة ذات أهمية خاصة. بعض تصريحاته الأكثر أهمية حول الديالكتيك ، على سبيل المثال ، تم الإدلاء بها في سياق جداله مع بوخارين وتروتسكي حول تنظيم وسياسات النقابات العمالية السوفيتية. أخيرًا ، قدم شرحًا موجزًا و عرضًا مباشرًا للفلسفة الماركسية في مقال عن كارل ماركس ، كتبه عام 1914 للموسوعة روسية.

"المادية والنقد التجريبي"

المادية والنقد التجريبي هو عمل مكتوب في شكل جدال منهجي. و الطرف المستهدف لهذا الجدل كان مجموعة من الماركسيين الروس ، أو ممن يرغبون ان يكونوا ماركسيين ، الذين كانوا يسعون إلى تجديد الماركسية ، كما اعتقدوا ، من خلال استيراد أفكار من ما يسمى بفلسفة العلم البرجوازية المعاصرة.

كُتب في الفترة التي أعقبت هزيمة ثورة 1905 في روسيا ، عندما تحطمت المنظمة بسبب عنف الرجعية ، وكان العديد من الأعضاء في حالة من الذعر والفوضى. إن إنتاج هذا العمل العظيم للفلسفة الثورية في ذلك الوقت قد أملاه الاعتقاد بأنه بدون نظرية ثورية لا يمكن للحركة الثورية أن تستمر. كان مستقبلها كله على المحك. في الوقت الذي كان فيه العديد من الثوار يترددون ويفقدون حماسهم، كان الكتاب بيانًا عظيمًا للمادية الثورية المناضلة.

كتب لينين في مقدمته: "قام عدد من الكتاب ، ممن يرغبون ان يكونوا ماركسيين ، هذا العام بحملة حقيقية ضد فلسفة الماركسية". "في غضون أقل من نصف عام ، ظهرت أربعة كتب مكرسة بشكل أساسي وكامل تقريبًا للهجمات على المادية الديالكتيكية. … والمهمة التي حددتها لنفسي في هذه الملاحظات هي البحث عن ما اضل أولئك الذين يصورون بصورة الماركسية شيئًا مشوشًا ومربكًا ورجعيًا بشكل لا يصدق ".

لذا فإن المادية والنقد التجريبي هو في المقام الأول رد على محاولات مراجعة الماركسية من خلال استبدال الأفكار الماركسية بالأفكار البرجوازية. لإظهار كيف تعثر الذين يرغبون ان يكونوا ماركسيين ، يقوم لينين بمهاجمة الفلاسفة البرجوازيين الذين أثروا عليهم. إنه هجوم مدمر على ما يسمى بالفلسفة "العلمية" للفلاسفة البرجوازيين في ذلك الوقت. ، وضد أولئك الذين أرادوا استبدال هذه الفلسفة بالماركسية العلمية. في شن هذا الهجوم ، لم يعيد لينين التأكيد فحسب ، بل طور أيضًا الأفكار الأساسية للفلسفة الماركسية.

لم تكن مناسبة تأليف الكتاب ،إذن ، ببساطة أن بعض الفلاسفة البرجوازيين كانوا "يقدمون شيئًا مشوشًا ومربكًا ورجعيًا بشكل لا يصدق" - لم يكن شيئًا جديدًا. كان الأمر أن أفكار الفلاسفة البرجوازيين تم تبنيها من قبل من يزعمون انهم ماركسيون، الذين سعوا إلى إدخالها في حركة الطبقة العاملة. هذا ، كما سعى لينين لإظهاره ، يمكن فقط أن يحدث إرباك الحركة ونزع سلاحها. لقد رأى الخطر على الحركة ، فقفز إلى الهجوم.

وجود العالم المادي

تدور الخلافات في المادية و النقد التجريبي في الغالب حول نقطة مركزية واحدة ، وهي وجود العالم المادي الخارجي.

في ظاهر الأمر ، يبدو أن هذا أمر غير عادي بالنسبة لحزب العمال لقضاء الوقت في الجدل حوله. هل هناك اي عامل شكك في وجود الأشياء المادية؟ ببساطة لا يخطر بباله أن يتساءل عن ذلك ، ناهيك عن افتراض أن المصنع الذي يعمل فيه والآلات التي يستخدمها هي مجرد مظاهر في ذهنه. عندما يحضر إلى فرع نقابته ، لا يشكك أبدًا في الحضور المادي لزملائه الأعضاء. لم يخطر بباله أبدًا أن يفترض أن اجتماع النقابة يتألف من كائنات روحية بلا جسد اجتمعوا في تجمع روحاني.

