أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - -إنما الميت نجس-















المزيد.....

-إنما الميت نجس-


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7505 - 2023 / 1 / 28 - 20:21
المحور: الادب والفن
    


في ديننا عدد الله على سبيل الحصر أنواع النجاسات عينا ومصداق فقال مثلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا)، والنجاسة هنا ليست عينا بمقدار ما هي معنوية تتصل بمكانة مسجدكم الحرام، فلو توضأ المشرك أو أغتسل مثلا يبقى حكم النجاسة المعنوية فيه ولا يصلح ذلك من وضعه والدخول للمسجد الحرام فقط، غير هذا النص لا إشارة إلى أي نجس أخر لا الكلب ولا الخنزير ولا غيرهما من الأشياء والمسميات وإن دل الفقه التنظيري من خلال المقاصد على نجاسة بعض الأشياء بدليل أو قرينه مثل الرجي الرجز والكراهية والتحريم وغيرها، وهذا مدار بحث فقهي وعقائدي ليس في وارد الخوض فيه، أما تحديدا أن يكون الإنسان عين نجاسة في حالة ما وهو مسلم ومؤمن وربما شهيد، فهذه بدعة البدع التي لم ينزل بها الله من سلطان ولا كتاب منير.
يقول أصحاب رأي نجاسة الإنسان الميت بشرط إن لحقه البرد بعد سلب الروح، أن الميتة سواء أكان بشرا أو حيوانا نجس بالمطلق (مجرد خروج الروح يوجب النجاسة وإن كان قبل البرد، من غير فرق بين الإنسان وغيره)، وعندما تسأل عن المصدر الشرعي أو نص التحريم يقولون "هذه مسألة تعبدية تتبع الدليل وحاصلها إن نجاسة الحدث تابعة للبرد وليست نجاسة (الخبث)، وهناك رواية (منتحلة عن رسول الله ص) مطعون بها متنا وسندا ورواية، وهاتان العلتان سبب التشريع بنجاسة الميت، والميت الإنسان المؤمن العامل الطاهر نجس ولكن الإنسان الذي يصفونه بالشهيد ليس نجسا ولا تطبق عليه أحكام الميت، هذا التفريق ليس تكريما من أحد وإن حدثت أن دفن الشهيد بدمه دون غسل وذلك لدلالته المعنوية أن ذاهب إلى الله بمظلوميته، ولكونه أصلا طاهر غير نجس.
أما مسألة تغسيل الميت وتكفينه فليس لأنه نجس طبيعي كما يذهب الكثير من الفقهاء من هذا الصوب أو من غيره، أور تغسيل الميت يراد منه تطهير بدن الميت مما قد يلحق بها من خبث أو نجاسة ظاهرية أو ما يعد كذلك من قيح أو دم أو إفرازات جسدية أو قد يكون غير طاهر من جنابة أو عدة نفاس والأسباب كثيرة، فغسل الميت لا يستهدف تطهير البدن الذي تنجس بالموت، بل تطهيره مما تعذر من إزالته قبل الموت عموما والطاهر من باب الأحتياط الأستحبابي، والدليل أن لا نص في القرآن ولا في السنة الصحيحة أن جسد الميت مسلما كان أو غيره نجس إلا تلك النجاسة المعنوية التي تلحق المشرك فقط، أما الحديث عن نجاسة الميتة إنسانا أو حيوانا لا فرق فيها إنما تأت من باب توهين كرامة الميت الذي كرمه الله، مع العلم أن من المبادئ الفقهية قانون البراءة والحلية والطهارة الأصلية ما لم يعلم بما يناقضها (في الشك في الطهارة والنجاسة لا يجب الفحص، بل يبنى على الطهارة إذا لم يكن مسبوقاً بالنجاسة ولو أمكن حصول العلم بالحال في الحال).
إسقاط الطهارة عن الميت لمجرد أنه أنتقل بكامل ماهيته ووجوده إلى رحمة الله ليس من الدين بشيء، وليس من العقل والمنطق بشيء، والحكم على من مس ميتا عزيزا عليه أنه صار متنجسا لا صلاته مقبولة ولا مسه للقرآن جائز ولا دخوله المسجد مسموح وكأنه غارق في رجس من السماء أو رجس من الشيطان، كل منا يعز عليه فراق أحبته وحتى الأعتزاز برائحتهم التي يشمها أخر مرة في الحياة، أو يلمس يد أو قدم أو وجه من يحب، فبأي عذر نجسه الفقهاء، بنص من الله أم لمجرد أنهم روآ ذلك حسنا أو كما