أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - نهايات الطريق بالموت وبدايات جديدة














المزيد.....

نهايات الطريق بالموت وبدايات جديدة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7525 - 2023 / 2 / 17 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أسباب القدرة على الأستمرار في الحياة أن طبيعة الإنسان السريعة التأثر بما يدور حولها خاصة في حالات الفقد والرحيل، أنه ينسى ما يحصل كجبل جليد يذوب شيئا فشيئا وقد يختفي لكن مشهده يبقى في البال والذاكرة دون أن يثير نفس اللوعة الأولى، وحكاية الإنسان مع الموت ليست حكاية جديدة ولم تتغير قوانينه ولن تتغير، لكن ما يتغير فيه هو فعله وردة الفعل الناتجة عن الموت، في المجتمعات البدائية أو الأولى توزع الفعل بين التعظيم والتقديس إلى النقيض في مجتمعات أخرى، والكل يتصرف وفق فلسفه هو يفهمها ووضعها وأمن بها ولكن ليس شرطا أن نفهمها نحن أو نؤمن بها نحن، فبعض القبائل البدائية كانت تأكل أمواتها، والبعض خاصة في الجزر النائية كانت ترمي بجثث موتاها للبحر ليعود كما بفهمون إلى المصنع الأول الذي خرج منه أسلافهم، الجميع على حق طالما أن موضوع الإيمان تقديري ومستند على أتفاق ضمني بين المجموعة ذاتها.
في المجتمعات التي تتحكم إلى الدين وتلتزم به ليس لها من طريق غير أن تعود لأحكامه وإن لم توجد أو تقع تحت المتعارف عليه أو المسكون عنه، فلابد لها أن تختار الأكثر قربا والأشد ملائمة مع ما تؤمن به من خلال سلوكيات النماذج الفذة التي هي قدوة في العمل وقدوة في التقليد، أما المجتمعات التي تنحاز وتتحكم للمظاهر والقشريات وما يعزز من حالة التمايز فبالتأكيد لا يهمها من موضوع الموت وما يتبعه من أجواء وأحاسيس سوى ما يعزز حالة الأنحياز للمظاهر التي تمنح الفرد ميزة أو أمتياز وفتي، حديثي هذا في ما يخص مظاهر سادت مجتمعاتنا التي من المفترض أنها مجتمعات دينية على الأقل أن لا يكون في سلوكها ما ينافي سلوك القدوة الدينية التي نجلها ونعظمها ونتبع منهجها وسبيلها كما نزعم.
تصفح التاريخ وحتى من الذي تم التلاعب بصفحاته لا يخبرنا أن من نراه اليوم من أفعال وتصرفات تتعلق بحالة الموت أو ذكريات الأموات كانت جزء من حياة الذين سبقونا في الدين، يوم ألتحق النبي محمد ص إلى الرفيق الأعلى وعلى عظيم قدره عند المؤمنين والمسلمين وحتى عند خصومه، لم يكن هناك أكثر من المعتاد والطبيعي، هذا الأمر أولا ليس من الدين بشيء وثانيا أيضا ليس من الذوق الأجتماعي بشيء، وبهده ماتت السيدة الكبرى فاطمة أبنته والتي لها حضور قوي في مشاعر الحب والتقدير في المدينة وعند المسلمين عموما، لم نرى حالة الجزع ولا حالة الفزع والمظهرية الفارغة، لكن ما نراه اليوم وخاصة فيما يتعلق بحالة الجزع الشديد والصراخ واللطم والعويل شيء يقزز الضمير الحي والمنطق العقلي، وعندما تسأل وبالمقارنة بين ما حدق لسيد الرسل وبين ما يحدث حتى لأبسط الناس، يأتيك جواب تافه وغير لائق وهو أن رسول الله لم يقام له واجب العزاء لأنه تعرض لمؤامرة وووو الخ من الأعذار القبيحة، وأيضا للصحابة ولنساء وبنات النبي وحتى للأئمة من أل الرسول، إذا لماذا لا نقتدي بما حصل ونحرص بالعكس من ذلك على إحياء تقاليد وعادات فيه الكثير من مظاهر عصيان امر الله وأرتكاب المخالفة التي تصل لحد الكفر بما جاء به رسول الله.