ولكن أيا كان ما قد يفكر فيه - أو بالأحرى لا يفكر فيه -جمهور العمال ، فإن الحقيقة هي أنه منذ بداية الفلسفة البرجوازية ، كان وجود الأشياء المادية الخارجية موضع تساؤل. سأل الفلاسفة كيف "نعرف" بوجودها. لقد توصلوا إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد دليل على ذلك. ما ندركه هو الأحاسيس الموجودة في أذهاننا ، وافتراض أن فيما وراء هذه ،هناك عالم من الأشياء المادية ، موجود بشكل مستقل عن أحاسيسنا ، استنتاج لا أساس له.

من وجهة نظر علمية بحتة ، جادل الفلاسفة ، فإن افتراض وجود العالم المادي لا أساس له ، وغير ضروري ، بل هو في الواقع عبثي. ما يفعله العلم التجريبي هو تحليل وتتبع ترتيب واتصالات أحاسيسنا. إنه لا يمكنه ولا يستطيع اكتشاف أي اكتشافات حول عالم مادي يتجاوز أحاسيسنا.

هذه ، إذن ، كانت الفلسفة "العلمية" التي اعترض لينين على سعي ، الذين زعموا انهم ماركسيون ، إلى استبدالها مع الماركسية العلمية ، و فرضها على حركة الطبقة العاملة كأحدث شيء في التحليل العلمي.

المادية العلمية مقابل "الإيمانية"

لماذا اعتبر هذا الأمر خطيرًا جدًا؟ بالتأكيد ، من وجهة نظر العمال ، كانت مجرد سخافة وقد يتجاهلونها أيضًا؟ في الواقع ، هذا ما اعتقده الكثيرون ، وقالوا إن لينين كان يثير ضجة لا داعي لها حول هذا الموضوع.

لكن بالنسبة للينين ، كانت الفلسفة الثورية بمثابة الإسمنت الذي يمسك كل النظرية الثورية معًا. والتقلبات الفلسفية لأولئك الذين تأثروا بتنظير البرجوازية كان هجومًا على كامل وجهة نظر المادية العلمية. كانوا يهاجمونها بالقول إن المادية عفا عليها الزمن وعلينا أن نعتبر العالم لا يتألف إلا من أحاسيسنا الخاصة.

لكن هذه لم تكن وجهة نظر علمية.ان الهدف الأساسي من البحث العلمي ،التفكير العلمي ، والتحليل العلمي هو معرفة عمليات العالم الموضوعي ، و فهمها دون أي غموض. أن نقول أنه لا يوجد شيء يمكن معرفته حقًا الا أحاسيسنا الخاصة، هو في الواقع نبذ لأهداف العلم وافساح للمجال أمام كل اشكال الارتباك والغموض ليعود مرة أخرى - من الباب الخلفي ، إذا جاز التعبير.

استشهد لينين مرارًا وتكرارًا في المادية والنقد التجريبي بالفلاسفة البرجوازيين الذين أعجبهم هذه النوعية من الماركسيين، لإظهار أن كل حديثهم عن وجهة نظر علمية بحتة لم يكن سوى واجهة أخفت وراءها أكثر الآراء غير العلمية والرجعية.

إذا لم يكن هناك عالم مادي موجود ما خلف أحاسيسنا ، كما علّم هؤلاء الفلاسفة ، فإن ذلك يعطي مجالًا لكل انواع الواقع "المتعالي" غير المعروف فيما وراء الأحاسيس الذي قد يختار الفلاسفة أو اللاهوتيون ابتكاره . إذا كنا نعرف أحاسيسنا فقط ، فإننا لا نعرف شيئًا عن أساس وسبب أي شيء في تجربتنا. بالنسبة لهؤلاء الفلاسفة ، لا يمكن للعلم بأي حال من الأحوال أن يعارض التصوف أو الإيمان الديني. على العكس من ذلك ، دعوا إلى المصالحة ، وهو نوع من الصوفية الذي أطلق عليه لينين اسم "الإيمانية".

