أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البشير عبيد - لا مكان هنا لاصوات الأنين














المزيد.....

لا مكان هنا لاصوات الأنين


البشير عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7583 - 2023 / 4 / 16 - 02:56
المحور: الادب والفن
    


البشير عبيد / تونس

هل بامكان الفتى أن ينام بعيدا عن نيران العاصفة و لا أحد يمنحه الهتاف الأنيق؟!.. لست وحيدا أعبر شوارع العتمة في هذا الطقس الشتوي البارد. خطاي أجنحة من الياسمين و يداي طيور من الحلم تتجه صوب سماوات الروح. هكذا و في عزلة تامة عن ضجيج المدن و صخب المعارك المندلعة هنا وهناك، يتصفح الرجل الهارب من سراديب الهذيان، ورقات من كتاب المنفى، و لا ينسى أن يتذكر صور الأحبة و الرفاق الذين صاروا سرابا.
كيف تسير خطاه باتجاه زهرات المعركة و لم تخنه ذاكرة الزمن الدامي. كم من الصبر و المعاناة و المكابدة يلزمه ليصل إلى حدائق النور و تنطلق به عربات الانتباه إلى فضاءات الدهشة. هاهي ذي الشوارع مقفرة و المدن صامتة و الأزقة تبحث عن مشهد لعناق استثنائي. ليس الرحيل سوى عنوانا لانفتاح الكلمات الهاربة من أنياب الصقيع. هل بإمكان الرؤى أن تجعل الكائن البشري الخائف من سطوة اللحظة التاريخية الراهنة أن يقول للجلادين الباحثين عن أصوات الأنين :نحن هنا كأبهى ما يكون الانحناء لرائحة الوردة و مياه الينابيع. أجل و بمنتهى الجرأة و المشاكسة، يكتب الفتى أحلام الأجداد المهدورة ، ليس خوفا من شاحنات النسيان وسماسرة الحروب، إنما وضعا للنقاط على الحروف، لعل اللغة تبعا لذلك، تصير أكثر إشراقا و أقرب لأصوات الفجر. أجل و بمنتهى اللطف و اللياقة، يطلب الفتى من شحاذي المدن العتيقة و الأحياء الشعبية، أن يصيروا ملوك العصور القادمة!
هذا البحر مدرسة للرحيل
و الحبر طريق طويل لاندلاع الذهول..
هاهو ذا ماء النهريصب في قيعان الدجى
و الأزقة الخلفية تبحث عن العشاق القدامى
• * * * *
بالأمس صباحا أحدهم قال لي: كيف تسير و حيدا على رمال الاغتراب و لا أحد من الأهالي الطيبين البسطاء، يضع على كتفيك زهرات الانتماء"لوردة السراب" هكذا و بمحض إرادته يمضي سريعا إلى نوافذ الذهول، ربما يباغته صديق قديم بكتاب" مشاغب ". أسئلة المرحلة لم تعد تعني أي شيئ في سوق السماسرة المتاجرين بقيم الحداثة. أسئلة المرحلة هي الضوء المخيف للحصون التي لا بد أن تتحطم لتزداد ذهولا و صمتا و حيادا. أما من يتحدث عن انطونيو قرامشي وتنظيراته عن"المثقف العضوي" فليذهب إلى جحيم المكان و عزلة الزمان! ليس أشد إرباكا للذاكرة و إمعانا في ترحيل المعنى عن جدران اللغة سوى كتابة فصول مطولة من "أصوات الأنين" هنا و هناك و كأن الأنين لا معنى له وسط هذا الضجيج المتعالي في المدن و الأزقة. ليس الخوف من ديمومة الحلم و تنامي فكرة التمرد في جسد الضحية.. الكائن المغترب والمربك للسماسرة و المتاجرين ببهاء اللغة، إنما المربك حقا هو أن يتمادى الجسد القابع تحت ضربات الجلاد في نفي وجود الجلاد ككائن و سيرورة، و هنا تصير أجساد" أصوات الأنين " هي الحاملة لأوجاع المكان و الزمان، و تصير ضربات الجلاد هي الجسر الذي تعبره عربات الانتباه نحو مدن الدهشة و قرى البهاء الخارق.
• * * * *
صامتا أمشي في الشوارع و الأزقة و الحارات المخيفة ولا أتذكر سوى وجهك المنير و عينيك السوداوين الواسعتين المحببتين إلى قلبي و روحي..صوتك الدافئ الخارج من قيعان المعاناة و المكابدة هو الذي أخرجني من دائرة الفراغ القاتل و اليأس الذي كاد يأخذني إلى دوائر الاغتراب. دائما يتابعني صوتك كظلي.. كيف سيكون بإمكاني أن أنسى ضحكاتك السابحة في مياه السخرية من مفارقات هذا العالم الغريب العجيب..كيف سيكون بإمكاني أن أنسى إن سافرت غدا أو بعد غد إيمانك العميق بالحرية و انفلات صوت الكائن البشري من أنياب الحيف و الاغتراب والارتباك. وحده عنادك الرشيق الذي يأخذني إلى نوافذ الحلم. فأنت تعاندنين الرداءة و تشاكسين مثلي تماما أعداء البهاء. كم كان جسدي المتعب يحتاج إلى صوتك الهادئ الدافئ الحامل بين طياته رحيل اللغة إلى جسد البهاء و انتصار الوردة على "ثقافة" السيف و الدماء. كم كنت محتاجا إلى نظرة واحدة من عينيك الواسعتين الجميلتين لتأخذني خطاي إلى مدن السكينة و الصمت العميق و الهتافات الرشيقة من أجل الوصول إلى نوافذ الياسمين. كم كنت محتاجا إلى عناق طويل لأزداد إيمانا بأن الحياة جديرة بأن تعاش طالما أن هناك أحرار في هذا العالم الغارق في الغرابة. هل هي صدف الحياة جمعتنا أم إرادة الله؟ لست أدري، كل ما فهمته بعد كل الخيبات والطعنات التي انهالت على جسدي المتعب هو أنك الأنثى الاستثنائية التي لا تتكرر هنا و هناك كرقم في طابور كبير و طويل من البشر.أنت النور المتدفق من شرايين الحلم و الينابيع الطالعة من أنهار الرؤى. لا أطلب سوى أن تأخذ جسدي هذا إلى ملكوت الدهشة والنبع الفريد، و أن نرحل سويا إلى مدن الشرق من أجل ترسيخ ثقافة الانحناء لرائحة الزهرة.
أنت البوصلة وسط المتاهة، و الينبوع في المدن و القرى المقفرة.

