أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الفاعل في الكوارث والزلازل بين فهم أسبينوزا وفهم العقل الديني التقليدي














المزيد.....

الفاعل في الكوارث والزلازل بين فهم أسبينوزا وفهم العقل الديني التقليدي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7515 - 2023 / 2 / 7 - 03:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كان مفهوم الفساد هو الخروج الغير الطبيعي عما هو منظم أصلا بقوانين طبيعية تراعي قواعد العلة والسبب والمحركات الرابطة بين المقدمات والنتائج، فيكون للزلزال والبراكين والكوارث الطبيعية لها ما يبرر حدوثها كونها تتوافق مع الطبيعي بالأصل والتكوين، وليس لها علاقة بما هو شائع من أنها إرادة فوقية مختارة من الله، أما لو أخذنا الفساد بمعنى التغيير والتعدي وأنتهاك من قبل البشر لمعادلات وقوانين النظام الكوني، مثل التجارب النووية والأحتباس الحراري والأفراط في تدمير البيئة وغيرها من الأسباب، هنا قد يكون للشائع المتداول معنى منطقي، ولكن خلاف التفسير الشائع والذي يبشر به أهل العقل الديني المنغلق على الفهم الظاهري والأعتباطي، فالله لا يتدخل لإحداث مثل هذه الطواهر الطبيعية بشكل مباشر، ولكن من خلال تطبيق قواعد النظام الكوني أصوليا، فالطبيعة تدافع عن نفسها وتحاول أن تتفاعل بقانون الفعل ورد الفعل، وهذا ما أشار له النص القرآني الذي ربط الفساد ونتائجه بيد الإنسان كتحصيل لفساده (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس).
فالله لا يأمر الأرض أن تتزلزل لأنه منزعج من الناس الذين أطهروا الفساد، خاصة وأن مفهوم الفساد ليس له معيار متفق عليه خارج النص الديني الذي حدده بالوقوع بالمخالفة للمشيئة الربانية التي تنظم الكون وتسيره وفق قوانين لا تتبدل ولا تتغير، وكما لا يأمر بالفيضانات وغيرها من الكوارث كعقاب دنيوي لكنه يتحدث عن عواقب وتنبيهات قد تحدث، ولكنه نبه أصلا للعواقب تلك عندما ربط بين الرحمة والغضب من باب الإرشاد والتنبيه كما قلنا، فالأقوام التي هلكت بالمعاصي كما في القصص الديني لم يكن عقابها الموصوف خروجا عن النظام الكوني، ولا يمكن تفسيره على أنه تدخل مباشر فوري مع علم الله المسبق بكل شي، حتى طوفان نوح لم يكن بأمر الله كليا بقول "كن فيكون" ولكن لتراكمات طبيعية تنذر بوقوعها نتيجة عوامل طبيعية مقررة أصلا في نتائج تطبيق النظام الكوني، فالأشاءة الربانية كما يقول أسبينوزا ما هي إلا السنن التي خطها للخلق والخليقة "الوجود" وضبطها بمعيار الثبات المطلق، فمشيئة الله لا تتبدل ولا تتغير ولكنها قد لا تفرض حالها مع توافر ظروف أخرى مما يؤدي إلى تعطيل فاعليتها أو تخفيف الأثر، وهذا ما يعرف بالمحو والأثبات في المفهوم الديني.
والدليل على أن الله يخلي مسئوليته كاملة عن ذاك بقوله (إذا زلزلت الأرض زلزالها) أي أن الأرض هنا هو الفاعل المباشر الذي يتحرك ضمن المعادلات الكونية الثابتة، وثد ردت جوابا على تساؤل الإنسان حين رأى ما يجري ويبحث ع تفسير له (وقال الإنسان مالها*يومئذ تحدث أخبارها* بأن ربك أوحى لها)، فالوحي هنا ليس أمرا مستحدث أني متعلق بمزاج الله وإرادته الغاضبة كما يفهم عند العامة كأمر مباشر، بل هو تطبيق لقوانين الوجود الطبيعة التكوينية الأولي "السنن" كما في قول الله (وأوحى إلى النحل)، فالوحي بهذا المعنى يعني النظام والقانون الشمولي الكوني الذي يعمل الوجود بمقتضاه (ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)، وبكلا الفهمين الفساد والإفساد البشري هو من جعل الأرض تتأثر والطبيعة تثور ضده وليس الله هو من يحرك بأصابعه أو من خلال أوامره وجنده للتعبير عن غضبه المزعوم من فساد الإنسان.... هذا رد لمن يقول أن الله يعاقبنا في الدنيا ويوعدنا بالجنة في الأخرة.