جادل هؤلاء الفلاسفة بأننا لا نعرف شيئًا عن الواقع بخلاف أحاسيسنا العابرة. إذن ما يكمن وراء ذلك هو مسألة معتقدات دينية و حدس باطني و إيمان. في محاولة لاستبدال المادية الديالكتيكية بمثل هذه الآراء ، كان الذين يرغبون ان يكونوا ماركسيين ، كما قال لينين ، "يقدمون شيئًا مرتبكاً ومشوشًا و رجعياً بشكل لا يصدق". لقد أخذوا بسذاجة الواجهة العلمية لفلسفة العدو في ظاهرها ، ولم يروا الظلامية مقنعة بالحجج العلمية المزعومة.

المادية المناضلة والإلحاد

إن السمة المركزية لجدال لينين في "المادية والنقد التجريبي" هي بالتالي زعمه أن هولاء الماركسيين المزعومين كانوا يعملون على إضعاف الحركة الثورية وتشويشها من خلال ادخال أفكار تفتح المجال أمام إستمرار انخداع الطبقة العاملة بالدين. أي تراجع عن وجهة النظر المادية العلمية تفعل هذا. وهكذا كان يعبر عن نفس النوع من الإصرار على المادية العلمية مقابل الظلامية الدينية كما أعرب لاحقًا ، على سبيل المثال ، في رسائله إلى مكسيم غوركي ،
في عام 1913 ، عندما أخذ هذا الأخير يكتب عن الله.

"ماذا تفعل؟" سأله لينين. "... كل فكرة دينية ، كل فكرة عن الله ، حتى كل مغازلة لفكرة الله ، ... هي عدوى من أكثر الأشياء بشاعة ... إنها فظيعة حقا ... لماذا تفعلها؟ إنها ... مثيرة للغضب بشكل شيطاني ".

وأضاف ، بشكل اعتيادي : "ملاحظة: اهتم بصحتك بشكل أكبر ، حتى تتمكن من السفر في الشتاء دون أن تصاب بالبرد". بالنسبة للينين بشكل عام ، صاحب أشد جدالاته ضد زملائه باهتمام شديد باحوالهم الشخصية.

في وقت لاحق ، كتب لينين في مقال بعنوان "أهمية المادية المناضلة " عام 1922 في المجلة الشيوعية الألمانية الجديدة "تحت راية الماركسية":
من الواضح بأن المجلة التي تعرّف نفسها كمادية مناضلة عليها أن تكون هيئة نضالية … عليها أن تفضح بلا كلل كل “الخدم الكهنوتيين المختبئين وراء العباءة الأكاديمية” … سواء أكانوا ممثلي الأكاديميات العلمية الرسمية أو كتاب أفراد يطلقون على أنفسهم “اليسار الديموقراطي أو أتباع الآيديولوجيا الاشتراكية”…مثل هذه المجلة يجب أن تكون أداة للإلحاد المقاتل ".

الجدل المفصل

شرع لينين ، في المادية والنقد التجريبي ، في المجادلة بتفصيل كبير ضد ادعاءات معارضي المادية . يملأ هذا الجدل المفصل الجزء الأكبر من الكتاب ، ويمنحه قوته الرئيسية.

كان همه الأول هو فضح ادعاءات فلاسفة الحسية بأنهم قاموا بوضع نظرية علمية عن المعرفة. لقد تعامل بالتفصيل مع العقيدة الفلسفية القائلة بأن الأجسام ليست سوى "مجموعة من الأحاسيس" ، وأظهر أنها ببساطة لا معنى لها.

أما بالنسبة للحجة القائلة بأن جميع اكتشافات العلم يجب أن تُفهم علميًا على أنها اكتشافات لا تتعلق إلا بالأحاسيس ، فقد طرح لينين سؤالين:

"هل كانت الطبيعة موجودة قبل الإنسان؟" و "هل يفكر الإنسان بمساعدة الدماغ؟"

إذا كان العلم قادرًا على إجراء اكتشافات حول أحاسيسنا فقط ، فلن يكون هناك شيء ، مثل تلك الموجودة في الجيولوجيا ، حول حالة العالم قبل ظهور أي حيوانات حية ذات أحاسيس ؛ ولا شيء ، مثل علم وظائف الأعضاء ، عن اعتماد الإحساس على عضو مادي ، الدماغ.

