أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مبدأ النسيان والشهود














المزيد.....

مبدأ النسيان والشهود


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7505 - 2023 / 1 / 28 - 02:15
المحور: الادب والفن
    


في سنوات مضت وخلت من أهلها الآن كان هناك طائفة من المحبين، من الأهل الأصدقاء الجيرة الرفاق الأقرباء حتى من أناس لا تربطنا بهم رابطة، لكنهم كانوا جزء من حياتنا، شيء يشبه النسيج المتكامل المتداخل، بدأت هذه المسبحة ينفرط عقدها حبه بعد حبه، أمسكها بيدي متحير متعجب أين تلك الوجوه التي شكلت وعينا بالحياة الأمنة، أين أسمائهم وسيماهم، لم تبقى منهم إلا خيالات الذاكرة المؤلمة لم يعد أولئك الذي كانوا فيها إلا ما يعد على الأصابع، فبت أخشى أن ينفرط أخر ما بقى وإن كنت متأكدا أنه قانون لزومي، جيل يذهب وجيل يأتي وما بين الأجيال من يذهب سريعا ومنهم من يبقى طويلا ولكن في الأخير يعبر بنا عربات القطار المحطة الأخيرة مرغمين بالمصير.
أحيانا وهذه عادة مرت عليها سنين كثيرة لا أمل منها ولا أتركها، اتأمل مكانا ما أو قطعة من الطريق أو شاهد في مكان ما، وأتساءل كم من أحد مر منها؟ كم مرة أشرقت الشمس على هذا المكان كما تشرق الآن؟ هل تتذكر الأرض كل من مر عليها أو مر بقربها أو نظر لها؟ الحقيقة يعجبني أن أسمع جوابها... والحقيقة الأخرى أني أعرف الجواب لكني مرغم في كل مرة أن أعيد السؤال... ربما جزء من جنون أو ربما نوع من الخيال المرضي أن تتكلم مع من لا يرجى منه جواب على كتاب أو عتاب.
منذ أمد طويل وبالفطرة وقبل أن أتعلم حقائق أو من بعض حقائق الوجود عن طريقة المدرسة ثم المكتبة ثم مواقع التواصل، أدركت أن الوجود وجودان وليس واحد كما هو معلوم وحسب تقسيم الدور المناط به من قبل الواجد الأول، أحدهم ثابت نسبيا لا يتغير بعصور وهو الجزء الذي يسميه الله "الشاهد"، وجزء أخر متغير متبدل ناسي منسي سريعا وهو "المشهود " (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (*) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)، هنا النص بقراءتي المركبة له يجمع الأبعاد الزمكانية كلها في بأربع كلمات، زمان مكان حال وضع صورة ماهية ودلالة وهدف، بمعنى أن الكون الوجودي لا يذهب إلى خيالات متوهمة ولا يأت من أفتراضات متخيله، لأن أبطال العرض وجوديون مرتبطين بغائية مسجله تمتد من بداية حدوث الفعل وأعتبار ما كان شهادة مقترنه بوجود عنصرين ثابت ومتحرك، الأول لا يحمل سوى هوية النطق بما يشهد والثاني يحمل هوية التذكر والذكرى والبناء على نتائج المشاهدة ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، من فهمي هذا عرفت أن كل شيء محفوظ مكنون في كتاب عند ربي لا يضل ربي ولا ينسى، لكن ما حيرني أيضا أنا لماذا أنسى؟.
البعض يقول ويرى في النسيان أنه "نعمة من الله"، والبعض من علماء الفسيولوجيا وعلم الوظائف يقولون أن النسيان (مجرد عملية تزاحم وتنافس في الحركة داخل المصفوف الذهني الذاكروي في تلافيف عقل الإنسان يسقط الضعيف ويبقى النشط الذي يحتاجه ويستدعيه الإنسان في ما يريد أو ما يطلبه)، وكل الأمر طبيعي لا علاقة لها بالرحمة والنعمة الربانية والدليل أن الله يطلب منا وما أن لا ننسى (وضرب لنا مثلا ونسي نفسه)، علماء النفس يقولون هو تكتيك نفسي يلجأ له العقل البشري في محاولة منه للهروب من الألم أو البحث عن جدارات للأختفاء من شواهد، أهب العرفان والدراويش والصوفية يقولون النسيان بسهل الطريق على الإنسان أن يستضيف الكثير من الجديد العرفاني والمعرفي من خلال طرد ما ينفع وفسح المجال لما ينفع، أنا أقول النسيان مجرد محاولة فاشلة لأن نضع ما نريد فوق الواقع فنجد ما يريد هو فوقنا فرضينا به مرغمين لأننا مجرد جزء من عملية الشهادة، والدليل أن الموت بكل وحشيته يتحول مع الأيام إلى أجزاء متباعدة فيما بينها، لتنتهي مجرد تاريخ وننسى كل ذاك الحزن الذي تبخر تدريجيا.
