أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - ليس بالعقل وحده يدرك الدين، بل أيضا بالغباء.















المزيد.....

ليس بالعقل وحده يدرك الدين، بل أيضا بالغباء.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7550 - 2023 / 3 / 14 - 00:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مشكلة العقل الديني أنه يدور في فلك قضية مرسومة لا مجال فيها لتغيير المسار أو الأجتهاد في مورد نص، الدين كما أفهم يتضمن قواعد وأسس ثابتة ما ينشأ من هذه الأسس أو عليها هو مدار عمل المجتهد والمفكر والناظر العقلي، بشرط أن لا يكون هناك تناقض بينهما، العقل الديني يعرف تماما هذه الإشكالية ولكنه لا يجرؤ حتى في التحرر من النطاق المسموح له بالتحرك فيه، لذا تجده يشرح القضية التي سبق وإن شرحها غيره بدون أضافة مهمة ليأتي بعده من يشرح الشرح المشروح، وأيضا بدون أن ينجز شيء مهم، ليأتي بعدهما شارح أكبر ثم شارح أصغر ثم شارح مفصل وشارح موجز، وبهذا الشكل تضخمت المكتبة الدينية التي كلها عبارة عن اجترار وتكرار ممل لقضية هي أصلا لا تحتاج إلا لملاحظات بسيطة وتفهم تلقائيا.
الذين يتفاخرون بالكم الهائل من الكتابات التي تضمها مئات الألاف من الكتب والمجلدات والبحوث والمحاضرات وحتلا كراريس طلبة البحث الديني، لم ينظروا إلى مدى العجز الفكري الذي يسيطر على العقلية الدينية ورموزها، حتى كبار ممن يسمون أنفسهم علماء وفقهاء ومفكرين في الشأن الديني المنغمسين في قال وروي وذكر ونقل لم يأتوا بجديد أو مبتكر أو من يساعد في ظهور أتجاه معرفي حداثي أو تجديدي في أطار الثوابت الفكرية التأسيسية، وحتى من يحاول منهم أن يخطو ولو خطوة صغيرة في أتجاه تحريك الراكد الديني، ستتصدى له أقلام وتوجهات وأفكار ليس أقلها التكفير والطعن بمشروعية العقل في النظر الديني، مرددين بغباء أعمى أغبى مقولة وهي" ليس بالعقل وحده يدرك الدين"، وكأنما يقولون علنا أيضا، أن من حق المجانين والأغبياء والفاقدين القدرة على أستعمال العقل أن يخوضوا مع أهل العقل في قضية الدين وأحكامه، حتى يمنحوا لأنفسهم مقعدا مع الخائضين بمبرر مقنع لهم.
إذا لم يكن العقل وحده من يدرك فيه حوار الدين والدنيا، فليس من حق الله إذا أن يجعل التكليف متساوقا في درجة الإدراك ومتناسبا معه ويعفي منه من لا يملك قدرا أوليا لفهم ما هو مكلف به، أو ليس من حق الله أن يخاطب الناس وتحديدا العقلاء وأولي الألباب وأهل البصائر والذين يتذكرون والذين يرون والعموم كل من يملك وسائل الإدراك والتعقل والفهم لوحدهم ويحظ على طلب العلم والتدبر في كلامه، والمقتضى هنا أن التكليف للجميع يستوي فيه الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وهذا ما هو حاصل وما تسعى له الشخصية الكهنوتية المعبدية المتخلفة التي حجزت لنفسها كل المقاعد التي تبيح التحدث بشأن الله والدين، وخلقت لها جمهورا أغبى منها يردد مقولاتها وينصرها على القوم الذين يعقلون ويتفكرون، وهنا خرب العقل الديني وأستهوته شياطين الجهل والتجهيل والتغييب القسري لإرادة الله.
يقول البعض أن هذه المقولة لا تعني تجاوز العقل كأداة للفهم والإدراك المطلوب في تدبر أمر الدين، وإنما لا يجب أن نجعل العقل في مستوى الند للنص الديني، بمعنى أنه يجب تسخير كل إمكانيات العقل الإنساني لتجسيد مضمون النص على الواقع، حتى لو أضطر أن يسلم العقل بغير منطقه عندما يخضع للنص حاكما ومرشدا، في نظري المتواضع ومن ناحية مفهوم المعرفة ومصادرها والخلاف الفكري الدائر في هذا المجال، أرى أن النص الديني وحده هو المصدر المعرفي الأول الأبرز، والمادة الخام التي تصنع وتتطور منها كل المعرفة الدينية، هذا ليس موقفا سلفيا بالتأكيد ولكن أود أن أشير له كحقيقة معرفية وقضية فكرية أولى، وبدون المادة الخام لا يمكن صناعة وتطور وإثراء أي معرفة، والجزء الأخر من الحقيقة الكاملة هذه المادة الخام مهما كانت ثمينة وغنية لا يمكنها أن تصنع معرفة دون صانع ماهر ذواق يعلم بكل تفاصيل الصنعة، والأكثر قدرة على هضمها وأنتاج أفضل ما يمكن أن يخرج منها، وهنا يبرز العقل الواعي المتعدد التراكيب والطبقات وتعدد المناطق العقلية لديه ليكون هو الصانع الماهر شديد الأتقان.