ردًا على الحجة القائلة بأن الأشياء المادية ليست سوى "أشياء غير معروفة في حد ذاتها" ، جادل لينين بأن الأشياء غير المعروفة في حد ذاتها تصبح معروفة لنا في الممارسة البشرية.

بقدر ما يتعلق بخصوم لينين في هذه الحجج ،من الفلاسفة المحترفين ، يمكن القول فعلًا بانه قد ادانهم في الواقع بعدم الكفاءة المهنية الجسيمة. غالبًا ما يتبنى أعضاء أقسام الفلسفة الأكاديمية ، المدربين في الجامعات ، سلوكًا متفوقًا تجاه لينين ، حيث ترفعوا عن أي اهتمام به على الإطلاق - اعتبروه نوعًا من المشاكس الخارجي الذي لديه غرض عدائي سياسي ، والذي لم يفهم التفاصيل الدقيقة لخطوات العمل الفلسفي. لكن من الناحية المهنية ، كفيلسوف ، كان أكثر كفاءة من معظمهم.

مفهوم "المادة"

أكد الفلاسفة الذين جادل ضدهم لينين في المادية والنقد التجريبي أن مفهوم "المادة" كان مجرد مفهوم وهمي مشوش ، لا يمكن الدفاع عنه في ضوء العلم. وأكدوا أن الفكر العلمي يجب أن يستبدله بمفهوم "الأحاسيس" ، أو "البيانات الحسية المعطاة" ، ويجب أن ينظر إلى ما يعبر عنها ب "معرفتنا بالعالم المادي" على أنها لا شيء سوى مجموعة من الفرضيات حول أحاسيسنا و نظام تجربتنا المتوقعة لهذه الاحاسيس.

بعد أن قالوا إن مفهوم "المادة" كان مشوشًا ، فقد استبدلوا به ارتباكاتهم فقط. أظهر لينين أن "تحليل الأحاسيس" ، الذي ادعى توضيح كل شيء ، لم يكن في حد ذاته سوى مزيج مذهل من الالتباسات والتناقضات وغير ذات العلاقة . ثم انتقل إلى التعريف العلمي لمفهوم "المادة" الذي زُعم انها مشوشة :

"إنكارهم للمادة" ، كتب لينين ، "عبارة عن إنكار وجود مصدر موضوعي خارجي لأحاسيسنا ، لواقع موضوعي يتوافق مع أحاسيسنا ... المادة هي تلك التي تنتج ، بواسطة التأثير على اعضائنا الحسية ، الأحاسيس. المادة هي الواقع الموضوعي المعطى لنا في الإحساس ... مفهوم المادة ... لا يعني شيئًا سوى الواقع الموضوعي الموجود بشكل مستقل عن العقل البشري و المنعكس به ".

في ضوء هذا التوضيح لمفهوم "المادة" ، تناول لينين ، في فصله عن "المثالية الفلسفية والثورة الحديثة في العلوم الطبيعية" ، ادعاء الفلاسفة بأن الاكتشافات في الفيزياء تعني أن العلوم الفيزيائية لم تعد تستخدم هذا المفهوم من "المادة" ، أو أن "المادة قد اختفت".

وأوضح ، بالطبع أن اكتشافات الفيزياء تظهر أنه يجب التخلص من الأفكار المبسطة عن المادة باعتبارها تتكون من كتل من مادة غير قابلة للتغيير. إنه يعني ببساطة أنه نتيجة لتحقيقات أعمق في عمليات "الواقع الموضوعي المعطى لنا في الإحساس" ، عن "الواقع الموضوعي الموجود بشكل مستقل عن العقل البشري, حققنا المزيد من الأفكار الملائمة حول العمليات المادية الحقيقية."

كتب لينين: "إن الحد الذي عرفنا من خلاله المادة حتى الآن يتلاشى ومعرفتنا تتغلغل بشكل أعمق". "تتلاشى خصائص المادة التي كانت تبدو في السابق مطلقة ،ثابتة، وأولية ... والتي تتكشف الآن بوصفها نسبية و ملازمة لبعض حالات المادة فقط. لان"الخاصة "الوحيدة للمادة التي ترتبط المادية الفلسفية بالاعتراف بها هي خاصة ان تكون واقعية موضوعية ، موجودة خارج وعينا..."
"في حين أن عمق المعرفة بالأمس لم يتجاوز الذرة ، واليوم لا يتجاوز الإلكترون والأثير ، فإن المادية الديالكتيكية تصر على الطابع المؤقت والنسبي والتقريبي لهذه المنعطفات في معرفة الطبيعة من قبل العلم المتطور المتقدم لدى الانسان : الإلكترون مثله مثل الذرة لا ينضب، والطبيعة لانهائية ، لكنها موجودة الى ما لا نهاية..."
"اكتشف العقل البشري العديد من الأشياء المدهشة في الطبيعة وسيكتشف المزيد ، وبالتالي سيزيد من سلطته على الطبيعة."

