أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - العصمة التكوينية عند الإمامية وعصمة السلف الصالح عند خصومهم.















المزيد.....

العصمة التكوينية عند الإمامية وعصمة السلف الصالح عند خصومهم.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7530 - 2023 / 2 / 22 - 22:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نبدأ من تعريف العصمة الذي يعتمد على حقيقية واحدة في بلورة المعنى العميق لمفهومها المحدد بما يريد أن يجعله معلما من يقينيات الأعتقاد عنده وعند غيره، وهو "تحقق الكمال المطلق في مطابقة السلوك للواجب بدون زيادة ونفصان"، بمعنى أن المعصوم سواء أكان فردا أم جماعة لا يحتمل منه ولا يتصور له أو منهم صدور سلوك منتخب خارج لزوميات الواجب وحدوده كما هو مطلوب في أمر الله، حتى لو كان هذا الواجب مثاليا لا يقوى على أحد من الإتيان له بشكل كامل ومستمر وطبيعي، فالمعصوم فرد أو جماعة ليس نخبويا فقط بل هو خارج التكوين الطبيعي الأساسي والأفتراضي للبشر بحسب النظرية الخلقية الربانية، "وخلق الإنسان جزوعا" وكذلك " وكان الإنسان ظلوما جهور" والقاعدة الجامعة التي تحدد مديات السلوك البشري وفقا للواجب الكلي "ما كلف الله نفسا إلا وسعها" و "كل نفس بما كسبت رهين"، هنا النظرية الخلقية الربانية تعتمد على النقاط التالية:.
• النفس الحسية السلوكية في التكوين والتكييف مشوبة بالنقص أو عدم الكمال، وبالتالي عندما نجد أن هناك نفس خارج هذه القاعدة بمعنى أنها حالة أستثنائية لها مميزات وحدود خارج النمط البشري السائد، والأستثناء لا يخضع لحكم القاعدة التي تقول (إن كل نفس بما كسبت رهين) بمعنى أن كسبها الأستثنائي يكون خارج الضوابط التكوينية غير مرهون بالتكليف ووجوبية الطاعة التي بمقدارها يتم الحساب والثواب، فالمعصوم مبرمج على أداء الوجوب الخاضع له بالنظام، وليس سعي شخصي منه، وبالتالي لا يعد عمله في الوجود كسب تحصيلي مأجور عليه ومثاب أو معاقب بسببه.
• النقطة الأخرى لمعرفة حقيقة الإنسان لا بد أن يحمل النقيضين الواجب التكليفي والتجربة الحية بما فيها من مقدمات وخبرات ومعرفة، فلا يمكن أن نعطي الإنسان الحصانة من الخطايا ونطلب من الناس أن يكون لهم قدوة، بالوقت الذب يكون سلوكه مرسوما مسبقا ومحميا من الخطـ، هذا ظلم مزدوج أو لمن يقول بالعصمة إنما ينسب الظلم لله كونه ميز بين خلقه وأعطى منزلة عليا لأشخاص ومجموعات لم تختبر حقيقتهم البشرية حتى يتبين صدقها من أفتراضها الوهمي، وثانيا ظلم من سمي معصوما وهو يتحمل المعيارية بناء على غش من الخالق، فهو مجبول ومقولب على نمط مصبوب لا يقدر معه أن يمارس بشريته ولا يمكنه أن يكون حرا حتى يبدي موقفا وجوديا من أي قضية تواجهه.
• هدف الدين الأساسي هو أن يجعل من الإنسان كائن أصلاحي مستخدما ميوتي التسخير والعقل الممنوحين له تكوينيا، في مقابل ميزتين نقيضتين تعترضان حالة التكوين ولإن كان الميل لهما جعلي بالأساس، بمعنى أدق إن الإنسان الذي أشار له النص الديني (وكان أكثر شيء جدلا)، هو تعبير عن حالة الصراع الوجودي بين الرغبة في الكمال والميل نحو المتعة بقوله (إنا هديناه النجدين) (شاكرا أم كفورا)، هذا الصراع يتحتم على الإنسان أن يخضع لعناصرهما ومحركاتهما دون حماية ودون حصانة ليظهر بصقة الفاعل المنفعل الذي يتحرك بين قطبي المعادلة ويختار بحرية، لذا ومن هذا المبدأ كان الملائكة غير مكلفين أصلا لأنهم غير أحرار في القرار، فالمعصوم المحصن بهذا المعنى منطقا وعقلا يكون غير مكلف لأنه مكيف وفق خارطة محددة يسير عليها دونما إرادة.
ومن خلال فهم الفكرة الدينية التي تخص المعصومية وبغياب أي إشارة منطقية تحدد من هم المعصوم الفعلي غير ما ورد في نص ديني لا يتكلم عن المعصومية التي تعني الحفظ المطلق من الزلل والخروج عن المطلوب المطابق للواجب، والتي وردت كإشارة اطمئنان للنبي أن الله عاصمه من الناس وليس معصوما من النفس (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة (67)، الذين يتخذون من هذه الإشارة النصية دليل عصمة ينظرون خلاف منطقها بالرغم من أن الله بشر النبي بمعصوميته من كيد الناس لكنها في ذات الوقت توكيد وتأكيد أن لا عصمة لأحد في تبليغ ما يريد الله، وبالتالي فهذا النص نفي إمكاني للعصمة، وأحتمالي بأن الرسول قد يقع في الخطأ والمحذور أسوة ببني البشر (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف (110).