إذا مقولة أسبينوزا كقولة منطقية عندما تفهم من خلال الفهم المنطقي لما هو أصلا مقرر في أصول وتكوينات المنطق الديني، الفرق بين إله أسبينوزا وإله الكهنة والمتعبدين بحدود النص الظاهري، أن الأول محيط سابق قديم واضع خارطة الوجود الكوني ومؤسس المعادلات الضبطية والتقومية والتشغيلية التي تحفظه وتتعامل مع ما يخالفها بالذات الوجودية نفسها والتي هو صانعها، أما الفهم الثاني فتنزل بإلهها وكأنه حارس متيقظ أو شرطي يراقب ويعاقب ويحاكم بما يشاء لمن يشاء دون أن يلتزم بالقانون الذي هو مكلف أصلا بحراسته وتطبيقه، أي أن الله ليس إلا كائن مشوش يقول شيء ويفعل شيء ويطلب منا شيء وهو يفعل ما يخالفه، وكلما يعجز عن ضبط الوجود يرسل جنده لتأديب الإنسان المتمرد، هنا يحصر هؤلاء الله كل وجوده وحضوره الكون كمراقب للبشر وتاركا الوجود الباقي يعمل بتلقائية لا يستطيع أن يطبقها على الكرة الأرضية بحجمها المتناهي بالصغر قبال حجم الوجود المتناهي بالعظمة.
هذا الأختلاف بين فهم أسبينوزا وبين فهم المتدين النصي الروائي والحدوثي الذي يقدم منطق ما في طبيعته البشرية المحدودة وإسقاطها على منطق الله الذي لا حدود له ولا يمكن حتى المقارنة بين الصغري والأكبري، هي التي جعلت من الإنسان حبيس الخوف من الله العبوس القمطرير الجبار الذي لا يتورع أن يعاقب البشر بذنبه مرات ومرات، خلافا لقوله " ولا تزر وازرة وزر أخرى" فالعقاب والحساب الإلهي نص منصوص في معادلات نشأة الوجود، والوجود الكوني يتصرف بموجبها دفاعا عن قوانينه ودفاعا عن ذاته، لا ينتظر إشارة من الله أو تحريض، تماما مثلما تضع الدولة قانونها العقابي وتترك للمجتمع مسئولية تطبيقه، فالدولة التي تشرع القانون لا تحضر بكامل هيئتها في مراكز الشرطة ولا في المحاكم والسجون، ولكن من بحضر بدلا عنها هو القانون وسلطته المخولة بتطبيقه، فالله ليس هو من ينزل العقاب بذاته بل من خلال سننه المحفوظة من الزوال والتغير والتبديل، والسلطة المخولة لحفاظ على هذه السنن المتمثلة مثلا بقوانين الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا وعلم الفلك هي من تتولى معاقبة من ينتهك القوانين الوجودية ضمن مساحة الأنتهاك والتعدي، وهذا ما يفسر مثلا وقوع ضحايا من بين الأبرياء نتيجة "العقاب: أو ردة فعل الطبيعة، والتي عادة ما يحمل الجميع الله مسئولية ظلمها دون أن يفهم المتحامل طبيعة ما جرى وأسبابه وعلاته.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب التفاهة والمحتوى الهابط ظاهرة ونتاج
- نشيد الأناشيد الصامتة
- النار والإنسان والعطش
- الله الفيسبوكي
- زيارة شهداء العراق
- عصر التفاهة وزمن السخافة
- سر السبعة والسبعات
- -إنما الميت نجس-
- مبدأ النسيان والشهود
- حكاية الظلم والظالمين والمظلومين
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 3
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 3
- النزول عن ظهر البغلة والركوب فوق السخلة...
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 2
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 1
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح 2
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح1
- الطقوسية التعبيرية ح 3


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الفاعل في الكوارث والزلازل بين فهم أسبينوزا وفهم العقل الديني التقليدي