المكان والزمان والسببية

في مزيد من التوضيح لمفهوم "المادة" ذهب لينين للتعامل مع المكان والزمان ، والسببية. كان الفلاسفة الحسيون قد قيدوا أنفسهم في عقدة في محاولة لشرح كيف أن المكان والزمان ليسا سوى بنيات من علاقات الأحاسيس ، وكيف أن مفهوم السببية ليس سوى طريقة مفصلة لوصف كيف تتبع الأحاسيس المتنوعة عمومًا, بعضها البعض في تجربتنا.

كتب لينين: "بما ان المادية تعترف بوجود الواقع الموضوعي ... بصورة مستقلة عن وعينا ، فانه يتعين حتمًا عليها أن تعترف بالواقعية الموضوعية للزمان والمكان".
وتابع: "إن تغيير التصورات البشرية عن المكان والزمان قلما يدحض الواقع الموضوعي لهذا و ذاك، مثلما تغيير المعارف العلمية عن بنية وأشكال حركة المادة لا يدحض الواقع الموضوعي للعالم الخارجي...كيف يدرك الانسان بواسطة مختلف اعضاء الحواس شيء … و مسألة ما اذا كان الواقع الموضوعي ،المستقل عن البشر، يتطابق مع مدركات البشر هذه و مع مفاهيمهم هذه، شيء اخر".

أصر لينين أيضًا على أن العمليات المادية الموضوعية في المكان والزمان هي عمليات سببية. صحيح أن "المفهوم البشري للسبب والنتيجة يبسط دائمًا إلى حد ما الارتباط الموضوعي لظواهر الطبيعة ، ويعكسها بشكل تقريبي فقط ، ويعزل بشكل مصطنع جانبًا أو آخر من جوانب عملية عالمية واحدة". لكن هذا لا يعني أن السببية ليست سوى نسج من أذهاننا.

العالم الموضوعي وانعكاسه في أذهاننا

في هذه المحاججات أكد لينين وشرح مرارًا وتكرارًا الموقف المادي الأساسي ، وهو أن جميع تصوراتنا ، وجميع المفاهيم التي نضعها منها ، هي انعكاسات لعمليات مادية تحدث في المكان والزمان.

إن انعكاس العالم المادي في التصورات البشرية والمفاهيم البشرية هو دائمًا وبشكل حتمي متحيز ومن جانب واحد ، وقد يصبح مشوهًا ومزيفًا بطرق شتى. لكن مصدره يكمن في الواقع الموضوعي الموجود بشكل مستقل عن العقل البشري ، وتعتمد حقيقته على مدى توافقه مع الواقع المادي أو مدى سوء توافقه.

في الممارسة البشرية ، نجعل أفكارنا متوافقة مع الواقع الموضوعي ، وعندما نفعل ذلك يتم التحقق من نجاح ممارستنا.

كتب لينين: "الاحساسات هي المنشأ الوحيد لمعارفنا". الاحساسات هي الوسيلة التي من خلالها نتعرف على العالم الموضوعي.

وتابع: "إن الواقع الموضوعي… و الذي تستنسخه، تصوره، تعكسه احساساتنا، و هو موجود بصورة مستقلة عنها.. أن مسالة قبول أو رفض مفهوم" المادية "هي ثقة الانسان بمدلولات أعضاء حواسه ...ان اعتبار احساساتنا صورًا عن العالم الخارجي ، و الاعتراف بالحقيقة الموضوعية ، والتمسك بوجهة نظر النظرية المادية للمعرفة - انما هو الشيء نفسه".

أعلن أن الماديين يجب أن يدركوا "نسبية معرفتنا" - بمعنى أن الطريقة التي نعرف بها ، ومقدار ما نعرفه ، وكيف نعبر عما نعرفه ، تعتمد على ظروفنا ومحدودة بها في أي وقت. لكن هذا لا يعني "إنكار معيار موضوعي أو نموذج موجود بشكل مستقل عن الإنسانية والذي تقترب منه معرفتنا النسبية".