- شاعر و كاتب صحفي
- فصل من كتاب / مخطوط تحت عنوان :
النهر و الينابيع



#البشير_عبيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة الإبداعية بين الخيال و التاويل
- نصر الدين العسالي أو اللوحة في مواجهة الواقع
- الرحيل إلى بهاء المكان
- مرايا الحكواتي الأخير
- حفريات في جسد المدى
- الغرباء
- سورياو كسر الحصار الدولي: الأفق و الرهانات
- سوريا الأوجاع و مظلمة العقوبات الدولية
- الأيادي المرتعشة و إستحالة تغيير مسارات التاريخ
- بيوت للذاكرة..دفاتر للنسيان
- تونس الجريحة و المخاض العسير
- ورقات الغيم
- العراق العريق... نوارة الروح و بهاء الإبداع
- متى يخرج التونسيون من ظلام النفق ؟
- من بيروت المنكسرة يباغتنا النور
- ضوء خافت في ظلام النفق
- بعيدا عن سراب المدينة
- قيم المواطنة و صنع التاريخ
- كتابة الرؤيا..رؤى و مقاربات
- النعجم الشعري و كثافة المعنى في قصيدة الضفة الأخرى من يافا ل ...


المزيد.....




- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
- تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البشير عبيد - لا مكان هنا لاصوات الأنين