العبرة في الموت إذا درس لمن يعي الحياة ويفهم أنها لا بد أن تستمر شئنا أم أبينا، والموت ليس ضيفا طارئا ولا عابر سبيل إنه القدر المحتم الذي يجب أن نحسب حسابه اليوم وغدا، لقد بحثت في سنن الموت عند العظماء من بني البشر أنبياء رسل هداة مصلحين وكيف كانوا يحترمون حق الميت وواجبه الأساسي ويحترمون الحياة وضرورة أن لا تكون محطة الموت إشكالية، من هنا فعندما أرتحل النبي محمد ص كان من معه في أداء الواجب غسلوه كفنوه ثم ألحدوه في مقام النهاية، وكل عاد إلى عمله وواجبه وسيرته، لا أحد عمل ما نعمل اليوم من تصرفات تنم عن الجزع من أمر الله ولا من سلوكيات لا تحترم إرادة الله وقضية الموت، كذلك الخلفاء من بعده والأئمة تباعا، لم يقم أحدا منهم ما نقوم به ولا عملوا ما نعمل من شأن المفاخرة والرياء باسم مجلس الفاتحة وواجب العزاء والصرف الى منطقي والبذخ والتبذير الذي لا معنى له سوى إرضاء الغرور الشخصي، فمن يؤمن بالله وإحياء سنن الرسول والصالحين أن يقتدي بهم ويترك ما سواها، لأن فيها رضا الله وأيضا إكرام الميت وأداء واجبه الضروري والستر على من لا يستطيع أن يتصرف مثل ما يجري الآن، هذه الدعوى وهذه الخلاصة التي أريدها أن تكون منهج عمل وإحياء سنة وإبطال بدع ما أنزل الله بها من سلطان.
إن ما يحوجنا اليوم ليس تعزيز منطق العقل والدين فقط بل أساسا إسقاط ما تعلق في معتقداتنا التي يظن الكثير أنها من الدين، وما هي إلا عادات وتقاليد تسللت لعقلنا الجمعي وترسخت من باب التقليد والمباهاة فقط دون أن يكون لها نفع للميت الذي أنقطع عمله وأنقطعت صلته بالوجود بعد أن قبض الله سره منه، ويبقى من الراحلين فقط أثرهم الطيب والبصمة الجميلة والأسوة الحسنى هي التي تبقى حية في وجدان الناس وضميرهم، أما ما ينفق ومل يسبب حالة من التعطيل واتوقف جزئي لحياة عائلة المتوفي وما يرتب ذلك من إلتزامات تضطر العائلة لتحملها مع فاجعة الموت عبئا أضافيا لا داع له ولا مناسبة ولا منطق يبرره أبدا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة الى محراب النار
- انا من انا
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم 2
- اللغة المحكية شعبيا تنتزع حق البقاء والديمومة
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم
- رسالة صباحية .... إلى عينيك
- الفاعل في الكوارث والزلازل بين فهم أسبينوزا وفهم العقل الدين ...
- خطاب التفاهة والمحتوى الهابط ظاهرة ونتاج
- نشيد الأناشيد الصامتة
- النار والإنسان والعطش
- الله الفيسبوكي
- زيارة شهداء العراق
- عصر التفاهة وزمن السخافة
- سر السبعة والسبعات
- -إنما الميت نجس-
- مبدأ النسيان والشهود
- حكاية الظلم والظالمين والمظلومين
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 3
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب 2
- سلاما أمنا الأرض فقد نزل فيك من نحب


المزيد.....




- سلاف فواخرجي: -لن أتنكر لما كنت عليه سابقا- وأتمنى -سوريا ال ...
- -يهود مصر-.. إسرائيل تنشئ مشروعا ضخما وسط تل أبيب
- “اضبط الآن ترددها الجديد” سلي ولادك ومتعهم مع قناة طيور الجن ...
- مصادر فلسطينية: قوات الاحتلال تقتحم بلدة ياسوف شرق سلفيت
- مصادر فلسطينية : قوات الاحتلال تقتحم بلدة ياسوف شرق سلفيت
- رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يلتقي الزعيم الروحي للطائفة الد ...
- اتفرج دلوقتي وأبدء غني مع أطفالك .. تردد قناة طيور الجنة 202 ...
- قائد الثورة الاسلامية يلقي خطابا يوم الاربعاء حول تطورات الم ...
- الجهاد الاسلامي: العدوان الاسرائيلي اعتداء صريح على الشعب ال ...
- الجهاد الاسلامي: توسيع -إسرائيل- احتلالها للأراضي السورية يث ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - نهايات الطريق بالموت وبدايات جديدة