المنطق الأساسي في الفكرة الدينية هي العمومية الكاملة في الخطاب والتكليف إلا ما أستثني بنص خاص، ولكي يكون الأستثناء حقيقي لا بد من توفر شرطين أساسيين ليكون أستثناء فعلي وليس ظني أو أحتمالي:.
1. أن يكون الأستثناء من جنس القاعدة.
2. أن يكون الأستثناء لا يخرق قاعدة أخرى ملزمة.
ولتطبيق القواعد هذه نأت بالمثال التالي : النص أساس القاعدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ ..... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) المائدة (3).
1. هنا الأستثناء والقاعدة من جنس واحد هو "ما يأكل الإنسان طبيعيا"، وفيه أستثنائين الأول خاص من عام والثاني عام من عام، بالنسبة للأول أستثنى " ما ذكيتم" من "ما أكل السبع"، والثاني "فمن أضطر في مخمصة" أي الاضطرار في حالة المجاعة الشديدة وليس الجوع العادي الذي يمكن أن يتحمله الإنسان، وفي ذلك شروح كثيرة وتحليلات عديدة لسنا في شأن بحثها.
2. هنا الأستثناء بشقيه الخاص والعام وجي عليه حتى يكون كليا وحقيقيا أن لا يخرق قاعدة ليس فيها أستثناء، أي لا يمكن الجمع بين أستثنائين لقاعدتين بسبب واحد، هذا الأستثناء هنا من القاعدة التي لا تخرق ورد في " غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ"، أي غير مائل لحرام، وهو بمعنى غير باغ ولا عاد وقد تكرر المعنى هنا، والجنف لغة الميل الغير مبرر أو المختار بدون ضرورة، والإثم من صور ومصاديق الحرام، ومنه قول عمر رض (ما تجانفنا فيه لإثم) أي: ما ملنا ولا تعمدنا ونحن نعلمه.
من ذلك فحتى يكون الأستثناء من التكليف والإخراج من الحد الطبيعي البشري لا بد من نص واضح وصريح يتصف بالشرطين الأساسيين في أعلاه، وأن يكون هذا النص بينا لا ظنيا ولا تأويليا حتى يمكن عده صحيحا، القاعدة الأساسية في التكليف تقول (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) أل عمران (64)، ومن مصاديق هذه القاعدة (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) الأحقاف (9)، وأيضا (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الأنعام 135، كل هذه النصوص تؤكد أن الرسول وهو الأولى من غيره بالعصمة لم يصرح بها ولم يتخذها درعا ووقاية ولكنه كان مؤمنا أن عمله بإرادته سيكون مطابقا لما يوحى له لعله يكون من الفائزين بدليل قوله " وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي".
من ما تقدم هناك ميل له أسبابه الخاصة وبالغالب لها علاقة بالصراع والتنافس بين المجموعات الدينية داخل منظومة الدين الواحد، حاولت تسخير مفاهيم تعظيمة وتقديرية وإخراجها من الدائرة الطبيعية لتكون ضمن مفهوم أخر يبتعد عن حقيقية الفكرة الدينية الأساس، فعندما نضع القرار تجاه قضية ما مسبقا ومن دون تجربة ولا فحص ولا تدبير ونمنح الموضوع الكمالية والتمامية، فإننا بذلك نعلن عن سبق إصرار وترصد غبائنا وجهلنا المطلق بقوانين الاشياء، العصمة المسبقة والحصانة من الخطأ افتراضيا أو تكوينيا تسلخ المعصوم والمحصن من بشريته، وتحيله إلى مجموعة الكائنات المسيرة التي لا تفعل الا بما تؤمر، وبذلك تنتزع منها التعقل والتدبير والفعل الحر الإنساني الطبيعي، فهي لا مأجورة على شيء ولا مأثومة عن شيء.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحاب السماء
- أحلامي التي لا تكون
- العراق والعرب والعجم وحكاية التضليل
- نهايات الطريق بالموت وبدايات جديدة
- زيارة الى محراب النار
- انا من انا
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم 2
- اللغة المحكية شعبيا تنتزع حق البقاء والديمومة
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم
- رسالة صباحية .... إلى عينيك
- الفاعل في الكوارث والزلازل بين فهم أسبينوزا وفهم العقل الدين ...
- خطاب التفاهة والمحتوى الهابط ظاهرة ونتاج
- نشيد الأناشيد الصامتة
- النار والإنسان والعطش
- الله الفيسبوكي
- زيارة شهداء العراق
- عصر التفاهة وزمن السخافة
- سر السبعة والسبعات
- -إنما الميت نجس-
- مبدأ النسيان والشهود


المزيد.....




- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - العصمة التكوينية عند الإمامية وعصمة السلف الصالح عند خصومهم.