يبررونه دوما بـ "ضروريات الدين" وهم يضرون به الدين ويسيئون لله بفعلهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ما زالت رائحة أمي وملمس يديها تبعث في روحي راحة أبديه وتمنح نفسي جلال الطمأنينة، والأغا المتفيقه يقول (لا بد من غسل هذه الأثار النجسة من أمك النجسة)، دون أن يستحي من الله وحتى لا يستحي من أمه النجسة بمعياره تلك التي جعل الله الجنة تحت قدميها، ولا حديث الرسول الذي أوصى بها خيرا فقال (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك) وهو ينقل لنا قول الله تعالى (وقل لهما قولا كريما)، (وقل أرحمهما كما ربياني صغيرا)، فمن يؤمن بأن جسد الميت نجس يجنب التطهر منه لأنه عين نجاسة هذا في رأسه عين نجاسة وليس عين تعقل...
قــــال تعـالى { ووَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} 15 الأحقاف، وقال في موضع أخر وقد أغدق في الإحسان إليها {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} 23 الإسراء.
• لا يوجد شيء على وجه الأرض أقوى من حب الأم.
• أن تكونِ أم، يعني أن تكونِ بطلة خارقة.
• بالنسبة للعالم أنت أم، لكن بالنسبة لي أنت العالم.
• إن رأيت شخص قوي فتأكد أنه نشأ على يد أم قوية.
• البيت هو حيث تكون أمي.
• باقة ورد من حديقة قلبي أنثرها بين كفّيك وأقول لك أحبّك يا أمّي.
• كم صغر بحنانها همي أمي وما أدراك ما أمي.
• الاستيقاظ على صوت أمك، ووجها نعمة تستحق أن تشكر الله عليها كل يومك.
• أنقى القلوب قلوب الأمهات، وأصدق وأجمل العبارات هي ما تخرج من أفواه الأمهات.
• الرجال من صنعتهم أمهاتهم.
وأختم حنيني لأمي الطاهرة حية أو ميتة رغم أنف الفقيه النجس المتنجس بلوثة ما ترك فيه الشيطان من برازه، بقصيدة لم أتمالك نفسي من البكاء كلما تذكرتها والصورة التي نطقت بها الحروف..
أغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلا بـنقوده حـتى يـنال به الوطـر
قال ائتــني بفؤاد أمـك يا فتـى ولك الدراهم والجواهر والدّرر
فمضى وأغمد خنجراً في صدرها والقلب أخرجه وعـاد على الأثــر
لكـنه من فـرط دهشـته هـوى فتدحرج الـقلب المعفر إذا عثر
نـاداه قــلب الأمّ وهـو مـعـفرٌ ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
فكأنّ هذا الصوت رغم حنوّه غضب السـماء على الولد انهـمر
فاستلّ خنجره ليطـعن نفسه طـعناً سيـبقى عبرةً لمـن اعتبـر
ناداه قلـب الأمّ كـفّ يـداً ولا تطـعن فـؤادي مرتيـن على الأثر



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبدأ النسيان والشهود
- حكاية الظلم والظالمين والمظلومين
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 3
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 3
- النزول عن ظهر البغلة والركوب فوق السخلة...
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 2
- الدين العراقي في إصالة التكوين ح 1
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح 2
- دوران الوجود حول مفهوم الرب وقضية الموت ح1
- الطقوسية التعبيرية ح 3
- الطقوسية التعبيرية ح2
- الطقوسية التعبيرية ح1
- الرمزية الألوهية والقداسة ح2
- الرمزية الألوهية والقداسة ح1
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح 3
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح2
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح1
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 2


المزيد.....




- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - -إنما الميت نجس-