من الطبيعي جدا أن لا تتوقف الحياة على حدث أو فاجعة أو لحظة سعادة، ولا أدعو لهذا بما أكتب ولكن اتقصى مفكرا كل ذلك على سبيل الدرس والتجربة وأستخلاص العبرة، وإلا لو كان النسيان لذاته نسيانا ينقذ البشرية من أزماتها لما ذكرنا الله بقصص الأولين ولا أرادنا أن نعتبر بهم ومنهم، هناك فرق بين أن ننسى التجربة بإهمال أو ننسى التجربة بعد أن أستنفذناها أعتبارا وتدبرا، الموت يشكل عندي لحظة حدث بتوقيته وأيضا بفعله وليس حدثا كاملا، الحدث الكامل هي الأرتدادات التي تتركها تلك اللحظة في حياتنا ولحياتنا ومن أجل الوجود وإلا لم يعط العقل أهمية بهذا المقدار للموت، هذا الجزء المهم الذي أريد أن أضعه أمام طاولة العين حتى أنتهي من درسي لأبدأ في درس جديد.
حبيبي انساني وانا انساك
هذا اخر خطاب وياك
فيها ارجوك واترجاك
تحاول تبتعد عني
اطوي الحب على شاني
واذا انت تحبني انساني
وضحي بدنيتي ودنياك
حبيبي انساني وانا انساك
بعد ما أكدر ولا تكدر تقابلني
مهما الشوق نادا لك واشاغلني
الا الصدفة يمكن بيك تجمعني
ولا تقدر سوى بنظره تكلمني
اطوي الحب على شاني
واذا انت تحبني انساني
وضحي بدنيتي ودنياك
حبيبي انساني وانا انساك
انا مثلك راح الحب يعذبني
بكثر ما جنت يا روحي تفرحني
وهذي القسمة رغم الهوى تبعدني
قدر مجهول خيب ظنك وظني
اطوي الحب على شاني
واذا انت تحبني انساني
وضحي بدنيتي ودنياك
حبيبي انساني وانا انساك
قد يعيب البعض علي أن أكتب أغنية محب غناها عاشق لمن يحب، ولكن من يعيب لم يقرأ من الكلمات مغزاها، لم يقرأ ما في الروح التي كتبت تلك الحروف من ألم عميق، تضحية، بل إثار وربما يأس من أمل التلاقي... نعم أمي حبيبتي
هذا أخر خطاب وياك
لكن فيه أرجوك وأترجاك أن لا تبتعد عني، فالأرواح التي تحمل روح الأمومة لا تذهب بعيدا أبدا... إنها الزائرة المقيمة التي لا تريد شيء سوى أن تكون قريبة ممن تحب.... تبكي لبكائنا وتفرح وتسعد لضحكة بسيطة خرجت من قلب أحدنا...
قدر مجهول خيب ظني
مهما الشوق نادا لك واشاغلني.....



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الظلم والظالمين والمظلومين
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 3
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 3
- النزول عن ظهر البغلة والركوب فوق السخلة...
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 2
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 1
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح 2
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح1
- الطقوسية التعبيرية ح 3
- الطقوسية التعبيرية ح2
- الطقوسية التعبيرية ح1
- الرمزية الألوهية والقداسة ح2
- الرمزية الألوهية والقداسة ح1
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح 3
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح2
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح1
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 2
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 1


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مبدأ النسيان والشهود