|
سوريا الأوجاع و مظلمة العقوبات الدولية
البشير عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 7518 - 2023 / 2 / 10 - 14:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البشير عبيد / تونس
في لحظة فارقة من الزمن ٫ ضرب الزلزال العنيف بعض الأقاليم من الجمهورية العربية السورية و جارتها تركيا مخلفا وراءه آلاف الشهداء و الجرحى و المفقودين و العالقين تحت الأنقاض و المشردين في الشوارع بال ماوى....هذه هي الصورة الموجعة التي خلفت حزنا كبيراً و انكسارا لا مثيل له امام الكارثة التي اصابت البلدين...لكن المفارقة العجيبة التي حدثت تمثلت حسب القراءات الموضوعية للمراقبين النزهاء ان التعامل العربي و الدولي لم يكن على قدم المواساة بين سوريا و تركيا رغم ان الكارثة لا خلاف و لا إختلاف حول ماساويتها و الإنسان هو الإنسان هنا او هناك...لكن للسياسة احكام و مصالح و اجندات. بيت القصيد في الموضوع ان الإمبريالية الأمريكية لا يعنيها الشعب السوري الصابر المكافح الذي ذاق مرارة الحصار المضروب عليه منذ سنوات نتيجة قانون قيصر و العقوبات الدولية التي فرضتها أمريكا و حلفاءها من دول الاتحاد الأوروبي و الرجعيات العربية المتعفنة...لكن يبدو ان الحكمة البالغة التي افرزها هذا الحصار الظالم نسيها أو يتناساها خصوم سوريا العربية قيادة و شعبا بكل اطيافه الفكرية و السياسية ان الخنوع لا يعرفه هذا الشعب المكافح و الخضوع للضفوطات الأمريكية و الدول الأوروبية المساندة للكيان الصهيوني الغاصب ٫ليس في قواميسه و تاريخه السياسي و الحضاري على مدار عقود متكاثرة من الزمن ٫ قديما و حديثا....
سوريا العربية التي قاومت جحافل الغزاة و آخرهم الإستعمار الفرنسي البغيض ف العصر الحديث ٫ ليس في تقاليده السياسية الخضوع و الخنوع أي كان نوعه و شكله و هويته الفكرية و السياسية٫ لكل هذه الأسباب و تبعاً لمشروعية الخصال الكفاحية و النضالية الغالية لكل اطياف هذا الشعب الصبور تواصل الحصار و ما تبعه من معاناة لكل افراده صغارا و كبارا٫ ميسورين و فقراء مسحوقين من الطبقة العاملة...من الجهة المقابلة تواصل الصمود و الشموخ و الكبرياء في وجه السياسات العدوانية للامبريالية الأمريكية و خلفها دول القارة العجوز و الكيان الصعيوني البغيض و الرجعيات العربية المتحالفة معها نظرا لطبيعة هذه الأنظمة الاستبدادية و الشمولية المتناقضة فكريا و سياسيا مع الدولة السورية الرافعة راية المقاومة و الممانعة و الرافضة للوصاية الأمريكية على المنطقة و فرض الكيان الصعيوني و غرسه في الأرض العربية بالقوة ..... هذه هو جوهر الموضوع و مربط الفرس...الغاية الأولى و الأخيرة من الحصار الظالم و العقوبات الدولية التي كان نتيجتها ضرب إقتصاد سوريا في المقتل و جعلها منعزلة على المستوى الدولي إضافة الى إحتلال مساحات واسعة من اراضيها شمالا من قبل الإحتلال الأمريكي و نظيره التركي دون نسبان اللعب على المسالة الكردية لخلط الأوراق و تفتيت الوحدة الوطنية سياسيا و ترابيا و تفكيك الدولة و ارجاعها الى العصر الحجري مثلما حدث في العراق و تركيز حكومة برايمر في بغداد....
لا يختلف عاقلان أن كل هذه المعطيات بتفاصيلها المتعشعبة و حيثياتها و طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني المتحكم في منعطفات الملف ٫لا تعلمها القيادة السورية المتسمة بالحنكة و السيطرة على الأعصاب في احلك الأزمات و اصعبها و ما تتطلبه من قراءة موضوعية لطبيعة الصراع و موازين القوى و التحالفات الدولية مع محور المقاومة و تشكيل قطب سياسي واقتصادي عالمي جديد منتصر للشعوب الطامحة للتحرر الوطني و الإنعتاق الإجتماعي و رفض سياسات الهيمنة الأمريكية و الأطلسية على شعوب العالم..... واضح و جلي ان قيادة الجمهورية العربية السورية و حلفاءها في الجبهة الوطنية التقدمية تعي جيداً تفاصيل الصراع و ما تتطلبه المرحلة من حسابات و تحالفات و العمل بلا هوادة على تفكيك محور دول " الاعتدال العربي" و ابعادها تدريجيا و لو على مراحل عن الوصاية الأمريكية....... إن سوريا التي إنتصرت على الارهاب و اعطت لكل شعوب العال٫ شرقا و غربا٫ بامكانها الخروج مرفوعة الرأس من جديد باعادة إعمار ما دمره الزلزال العنيف و مواصلة الدرب بعزيمة المقالتين الأشاوس و جعل محور الممانعة مع كل القوى الوطنية التحررية الطامحة للتغيير و فرض إستقلالية القرار الوطني السيادي إقليميا و دوليا......... وحدهم الشرفاء و الأحرار يعرفون بهاء المعارك......
- كاتب صحفي مهتم بقضايا التنمية و المواطنة و النزاعات و الصراعات الإقليمية و الدولية.
#البشير_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأيادي المرتعشة و إستحالة تغيير مسارات التاريخ
-
بيوت للذاكرة..دفاتر للنسيان
-
تونس الجريحة و المخاض العسير
-
ورقات الغيم
-
العراق العريق... نوارة الروح و بهاء الإبداع
-
متى يخرج التونسيون من ظلام النفق ؟
-
من بيروت المنكسرة يباغتنا النور
-
ضوء خافت في ظلام النفق
-
بعيدا عن سراب المدينة
-
قيم المواطنة و صنع التاريخ
-
كتابة الرؤيا..رؤى و مقاربات
-
النعجم الشعري و كثافة المعنى في قصيدة الضفة الأخرى من يافا ل
...
-
وحدهم يعبرون الجسر
-
الضفة الأخرى من يافا
-
تونس ةبين راهنية اللحظة و الأفق و الأفق الغامض
-
قوى رأس المال و اوهام الهيمنة
المزيد.....
-
رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل
...
-
انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
-
بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها
...
-
مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
-
رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا
...
-
عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
-
شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
-
بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|