الديالكتيك - التحليل الملموس للظرف الملموس

في المادية والنقد التجريبي ، لا يوجد عرض ودفاع منهجي عن الديالكتيك الماركسي ، على عكس المادية. والسبب هو أن الكتاب ليس بأي حال من الأحوال عرضًا منظمًا للنظرية الفلسفية الماركسية ، بل هو جدال تم الخوض فيه للنضال من أجل موقف مادي ضد أولئك الذين كانوا يسعون إلى استبدالها بفلسفة الإحساس . لذا فإن التركيز كله ينصب على المادية.

لطالما كانت تفسيرات لينين المنشورة حول الفلسفة الماركسية جدالية. لم تكن الفلسفة بالنسبة له نظامًا نظريًا يمكن شرحه ، بل كانت سلاحًا للاستخدام .

لذلك عندما يتعلق الأمر بالديالكتيك ، لم يحاول أبدًا تدوين أي مجموعة مزعومة من "قوانين الديالكتيك". لكنه كتب وتحدث عن الديالكتيك ، حينما دار نقاش مع اناس لم يفهموا العوامل الحقيقية للتغيير و التعقيدات الحقيقية في وضعية معينة، والذين كانوا يقترحون نظريات وسياسات تستند إلى أفكار مجردة وعقائدية بدلاً من تحليلات ملموسة
.
وهكذا اختتم لينين كتيبه "خطوة إلى الأمام ، وخطوتان إلى الوراء" ، الذي كتبه عام 1904 بعد المؤتمر الذي حدث فيه انشقاق البلاشفة والمناشفة ، بعبارة "بضع كلمات عن الديالكتيك".

كتب: "اننا لا نستطيع ان نفهم شيئًا من نضالنا، اذا لم ندرس الأوضاع الملموسة التي مرت بها كل من هذه المعارك. ولكن بمجرد القيام بذلك ، سنجد بوضوح أن التطور يتبع في الواقع السبيل الديالكتيكي ، سبيل التناقضات ... ان الديالكتيك الحقيقي ... يدرس الانعطافات المحتومة ، ويثبت أنها كانت حتمية من خلال دراسة تفصيلية ملموسة لهذا التطور ، والمبدأ الأساسي للديالكتيك هو أنه لا يوجد شيء اسمه الحقيقة المجردة ، فالحقيقة ملموسة دائمًا ".

ما يصر عليه هنا هو أنه لا يمكن فهم أي شيء ما لم يتم "دراسة الظروف الملموسة". يتضح من ذلك أن "التطور يتبع في الواقع السبيل الديالكتيكي ، سبيل التناقضات". "الديالكتيك الحقيقي" هو "دراسة تفصيلية ملموسة لهذا التطور".

بالنسبة للينين ، كان الشيء الأساسي في الماركسية ، جوهر الديالكتيك الماركسي ، هو التحليل الملموس للظروف الملموسة. بهذه الطريقة فقط ، وليس من خلال تطبيق مخطط تجريدي مسبق للتطور الديالكتيكي ، يمكن اكتشاف الديالكتيك الحقيقي للسيرورات الحقيقية.

ضد المخططات التجريدية

في وقت سابق ، في كتاب "من هم "أصدقاء الشعب" وكيف يحاربون الاشتراكيين الديموقراطيين "، الذي نُشر عام 1894 ، دخل لينين في جدال مع المعارضين الذين حاولوا تشويه التفسير الماركسي لقوانين التطور الاجتماعي من خلال الادعاء بأنه يتألف من التطبيق التعسفي لمخطط تجريدي على كل شيء، لما يسمى "الثلاثيات الهيغلية" ، والتي بموجبها يجب أن يتم كل شيء دائمًا وفقًا لنمط " أطروحة ، نقيض ، توليف ".

كتب لينين: "البرهان على شيء ما بواسطة ثلاثيات أمر اخرق". "... ما أسماه ماركس و إنجلس بالمنهج الديالكتيكي ليس أكثر ولا أقل من المنهج العلمي في علم الاجتماع ، والذي يعتبر المجتمع جهازًا عضويًا في حالة تطور دائم…، وتتطلب دراسته تحليلاً موضوعياً لعلاقات الإنتاج التي تكون تشكيلة اجتماعية معينة ، و دراسة لقوانين عملها وتطورها ".