إذا العملية المعرفية حتى تكتمل بشكلها المطلوب وتعطي ثمارها تعتمد على ثلاثة مراحل هي:
• عقلنة النص أي إدراك الخطاب النصي من خلال أفضل أليات التعقل وليس إدراكها وفهمها بالعقل العادي أو المعتاد، لذا طلب النص الديني أن يتدبر فيه وأن يتفقه في محتواه، وأن لا ينظر فيه إلا من أهل العقل والمعرفة المحايدة التي لا تخضع ثوابتها كمقدمة للعقلنة بقدر ما تحضر روح النص وغائيته أو ما يسمى بالميزان.
• تجريد النص من عاملي الزمان والمكان إذا كان إيماننا أن النص يخاطب الإنسان بعنوان مجرد لا بصفة مكانية أو زمانية، وأن نفعل ذلك حينما يكون النص مقترنا بحالة محددة بذاتها لذاتها.
• من البندين أعلاه يتكون لدينا سياق منطقي وخط معرفي محدد، يجمع كل الفكرة النصية بمختلف بناءاتها في وحدة عقلية، هذه الوحدة العقلية هي المطلوبة لأن تصل للإنسان المكلف، وليس كم الجزئيات التفصيلية لبتي تبدو للبعض أنها مخالفة أو متناقضة أحيانا مع بعضها، ومن دون رؤية متكاملة وفلسفة واحدة تقود الإنسان للغائية المطلوبة نكون قد عجزنا أن نتعقل أو نفهم الدين كما هو مطلوب منا حتما، فالوحدة الفلسفية النسقية المنطقية هي المعول عليها أو النتيجة التي يسعى لها المجتهد أو المفكر أو المتدبر، وهي ما يسميها البعض بالدلالات المقصدية الكلية من النص الديني، وهي زبدة الأحكام ومنتهى الكمال في فهم الدين.
إن منع تعريف العقيدة الدينية أي تحويلها من هالة وإطار المقدس الذي يخشى عليه ويخشى منه إلى دائرة المعرفة البشرية، هي مهمة دعاة تحيد العقل عن ممارسة عملية العقلنة للنص وإشاعته ليكون رافه فكري ومنطقي عقلي سهل التناول وسهل الإدراك، في الوقت الذي نجد فيه أن كل عملية حسية وهي من أدنى درجات الإدراك عند البشر، لا بد لها من أثر وردة فعل وأستجابة في العقل، زمع أن المعرفة ليست حسا فقط ولا يمكن أعتبار النص مثيرا حسيا عند الإنسان، مع أننا نؤكد على حقيقة علمية هي أن العقل هو من يتحسس وليس الجسد أو الشبكة العصبونية الحسية فيه، فإذا كان العقل ضروريا لهذا الحد لأبسط عمليات الإدراك؟ فكيف يتيقن أو يؤمن البعض أن العقل ليس ضروريا في كل مرة نحاول أن نفهم وندرك ونحصل على المتيقن العالي من نص مطروح أساسا على العقل ليكون مادة اليقين الواجب، حتى مع أفتراض أن النص له سمه قداسية أو تعظيمية، هذا لا يمنع من أن يأخذ العقل دوره في حماية هذه القداسة والتعظيم من خلال تعقل كلي وتمامي للمقدس الذي شرع النص للإنسان.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ق ق ج
- هلوسات السؤال المحير في الوجود
- العلامة الجنجلوتي وأفكاره في المنقذ ونظرية العدل المطلق. ح2
- العلامة الجنجلوتي وأفكاره في المنقذ ونظرية العدل المطلق. ح1
- المنقذ الكوني ..... من قضايا الوهم والتوهم....
- حكاية العم عبد عنيد مطرود
- حلم مطرود القديم
- الممكن العقلي الكائن بين الطبيعي أصلا الواقعي فعلا.
- (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)
- الموتى.... لا يعرفون الزمن...
- رصيف مقهى رضا علوان
- بعض الإشكاليات الساخرة في منطق العقل المسلم..
- رسائل وسؤلات لأبونا الذي كان في الفلك المشحون
- نحو جنة جديدة
- عشرة أساطير هزت مكانة الإسلام في العقول. ج2
- عشرة أساطير هزت مكانة الإسلام في العقول. ج1
- العصمة التكوينية عند الإمامية وعصمة السلف الصالح عند خصومهم.
- في رحاب السماء
- أحلامي التي لا تكون
- العراق والعرب والعجم وحكاية التضليل


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - ليس بالعقل وحده يدرك الدين، بل أيضا بالغباء.