مرة أخرى ، عندما دار نقاش حول السياسة النقابية بعد الثورة السوفيتية ، في عام 1921 ، اعطى لينين لبوخارين محاضرة عن الديالكتيك.

"الديالكتيك يتطلب حسبان العلاقات من جميع النواحي خلال تطورها الملموس...
"في المقام الأول ، من أجل معرفة الشيء فعلًا، يجب ان ناخذ و ندرس جميع جوانبه ، جميع علاقاته و وساطاته..... و لن نتوصل أبدًا الى هذا بصورة كلية ،و لكن مطلب شمول جميع الجوانب يقينا من الوقوع في الاخطاء و في الخمود. ثانيًا ، يتطلب المنطق الديالكتيكي أن نأخذ الشيء في تطوره ، "حركته الذاتية" ... في تغييراته .... ثالثًا ، ينبغي أن تدخل الممارسة الإنسانية كلها في "تعريف" الشيء تعريفًا كليًا سواء من حيث انها مقياس الحقيقة ام من حيث انها معرّف عملي لصلة الشيء مع ما يحتاجه الإنسان .رابعًا ، يعلّم المنطق الديالكتيكي أنه "لا وجود للحقيقة المجردة ، فالحقيقة دائمًا ملموسة".
"من أجل طرح السؤال بشكل صحيح ، يجب أن ننتقل دائمًا من التجريدات الفارغة إلى الجدال الملموس ...".

ربما لا يكون من الصعب للغاية رؤية العلاقة بين إصرار لينين على أن الديالكتيك يعني "دراسة تفصيلية لعملية التطور بكلية ملموسة " أو "حسبان العلاقات من جميع النواحي خلال تطورها الملموس" ، وما كتبه في المادية والنقد التجريبي حول الواقع الموضوعي للعمليات المادية في المكان والزمان والتي تشكل "معيار موضوعي أو نموذج موجود بشكل مستقل عن الإنسانية والذي تقترب منه معرفتنا النسبية".

سير تطور الواقع متواصل ، و واجبنا هو جعل مفاهيمنا عنها قريبة منها قدر الإمكان. وهذا يتطلب "دراسة العملية تفصيلياً" ، و "حسبان العلاقات من جميع النواحي خلال تطورها الملموس".
إن حاجة الثورة بان تكون النظرية ديالكتيكية ،هي بنفس قدر حاجتها بان تكون مادية.
_______________________________
(يتبع)



#دلير_زنكنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحمق والمجنون . في ذكرى مناظرة جيجيك-بيترسون
- ولادة الفلسفة التحليلية من أجواء المكارثية
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ...
- مسرح اللامعقول الأمريكي
- فنلندا: سحر البرجوازية الخفي
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ...
- أساسيات الاقتصاد الماركسي
- رسائل و برقيات فريدريك إنجلس عن موت كارل ماركس
- هناك بالفعل حرب بالوكالة في اوكرانيا
- كيف خلقت -قرارات اعفاء الابنية -التركية قنبلة موقوتة
- السيد كارل بوبر- عقائدي معادي للماركسية. موريس كورنفورث
- التروتسكية كحركة انتهازية
- الاتجاه نحو ثورة عالمية؟
- الماركسية كعلم .موريس كورنفورث
- الحزبية والموضوعية في العمل النظري
- لماذا يحتاج الرأسماليون الروس إلى أوكرانيا؟
- الماركسية والعلم والصراع الطبقي
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
- جلوس في كتاب :حول غزو الظلام لبختيار علي
- بوتين والرمزية السوفيتية


المزيد.....




- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...
- رسالة هامة من الداخلية المصرية للأجانب الموجودين بالبلاد
- صحيفة: الولايات المتحدة دعت قطر لطرد -حماس- إن رفضت الصفقة م ...
- حسين هريدي: نتنياهو يراهن على عودة ترامب إلى البيت الأبيض
- ميرفت التلاوي: مبارك كان يضع العراقيل أمام تنمية سيناء (فيدي ...
- النيابة المصرية تكشف تفاصيل صادمة عن جريمة قتل -صغير شبرا-
- لماذا تراجعت الولايات المتحدة في مؤشر حرية الصحافة؟
- اليوم العالمي لحرية الصحافة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - دلير زنكنة - لينين والفلسفة-1. موريس كورنفورث